منوعات

رونالدو البرازيلي.. والاستثمار في أندية “اليويو”

بحلول عام 2013، أعلن رونالدو البرازيلي أنه مقبل على تحد جديد بحياته المهنية، عقب إعلانه اعتزال لعب كرة القدم تماما في 2011؛ وتمثل ذلك التحدي في بدء دراسته للتسويق والإعلان بلندن، بتوجيه من «سير مارتن سوريل»، أحد أبرز رجال الأعمال البريطانيين، ومالك شركة «WPP»، المتخصصة في خدمات الاتصالات، والسؤال: لماذا أقدم «الفينومينا» على هذه الخطوة؟

لماذا تشتري نادي كرة قدم من الأساس؟

قبل أن نتطرق لقضية البرازيلي رونالدو واستحواذه على بلد الوليد، علينا أن نسأل سؤالًا هامًا؛ هل شراء أندية كرة القدم استثمار ناجح؟ وللإجابة على هذا السؤال سنضطر للتعمق أكثر في «بيزنس» كرة القدم.

طبقًا للمختصين، امتلاك نادٍ لكرة القدم بعيد كل البعد عن كونه عملاً خيريًا، وبالتالي، يمكن للمالكين جني الأموال إما عن طريق بيع أسهمهم (كليًا أو جزئيًا)، أو عن طريق جني الأرباح، وأخيرا عن طريق تحصيل راتب في بعض المناسبات.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن صناعة كرة القدم أضحت تقدر بمليارات الدولارات، فنادرًا ما نحقق الأندية أرباحًا صافية، ففي 2014 مثلًا، طبقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، فشلت نصف أندية البريمييرليج في تحقيق أرباح، وهذا ما ينقلنا للحقيقة الأولى، وهي أن الربح المباشر ليس الهدف الذي يسعى له الملاك في المقام الأول.

الاستثمار في أندية كرة القدم يضع الملاك على خريطة الأعمال العالمية، ويساعدهم على نشر علاماتهم التجارية الخاصة، بالتالي يستفيد المالك دون أدنى شك، لكن على هيئة مميزات أخرى قد لا تكون مادية.

خطوة على الطريق الصحيح

رونالدو الظاهرة رئيسًا لنادي بلد الوليد الإسباني.

دون شك، حظي رونالدو البرازيلي بمسيرة كروية حافلة، تمثلت في نجاحات متعددة مع كل الأندية التي لعب لها طوال مشواره، بداية من برشلونة الإسباني، وصولًا لميلان الإيطالي، وما بينهما من إنجازات رفقة كل من إنتر ميلان الإيطالي وريال مدريد الإسباني.

وحتى ندرك السبب الرئيسي في رغبة نازاريو دا ليما في تطوير ذاته بالدراسة، يمكننا العودة لعشرات الأمثلة من النجوم الذين حظوا بتاريخ رائع أثناء فترة لعبهم لكرة القدم الاحترافية، ثم غابوا عن المشهد تمامًا فور اعتزالهم، وربما كان ذلك هو المصير الذي يخشاه الظاهرة، وعمل على ألّا يركن لتاريخه كلاعب كرة قدم ممتاز وحسب.

في 2018، وبعد 5 أعوام من القصة أعلاه، ظهرت أخبار من العدم حول نية النجم البرازيلي الاستحواذ على أحد أندية كرة القدم، وكانت المفاجأة هي أن ذلك النادي هو بلد الوليد، الذي لا يمتلك باعًا طويلا في كرة القدم الإسبانية، ولا يبدو في طريقه لكي يصبح كذلك، على الأقل في الوقت الحالي.

وفقًا للمتعارف عليه، فريق بلد الوليد الإسباني أحد الأندية التي تعرف بـ«أندية اليويو»؛ وهي مجموعة من الأندية متذبذبة المستوى، التي لا تستمر في قسم واحد لفترة طويلة، وعادة ما تتأرجح بين الصعود للدرجة الممتازة، ثم تهبط بعد ذلك للدرجة الأدنى، والآن يطفو على السطح سؤال آخر: لماذا قرر البرازيلي رونالدو الاستحواذ على حصة الأسد من أسهم ناد كبلد الوليد؟ ولماذا لم يذهب لخيار أكثر جاذبية.

