عربي ودولي

إنذار من “الحزب” إلى أهالي عوكر… تهويل إلا إذا!

جاء في “المركزية”:

“لإخلاء عوكر فورا”…العنوان ليس مجرد تهديد وهمي ولا إنذارا يحذر من كارثة طبيعية. إنما رسائل تهديد نصية تصل بالتواتر إلى أهالي المنطقة المحيطة بالسفارة الأميركية في عوكر ومذيلة بالعبارة التالية: “شيا انت تمشين باتجاه الموت المحتم!”

من الآخر، هي ليست المرة الأولى التي يتلقى فيها أهالي منطقة عوكر وموظفون لبنانيون عاملون في السفارة رسائل تهديد مماثلة. وفي التفاصيل كما ترويها مصادر أمنية مطلعة  لـ”المركزية” أن عددا من الأهالي تلقى منذ حوالى الشهر رسائل نصية موحدة على هواتف الخليوي، تطلب منهم إخلاء المنطقة. وقد تم إبلاغ الأجهزة الأمنية التي أخذت علما وخبراً وتعاملت معها على محمل من الجدية والمتابعة لكنها لم تتوصل إلى أية معطيات أو خيوط جديدة عدا تلك الواردة في الرسائل النصية من شأنها أن تكشف عن مصدر وخلفية هذه الرسائل. والكلام دائما للمصادر الأمنية.

مع انتهاء عطلة الأعياد فوجئ الأهالي برسالة نصية جديدة وردت على هواتفهم تتضمن تهديداً مباشراً للسفارة الأميركية في لبنان والسفيرة دوروثي شيا. ومما ورد فيها: “الكوارث لا تحدث وحدها إنما هي عبارة عن سلسلة من الاحداث الدقيقة. حفاظا على سلامة الموظفين والسكان في محيط السفارة عليكم إخلاء عوكر فورا. شيا انت تمشين باتجاه الموت المحتم”.

الرسالة أثارت نوعاً من الخوف والتوتر لدى بعض الاهالي، الذين عمدوا إلى معرفة الجهة المرسلة. وعند التأكد جاء اسم المرسل: “علي عبدالله صالح (لبناني)”. وإذ تجزم المصادر أن الإسم وهمي بطبيعة الحال، والهدف كما بات معلوما هو إثارة جو من الهلع في المنطقة وحث القادمين إلى السفارة للحصول على جوازات سفر أو سواها إلى إعادة حساباتهم، إلا أنها لا تنفي مدى الجدية في تعاطي الأجهزة الأمنية وقيادة الجيش مع هذه الرسائل إذ تتابع الموضوع بكثير من الجدية والتكتم. أما لجهة السفارة فتضيف المصادر “أنها تتعاطى مع الموضوع وفق الأطر الأمنية المعتمدة في حالات مماثلة”.

وبعيدا من أجواء الهلع والريبة،  تشير مصادر أمنية إلى أن السفارة الأميركية “عمدت إلى رفع جهوزية فريقها الأمني العامل في لبنان إلى درجته القصوى، تحسبا لحصول أية تطورات خلال الساعات المقبلة لا سيما على ضوء التحرك المقرر يوم غد وبناء لمعلومات على درجة عالية من الصدقية توافرت لديها من مصادر داخلية وخارجية”.

ثمة من يفترض أن من يريد القيام بعمل أمني لا يهدد، ولا يبعث برسائل تحذيرية، لكن لا يفترض التراخي أو الاستخفاف بهذه الرسائل خصوصا أن في كل منها رسالة مباشرة إلى من يعنيهم الأمر أي الولايات المتحدة، وغير مباشرة أي المجتمع الدولي. أما الأهالي القاطنون في محيط السفارة فحالهم ليست بأفضل من حال اللبنانيين الذين يعيشون تحت وصاية الإحتلال الإيراني.

وتعليقا يؤكد العميد الركن خالد حماده أن مصدر هذه الرسائل “هو حزب الله مهما تعددت الأسماء الوهمية. وهو يريد من خلالها توجيه رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة والمجتمع الدولي مفادها أنه في حال تعرض لبنان أو سوريا لما تتعرض له اليمن من قصف على الحوثيين من قبل قوات التحالف فالسفارة الأميركية ستكون على لائحة الأهداف”.

وتوازيا يشير حماده إلى أن التدابير العسكرية الجديدة التي بدأ يتخذها النظام في سوريا تجاه حزب الله هي بمثابة مؤشر ويوضح: “منذ يوم أمس بدأ جيش النظام السوري بإخلاء مواقعه المشتركة مع حزب الله سواء في الداخل أو على النقاط الحدودية، وكأنه يريد أن ينأى بنفسه فيما لو تعرضت المراكز التي يتواجد فيها عناصر تابعة لحزب الله أو قوات إيرانية للقصف. وقد يكون هذا التدبير أيضا بمثابة خطوة إستباقية أو تقدير مخاطر”. ويضيف: “من الواضح أن حزب الله  في هذا الوارد لجهة تعرض مواقعه العسكرية  للقصف في الداخل السوري أو على الحدود وهذا ما يفسر حملة التهديدات من خلال الرسائل التي وجهها للأهالي عبر هواتفهم الخلوية للقول بأن السفارة الأميركية على لائحة الأهداف وسيتم استهدافها إما بالقصف الصاروخي المباشر أو بواسطة طائرات مسيرة”.

وإذ يؤكد حماده على حصانة النطاق الأمني المتوافر لدى السفارة الأميركية بحيث يستحيل إختراقه، كما يستبعد استهداف حزب الله للمواقع السكنية لأن من شأنه أن يرتد سلبا عليه ويضع حلفاءه في موقع آخر، “إلا أن من شأن هذه الرسائل أن تقيد أنشطة السفارة خوفا من تعرض مواكبها للهجمات خلال تنقلاتها وهذا الإحتمال هو المرجح قبل إقدام الحزب على قصف السفارة بالصواريخ”. وبالنسبة إلى الأهالي واللبنانيين الذين يرتادون السفارة لتخليص معاملات السفر إلى الولايات المتحدة فيرجح حماده أن تعيق هذه الرسائل تحركاتهم كما سترتد على الروابط والعلاقات مع السفارة.

يبقى السؤال، هل  ينفذ حزب الله تهديداته أم تبقى مجرد رسائل وهمية؟ “التهديدات جدية، وقد يترجمها الحزب إذا طُبِّق ما يجري في اليمن على سوريا ولبنان”. ويختم حماده: “اليمن تمثل نموذجاً جديداً من المواجهة”.