عربي ودولي

“حزب الله” يسعى لتحالف الضرورة بين حليفيه “اللدودين”

كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:

يقف «حزب الله» في منتصف الطريق بين حليفيه اللدودين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في محاولة لإقناعهما «بتحالف الضرورة» في الدوائر الانتخابية المختلطة، وتحديداً في دائرة بعبدا – المتن الجنوبي، فيما يواجه صعوبة في تعميم التعاون ليشمل دائرتي البقاع الغربي – راشيا وجزين – صيدا من موقع اختلافهما في الخيارات السياسية لانعدام الكيمياء السياسية بينهما، واضطرار الحزب للتدخل من حين لآخر لخفض منسوب التوتر.

وفي معلومات «الشرق الأوسط» أن دائرتي جزين والبقاع الغربي ستشهدان مبارزة انتخابية بين حركة «أمل» و«التيار الوطني»، برغم أن «حزب الله» يحاول جاهداً التوفيق بينهما، وهو يضغط للتوصل إلى تعاون انتخابي يتولى رعايته، لكنه لا يزال يصطدم بتبادل الشروط بين حليفيه، وإن كان «التيار الوطني» هو الحلقة الأضعف في هاتين الدائرتين لما للثقل السني فيهما من تأثير مباشر على مجريات العملية الانتخابية اقتراعاً، وإن كان عزوف رئيس تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عن خوض الانتخابات يمكن أن يؤدي إلى خفض نسبة الاقتراع في الشارع السني.

وكشفت مصادر سياسية مواكبة للمزاج السني في هاتين الدائرتين بأن حركة «أمل» ليست وحيدة في تحبيذ عدم التعاون مع «التيار الوطني»، وقالت بأن الوزير السابق حسن عبد الرحيم مراد المرشح عن المقعد السني في دائرة البقاع الغربي لا يبدي حماسة للتعاون معه؛ حرصاً منه على عدم استفزاز الشارع السني الذي يتمثل بمقعدين نيابيين.

ولفتت المصادر المواكبة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الموقف نفسه ينسحب على الشارع السني في صيدا بعد دمجها مع جزين في دائرة انتخابية واحدة موزعة على مقعدين نيابيين لكل من السنة والموارنة وواحد للكاثوليك، وقالت بأن «التيار الوطني» إذا اضطر لخوض الانتخابات منفرداً سيواجه صعوبة في إيجاد حليفين من الطائفة السنية للتعاون معهما ويتمتعان بحضور انتخابي في عاصمة الجنوب.

وقالت بأن ما تردد حول احتمال ضم أحد المرشحين عن السنة في صيدا على لائحة «التيار الوطني» يبقى في إطار إبداء الرغبة من طرف الأخير، خصوصاً إذا كان المقصود التعاون مع «الجماعة الإسلامية» أو مرشح آخر يدور في فلك جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية «الأحباش» التي لا تتمتع بحضور وازن في صيدا كغيرها من القوى السياسية.

وأضافت المصادر نفسها بأن «حزب الله» وإن كان لم ينقطع عن التواصل مع حليفيه على قاعدة دعمه مرشح كتلة «التنمية والتحرير» النائب إبراهيم عازار عن المقعد الماروني في جزين، فإنه يقف حالياً أمام مهمة مستحيلة ما لم يطرأ ما يعيد الحرارة إلى وساطته، فيما يصطدم باسيل بصعوبة في ترجيح اختياره لمستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق أمل أبو زيد على حساب النائب زياد أسود.

وقالت بأن ترجيحه لكفة أبو زيد كمرشح أوحد عن المقعد الماروني يمكن أن يفتح الباب أمام تنشيط وساطة «حزب الله» باتجاه دعمه لتشكيل لائحة ائتلافية من أبو زيد وعازار ومرشح كاثوليكي يمكن التفاهم على اسمه، على أن ينضم إليهم الرئيس السابق لبلدية صيدا عبد الرحمن البزري.