رونالدو البرازيلي.. ظاهرة داخل الملعب وخارجه

في أكتوبر 2020، وفي تصريحات خاصة من رونالدو لمجلة «فور فور تو» العالمية، اعترف دا ليما أنه كان يرغب في الاستثمار بأحد أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، نظرًا لإدراكه حقيقة تسيد أندية إنجلترا صناعة كرة القدم.

في نفس المقابلة، شدد الظاهرة على وجود اتصالات مكثفة بينه وبين إدارات بعض الأندية الإنجليزية مثل برينتفورد وتشارلتون، من أجل أن يصبح جزءًا من مجالس إداراتها، إلا أن كل المفاوضات لم تكلل بالنجاح، لسبب بسيط؛ وهو عدم استطاعة الظاهرة توفير المبالغ المطلوبة للاستثمار في مثل هذه الأندية، والتي لن تقل بأي حال من الأحوال عن 50 مليون يورو.

وبما أن رونالدو البرازيلي قرر منذ الوهلة الأولى الاعتماد على تمويل استثماراته من جيبه الشخصي، دون اللجوء لقروض بنكية، بالتالي، بدا منطقيًا أن يلجأ لخيارات أرخص سعرًا، والتي قادته بنهاية المطاف للاستحواذ على نسبة 51% من أسهم نادي بلد الوليد مقابل ما يدنو من 30 مليون يورو.

لماذا بلد الوليد؟

البرازيلي رونالدو

في محاولة لتفسير أسباب ذهاب رونالدو لخيار الاستحواذ على نادي بلد الوليد الإسباني، قدم موقع «Talk Sport» الإنجليزي مجموعة من الفرضيات التي يمكن أن تكون دافعًا لنجم بحجم الفينومينا للاستثمار في ناد صغير، لا يمتلك الكثير من الإرث الرياضي، مثل بلد الوليد.

حسب التقرير، يبدو أن رونالدو البرازيلي كان قد درس قضية شرائه أسهمًا بنادي بلد الوليد جيدًا، حيث إنّه يعد فريقًا يمتلك من المقومات ما يعين أي مستثمر جديد على النجاح، حتى وإن كان الفريق نفسه لا يحقق نجاحات كبيرة فيما يتعلق بكرة القدم.

يمتلك بلد الوليد ملعب «خوسيه زوريلا» الذي يتسع لـ26500 متفرج، وهو أكبر من 9 ملاعب أخرى في الدوري والأهم من ذلك، أن لديه قاعدة جماهيرية مخصصة جاهزة لملء هذا الملعب موسميًا، وبسبب موقع الملعب القريب نسبيًا من العاصمة الإسبانية مدريد، وبوجود رونالدو الظاهرة على رأس الكادر الإداري، يتوقع أن تجذب هذه المنظومة المزيد من الزوار.

لكن السبب الأهم –حسب التقرير- هو سعي رونالدو لشراء ناد لديه هامش ديون منخفض، وهو ما وجده في بلد الوليد؛ النادي الذي قلص ديونه لصالح مصلحة الضرائب والضمان الاجتماعي الإسبانية لنحو 3 ملايين يورو فقط في 2018، وهو رقم ضئيل جدًا مقارنة بديون الأندية التي تنشط بالدوري الممتاز، أو دوري الدرجة الثانية الإسباني.

بمقارنة ما يتوقع أن يحققه أي مالك لنادي بما يقوم به رونالدو، نجد أنه يسير بالفعل على الطريق الصحيح، حيث لم يدفع الكثير من الأموال للاستحواذ على النادي، ضمن لاسمه تواجدًا مستمرًا بالإعلام وفقًا لمنصبه الجديد. بالتالي حتى وإن هبط بلد الوليد للدرجة الأدنى، وهو ما حدث بالفعل موسم 2021، فلا توجد مشكلة كبيرة، لأن الاستثمار في أندية اليويو، يعني الاستثمار لمدة زمنية صغيرة، ومن ثم بيع الأسهم لمالك جديد، وهو ما صرح به رونالدو نصًا.