منوعات

قصة اصحاب الاخدود للاطفال

قصة اصحاب الاخدود للاطفال هي واحدة من أهم القصص التي وردت في كتاب الله، والتي ينبغي للبالغين تعليمها وتلقينها للأطفال لما تحمله من دروسٍ هامّة وعبر رائعة، فهي قصّة مليئة بالموعظة والأحداث التي تعطي الدروس في حياة المسلم سواءً للكبار أو للصغار، وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم مصدر الموعظة والحكمة، وهو مصدر تشريع المسلمين الأول للدين الإسلامي ومن واجبهم قراءته وتدبره وتعلمه، ومن خلال موقع المرجع سيتمّ عبر هذا المقال تقديم واحدة من أجمل قصص القرآن الكريم وهي قصة أصحاب الأخدود للأطفال.

أسلوب القصص في القرآن

قبل الخوض في قصة اصحاب الاخدود للاطفال فإنّه من المهم الحديث حول واحدٍ من أهمّ أساليب القرآن الكريم، وهو أسلوب القصص، فالقرآن الكريم اعتمد في آياته عدّة أساليب لغوية وبيانية ليوصل رسالته وأحكامه للمسلمين، ولم يعتمد على أسلوبٍ واحد وطريقة واحدة، وذلك لحكمةٍ بالغة من الله عز وجل، ومن بين تلك الأساليب وأهمّها أسلوب القصص، وهو أسلوب يمتاز بالتشويق والقدر على إيصال الفكرة والموعظة والعبرة للقارئ بكلّ سهولة ووضوح وبعيدًا عن التعقيد، والقصّ في اللغة يعني تتبع الأثر، وفي الاصطلاح هو الإخبار عن قضية ذات مراحل يتبع بعضها بعضًا.[3]

قصة أصحاب الكهف مختصرة

قصة اصحاب الاخدود في القرآن الكريم

لا بدّ عند إلقاء قصة اصحاب الاخدود للاطفال أن يتمّ إخبارهم أين وردت وذكرت قصة أصحاب الأخدود في القرآن الكريم، والتي جاء ذكرها في سورة البروج في جزء عمّ، حيث قال تعالى في كتابه العزيز: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ* وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ* وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ* قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ* النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ* إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ* وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ* وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ* إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ* إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}. [2]

بحث عن قصة نبي ذكر في القرآن الكريم

قصة اصحاب الاخدود للاطفال

قصة اصحاب الاخدود للاطفال هو ما سيتمّ تقديمه فيما يأتي، حيث إنّ أصحاب الأخدود يعدّون رعايا أحد ملوك حمير بأرض اليمن، وهو الملك الذي يعرف باسم ذي نواس، وذي نواس هذا ملكٌ يعتنق الديانة اليهودية، ومختصر القصّة أنّ جماعةً من قومه قاموا باعتناق الدين المسيحي، فجمع عليهم الجنود، وخيرهم بين الرّجوع عن دينهم الجديد أو القتل، فكان اختيارهم أن لا رجوع عن دين الله، واختاروا الصبر على ما يمتحنهم الله به، فحفر لهم الأخاديد وهي الحفر الضخمة وأضرم فيها النار ورماهم فيها جميعًا، فماتوا محترقين، وقيل أنّ عددهم بلغ السبعين ألفًا، والله ورسوله أعلم، وفيما يأتي سيتم قصّ هذه القصّة بالتفصيل:[1]

من هم أصحاب الأخدود؟

أشار الله -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز إلى قصة أصحاب الأخدود في آياتٍ معدودة من سورة البروج، وذلك جاء بشكلٍ مختصر، وقد بين حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- التفاصيل وبين في هذه القصة، وأصحاب الأخدود هم أناسٌ تمّ حرقهم وهم أحياء لتمسكهم في دينهم، وهم قومٌ كانوا بأرض نجران، وذلك قبل بعثة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدّة عقود من الزمن، وكان لهم حاكمٌ حميري يعتنق اليهودية وهم اعتنقوا المسيحية، وهو ملك ظالم يعاني الناس من جوره وظلمه.

