منوعات

ابنتي لا تحب الصلاة – مكساوي –

السؤال:

الملخص:

رجل يشكو أن ابنته ذات العشر سنوات لا تحب الصلاة، وتتمنى الكفر حتى لا تصلي، أيضًا لديها شبهات حول بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يسأل: ما الحل؟

 

تفاصيل السؤال:

ابنتي البكر في العاشرة من عمرها، وأداء الصلاة يُعدُّ همًّا وغمًّا بالنسبة إليها، مع أننا – أنا وأمها – لا نضغط عليها في أداء الصلاة، ولا نعتب عليها إلا في حال قرب خروج وقت الصلاة فنأمرها بالمبادرة، اليوم تقول لي: “يا ليتني أصير كافرةً حتى لا أصلي”، قبل أسبوعين جاءتني وقالت: أنا أؤمن أن الله موجود، لكن ما الدليل على أن محمدًا عليه الصلاة والسلام بُعِثَ؟ مع العلم بأنه لا يوجد لدينا قنوات مفتوحة، أو نت مفتوح يساعدها على تلقِّي هذه الأفكار، وقد سبق لنا الجلوس معها عدة جلسات ودية للنصح والتوضيح، وجرَّبنا القصص معها أحيانًا، فما الحل معها؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكم مع ابنتكم هو:

١- تتثاقل عن أداء الصلاة.

٢- تتمنى لو أنها كافرة حتى لا تُصلي.

٣- تتساءل عن أدلة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

٤- وأنت كأنك تتساءل: من أين وصلتها هذه الأفكار وهي صغيرة، وليس عندكم نتٌّ مفتوح ولا قنوات مفتوحة؟

 

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: تشكرون كثيرًا على عنايتكم بتربية ابنتكم على المحافظة على الصلاة، وتُؤجَرون على ذلك كثيرًا؛ لقول الله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، وللحديث الآتي:

عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع))؛ [رواه أحمد وأبو داود، وهو صحيح].

 

ثانيًا– تقاعسها عن أداء الصلاة يرجع في الغالب للآتي:

أ- صغر عمرها الذي لا تُدْرِك معه عظمة الصلاة وأهميتها.

 

ب- لأن وقت أداء الصلاة يقطعها عن لعبة تحبها، أو مراسلات ومزاحات ونكت مع صديقاتها.

 

ج- وربما لأنها تجد صديقاتها لا اهتمام لديهن بالصلاة، ولا يَجِدْنَ مَن يأمرونهن بها.

 

ثالثًا: استمروا في نصحها بالحكمة والموعظة الحسنة مبيِّنين لها فرضية الصلاة، وثوابها العظيم في الآخرة، وعقوبة تاركها، ولا تيأسوا.

 

رابعًا: لا تقلقوا كثيرًا من بعض كلامها الخطير؛ مثل قولها: (يا ليتني أصير كافرة حتى لا أصلي)، فهو كلام طفلة لا تدرك خطورة كلامها، وتُقدِّم شهوة الانشغال بألعابها على كل ما قد يُعَكِّر عليها صفو اللعب، ولا تقصد أبدًا الكفر رغبةً عن دين الإسلام عن قناعة، ومع ذلك فأخذُ الحيطة والتذكير مطلوب؛ حتى لا تسترسل معها هذه الخواطر الطفولية، وتكبر معها.

 

خامسًا: تساؤلها عن أدلة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم تساؤل غريب على عمرها، ولا يمكن أن يكون من تلقاء نفسها، بل لا بد من مصدر آخر، ففتِّشوا؛ فلربما أنها تلقَّتْه من زميلة، أو قريبة لدى أهلها شكوكٌ وشُبُهات إلحادية، فإن ثبت ذلك، فاجتهدوا في إبعاد بنتكم عن هؤلاء، ولو اقتضى الأمر تغيير الحي الذي تسكنون فيه أو تغيير مدرستها؛ لأن استمرار مجالستهن مرض معنوي خطير، يُفسِد فطرتها، ويؤدي لازدراء الدين وتعاليمه، وأهله المتمسكين به.

سادسًا: ذكِّروها بالأدلة القرآنية والنبوية على إثبات نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة جدًّا؛ منها قوله سبحانه: ﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 1، 2]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ﴾ [البقرة: 119]، وقوله سبحانه: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].

 

سابعًا: أنتم والداها، ودعاء الوالدين مستجاب لأبنائهم وعليهم؛ فعليكم الإلحاح على الله سبحانه بالدعاء بحمايتها من الفتن، فهذه الخواطر والتصرفات هي من الفتن، وأخطر الفتنِ الفتنةُ في الدين بالشكوك والشبهات.

 

ثامنًا: كونوا قريبين منها حسيًّا ومعنويًّا، ولا تتركوها فريسة لمن يفسد فطرتها النقية، واجتنبوا أسلوب التعنيف، واسلكوا طريق الإقناع بالأدلة الشرعية والعقلية.

 

تاسعًا: يبدو أن لدى ابنتكم عقلية كبيرة وذكاءً، وقد يكون غيركم انتبه لذلك، فوجد فيها ضالَّته لتكون مِعْوَلَ هدمٍ للدين؛ فكونوا على يقظة من ذلك.

 

عاشرًا: نوِّعوا في وسائل إقناعها ما بين كلام مباشر، ومقطع مؤثر لأحد العلماء، والطلب من قريناتها الموثُوقات مناصحتها.

 

حفظكم الله، وحمى ابنتكم من الفتن، ومن شرار الخلق.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.