منوعات

لماذا يشترون اللوحات الفنية الثمينة؟.. رحلة داخل عقول الأثرياء | قل ودل

هل توقفت يومًا لتتساءل لماذا ينفق الأثرياء الكثير من الأموال على اللوحات الفنية، خاصةً وأنّه للوهلة الأولى، قد لا تكون هذه الأعمال الفنية هي الأجمل؟ إليك بعض الإجابات التي توصلنا إليها.

الرغبة المجردة في الاقتناء

في الغالب، ينتاب المرء شعورًا بالرضا الشخصي عند اقتناء الأشياء التي يريد، خاصةً وإن كانت نادرة، ويُعتقد أن مُحرّك الأثرياء لشراء اللوحات الفنية باهظة الثمن نابع من الرغبة في اختبار هذا الشعور المضاعف بالرضا.

في 2005، طلب «مارك زوكربرغ»، مالك فيسبوك، من «ديفيد تشو»، رسّام الجرافيتي، طلاء حوائط أولى مكاتب المؤسسة بلوحة من إبداعه، آنذاك، وافق «تشو»، بل وتقاضى عن عمله هذا أجرًا، عبارة عن أسهم تقدر بنحو 200 مليون دولار أمريكي. ما حدث، كان لرغبة «زوكربرغ» في اقتناء شيء ثمين، لا أكثر أو أقل.

طبقًا لمايكل نورتون، بروفيسور إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، لا يمكننا التشكيك في قدرة التجارب الجديدة، المغامرات، والتحديات على منح الإنسان الشعور بالسعادة، لكن في نفس الوقت، وحسب كتابه «علم الإنفاق السعيد»، ينفق الإنسان الكثير من الأموال من الاستحواذ المادي على الأشياء.

وهذا ما يعني بالتبعية أن الدافع هو الرغبة في الاستحواذ، وليس الطمع في الشعور بالسعادة.

أسلوب حياة

يضمن الثراء بداهةً رفاهية اقتناء الأشياء الثمينة، بالتالي قد يصبح جمع اللوحات الفنية جزءًا من نمط الأثرياء. بمعنى، أن الاقتناء في حد ذاته لم يعُد الهدف، بل أصبح بطاقة تعريف الشخص الثري لنفسه؛ كشخص متواجد دائمًا في المعارض الفنية، المزادات، ويحتك مرارًا بالشخصيات المؤثرة بأي مجتمع.

تلعب العلامات التجارية، الفنّانون، وكل من يمتلك منتجًا يُمكن بيعه على وتر «النمط المعيشي»، كي تجذب إليها هذه الشريحة من البشر، عبر استخدام استراتيجيات واضحة تستهدف طبقة اجتماعية محددة، والأهم؛ مستوى دخلٍ معين.

استثمار مُربح

أثبت الفن على مدار التاريخ أنه وسيلة استثمار رائعة تجلب عائدات خيالية، فمثلًا؛ في عام 2020، بلغت المبيعات العالمية للفنون والتحف ما يقدر بنحو 50 مليار دولار أمريكي.

تدور فكرة الاستثمار في اللوحات الفنية أو الأعمال الفنية عمومًا حول المجازفة بشراء العمل نفسه، دون النظر لقيمته المادية لحظة شرائه، لأن بعض الأعمال الفنية تكتسب قيمتها المادية مع المرور الوقت. فما قد يباع مقابل بضع مئات من الدولارات اليوم، قد يعاد بيعه مقابل مئات الآلاف في المستقبل.

لوحة «سالفاتور موندي» لـ«دافنشي» مثال جيد للقياس؛ في عام 2005 بيعت اللوحة مقابل 10 آلاف دولار أمريكي في مزاد علني في نيو أورليانز بالولايات المتحدة، وبعد عقدٍ واحدٍ فقط، أعيد بيعها لكن مقابل 450 مليون دولار في مزاد كريستيز.

احتياطي مثالي

اللوحات الفنية

يحرص المستثمرون دائمًا على ضمان تجميد الأصول التي يمتلكونها، تجنبًا لأي ظروف قد تطرأ على هذا العالم، ويلعب الفن، وخاصة اللوحات الفنية دورًا نموذجيًا كمخزون قيمي لهؤلاء الأثرياء.

في الواقع، أثبت الفن أنه قد يحمي أصحابه من الكساد والانهيارات، فمثلًا؛ خلال الحرب العالمية الثانية، وفي ظل انهيار عملات بعض الدول، حقق هواة جمع الأعمال الفنية أرباحًا مهولة، بسبب مضاعفة قيمة الأعمال الفنية مقارنةً بالعملات نفسها.

التباهي

حتى لا ندفن رؤوسنا بالرمال، يميل البشر بدرجات متفاوتة للتفاخر بما يمتلكوا، يبدو الأمر سيئًا في العموم، لكنها الحقيقة. وعلى الرغم من أن شراء سيارة فارهة أو منزل فاخر أمورًا عملية أولًا وأخيرًا، يظل اقتناء اللوحات الفنية الثمينة غير منطقي، لأنه شيء قد لا يحتاجه الإنسان، بقدر ما يريده.

على المستوى الاجتماعي، التباهي باقتناء الأشياء الثمينة قد يفتح بابًا لإنشاء صداقات مع فئات معينة من المجتمع كما ذكرنا، بل أحيانًا يكون بمثابة عامل «كسر الجليد» الذي تستطيع من خلاله بدء حوارات مع الأشخاص الغرباء، عبر الحديث عنه.

التهرُّب الضريبي

في بعض البلدان، يشتري الأثرياء اللوحات الفنية لتجنب الضرائب. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، إذا قمت ببيع لوحة ووضعت المال في البنك، يجب عليك دفع ضريبة أرباح رأس المال عليها. وهذا ما لا يريد بعض الأثرياء فعله.

مع مرور الوقت، أدرك بعض الأثرياء أن اقتناء اللوحات أو المقتنيات الفارهة، طبقا لبعض القوانين، لا يستدعي دفع الضرائب، كما هو الحال مع الأموال السائلة، أو الأصول مثل العقارات، وعليه يجمع الأثرياء هذه الأعمال الفنية من كل حدبٍ وصوب.

طبقًا للمختصين بالقانون، لا عقوبة على مرتكب هذا الفعل، لكنه بالتأكيد يؤثر سلبًا على ما يمكننا تسميته بالعدالة الاجتماعية بين المواطنين.

نهايةً، كان هذا ملخصا للأسباب التي قد تدفع الأثرياء لاقتناء اللوحات الفنية الثمينة، دون النظر لسعرها مقارنةً بقيمتها المادية الفعلية.

المصدر:
طالع الموضوع الأصلي من هنا