الملك الظالم مع الساحر

وقد بدأت معاناة لأصحاب الأخدود من الملك الظالم الطاغية عندما ادّعى أنّه الرّب في الأرض ودعا الناس لعبادته، وقام بنشر الفساد والدمار في الأرض، وروّع أمن الناس وأهلكهم جورًا وظلمًا، وكان قد اتّخذ لنفسه ساحرًا دجّالًا يعينه ويبثّ الشّر له ويحرّضه على النّاس، ويقوم بنشر الكذب والسّحر والخديعة بين الناس حتّى يغرقهم بالجهل والضّلال، وحتّى يتمكّنوا من حكمهم والسيطرة عليهم، مرّت الأيّام وقام الساحر بطلب غلامٍ من الملك ليقوم بتعليمه السّحر.

لماذا قام الساحر بطلب الغلام من الملك؟ لقد مرّت السنين والأعوام والساحر والملك الظالم يحكمان النّاس بالشرّ والضلال، وقد صار السّاحر عجوزًا هرمًا، فجاء للملك وهو يتوكّأ على عصاه، يشكو إليه ضعفه وشعوره باقتراب أجله، وأنّه بحاجة لمن يعلّمه السّحر ويعطيه كافّة الأسرار التي بحوزته، ومن بعد موت الساحر سيكون عونًا للملك في شره وظلمه، فأعجبت الفكرة الملك الظالم، وأمر بالبحث عن غلامٍ ذكيٍ للساحر.

قصة الساحر والراهب

بعد بحث الملك مطوّلًا عن غلامٍ ذكي وجد ذلك الغلام الذي سيكون خليفة الساحر، وقام الساحر بتعليمه فنون السحر تدريجيًا، والغلام صاحب فطنةٍ وذكاء وعقلٍ راجح يتعلّم بسرعة، وفي طريقه للساحر صادف بيتًا نائيًا وجد فيه رجلًا صالحًا، لفت انتباهه فقرر الجلوس معه، وقد كان الرجل موحّدًا عابدًا لله، وقام يعلّم الغلام التوحيد والعبادة، وطلب منه أن يبقي أمره سرًّا، وصار الغلام يمرّ إلى بيت الراهب يتعلّم منه ثم يتابع طريقه ليصل متأخرًا لبيت الساحر الذي بات غضبانًا عليه، وبذلك تعرّض للضرب من الساحر ومن أهله، وقد أرشده الراهب إلى الحل وهو أن يقول للساحر أن أهله أخروه وأن يخبر أهله أنّ الساحر يقوم بتأخيره فيتوقفوا جميعًا عن ضربه.

من هم أصحاب الحجر

قصة الغلام مع الدابة التي اعترضت طريق الناس

بدأ الغلام يتوه ويتردد ويحتار بين ما يتعلّمه على يد الرجل الصالح وبين ما يتعلّمه من السحر والشعوذة على يد الساحر، ومرّةً من ذات المرات وقد كان في طريقه متّجهًا لبيت الساحر، حتّى رأى دابةً كبيرة ومخيفة تُرهب الناس وتخيفهم وترعبهم، فقال في نفسه اليوم أعرف من الأفضل عند الله الراهب أم الساحر، فأمسك حجرًا من الأرض ودعا ربّه وقال: اللهم إن كان شأن الراهب عندك أفضل من الساحر فاقتل هذه الدابة، ورمى الحجر فسقطت الدابة ميّتةً صريعة بإذن الله، فقصّ الغلام الحادثة على الراهب فأخبره أنه سيكون صاحب شأن وأنه سيبتلي وطلب منه أن لا يخبر عنه لو طلبوا منه ذلك.

