منوعات

درر شعرية للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

درر شعرية للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي

 

للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي درر شعرية تُكتب بماء الذهب منها الدرر التالية:

جلال الله وكماله:

الله (سبحانه وتعالى) له الأسماء الحسنى والصفات العلا، فهو سبحانه المتفرد بالجلال والكمال، وحول هذه المعاني يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

‏سبحان ربي لا إله سواه

‏هتفتْ بها بعد القلوب شفاه

‏سبحانه متفردٌ بجلاله

‏وكماله متفردٌ بعلاه

‏في سورة الإخلاص نبع جلاله

‏كم ظامئٍ متعطشٍ روَّاه

‏وبآية الكرسي سرُّ كماله

‏في لفظها وحروفها نلقاهُ

 

تذكير الأم بفضل الله علينا:

يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي على لسان كل ابن واثقٍ في عطاء ربه ومنِّه وكرمه يخاطب أمَّه، ويذكرها بفضل الله علينا:

‏أمَّاه لا تيئَسي فالله يرعانا

‏وفيض إحسانه في البؤس يَغشانا

ثقي به و البَسي ثوبَ الرضا وخذي

من الخضوع له نهجًا وعنوانا

كلُّ الأمور التي تأتي يقدِّرها

ربي وما شاءه في أمرنا كانا

أُمَّاه ما قيمة الدنيا إذا عصفت

بها الظنون وصار المرء حَيرانَا

وطَّنت قلبي على حمل الهموم فما

يَعَضُّه البؤس إلا زاد إيمانَا

منك استقيتُ صمودي في الحياة فما

أعلنت يأسًا ولا أعلنت خِذلانَا

مضيتُ في رحلتي والقيظُ مُلتهب

فكنت ظلًّا على دربي وأغصانا

وكنتِ في ظلمتي نورًا أسير به

وفي صحاري الأسى وردًا وريحانا

أُمَّاه يا سرَّ ألحاني ومصدرها

ونبع قلبي إذا ما صرت ظمآنَا

يا نبضةً في فؤاد الشعر ما عرفت

غدرًا ولا عرفت للفضل نُكرانا

يا خاطرًا في خيال الحب مؤتلقَا

يندى شموخًا وتَحنانًا وعِرفانَا

أُمَّاه كلُّ الجراحات التي اشتعلت

تَهون لكنَّ جُرح البعد ما هانا

الله يعلم كم أضنيتُ من ألَم

قلب النشيد وكم قد بتُّ سهرانا

منك ابتدأت مسيري في الوجود ومن

ينبوع عطفك صار القلب رَيَّانَا

على ذراعيك جاوزت الطفولة في

أمنٍ وكان ربيع العمر هتَّانَا

عبرت لُجَّة ضَعفي دونما تعبٍ

وكنت لي زورقًا فيها ورُبَّانَا

أُمَّاه لا تجزعي فالظالمون لهم

يوم سيجعلهم صمًّا وعُميانَا

إن كان مولاهم الشيطان يدفعهم

إلى الضغائن فالرحمن مولانا

من ديوان إلى حواء، ص 9-11.

 

لطف الله بنا:

عن لطف الله بنا يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

يا ربُّ:

‏يا ربُّ لولا لُطفكَ المأمولُ

‏لتحيَّرتْ فيما نراه عقولُ

‏لولا شريعتُك التي أكملتَها

‏لقضى على مَعلومِنا المَجهولُ

‏أمرُ العبادِ كثيرُه وقليلُه

‏في كلِّ نازلةٍ إليكَ يَؤولُ

‏لولا ك يا ربَّ العبادِ لَما هَمَا

‏غيثٌ ولا هَشَّتْ إليه حقولُ

‏لولاك ما ابتسمتْ زهور حديقةٍ

‏يومًا ولاحملَ العذوقَ نخيلُ.

 

حمد الله على نعمه:

عن حمد الله على نعمه علينا يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

‏لك الحمد ربي كثيرًا كثيرًا

‏يليق بوجهك ربًّا كبيـرَا

‏يليق بوجهك ربًّا عظيمًا

‏عزيزًا حكيمًا جليلًا قديــرَا

‏لك الحمد حمدًا يطير بقلبي

‏إليك فأَتْبعُه مستجيـرَا

‏لك الحمد تفتح أبوابَ روحي

‏إليك وَتَمنَح قلبي حُبورَا

‏لك الحمد ترقى بنفسي رُقيًّا

‏يُريني كبيرَ الأمورِ صغيــرَا

 

الإسلام يدل على كل خيرٍ:

يبيِّن الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن الإسلام يدل على كل خيرٍ؛ حيث يقول:

