عربي ودولي

القطاع التعليمي يتداعى والاهالي يصرخون…ساعدونا!

عبّر وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي عن مخاوفه بشأن العام الدراسي المقبل المعرض للخطر، معلناً أن تحديات كبرى قريبة سوف نخوضها وذلك خلال ترؤسه الاجتماع الأول للجنة التوجيهية لبرنامج الصمود المتعدد السنوات في القطاع التربوي في لبنان (MYRP)، أمس.

وتتجه المدارس الخاصة كما الجامعات الى استيفاء القسط كلياً أو جزئياً بالدولار الأميركي، ما ينذر بكارثة تربوية محتمة، خاصة مع الارتفاع المستمر للمحروقات، إذ لامس سعر صفيحة البنزين اليوم الـ 700 الف ليرة لبنانية، ويتوقع ان يستكمل ارتفاعه الجنوني من دون سقف، ما يضع المؤسسات التربوية والأهل تحت أعباء مالية كبيرة لا قدرة لهم على تحملها.

فالدولة العاجزة عن تأمين أبسط حقوق المواطنين، وضعت الاهالي في مواجهة المدارس والجامعات، التي اضطرت مرغمة على استيفاء جزء من أقساطها بالدولار لتغطية النفقات التشغيلية وخاصة المازوت، وفرملة هجرة الاساتذة الذين يحق لهم العيش بكرامة، علماً أنهم لا يدفعون بدل تعليم ابنائهم، ما يخفف عنهم جزءا مهما من المصاريف.

وفي عملية حسابية سريعة حول أقساط العام الدراسي المقبل وكلفتها على الاهالي، يتبين ان قسط تلميذ في المرحلة المتوسطة في مدرسة كاثوليكية متوسطة، اصبح يتراوح بين 10 و15 مليون ليرة لبنانية، يضاف إليها الـ 550 دولارا أميركيا لدعم صندوق المدرسة أي ما يوازي 15 مليون ليرة، وكلفة النقل التي تتراوح بين 700 ألف ومليون ليرة شهرياً تنقلات “اوتوكار” على سعر السنة الدراسية الحالية، والأمر يختلف أيضاً حسب بعد أو قرب المسافة من المدرسة. هذا دون أن ننسى الارتفاع شبه اليومي لصفيحة البنزين الامر الذي سينعكس غلاء على كلفة التنقل حتما . وقد يوازي كلفة القسط وربما يفوقه .

الى كل ذلك تضاف المصاريف الأخرى، كالزي المدرسي الذي عادت معظم المدارس للمطالبة به بعد سنتين من غض النظر، والكتب، خاصة تلك التي تتبع النظام الفرنسي او الانكليزي حيث الاسعار بالدولار واليورو خيالية، والسندويش الصغير الذي باتت كلفته في الأفران 4000 ليرة للحبة الواحدة وكيلو اللبنة نحو 140 الف والجبنة حدّث ولا حرج. فتكون كلفة التلميذ الواحد ما يناهز الـ45 مليون ليرة واكثر. فكيف سيتمكن الأهالي، أكانوا موظفي قطاع عام ام خاص، الذين يرتاد أولادهم هذه المدارس، من تأمين هذه المبالغ وراتب الواحد منهم يتراوح بين 3 و7 مليون ليرة لبنانية وثمة من يتقاضون اقل؟

يؤكد خبراء في التربية، أن هذا الواقع يشكل خطورة كبيرة ويهدد المجتمع خاصة لناحية التسيّب المدرسي، وهو شأن بالغ الخطورة لا يمكن التغاضي عنه، ويمسّ بصورة خاصة المجتمع المسيحي، حيث أن معظم أبنائه يرتادون المدارس الكاثوليكية. وهنا يسأل هؤلاء أين الدول الاوروبية المسيحية التي تساند لبنان، اين الفاتيكان من هذا الموضوع. يتحدثون عن فقدان الهوية، ولكن هل هناك من تهديد للكيان والوجود أعظم وأكبر مما يحصل في القطاع التربوي الخاص؟ فكيف السبيل لايجاد كل هذه الاموال لتسديد الاقساط، وقد خيّروا الأهالي بين المر والامر، والذين قد يلجأون الى بيع أراضيهم او منازلهم أو حتى الهجرة في حال انسد الأفق أمامهم. وأين الدولة من كل ذلك؟

رئيس لجنة التربية النيابية الوزير السابق حسن مراد يؤكد لـ”المركزية” ان “اللجنة ستعقد اجتماعها الأول الاسبوع المقبل، لمناقشة كل هذه الأمور، وسنحاول مساعدة الطلاب والأهالي على الصمود قدر المستطاع، إلا ان وضع المدارس يشبه وضع البلد ككل. رغم ذلك، سنعمل على مبدأ ان من يريد بناء وطن عليه ان يبني أجيال لبنان القادمة. لهذا سنركز على دعم هذا القطاع والبحث عمن يستطيع الوقوف الى جانبنا لتحديد مستقبل هذا البلد عن طريق أجيالنا لدعم الاساتذة والمدارس الرسمية والجامعة اللبنانية، وحتى جزء من المدارس الخاصة التي “تدولر” علينا أن نجد معاً حلاً ونرى ما هي الإمكانية لمساعدة أولياء الامور دون أن نظلم في الوقت نفسه هذه المدارس، خاصة وأن مصاريفها التشغيلية كبيرة. هذه المدارس مردودها من أولياء الامور الذين بدورهم راتبهم محدود، نحن أمام دورة اقتصادية كاملة متكاملة ومتداخلة في ظل أزمة يعاني منها لبنان ككل”.

ويؤكد مراد انهم “كلجنة تربية سنركز على بقاء لبنان وصموده والذي يكون بدعم أجياله القادمة، الامر الذي يرتب علينا واجبات لإراحة هذا القطاع. لدينا أفكار عدة وعلينا الانتظار لبلورتها. القطاع التربوي يحتاج الى خطة استثنائية، وسنجتمع في القريب العاجل لوضع خطة طوارئ لإنقاذ التعليم”.