قصة شفاء جليس الملك

صار الغلام يتعلّم من الرّجل الصالح علمه، وبلغ مبلغًا عظيمًا، حتّى صار سببًا لشفاء الناس من أسقامها بدعائه لهم، فكان يبرئ الأكمه والأبرص والأعمى بإذن الله، وقد اتّخذ من قدرته على علاج الناس مبدأًا لدعوته، فكان يشترط على كلّ مريض أن يدخل في دين الله حتّى يدعو الله له، فلم يبق في القرية رجلًا كان يعاني من المرض إلا أسلم، فسمع بذلك واحدٌ ممن يجالسون الملك من المستشارين أو الوزراء، الذي كان صاحب مرض فحمل للغلام الهدايا في سبيل أن يشفيه من مرضه، لكنّ الغلام أخبره أنه لا يشفي بل الله هو الشافي وعليه أن يؤمن بالله لو أراد أن يدعو الله له فيشفى، فآمن وشفاه الله، حتى لاحظ الملك شفاء جليسه فسأله عن كيفية شفائه ليقول له شفاني الله، فاستشاط الملك غضبًا وعذّبه حتّى دلّ على الغلام.

شاهد أيضًا: قصة وردت في اواخر سورة البقرة

مصير الراهب والغلام

بعد قيام الملك بتعذيب جليسه، اعترف ودلّ على الغلام، فأحضر جنود الملك الغلام وعذبوه حتّى دلّ على الراهب، فجيء بالرّاهب وتمّ تعذيبه حتّى يعود عن دينه ويعبد الملك، فأبى، فظلّوا يعذّبونه حتّى شقّوه بالمنشار إلى نصفين ومات، وأحضروا جليس الملك فعذّبه جنود الملك حتّى يعود عن دينه، فرفض فشقّوه بالمنشار كما شقّوا الرّاهب، ثم أمر الملك أن يحضر الفتى، فقام الجنود محضريه وعذّبوه حتى يرجع عن دينه فأبى وقد استشاط الملك غضبًا وحقدًا، ما هذا الدين الذي لا يرجعون عنه، وقرّر أن يكون موت الغلام مختلفًا عن موت الراهب والجليس.

دعاء الغلام اللهم اكفنيهم بما شئت

أمر الملك جنوده أن يحملوا الغلام إلى أعلى جبل ويخيّروه على قمّته إما تكفر بالله أو نلقيك من شاهق، ودعا الغلام ربّه بكلمات، اللهم اكفنيهم بما شئت، فكفاه الله شرّ جنود الملك الظالم واهتزّ بهم الجبل، وألقاهم جميعًا إلى أسفله إلا الغلام نجى بفضل الله، وعاد يمشي إلى الملك، فصعق الملك برؤيته، وأمر الجنود أن يحملوه في سفينة ويسيروا به في عرض البحر فيلقونه فيه فتأكله الحيتان، وكذلك دعا الغلام ربّه اللهم اكفنيهم بما شئت، فاستجاب الله له، فانقلبت السفينة وغرق الجنود جميعًا ونجا الغلام، وعاد إلى الملك سالمًا يمشي.

موقف عودة الغلام إلى الملك وطلبه منه أن يجمع الناس

عاد الغلام إلى الملك ليتفاجأ به، وليخبره بعجزه عن قتله إلا بطريقة واحدة، وهي أن يصلب الغلام على جذع الشّجرة، ويجمع الناس جميعًا في مكانٍ واحد، وأن يأخذ سهمًا من أسهم الغلام ويصوّب الملك عليه ويقول باسم الله ربّ هذا الغلام، ثمّ يطلق السّهم، ولن يستطيع قتله إلا إن نفذ هذا الأمر، وقد كان الملك يريد أن يتخلّص منه بأي طريقة، فجمع القوم جميعًا في مكان واحد وأمر الجنود بصلب الغلام، وفعل به ما أرشده إليه فصوّب نحوه وقال باسم الله ربّ هذا الغلام، فأصابه السّهم في صدغه ومات، وسمع النّاس كلّهم مقولة الملك فصاحوا جميعًا آمنا بربّ هذا الغلام.