‏لنا يا بني الإِسلام دينٌ يدلُّنا

‏على كل خيرٍ والكتابُ بيانُ

‏لنا مُهَجٌ تهفو إلى اللهِ زادُها

‏تُقاها وذكرٌ صادقٌ وأَذَانُ

‏وفي الأرضِ عُمْقٌ لا يُحِس به الثرى

‏وفي الأُفْقِ بُعْدٌ لا يُرَى وعَنَانُ

 

القرآن منبع العفاف والأخلاق الحميدة:

يبيِّن الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي أن القرآن منبع العفاف والأخلاق الحميدة؛ حيث يقول:

نهر العفاف من القرآن منبعُه

‏لولاه لم تُورفِ الأخلاقُ أغصانَا

‏نهرٌ تدفَّق لم تترك روافدُه

‏جدبًا، يُقَنِّطُ في البيداء ظـمآنَا

‏في ديننا الخيرُ للدنيا وساكنها

‏ولم يزلْ لدعاة الخير ميزانَا

 

مدائن ذكرياتي:

عن الذكريات الطيبة في ربى الوطن يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

‏دعيني أُسرِجِ الخيلَ العِتاقَا

‏وأجعلُها إلى هَدَفي انطلاقَا

‏أطوفُ بها مدائنَ ذكرياتي

‏وأخترق الفلاةَ بها اختراقَا

‏وأجعل في الحجاز لها مَقامًا

‏وفي نجدٍ أمدُّ لها سِياقا

‏أعلِّمها تجاوزَ كل سدٍّ

‏يُواجِهُها وأُكسِبُها السِّباقا

‏خيولُ الشعرِ تُسمعني صهيلًا

‏يَزيدُ القلبَ حبًّا واشتياقَا

‏تلاقَى عند من أهواهُ عقلي

‏وبوحُ القلبِ فاتَّفقا اتِّفاقا

‏لوَانَّ السُّحْبَ قد خُلقت عطاشًا

‏لَما انفلَق الترابُ لها انفلاقَا

‏ولا هشَّت لطَلعتها الروابي

‏ولا مدَّت لها الأشجارُ ساقَا

 

الشوق لطيبة الطيبة المدينة المنورة:

عن الشوق لطيبة الطيبة المدينة المنورة يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

يا طيبة الهادي يكاد يطير بي

‏شوقي إليك فأسبق الأطيارَا

‏لأزور مسجدك الحبيب مصلِّيًا

‏ومسلِّمًا ما أسعد الزوَّارَا!

‏وأرى هنا أحدًا وأسمع نبضَه

‏نغمًا يكاد يحرك الأحجارَا

‏ولكي أُصلي في قُباءَ مثلما

‏صلَّى الرسول وأبصر الأخيارَا

‏أنا ما أتيتك بل أتتك مشاعري

‏وأنا أتيت وراءها استبصارَا

 

لا بعد عن الأحبة من أهل وأصدقاء:

الواحد منا بل الكثير في ظل أعباء الحياة، تجده منشغلًا بأمور وأمور، لكنه دائم التذكار للأحبة من أهل وأصدقاء، وحول هذه المعاني يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

‏أنا ما نأيتُ عن الحبيب الغالي

‏هو لم يزلْ مهما نأيتُ حِيالي

‏أنَّى نَظَرْتُ بعينِ قلبي لاحَ لي

‏منه البَهاءُ ولاحَ فَيضُ جَمالِ

‏لولا لَواذِعُ من لهيبِ تَشَوُّقٍ

‏في القلبِ ما خَطَرَ الفراقُ ببالي

 

ويقول (حفظه الله):

‏أرقُّ من الندى إحساسُ قلبي

‏بما يطويهِ من شغَفٍ وحُبِّ

‏رعاكِ الله كم أثلجتِ صدري

‏وكم يسَّرتِ في الأشواق دربي

‏أميرة خاطري لا تسأليني

‏عن الأمل الجميل وأنتِ قربي

‏فقربكِ يجعل الدُّنيا ربيعًا

‏ويملأ بالرضا وجدانَ صَبِّ

 

حب الطبيعة وجمالها ونباتاتها (اللوز أنموذجًا):

عن حب الطبيعة وجمالها ونباتاتها (اللوز أنموذجًا) يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي:

‏أعشقُ اللوزَ قِشْرَه واللبابَا

‏وسفوحًا تضمُّه وشِعابَا

‏والينابيعَ حين تَسقيه ماءً

‏والسواقي دفَّاقةً والسَّحابَا

‏يَعرفُ اللوزُ سرَّه في فؤادي

‏قبل أن تعرفَ الجذورُ الترابا

 

ويقول:

‏وحديقة الريحانِ تفهمُ ما أُريد

‏أنا لا أريد سواك يا حلمي الجديد

 

ويقول:

عيذُ قلبَكِ أنْ يَستَوقِدَ النَّارَا

‏وأنْ يُحرِّكَ فيه الحزنُ إعصارَا

‏ترَقْرقي مِثلَ هَبَّاتِ النسيمِ إذا

‏سرى يُداعبُ أغصانًا وأزهارَا

‏كوني كريحانةٍ في الشِّعب أنعشَها

‏لَثْمُ الندى فازدَهتْ عِطرًا وإزهارَا

 

وجه الحقيقة والصدق وحكم شعرية:

يقول الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي في حكمه الشعرية عن وجه الحقيقة والصدق:

وجهُ الحقيقة لا يحتاجُ تأويلًا

‏ولا ادِّعاءً وتلفيقًا وتضليلَا

‏وجه الحقيقة مثل الشمس إن سطعتْ

‏طوتْ أشعَّتُها عنكَ الأباطيلا

‏قد يكره المرء ما فيه النجاةُ له

‏وقد يصدِّق في الأوهامِ ما قيلا

‏لو أنفق المرء ما في الأرض من ذهبٍ

‏لما استطاع لما لم يُقضَ تسهيلَا

 

حوار مع الريشة:

في حوار مع الريشة يقول شاعرنا العشماوي في قصيدة أنا وريشتي …

طلبتُ من ريشتي أنْ ترسم القمرَا

فأبدعتْ وقضتْ من حاجتي وَطَرَا

طمعتُ فيها فقلت: النَّجمُ يُعجبني

فصوَّرتْ ريشتي من حُسْنِه صُوَرَا

فزاد مما أرى في ريشتي طمعي

والمرءُ يَطْمَعُ فيما حُسْنُه ظَهَرَا

فقلت: هيَّا ارسمي روضًا ورابيةً

خضراءَ تُعْجبُ في تنسيقها النَّظَرَا

وأبدعي صورةً للنَّخـل باسقةً

وصوِّري النَّبْعَ والأزهارَ والشَّجرا

وصوِّري سُحُبًا في الجوِّ سابحةً

وصوِّري البرقَ فيـها وارسمي المَطَرَا

فأبدعتْ ريشتي في كلِّ ما رسَمَتْ

حتى رأيت لها في خاطري أَثرَا

طَمِعْتُ في ريشتي، قلت: ارسمي حُلُمًا

فصوَّرتْ صورةً عقلي بها انبهرَا

قلت: ارسمي وَمْضَةَ الإحساس فانطلقتْ

تصوِّر البَرْقَ لَمَّا يَخْطَفُ البَصَرَا

قلتُ: ارسمي لَوْعَةَ المشتاق لَهْفَتَهُ

حنينَهُ دَمْعَهُ الرَّقْراقَ حين جَرَى

وصوِّري ليلَه ما زالَ يُرْهِقُه

طولًا وَيُسْكِنُ في أهدابه السَّهَرَا

وصوِّري فَرَحَ المشتاقِ حين يَرَى

وجهَ الحبيبِ وينسى الهمَّ والكَدَرَا

ولم تَزَلْ ريشتي في كلِّ ما رسمَتْ

تُبدي لعينيْ من الإبداعِ ما استترَا

وزادَ من طمعي فيها تَأَلُّقُها

فَرُحْتُ أطلبُ بالإسهابِ ما اختُصِرَا

يا ريشتي أنتِ في الإبداعِ رائدةٌ

كبَّرْتِ من لَمحَاتِ الفَنِّ ما صَغُرَا

هيَّا ارسمي وَجْهَ مَنْ أهوى وبسمتَه

وناظرَيْنِ إذا ما صُوِّبا سَحرَا

توقَّفَتْ ريشتي طال الوجومُ بها

حتى تخيَّلْتُ رأسَ الرِّيشةِ انكسرَا

ماذا دهى ريشتي ما بالُها وَجَـمَتْ

ما بالُ إبداعها في رسـمها انـحسرا؟!

قالت: أتطلبُ مني رسمَ فاتنةٍ

لو أبصر الفجرُ عينيها لما انتشرَا

ولو رأى الزَّهْـرُ في الواحاتِ بَسْمَتـَها

لَمَا حَبَانا الشَّذا يومًا ولا ازدهَرَا

ولو رآهـا نسيمُ الفجرِ حاضرةً

على ضِفافِ الرَّبيعِ الطَّلْقِ ما حَضَرَا

هنا رأيتُ يَدَ الإبداعِ راجفةً

كأنَّ ريشَهُ قد أصبحتْ حَجَرَا

فقلتُ: سبحانَ من صاغَ الجمالَ لنا

حتى ظننَّا بأنَّا لا نرى بَشَرَا

 

المراجع:

الدكتور عبد الرحمن العشماوي، ديوان إلى حواء، القاهرة، مكتبة العبيكان، 1422هـ.