عربي ودولي

عودة الحريري تخطف الأضواء.. القرار ‘حُسِم’ فمتى يعلنه؟

فيما لا تزال كلّ الأنظار مشدودة نحو جلسة الحكومة التي تعود إلى الانعقاد الأسبوع المقبل بعد ثلاثة أشهر من الانقطاع “القسري”، وسط آمال بأن تُحدِث خرقًا في المشهد العام، خطف رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري الأضواء من جديد.

 

في يومه الأول في بيروت، جال الحريري على القيادات، بدءًا من السراي الحكومي حيث التقى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، إلى دار الفتوى حيث اجتمع مع المفتي عبد اللطيف دريان، على أن يواصل جولته في اليومين المقبلين، توازيًا مع عقده سلسلة اجتماعات “داخلية” مع قياديّي ونواب “تيار المستقبل” للبحث في خيارات المرحلة المقبلة.

 

في يومه الأول، لوحظ أيضًا أنّ الحريري “اعتكف بالصمت”، حيث خرج من كلّ اجتماعاته من دون الإدلاء بأيّ تصريح، فيما كانت التكهّنات تتواصل حول “أهداف” زيارته، فهل اتخذ قراره “النهائي” بشأن الانتخابات؟ وهل جاء لإبلاغ المعنيّين به، أم لمناقشتهم به؟ ومتى سيفصح عن “فحوى” هذا القرار، بكلّ حيثيّاته وتفاصيله؟!

 

“غموض بنّاء”

 

مع عودة الحريري، استمرّ “الغموض البنّاء” على خطّ قرار رئيس تيار “المستقبل” بشأن الانتخابات النيابية، وهو ما انعكس بـ”ارتباك” قيادي ونواب التيار، الذين أكّدوا في أحاديث إعلامية، “عدم علمهم” بالقرار الذي اتخذه الرجل، ولو أنّ البعض جزم أنّ الحريري “اتخذ قراره النهائي”، الذي “لا رجعة عنه”.

 

لكن، حتى من تبنّى هذا الموقف، قال إنّه “لا يعلم” طبيعة هذا القرار، ما ترك مروحة الخيارات مفتوحة، بين احتمال أن يعزف الحريري عن خوض المعركة “شخصيًا”، على أن يتبنّى لوائح لتيار “المستقبل” أو مدعومة من قبله، ويسلّم إدارة العملية الانتخابات لأحد الأشخاص “الموثوقين”، أو أن “يقاطع” الانتخابات برمّتها، مع تركه “الحرية” للنواب والقياديين لخوض المعركة، إن شاؤوا، بصفتهم الشخصيّة.

 

يشير العارفون إلى أنّ الحريري، حتى لو صحّ أنّه اتّخذ قراره، فهو لن يعلنه مباشرةً، بل سيرجئه ريثما ينهي جولاته ولقاءاته، ولا سيما الداخلية منها، لاعتبارات وحسابات عدّة، من دون أن يُعرَف ما إذا كان بالفعل سينتظر حتى الرابع عشر من شباط المقبل، كما أوحى البعض، يعلن موقفه في ذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، أم سيفعل ذلك في الأيام المقبلة، باعتبار أنّ الوقت “يضيق” والعدّ العكسي للانتخابات قد بدأ.

 

ميل نحو “العزوف”؟

 

بانتظار كشف الحريري عن “كلمة السرّ”، فإنّ كلّ التقديرات والتوقعات المتداولة في الأوساط الإعلامية والسياسية تميل إلى تبنّي رواية “العزوف”، الشخصيّ بالحدّ الأدنى، بمعنى أنّ الحريري لن يخوض المعركة الانتخابية على المستوى الشخصي كما دأب أن يفعل، وبالتالي “سيتنازل” عن مقعده النيابيّ، مسجّلاً بذلك موقفًا في أكثر من اتجاه، قد يكون عابرًا للداخل اللبناني وفق ما يقول بعض المطّلعين.

 

لكن، ما لم يتّضح بعد، ولا تزال التكهّنات تدور بشأنه، يتعلّق بما إذا كان “الشيخ سعد” سيعتزل السياسة كليًا مع النيابة، فيعود من حيث أتى، من دون “اكتراث” بالانتخابات، أم أنّه سيخوضها من خلال لوائح لتيار “المستقبل”، مقتديًا بذلك بتجارب سائر “الزعماء” الذين لا يترشحون، لكنّهم يملكون كتلاً نيابية وازنة، على غرار رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وغيرهم.

 

ومع أنّ هذا الخيار “وارد”، وفق ما يقول كثيرون، وقد يكون “أفضل الممكن”، حتى لا تتحوّل مقاطعة الانتخابات إلى “انكفاء تام” عن السياسة، فإنّ الخيار الأخير لا يبدو مُستبعَدًا هو الآخر، حتى الساعة، وفق ما تشير الكثير من المعطيات، لأنّ إدارة المعركة، حتى لو يخضها الحريري بنفسه، تحتاج إلى تمويل، يعتقد كثيرون أنّ رئيس تيار “المستقبل” ليس في صدده في الوقت الحالي، بعدما تغيّرت “أولوياته”، إن جاز التعبير.

 

صحيح أنّ رئيس تيار “المستقبل” لم يعلن موقفه النهائي من المعركة الانتخابية، لكنّه نجح في خطف الأضواء مع عودته إلى بيروت، التي وضعت حدًا للتكهّنات حول موعدها. إلا أنّه فتح بذلك الباب أمام المزيد من التكهّنات والسيناريوهات حول قراره المُنتظر، قرار يعتقد كثيرون أنّه سيغيّر الكثير من المعادلات، لا داخل تيار “المستقبل” فقط، خصوصًا أنّ حلفاء وخصومًا ينتظرونه، ليحسموا “وجهاتهم الانتخابية”!