منوعات

الهجرة النبوية – مكساوي

 

الهجرة النبوية تعد من الأحداث التاريخية الهامة والعظيمة التي حدثت للمسلمين، فقد هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة للمدينة المنورة بعد أن أذن الله عز وجل له بذلك، وكان ذلك عقب ما عاناه الرسول صلى الله عليه وسلم من أذى شديد من قومه كما أن المسلمين قد ذاقوا أشد أنواع العذاب على يد الكفار عقب جهرهم بترك عبادة الأصنام وإيمانهم بالله عز وجل.

وبعد أن هاجروا مع رسول الله بدأوا ببناء الدولة الاسلامية المستقلة والتي ستكون قادرة على دفاعها عن نفسها ضد المشركين، ويوافق العام الأول من الهجرة عام 622م، وظل المسلمين بالمدينة المنورة تاركين ديارهم وأموالهم في سبيل الدعوة الاسلامية حتى أذن الله لنبيه محمد بفتح مكة، وفيما يلي سنتناول الحديث عن الهجرة النبوية.

شاهد أيضا: سبب قطع يد فهد بن حثلين

بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم

بعث الله عز وجل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عام 610م، وكان الرسول يبلغ أربعين عاما.

وحينما نزل الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ يدعو الأصدقاء والمقربين الذين يعلم إخلاصهم وصدقهم له.

وظلت الدعوة الاسلامية سرية عدة سنوات، وبعد ذلك جهر الرسول بالدعوة.

ومنذ ذلك الحين لم تتقبل قريش ذلك الأمر وبذلت قصارى جهدها في سبيل إيقاف ذلك الأمر.

ولهذا فقد عان المسلمون كثيرا ولاقوا أشد أنواع العذاب من أجل ترك هذا الدين.

ومع ذلك فقد ظل المسلمين صامدين على دعوتهم لأنهم يعلمون أن الرسول على حق وأنه نبي من عند الله عز وجل.

وبسبب ما تعرض له المسلمين من هذا الأذى الشديد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين للهجرة إلى الحبشة حيث أن بها ملكا لا يظلم عنده أحدا.

وحينما هاجر بعض المسلمين للحبشة لحق بهم المشركين وطالبوا ملك الحبشة بأن يسلمهم المسلمين لأنهم كفروا بما كانوا يعبدونه وفروا هاربين، ولكن النجاشي لم يقبل تسليم المسلمين لهم.

أسباب الهجرة النبوية

الهجرة إلى المدينة المنورة العديد من الأسباب التي أدت إلى ذلك الأمر؛

حيث أن الرسول والمسلمين لم يهاجروا إلى بعد تعرضهم لشتى أنواع العذاب.

فكانت الهجرة النبوية بمثابة نتيجة للعديد من الأمور التي أصابت المسلمين.

وقام النبي محمد بالتخطيط لذلك الحدث الهام عقب أن أمره الله عز وجل بالهجرة.

ومن الأسباب التي أدت للهجرة النبوية ما يلي:

قبيلة قريش التي لم تتقبل الدين الاسلامي

حينما جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة وبدأ يدعوا الناس للدخول في دين الله وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين.

لم تتقبل قريش ذلك وبدأ في محاربة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد وصل بهم الأمر لتعذيب المسلمين ومحاربتهم.

وكان ذلك من الأسباب التي دفعت المسلمين للهجرة من مكة المكرمة للمدينة المنورة.

المدينة المنورة كانت مهيأة لهجرة المسلمين

بموسم الحج قدم إلى مكة جماعة من الأنصار فقام الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوتهم للدخول في الإسلام وأن يؤمنوا بالله الواحد الأحد لا شريك له.

وكان هؤلاء الأنصار قد علموا من اليهود بالمدينة بأن الله عز وجل سيبعث نبي سيكون آخر الأنبياء والمرسلين.

ولهذا فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبايعوه.

وفي العام التالي قدم لمكة المكرمة عدد من الأنصار الذين بلغ عددهم نحو اثنى عشر رجل من الأنصار.

وكانه بعض هؤلاء الأنصار قد أسلموا بالعام الماضي وبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقام الأنصار لمبايعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما قام بعض الأنصار بمبايعة الرسول.

بالإضافة لدعوتهم المسلمين للهجرة المدينة وأنها مهيأة لكافة المسلمين.

وقد جاء برواية عُبَادَةُ بْن الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: “بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا

بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ، وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ

بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلاَ تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى

اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ

مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ”.

 

إيذاء المشركين للمسلمين

منذ جهر الرسول بالدعوة الاسلامية تعرض المسلمين لأقصى أنواع العذاب،

بالإضافة لمحاولة الكفار على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وورد في

ذلك قوله تعالى: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقدْ جَاءَكُمْ بالبَيِّنَاتِ مِن

رَبِّكُمْ}.

بالإضافة إلى تعذيب الضعفاء من المسلمين لتركهم الدين الإسلامي، وتعد

سمية أم عمار أول شهيدة بالإسلام، والتي قتلت على يد المشركين بعد

أن قاموا بتعذيبها هي وزوجها وابنها عمار.

 

 

مراحل الهجرة النبوية

مرت الهجرة النبوية من مكة المكرمة للمدينة بعدة مراحل وهي كما يلي:

خروج المسلمين للهجرة مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

مكوث النبي صلى الله عليه وسلم في الغار مع أبي بكر الصديق.

رحلة المسلمين من مكة المكرمة للمدينة.

كما كانت هناك مرحلة اخرى وهي قباء.

دخولهم للمدينة المنورة بعد هجرته من مكة.

