منوعات

لهذه الأسباب.. هاجر الأوروبيون بكثافة نحو الأرجنتين – مكساوي

ما بين القرنين التاسع عشر والعشرين، تحوّلت دولة الأرجنتين لقبلة للمهاجرين الأوروبيين الذين أقبلوا عليها من مختلف الأقطار. فإضافة لأغلبية من الوافدين الإيطاليين والإسبان، لم يتردد الكثير من السلافيين، ذوي الأصول الأوكرانية والبولندية والروسية، والفرنسيين والألمان والدنماركيين والسويديين واليهود في الهجرة نحو الأرجنتين إما لتحسين ظروفهم المعيشية أو بحثا عن ملاذ آمن ويلات الإضطهاد الذي عانوا منه في دولهم.

ومع قدومهم، ساهم هؤلاء المهاجرون الأوروبيون في ارتفاع عدد سكان الأرجنتين بشكل لافت للإنتباه كما جلبوا معهم لهذا البلد مفاهيم أوروبية جديدة، ظهرت مع ثورات القرن التاسع عشر وانتشار الثورة الصناعية، كالإشتراكية واللاسلطوية والنقابات.
مهاجرون أوروبيون
وقبل بداية الهجرة الأوروبية، افتقرت الأرجنتين للسكان حيث عانت الأخيرة من كثافة سكانية ضئيلة. فأثناء فترة الاحتلال الإسباني، فضّل المسؤولون بمدريد اعتماد سياسة شجعت على الهجرة نحو كل من البيرو والمكسيك متجاهلة بذلك الأرجنتين. وبسبب حرب الإستقلال والحروب الأهلية تراجع سكان هذه الدولة بشكل لافت للإنتباه.

صورة لمهاجرين أوروبيين حلوا بالأرجنتين

وأمام هذا الوضع، قرر المسؤولون بالأرجنتين بداية من خمسينيات القرن التاسع عشر اعتماد سياسة هجرة جديدة موجهة أساسا نحو الهجرة الأوروبية. وبدستور عام 1853، حددت الأرجنتين بندا طالب بإلغاء جميع العوائق أمام المهاجرين الأوروبيين لتسهيل قدومهم للبلاد.

مهاجرون إيطاليون بالعاصمة الأرجنتينية

مهاجرون إيطاليون بالعاصمة الأرجنتينية

إلى ذلك، تهافت المهاجرون الأوروبيون نحو الأرجنتين بالقرن التاسع عشر لأسباب عديدة. فبينما حلّت الأغلبية بحثا عن حياة أفضل، قدم عدد هام من الإيطاليين والإسبان فرارا من المشاكل السياسية والتضييق الأمني بأوروبا بسبب انتمائهم لمنظمات نقابية وعمالية ومساندتهم للجمعية الشغيلة العالمية التي غالبا ما تسمى بالأممية الأولى.

لوحة تجسد المستشار الألماني بسمارك

لوحة تجسد المستشار الألماني بسمارك

وعلى غرار العديد من الإسبان الذين هاجروا بسبعينيات القرن التاسع عشر فرارا من ويلات الحرب الكارلية الثالثة، توافدت خلال نفس الفترة نسبة هامة من المهاجرين الألمان الذين تركوا وطنهم عقب صدور قرارات المستشار الألماني أوتو فون بسمارك ضد الإشتراكيين عام 1878.

أغلبية إيطالية

خلال خمسينيات القرن الثامن عشر، باشرت مجموعات صغيرة من الإيطاليين بالتوافد على الأرجنتين. لكن ما بين عامي 1880 و1920، بلغت الهجرة الإيطالية نحو هذا البلد الواقع بجنوب القارة الأميركية أوجها وبلغت ذروتها ما بين 1900 و1914.

وما بين 1880 و1920، توافد على الأرجنتين ما يزيد عن مليوني إيطالي خلال فترة لم يتجاوز فيها عدد سكان هذا البلد 8 ملايين نسمة. وقد مثل هذا الرقم حينها 60 بالمائة من إجمالي عدد المهاجرين. وعام 1914، تواجد بالعاصمة بوينس آيرس (Buenos Aires) لوحدها 300 ألف إيطالي وهو ما يعادل أكثر من ربع سكان المدينة. إلى ذلك، كان 50 بالمائة من إجمالي الوافدين الإيطاليين قادرين على الكتابة والقراءة كما تواجدوا ضمن الطبقة النشيطة بالبلاد حيث امتهن أغلبهم الفلاحة ومارسوا الحرف والتجارة.

مع صعود الفاشيين بإيطاليا وبداية الكساد الكبير، تراجع عدد المهاجرين الإيطاليين بشكل كبير مقارنة بالماضي. لكن مع نهاية الحرب العالمية الثانية، شهدت الأرجنتين موجة هجرة إيطالية ثانية. فما بين عامي 1946 و1957، توافد ما يقارب 380 ألفا مهاجر إيطالي إضافي على الأرجنتين.