إلا أن اختيار باسيل لأبو زيد سيدفعه إلى صدام سياسي مع أسود الذي يُعتبر من «الصقور» المقاتلين في صفوف «التيار الوطني» ويتمتع بحيثية انتخابية في جزين بخلاف المعارضة الشديدة له في الشارع الصيداوي، وبالتالي فإن مجرد ضمه إلى اللائحة الائتلافية التي تتشكل من «التيار الوطني» والمرشح عازار المدعوم من الرئيس بري ستفتقد إلى التأييد الصيداوي، وهذا ما سيؤدي حكماً إلى استبعاد الائتلاف الذي يبدو بأنه لن يرى النور.

لذلك فإن تعذر الائتلاف سيعطي البزري الفرصة للتحالف مع عازار، فيما حسم النائب أسامة سعد خياره الانتخابي بالترشح في لائحة لا تحظى بدعم الثنائي الشيعي، خصوصا أنه قرر الابتعاد عنه سياسيا، وكان حمل على «حزب الله» بسبب تدخله عسكرياً في سوريا ودول عربية أخرى من دون أن يبدل في خياره بتأييد المقاومة.

وعليه، فإن دائرة جزين – صيدا ستشهد أعنف المنازلات الانتخابية، خصوصاً إذا وجد باسيل نفسه وحيداً في مواجهة منافسيه في ضوء إعادة خلط الأوراق، ليس بعزوف «المستقبل» عن خوض الانتخابات فحسب، وإنما بانفصال سعد عن الثنائي الشيعي لعله يتمكن من كسب مؤيدين محسوبين على الحريرية السياسية تحت عنوان استقلاليته في اتخاذ قراراته التي كانت وراء إنجاز أوراق طلاقه مع «حزب الله» بعد أن كان أقرب إلى التحالف معه على تحالفه مع حركة «أمل».

كما أن إعادة خلط الأوراق اقتراعاً وترشيحاً سينسحب على الشارع الصيداوي الذي لن يتعاطف بأكثريته الساحقة مع لائحة «التيار الوطني»، خصوصا أن هناك استحالة أمام «الجماعة الإسلامية» للتحالف معه، ما دام أنها على تواصل مع رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة الذي يواصل استمزاج الشارع السني في دائرة بيروت الثانية لتشكيل لائحة مدعومة منه، إضافة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي حسم أمره بعدم الترشح للانتخابات، وبالانفتاح على رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام، إضافة إلى تواصلها مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي يدرس التحالف معها في ضوء ما يتردد حالياً بأنه يميل إلى اختيار المرشح السني الثاني من بلدة برجا عن دائرة الشوف عاليه.

وتردد بأن المرشح حتى الساعة هو المحامي سعد الدين الخطيب الذي تربطه علاقة بـ«الجماعة الإسلامية» وبجمهور «المستقبل»، كما تردد بأن «الأحباش» ليست في وارد التحالف مع باسيل صيداوياً لأنها تجد صعوبة في التوفيق بين خوضها الانتخابات منفردة في بيروت الثانية لكسب ود جمهور «المستقبل» وعدم استفزازه، وبين تحالفها مع باسيل الذي يشكل تحدياً لهذا الجمهور الذي يحمله ورئيس الجمهورية مسؤولية مباشرة حيال إعاقة مهمة الحريري بتشكيل الحكومة ما اضطره للاعتذار.

وتبقى الإشارة إلى أن بري باشر أمس عقد اجتماعات مفتوحة لحركة «أمل» للتداول في رسم خريطة طريق لتحالفاته الانتخابية التي تتلازم مع بدء جولته بالتعاون مع المعنيين في الملف الانتخابي لأسماء المرشحين التي وُضعت على الطاولة تمهيداً لاختيار من سيمثل «أمل» ترشحاً، برغم أن المصادر المواكبة تتوقع حصول مفاجآت ستؤدي إلى استبدال نواب حاليين بمرشحين آخرين، وإن كانت الحصة الكبرى في التغيير ستشمل معظم دوائر الجنوب الانتخابية من دون أن يتبدل الموقف حيال التعاون الانتخابي مع «التيار الوطني» إنما على القطعة وفي دوائر قد لا تنسحب على دائرة صيدا – جزين.