غير مصنف

روسيا «محطة وقود كبيرة» ولاعب ثانوي في الاقتصاد الدولي

بعد تعرّضه لأزمة كبيرة بسبب جائحة فيروس «كورونا»، والمشكلات التي واجهت سلاسل التوريد وتضخم الأسعار، يستعد الاقتصاد العالمي للانتقال إلى مسار آخر لا يمكن التنبؤ به، بسبب الاشتباك المسلح على حدود أوروبا.

حتى قبل أن تدخل القوات الروسية، الأراضي الانفصالية في أوكرانيا، فقد تسبب التوتر بين روسيا والغرب بخسائر فادحة، إذ أدى وعد الرئيس جو بايدن بفرض عقوبات على روسيا، التي يحتمل أن ترد بفعل انتقامي، إلى تراجع عائدات الأسهم وزيادة أسعار الغاز. كما أن الهجوم العسكري الروسي ضد أوكرانيا قد يتسبب في ارتفاعات كبيرة في أسعار الطاقة والغذاء، وتأجيج مخاوف التضخم ورعب المستثمرين، وهو مزيج يهدد الاستثمار والنمو الاقتصادي في جميع دول العالم.

على الرغم من أن روسيا دولة كبيرة تضم 146 مليون نسمة، وتملك ترسانة نووية ضخمة، وتعتبر مورداً رئيساً للنفط والغاز وبعض المواد الخام اللازمة للصناعة، لكنها لاعب ثانوي في الاقتصاد العالمي على عكس الصين، التي تعد قوة تصنيعية مؤثرة.

روسيا غير مهمة

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن لدى إيطاليا نصف عدد سكان روسيا وموارد طبيعية أقل، لكن اقتصادها يساوي ضعف حجم الاقتصاد الروسي، كما أن بولندا تصدر إلى الاتحاد الأوروبي بضائع ومنتجات أكثر من روسيا.

ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي في جامعة «هارفارد» بالولايات المتحدة، جيسون فورمان، قوله، إن «روسيا غير مهمة في الاقتصاد العالمي، باستثناء إنتاجها للنفط والغاز، فهي في الأساس محطة وقود كبيرة».

وأضاف فورمان: «يمكن لمحطة الوقود المغلقة أن تعيق الذين يعتمدون عليها».

الوقود والغذاء

تحصل أوروبا على نحو 40% من غازها الطبيعي، و25% من نفطها من روسيا، ومن المرجح أن تتعرّض لارتفاع كبير في فواتير التدفئة والغاز، التي ارتفعت فعلاً. وهناك أسعار المواد الغذائية التي ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد من الزمان إلى حد كبير بسبب فوضى سلاسل التوريد.

وتعدّ روسيا أكبر مورد للقمح في العالم، وتشكل مع أوكرانيا نحو ربع إجمالي الصادرات العالمية منه. كما يشكل تدفق الحبوب هذا أكثر من 70% من إجمالي واردات بلاد مستهلكة للقمح مثل مصر وتركيا.

«سلة خبز أوروبا»

من ناحية أخرى، عُرفت أوكرانيا، منذ فترة طويلة باسم «سلة خبز أوروبا»، لأنها ترسل أكثر من 40% من صادراتها من القمح والذرة إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا، حيث توجد مخاوف من أن مزيداً من نقص الغذاء وزيادة الأسعار، يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.

العقوبات الأميركية

وعلى الرغم من أن بعض العقوبات التي تدرسها أميركا على روسيا ،تتضمن قطع الوصول إلى نظام المدفوعات الدولية المعروف باسم «SWIFT»، أو منع الشركات من بيع أي منتج يحتوي على مكونات أميركية للسوق الروسية، فإن الولايات المتحدة أقل عُرضة للخطر بكثير من الاتحاد الأوروبي، الذي يعتبر أكبر شريك تجاري لروسيا. فالرئيس بايدن حذّر الأميركيين من ارتفاع في أسعار البنزين. لكن ونظراً إلى أن الولايات المتحدة هي نفسها منتج كبير للغاز الطبيعي، فإن هذه الزيادات في الأسعار ليست شديدة كما في أي مكان آخر.

أما في أوروبا، فإن شركات نفط مثل «شل» و«توتال» تمتلكان مشروعات مشتركة في روسيا، فيما تعدّ «بريتيش بتروليوم» واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في روسيا، كما تحصل «إيرباص» على مادة التيتانيوم من روسيا، التي حصل مواطنوها على قروض بمليارات الدولارات من بنوك في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا.

روسيا والصين

قد تظهر التأثيرات الأكثر أهمية للأزمة الأوكرانية – الروسية على الاقتصاد العالمي على المدى الطويل فقط، وستكون إحدى تلك النتائج توثيق روسيا علاقاتها الاقتصادية مع الصين، التي تتفاوض معها على عقد مدته 30 عاماً لتزويد الصين بالغاز الروسي.

ويحفز اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، المناقشات حول ضرورة توسيع مصادر الطاقة.

وقال الزميل في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، جيفري شوت: «على المدى الطويل، ستندفع أوروبا إلى التنويع، أما بالنسبة لروسيا، فإن الكلفة الحقيقية ستكون مدمرة لها بمرور الوقت».

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news