قصة إيمان الناس برب الغلام

ما إن رأى الناس مشهد موت الغلام وكيف أنّه قتل بعد أن سمّى الملك باسم ربّ هذا الغلام، بدأت حناجرهم بالصّراخ يعلنون إيمانهم بالله ووحدانيته وقدرته على كلّ شيء، وبدأوا يصيحون آمنا بالله ربّ هذا الغلام، ووقف الملك وجنوده أمام الجماهير المجتمعة، وقد أدرك أنّه وقع في فخّ الغلام لغبائه، فقد استغلّه الغلام لينشر دعوته على أوسع نطاق وبالفعل نجح بذلك، والآن بات القوم جميعًا مؤمنين.

قصة أصحاب الأخدود والملك

اغتاظ الملك من قومه غيظًا شديدًا، لأنّهم آمنوا بالله ربّ هذا الغلام، وهو من كان يدعوهم لعبادته بادّعائه الربوبية، فأمر جنوده بشقّ الأخاديد، فحفروا الأخاديد العظيمة والعميقة للغاية، وأضرموا فيها النيران، وجمعوا كلّ من آمن من الناس، وكانوا يحضرون المرء يخيّرونه بين أن يرجع عن دينه أو يحرق في النار، فيرمون أولاده وأهله أمامه ثمّ يرمونه في النار، وقد مرّ الجنود على امرأةٍ قد آمنت وهي تحمل رضيعها، فأشفقت على الرّضيع وأرادت أن ترجع عن موقفها، لكنّ الله سبحانه أنطق الرضيع في المهد ليخاطبها، اصبري يا أمّاه فإنّك على حق، فتشجّعت وألقت نفسها في النّار، وهذه هي قصة أصحاب الأخدود للأطفال باختصار.

قصة سيدنا صالح عليه السلام كاملة مكتوبة

حديث أصحاب الأخدود

بعد ذكر قصة اصحاب الاخدود للاطفال فإنّه من الجدير بالذّكر أنّ القرآن الكريم، لم يتناول القصّة بالتفصيل، إنّما وردت بإيجازٍ فيه، لكنّ النبي -صلى الله عليه وسلّم- أخبر أصحابه الكرام بالقصّة كاملة وبتفصيلٍ شديد، وذلك في الحديث الطويل الذي رواه الصحابي الجليل صهيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كان مَلِكٌ فيمَنْ كان قبْلَكم له ساحرٌ فلمَّا كبِر قال للمَلِكِ : إنِّي قد كبِرْتُ فابعَثْ إليَّ غُلامًا أُعلِّمْه السِّحرَ فبعَث له غُلامًا يُعلِّمُه فكان في طريقِه إذا سلَك راهبٌ فقعَد إليه وسمِع كلامَه وأعجَبه فكان إذا أتى السَّاحرَ ضرَبه وإذا رجَع مِن عندِ السَّاحرِ قعَد إلى الرَّاهبِ وسمِع كلامَه فإذا أتى أهلَه ضرَبوه فشكا ذلكَ إلى الرَّاهبِ فقال له : إذا خشِيتَ السَّاحرَ فقُلْ : حبَسني أهلي وإذا خشِيتَ أهلَكَ فقُلْ: حبَسني السَّاحرُ فبَيْنَما هو كذلك إذ أتى على دابَّةٍ عظيمةٍ قد حبَسَتِ النَّاسَ فقال : اليومَ أعلَمُ : الرَّاهبُ أفضَلُ أمِ السَّاحرُ ؟ فأخَذ حجَرًا ثمَّ قال : اللَّهمَّ إنْ كان أمرُ الرَّاهبِ أحَبَّ إليكَ مِن أمرِ السَّاحرِ فاقتُلْ هذه الدَّابَّةَ حتَّى يمضيَ النَّاسُ فرماها فقتَلها ومضى النَّاسُ فأتى الرَّاهبَ فأخبَره فقال له الرَّاهبُ : أيْ بُنَيَّ أنتَ اليومَ أفضَلُ منِّي وإنَّكَ ستُبتَلى فإنِ ابتُلِيتَ فلا تدُلَّ علَيَّ فكان الغلامُ يُبرِئُ الأَكْمَهَ والأبرصَ ويُداوي سائرَ الأدواءِ فسمِع جليسٌ للمَلِكِ – كان قد عَمِي – فأتى الغلامَ بهدايا كثيرةٍ فقال : ما ها هنا لكَ أجمَعُ إنْ أنتَ شَفَيْتَني قال : إنِّي لا أَشفِي أحَدًا إنَّما يَشفِي اللهُ فإنْ آمَنْتَ باللهِ دعَوْتُ اللهَ فشفاك فآمَن باللهِ فشفاه اللهُ فأتى المَلِكَ يمشي يجلِسُ إليه كما كان يجلِسُ فقال المَلِكُ : فلانُ ، مَن ردَّ عليكَ بصَرَكَ ؟ قال : ربِّي قال : ولكَ ربٌّ غيري ؟ قال : ربِّي وربُّكَ واحدٌ فلَمْ يزَلْ يُعذِّبُه حتَّى دلَّ على الغُلامِ فجِيءَ بالغُلامِ فقال له المَلِكُ: أيْ بُنَيَّ قد بلَغ مِن سِحرِكَ ما تُبرِئُ الأَكْمَهَ والأبرصَ وتفعَلُ وتفعَلُ ؟ قال : إنِّي لا أشفِي أحَدًا إنَّما يَشفِي اللهُ فأخَذه فلَمْ يزَلْ يُعذِّبُه حتَّى دلَّ على الرَّاهبِ فجِيء بالرَّاهبِ فقيل له : ارجِع عنْ دِينِكَ فأبى فدعا بالمِنشارِ فوضَع المِنشارَ في مَفرِقِ رأسِه فشُقَّ به حتَّى وقَع شِقَّاه ثمَّ جِيء بجليسِ المَلِكِ فقيل : ارجِعْ عن دِينِكَ فأبى فوضَع المِنشارَ في مَفرِقِ رأسِه فشقَّه به حتَّى وقَع شِقَّاه”.[4]