 


المزيد من المشاركات

الأحداث الهامة التي دارت بالهجرة النبوية

بعد أن أذن المولى عز وجل للرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة للمدينة

المنورة أختار الرسول أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليكون رفيقه في الهجرة.

وفي أثناء هجرته للمدينة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن المشركين سيتبعون المسلمين ويعترضون طريقهم.

كما أنهم سيذهبون للمدينة من خلال اتخاذهم للطريق الرئيسي الموجه للمدينة.

ولهذا فقد اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم الطريق الجنوبي، وحينما

وصل رسول الله وصاحبه أبي بكر الصديق عند غار ثور قرروا الاقامة والاستراحة بهذا الغار.

كما أن أبي بكر الصديق سبق النبي في دخول الغار ليتأكد أن الغار خاليا من أي أذى قد يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الإقامة بغار ثور

حينما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبي بكر الصديق إلى غار ثور تبعهم المشركين.

وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في ذلك: “قُلتُ للنبيِّ -صَلَّى اللهُ

عليه وسلَّمَ- وأَنَا في الغَارِ: لو أنَّ أحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا، فَقَالَ: ما

ظَنُّكَ يا أبَا بَكْرٍ باثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا”.

وصول الرسول للمدينة

وعقب خروج الرسول صلى الله عليه وسلم وصديقه أبي بكر الصديق أخذوا في استكمال طريقهم للمدينة المنورة.

وفي طريقهم وصلوا خيمة أم معبد، وحينما نزل عندها سألوها عن وجود طعام يتناوله.

ولكنهم لم يجدوا عندها سوى شاة هزيلة ونحيفة وليس بها حليب.

فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضرع هذه الشاة فشاء الله أن

يخرج منها حليب وشرب الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه وأكملوا طريقهم، حتى وصلوا بإذن الله للمدينة المنورة.

معجزات الرسول بالهجرة

هناك العديد من المعجزات للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أثناء الهجرة النبوية منها ما يلي:

  •       خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة للمدينة المنورة دون أن يرى الرسول أحد من المشركين الوقفين أمام باب بيته

ليمنعوه من الهجرة.

  •       حينما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الغار أمر

المولى عز وجل بشجرةوضعت أغصانها على الغار بالإضافة إلى العنكبوت الذي نسج فروعه على باب الغار.

  •       المعجزة الثالثة حينما مر الرسول صلى الله عليه وسلم على خيمة أم معبد  ووضع يده المباركة على ضر شاه كانت هزيلة وضعيفة

وبدأ الحليب يتدفق من هذه الشاة.

وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: “اللهم بارك في شاتها”، وأعطى الرسول إناء الحليب لأم معبد فشربت منه حتى شبعت،

وبعد ذلك أعطى الاناء لأبي بكر الصديق، وفي النهاية شرب من الإناء وقال عليه السلام “ساقي القوم آخرهم شربًا”.

وبعد ذلك انطلقوا لاستكمال طريقهم للمدينة المنورة.

  •       المعجزة الرابعة للرسول بالهجرة أن قريش قامت بتقديم مكافأة كبيرة نحو 200 ناقة لمن يتمكن من القبض على لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

فخرج شخص يدعى سراقة بن مالك متتبعا أثار الرسول وصاحبه طمعا في نيل المكافأة حتى وصل إليهم وكاد يصل لهدفه.

وفي ذلك الحين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا:   “اللهم اكفنيهم بما شئت، اللهم اصرعه”.

فأستجاب الله عز وجل له وبدأت ساق فرس سراقة تغوص بالأرض على الرغم من أنها كانت صلبة.

 

وصول الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة

حينما أقترب رسول الله من المدينة خرجت الكثير من الأنصار لاستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم.

بينما بالمدينة المنورة كان الأنصار فرحين بقدوم النبي عليه السلام وكانوا يرددون: “طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعْ”.

وقد استقر رسول الله بالمدينة وقام ببعض الأمور بها منها ما يلي:

 

بناء مسجد قباء

اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض من غلامين وقام ببناء مسجد عليها، وكان رسول الله يشارك ببناء هذا المسجد مع المسلمين.

وكانت القبة لبيت المقدس، ويعد هذا المسجد هو المكان الذي التقى فيه

المسلمين للصلاة وفعل الطاعات، كما كان المسلمين يلقون فيه العلوم الشرعية.

 

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار

قام رسول الله بالمؤاخاة  بين المهاجرين من مكة المكرمة للمدينة المنورة، وكان ذلك على أساس الحب وفي سبيل الدعوة الاسلامية.

وكان الأنصار يقسمون ما يمتلكونه من الأموال والممتلكات مع إخوانهم المهاجرين.

 

وثيقة المدينة

بعد استقرار الرسول بالمدينة قام بكتابة وثيقة المدينة؛ لأن المدينة كانت بحاجة لمن يقوم بتنظيم أمورها ويكون لها دستور سير عليه كل من المهاجرين والأنصار وأيضا اليهود.

كما أنها نظمت شؤون المدينة داخلها وخارجها، وكانت بنود هذه الوثيقة قد قامت وفقاً لأحكام الشريعة الاسلامية.

بالإضافة إلى أن هذه البنود قد اتسمت بالعدل، كما أن بنودها قد تضمنت على أربعة أحكام تخص الشريعة الإسلامية وهي ما يلي:

الدين الاسلامي هو ما يقوم على أساس وحدة المسلمين وعلى تماسكهم.

لا يقوم المجتمع الإسلامي إلا عن طريق التكافل والتضامن بين كافة الأشخاص.

كما أن العدالة تقوم بصورة دقيقة ومنفصلة.

دائما ما ترد كافة الأمور لأحكام الشريعة الإسلامية.