منوعات

إسلام حمزة بن عبدالمطلب والجهر بالقرآن


المزيد من المشاركات

إسلام حمزة بن عبدالمطلب والجهر بالقرآن

حمزة بن عبدالمطلب، أسد الله وأسد رسوله، عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب، وُلد قبل النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل: بأربع سنوات، كان محاربًا قويًّا مقدامًا، وراميًا ماهرًا؛ لذلك كثيرًا ما كان يخرج للصيد.

 

كان سبب إسلامه أن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدِينه والتضعيف لأمره، فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت مولاة لعبدالله بن جدعان في مسكن لها تسمع ما قاله أبو جهل وما فعله، وانصرف أبو جهل وجلس في نادٍ لقريش عند الكعبة، وفي هذه الأثناء عاد حمزة من الصيد متوشحًا قوسه، وكان من عادته أنه إذا عاد من قنص أن يطوف بالكعبة، ثم يمر بنوادي قريش في طريقه إلى بيته، فيسلم عليهم ويقف ليتحدث معهم، وكان أعز فتى في قريش، وأشد شكيمة، فلما مر بمولاة عبدالله بن جدعان قالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابنُ أخيك محمد آنفًا من أبي الحكم بن هشام، وجده ها هنا جالسًا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه، ولم يكلمه محمد، فاحتمل حمزةَ الغضبُ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد – معدًّا لأبي جهل أن يوقع به – فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة، ثم قال: أتشتم محمدًا وأنا على دِينه أقول ما يقول؟ فرُدَّ ذلك عليَّ إن استطعت، فقام رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة؛ فإني والله قد سببت ابن أخيه سبًّا قبيحًا، وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى متابعة رسول الله، فلما أسلم حمزة عرفَتْ قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.

 

وأما عبدالله بن مسعود فقد كان من الجرأة بمكان بالرغم من ضعف جسمه وصغر حجمه؛ فقد كان شجاعًا وجريئًا قل نظيره، وفي أحد الأيام تدارس عدد من الصحابة – وهم في دار الأرقم – أمر قريش وما تفعله بالمسلمين من إيذاء وتنكيل، فقال بعضهم لبعض: ما سمعت قريش القُرْآن يجهر لها به، فمن رجل يسمعهموه؟ فقال ابن مسعود: أنا، فقالوا: نخشى عليك؛ إنما نريد من له عشيرة يمنعونه، قال: إن الله سيمنعني، فغدا عليهم في الضحى حتى أتى المقام وقريش في أنديتها، ثم رفع صوته وقرأ سورة الرحمن، فلما علمت قريش أنه يقرأ القُرْآن قاموا إليه يضربونه وهو يقرأ، ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا بوجهه، فقالوا: هذا الذي خشينا عليك، فقال: ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم اليوم، ولئن شئتم لأغادينهم، قالوا: حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون.

رابط المصدر