قصة اصحاب الاخدود والعظة والعبرة منها

تتمة حديث النبي عن أصحاب الأخدود

يكمل الصّحابي الجليل صهيب -رضي الله عنه- روايته عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أصحاب الأخدود فيقول: “ثمَّ جِيء بالغُلامِ فقيل له : ارجِعْ عنْ دِينِكَ فأبى فدفَعه إلى نفرٍ مِن أصحابِه فقال : اذهَبوا به إلى جَبلِ كذا وكذا فاصعَدوا به الجبَلَ فإذا بلَغْتُم ذِروتَه فإنْ رجَع عنْ دِينِه وإلَّا فاطرَحوه فذهَبوا به فصعِدوا به الجبلَ فقال : اللَّهمَّ اكفِنيهم بما شِئْتَ فرجَف بهم الجبَلُ فسقَطوا وجاء يمشي إلى المَلِكِ فقال له المَلِكُ : ما فعَل أصحابُكَ ؟ قال : كفانيهم اللهُ فدفَعه إلى قومٍ مِن أصحابِه فقال : اذهَبوا به فاحمِلوه في قُرقُورٍ فوسِّطوا به البحرَ فلجِّجوا به فإنْ رجَع عنْ دِينِه وإلَّا فاقذِفوه فذهَبوا به فقال : اللَّهمَّ اكفِنيهم بما شِئْتَ فانكفَأَتْ بهم السَّفينةُ وجاء يمشي إلى المَلِكِ فقال له المَلِكُ : ما فعَل أصحابُكَ ؟ قال : كفانيهم اللهُ فقال للملِكِ : وإنَّكَ لَسْتَ بقاتلي حتَّى تفعَلَ ما آمُرُكَ به قال : وما هو ؟ قال : تجمَعُ النَّاسَ في صعيدٍ واحدٍ وتصلِبُني على جِذْعٍ ثمَّ خُذْ سَهمًا مِن كِنانتِكَ ثمَّ ضَعِ السَّهمِ في كبِدِ القوسِ ثمَّ قُلْ : بسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ ثمَّ ارمِني فإنَّكَ إذا فعَلْتَ ذلكَ قتَلْتَني فجمَع النَّاسَ في صعيدٍ واحدٍ ثمَّ صلَبه على جِذْعٍ ثمَّ أخَذ سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ وضَع السَّهمَ في كبِدِ قوسِه ثمَّ قال : بسمِ اللهِ ربِّ الغلامِ ثمَّ رماه فوقَع السَّهمُ في صُدْغِه فوضَع يدَه في موضِعِ السَّهمِ فمات فقال النَّاسُ : آمنَّا برَبِّ الغُلامِ آمنَّا برَبِّ الغُلامِ ثلاثًا فأُتِي الملِكُ فقيل له : أرأَيْتَ ما كُنْتَ تحذَرُ قد واللهِ نزَل بكَ حَذَرُكَ قد آمَن النَّاسُ فأمَر بالأُخدودِ بأفواهِ السِّكَكِ فخُدَّتْ وأضرَم النِّيرانَ وقال : مَن لَمْ يرجِعْ عنْ دِينِه فأَحْمُوه ففعَلوا حتَّى جاءتِ امرأةٌ ومعها صَبيٌّ لها فتقاعَسَتْ أنْ تقَعَ فيها فقال لها الغُلامُ: يا أُمَّهْ اصبِري فإنَّكِ على الحقِّ”.[4]

