منوعات

مارست العادة ووقع الماء على أرض الغرفة

السؤال:

الملخص:

شاب ملتزم يحفظ القرآن، لكنه مبتلًى بالعادة السرية، وقد مارسها يومًا، ووقع الماء على الأرض، ثم دخل عليه أخوه، وبعدها بمدة أُصيب بالوسواس القهري، وأصبح يفكر فيما لو رأى أخوه الماء، ما سبَّب له حزنًا وضيقًا، ويسأل: ما النصيحة؟

 

تفاصيل السؤال:

السلام عليكم.

أنا شابٌّ ملتزم أحفظ كثيرًا من القرآن، يحترمني الناس، ولكني مبتلًى بالعادة السرية منذ سبع سنوات، حدث منذ مدة أنني مارست العادة ووقع الماء على الأرض في غرفتي، وبعدها بدقائق دخل أخي الغرفة، ومضت شهور على تلك الحادثة، والآن اُصبتُ بالوسواس القهري، وأنا أفكِّر: هل رأى الماء على الأرض أو لا؟ وإن رآه كيف ستكون نظرته عني؟ رغم أنني لم ألحظ أيَّ تغيير في المعاملة، لكني حزين، وأصبح الأمر وسواسًا، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فقد اتضح لي من مشكلتك الآتي:

اطمئن؛ فالذي يظهر لي أنك لست مصابًا بوسواس قهري كما ذكرت، ولكنك مصاب بوسوسة عادية؛ نتيجة صدمتك وذهولك من الدخول المفاجئ لأخيك عليك، وآثار المعصية لا زالت موجودة على الأرض.

 

الشيطان استغل هذه الحادثة، وكبَّرها في عقلك؛ ليُشتِّتَ ذهنك عن معالي الأمور؛ من صلاة، وتلاوة، وذكر، وعلم نافع.

 

واطمئن؛ فالغالب أن أخاك وأُمَّك لم يعلموا ولم يَرَوا شيئًا، وقد ستر الله عليك، فلماذا تُمرض نفسك بخواطرَ لا حقيقة لها؟ وما هي إلا وسوسة من الشيطان، وإذا علمت بما سبق، فما الحل؟

 

أقول مستعينًا بالله سبحانه: الحل بمشيئة الله في الآتي:

أولًا: الإكثار من الدعاء بصرف الخواطر المُحزنة عن قلبك.

 

ثانيًا: إشغال فراغك بما ينفعك من صلاة وتلاوة، وذكْرٍ وعلم نافع، ومذاكرة لدروسك، ومجالسة للصالحين، وغيرها.

 

ثالثًا: ابتعد كليًّا عن كل ما يُهيِّج الشهوة الجنسية من مقاطعَ وصورٍ وجلساء، وغيرها.

 

رابعًا: كلما سوَّلت لك نفسُك فِعْلَ العادة السرية، تذكَّر أنك تفعل عملًا محرمًا، وتذكر رقابة الله عليك؛ مثل قوله سبحانه: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]، وتذكر آثاره الصحية السيئة مستقبلًا؛ لعل ذلك يردعك عنها.

 

خامسًا: كلما فعلتها، بادر إلى التوبة والاستغفار، ولا تيأس من رحمة الله أبدًا؛ فجاهد نفسك على تركها، وإذا غلبتك نفسك وشيطانك، ووقعت فيها، فبادر إلى التوبة، مهما تكرر ذلك، وتذكر أن الله سبحانه أقسم بالنفس اللوامة، وقَرَنَ القسم بها مع القسم بيوم القيامة؛ لِعِظَمِ شأنها عنده سبحانه، مع أنها نفس مؤمن يعصي، ولكنه يتندم جدًّا ويلوم نفسه؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 1، 2]، وتذكر أن الله سبحانه نادى عباده المذنبين المسرفين بالنداء المُحبب (يا عبادي)؛ قال: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، ولاحظ أن الله سبحانه ختم الآية باسمين عظيمين من أسماء الله الحسنى؛ وهما: الغفور والرحيم؛ لكيلا ييأس العصاة من رحمة الله ومغفرته سبحانه؛ وتأمل كثيرًا في الأحاديث الآتية لتعلم سعة رحمة الله، ولا تقنط من رحمته أبدًا:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى قال: ((أذنب عبدٌ ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلِمَ أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أيْ ربِّ، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أيْ ربِّ، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلِم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي، فليفعل ما شاء))؛ [متفق عليه].

 

وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو لم تُذنِبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله تعالى، فيغفر لهم))؛ [رواه مسلم].

 

وعن أبي أيوب خالد بن زيد رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لولا أنكم تذنبون، لخَلقَ الله خلقًا يذنبون، فيستغفرون، فيغفر لهم))؛ [رواه مسلم].

 

سادسًا: الخلاصة: عليك بكثرة الدعاء بصرفك عن العادة السرية، وعليك بكثرة التوبة، وعليك بالابتعاد نهائيًّا عن كل ما يُثير شهوتك الجنسية، واشغل فراغك بما ينفعك، واعمل على تقوية الإيمان في قلبك، ومراقبة الله سبحانه وتعظيم حرماته.

 

وأُكرر: اطمئن لستَ مصابًا بوسواس قهري، بل شعورك بذلك هو عين الوسواس والتخويف، وعين الإحباط واليأس.

 

سابعًا: أعجبني كلام قاله الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أحببت نقله لك؛ لتستفيد منه؛ حيث قال: “لاتتردد في الرجوع إلى الله، وإن كثُرت معاصيك؛ فالذي سترك وأنت تحت سقف المعصية لن يخذلك وأنت تحت جناح التوبة”.

 

حفظك الله، وشفاك، وغفر الله لك، وثبَّتك، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.