عربي ودولي

عملها جعلها عرضة للتنمّر.. هل رأيتم ‘الشرطية’ ليليان في فرن الشباك؟ (صور)

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”: لم يكن يخطر في بال ليليان ان تكون شرطية بلدية، وان يدخل تنظيم السير ضمن مهام عملها وأن يكون باباً لرزقها. الممرضة التي تعمل في اختصاصها الذي كانت تحلم به فرضت عليها ظروف الحياة الصعبة البحث عن مورد رزق آخر وجدته في دعوة رئيس بلدية فرن الشباك ريمون سمعان لمن يرغبن من السيدات العمل كشرطي بلدي وبدأ التحدي…وهذه المرة في الشارع!

 

لم تتردد ابنة تحويطة فرن الشباك في الخضوع للاختبار رغم معارضة والدتها. خاضت التجربة وانطلقت في رحلة تعاطٍ جديدة مع العالم الخارجي. هنا ايضاً مطلوب ان تكون ملاكاً من نوع آخر. تجربة الخمس سنوات من التحدي خاضتها ليليان ولا تزال، لتبرهن للمجتمع ان المهن مهما كانت ليست حكراً على الرجل ويجب ان تخرج من تجربتها قوية في كل مرة تكون فيها عرضة للتنمر او للهجوم فقط لأنها امرأة خاضت مجالا لم يكن متاحاً لمثيلاتها.

 

على امتداد شارع فرن الشباك، تعمل ليليان انطوان شهوان شرطية بلدية قبل الظهر وممرضة في مستشفى ليلاً. اضطرها وضع البلد وأزمته الاقتصادية الى وصل ليلها بنهارها لتأمين لقمة عيشها وعائلتها «بما ان الوضع الى تراجع والرواتب فقدت قيمتها بتنا نضطر للبحث عن وسيلة عيش إضافية وجدتها في العمل كشرطية سير».

 

نجحت في التوفيق بين مهنة التمريض التي درستها وامتهنتها عن حب ومهمة شرطي البلدية التي صار العمل فيها جزءاً من يوميات حياتها. وفي العملين فيض من الانسانية. ملاك الرحمة تحاول ان تحلق بطيب عطائها بين المارة في سوق فرن الشباك. تتغلب على شغب اصحاب السيارات ومخالفاتهم لأصول السير وقانونه مرة بابتسامة ومرة أخرى بالكلمة الطيبة ومتى فشلت المحاولتان تشهر صفارة الإنذار محيلة المخالفة الى البلدية لتحرير الضبط «اشخاص حررت بحقهم محاضر ضبط تأثرت لأجلهم ووجعني قلبي بس كانوا بيستاهلوها».

 

 

 

قبول وغضب

أجمل ما في ليليان تلك الابتسامة المجبولة بتعب الحياة وعرقها والتي لا تفارقها رغم مشقة ساعات العمل تحت الشمس في وضح النهار، يغلبها التعب احياناً ويصير النوم لدقائق حلماً سرعان ما تتغلب عليه حين تتذكر المسؤوليات التي تنتظرها في المنزل ومتطلبات الحياة ومشقاتها.

 

بجدية فائقة تؤدي ليليان دورها، تعمل على فرض الانتظام العام في الطريق ومنع الزحمة وتصطدم احياناً بمن يتفلت من الالتزام بأصول السير لا سيما عندما يراها سيدة. كشرطية سير تسمع ليليان انتقادات من المارة وتتعرض لمواقف مختلفة منها الايجابي ومنها السلبي ولكن «بيفوتو من هون وبيطلعو من هون» لانها بالنتيجة «مش واقفة حتى إتسلى وانما بهدف مساعدتهم».

 

كشرطية من الجنس اللطيف هذا يجعلها وزميلاتها عرضة لمواقف سلبية وأخرى طريفة ولا يخلو الأمر من كلمة غزل وإطراء او ان تتحول نقطة العمل حيث هي الى محجة للشباب ممن يحلو لهم تذوق فنجان النسكافيه «على الواقف» ولا ضير من أزمة البنزين، وارتفاع سعره اذا كان الهدف «الكزدرة» في الشارع ذاته مرات عدة لتقديم اوراق اعتماد عاطفية. لكن هذه المواقف تنقلب على صاحبها متى تجاوزت حدود اللياقة وهو ما تعرضت له زميلة ليليان فكان عقاب الفاعل تحرير ضبط بحقه لإهانته موظف خلال تأدية وظيفته.

 

 

 

 

 

إسمي ليليان الشرطية

الجمع بين مهنتين لا يلغي تأثير إحداهما على الاخرى فكيف اذا كانت المأخوذة بالمهنتين سيدة مطلقة وام لفتاة صغيرة ومعيلة لعائلة. ظروف ليليان تجعلها أكثر تفهماً لظروف الناس ومشاكلهم، وتحاول قدر الامكان تجنيب المخالفين دفع غرامة المخالفة واذا حصل وأحالت المخالفة الى المفوض وحرر ضبطاً بالمخالف فهي تفعل ذلك رغماً عنها «لان الوضع لا يحتمل زيادة مصايب، وقلبي لا يساعدني».

 

في آب المقبل يكون قد مضى على عملها كشرطية بلدية خمس سنوات «مدّني العمل بالقوة والثقة ومحبة الناس، صار اسمي ليليان الشرطية وصرت معروفة ولي جمهوري ولكنه عمل كأي عمل آخر لا يخلو من الصعوبات. احيانا كثيرة وخلال تأدية عملنا يصادفنا مرور سيارة عكس السير، نمنع صاحبها من المرور فينهال علينا بالشتائم ونضطر لاخذ رقم سيارته وتحرير محضر مخالفة بحقه».