اذكر قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة ففرج الله عنهم

دروس من قصة اصحاب الاخدود

إنّ قصة اصحاب الاخدود للاطفال من أعظم القصص في القرآن الكريم، والتي ستمّ استنباط عديد الفوائد والعبر والدّروس منها، ومن الدروس المستفادة منها ما يأتي:[5]

  • ضرورة وأهمية تربية الأبناء وتنشئتهم النشأة الحسنة، فبطل القصة هو غلامٌ مؤمن بالله، واجه الظلم والطغيان بإيمانه وبذل روحه في سبيل دعوته.
  • لا بدّ على المؤمن أن يتعلق قلبه بالله وحده، فالغلام من شدّة إيمانه كان يشفي المرضى، وذلك بقدرة الله وفضله، وكان يبيّن ذلك للمرضى قبل مداواتهم.
  • الثقة بقدر الله وقضائه، والتّأكد من عدم الجزع وتسليم النفس للخوف والشيطان، فالاستغناء بالله يكون كاملًا تامًّا عن أيّ شيءٍ سواه.
  • عند كلّ ملكٍ ظالمٍ فاسد تجد البطانة السيئة الفاسدة، بطانة السوء التي تحرّض الحاكم على فساده وظلمه.
  • على المسلم أن يفكر في كلّ أحواله بكيفية تبليغ الدعوة، وعليه أن يصرّ على تبليغها فهي مهمّته في هذه الحياة وهي أمانةٌ في عنقه.
  • الخسارة في الحياة لا تكون بالموت بل هي الرجوع عن عبادة الله وترك الدين، والانتصار لا يكون بسلامة البدن وصيانة المال وحفظ المركز والمنزلة، بل الانتصار يكون بالإيمان بالله والثّبات على دينه.
  • إنّ المؤمن دائمًا مبتلى، فعباد الله مبتلون حتّى يعلم الله الصادق منهم والكاذب.
  • إنّ الظلم والكفر وجهان لعملةٍ واحدة، فالظالم لا يخاف الله فيمن ظلم والكافر لا مانع لديه من ارتكاب الظلم والظلمات.

قصة مصعب بن عمير مع اخيه ابي عزيز بن عمير في غزوة بدر مختصرة

إلى هنا نختتم مقال قصة اصحاب الاخدود للاطفال، والذي تمّ فيه بيان أسلوب القصص في القرآن الكريم، ومكان ذكر قصة أصحاب الأخدود في كتاب الله، وتمّ سرد قصّة أصحاب الأخدود بالتفصيل، قبل المرور على حديث أصحاب الأخدود من السنة، وختم المقال ببيان الدروس والعبر المستفادة من قصة أصحاب الأخدود.