غير مصنف

ما هي المسافة المُثلى التي يجب أن تفصلنا عن شاشة الكمبيوتر؟

يُمضي ملايين الأفراد حول العالم في الوقت الحالي بضع ساعات يوميًّا جالسين أمام شاشات الكمبيوتر سواء الممكساويّة أو المحمولة أو اللوحيّة أو حتى الهواتف الذكيّة يُطالعون المراجع والموادّ الدراسيّة أو مواقع الويب، أو يقومون بإنجاز أعمالهم التي صارت تعتمد بشكل كبير على استخدام هذه الأجهزة في مختلف الشركات والمؤسّسات والجامعات، أو حتّى يُمارسون بعض الأنشطة الترفيهيّة ويستخدمون ألعاب الفيديو.

في المقابل، يُعاني الكثيرون على أثر ساعات الاستخدام الطويلة هذه من متاعب جسديّة عديدة خاصّة آلام الظهر والرقبة بالإضافة إلى آلم العين، والتي قد تُصاب بالإجهاد والجفاف عند إطالة الجلوس على مسافة قريبة للغاية أو بعيدة أكثر من اللازم عن شاشة الكمبيوتر. وفيما يلي سوف نُناقش التأثير الجسديّ السلبيّ للجلوس أمام شاشات أجهزة الكمبيوتر واللابتوب على نحو غير مريح، وما هي المسافة المُثلى التي ينبغي أن تفصلنا على شاشة الكمبيوتر أثناء الاستخدام لكي نحافظ على سلامة وراحة أعيننا.

  لماذا يجب أن نجلس على مسافة مُناسبة من الشاشة ؟

يظنّ الكثيرون أنّ خطر الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر لوقت طويل يكمن فقط في الجلوس على مسافة قريبة للغاية من شاشة الجهاز، وأنّه كلّما ابتعدت عيوننا مسافة أكبر عن شاشة الكمبيوتر كُلّما حافظنا على سلامة أعيننا، ولكن في حقيقة الأمر ليس هذا صحيحًا بالضبط، فسواء اقترب المُستخدم بعينيه من شاشة الكمبيوتر أكثر من اللازم أو ابتعد عنها أكثر من اللازم، فكلاهما قد يُضرّ بسلامة العينين.

في حالة الجلوس على مسافة بعيدة للغاية من شاشة الكمبيوتر، فإنّنا سوف نرى الأشياء صغيرة للغاية ولن نتمكّن من رؤية التفاصيل بوضوح، فإذا حاولنا على سبيل المثال قراءة نصّ مكتوب سوف تُعاني عيوننا من الإجهاد نتيجةً لذلك. أما في حالة الجلوس على مسافة قريبة للغاية من الشاشة فسوف يؤذي سطوع الشاشة وحدّة تفاصيلها التي ستُصبح كبيرة للغاية ومتضخّمة عيوننا ممّا يتسبّب في إجهادها أيضًا.

  مخاطر إجهاد العينين

يُعتبر احمرار العينين وجفافهما، والشعور بالصداع وضبابيّة الرؤية وألم العينين، وغيرها من التغيّرات التي تطرأ على عينيّ المُستخدم عند إطالة الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر أو اللابتوب بوضعيّة غير صحيحة علامات رئيسيّة تُشير إلى أنّ عينيّ المُستخدم قد أُجهدتا وصارتا بحاجة إلى بعض الراحة. قد يؤدّي إجهاد العين كذلك إلى بقاء العينين مفتوحتين لفترات طويلة دون أن ترمشا، وهو ما يُسمّى بالتحديق.

تُساعد رفّة العين أو الرُمش أو حركة الجفن على فترات لغلق العين وفتحها لا إراديًّا على ترطيب العين باستخدام الدموع والمُخاط وسوائل العين، والتخلّص من الأجسام الدخيلة بطردها للخارج ممّا يحمي مُقلة العين من الجفاف.

ويُشكّل تعرّض العين للجفاف نتيجة نقص عمليّة الترطيب هذه خطورة على سلامة قرنيّة العين، وهي الطبقة الخارجيّة التي تحمي العين، ومن ثمّ قد يتسبّب الجفاف في خدشها، وحيث أنّ هذه الطبقة تحتوي على الكثير من النهايات العصبيّة فسيكون ذلك مؤلمًا للغاية. فإذا ظهرت هذه الأعراض ينبغي على المُستخدم التوقّف على الفور عن مُطالعة شاشة الكمبيوتر، ونيل قسط من الراحة بالاستلقاء على الظهر وغلق العينين لإراحتهما لبعض الوقت، أو الخروج إلى مكان مفتوح لاستنشاق بعض الهواء النقيّ.

  ما هي أفضل مسافة للجلوس بعيدًا عن شاشة الكمبيوتر ؟

من العسير الإجابة على هذا السؤال إذ لا يُمكن تحديد المسافة المُناسبة التي ينبغي أن تفصل المُستخدم عن شاشة جهازه الممكساويّ أو المحمول أو اللوحيّ على وجه الدقّة، حيث تعتمد هذه المسافة على عدّة عوامل مثل قوّة الإبصار والتي تختلف من مُستخدم لآخر بطبيعة الحال، ونوع وحجم شاشة الجهاز والذي يُقاس بوحدة البوصة، ودقّة وجودة عرض الشاشة والتي تُقاس بوحدة البكسل، وكذلك نوع النشاط الذي يُمارسه المُستخدم وقت استخدامه للجهاز، فليس مشاهدة فيلم أو تصفّح مواقع الويب على سبيل المثال يتطلّب الاقتراب من الشاشة بنفس القدر مثل كتابة نصّ، أو تشغيل لعبة فيديو.

ولكن لنفترض أنّ لدينا شاشة تقليديّة قياسيّة يبلغ عرضها بالنسبة إلى ارتفاعها 16:9، وليست شاشة فائقة الدقّة مثل شاشات “الجيمنج” التي يصل حجمها إلى 32 بوصة، ولنفترض أيضًا أنّ لدينا مُستخدم قياسيّ يتمتّع بحدّة إبصار مثاليّة أي 6/6، الآن يُمكننا إيجاد إجابة قياسيّة أيضًا لهذا السؤال أي أنّها لا تنطبق على جميع مُستخدمي الحواسب الممكساويّة والمحمولة، ولكن تنطبق على البعض فقط.

أوّلّا: في حالة أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة

أثناء الجلوس لمزاولة الأنشطة والاستخدامات المُختلفة أمام شاشات أجهزة الكمبيوترالممكساويّة؛ يُفضّل أن تظلّ عينا المُستخدم على مسافة من شاشة الكمبيوتر تساوي تقريبًا طول الذراع، أي ما يتراوح بين 50-70 سنتيمتر، حتّى في حالة استخدام أكثر من جهاز أو شاشة في نس الوقت، فيجب أن يُحافظ المُستخدم على نفس المسافة بين عينيه وبين كُل جهاز مع الحرص على أن تكون جميع الأجهزة موضوعة في مُستوى أفقيّ واحد قدر الإمكان لكي لا يضطرّ المُستخدم إلى رفع وخفض عينيه باستمرار أثناء التنقّل ببصره من شاشة أو عارضة إلى أخرى.

وإذا لم تكُن جميع هذه الشاشات أو العوارض ذات ارتفاعات متساويّة، فمن الأفضل أن يضع المُستخدم الشاشات الأقلّ ارتفاعًا فوق أسطح مستوية من الورق أو الورق المقوّى لرفعها ومحاذاتها بالشاشات الأكثر ارتفاعًا، كما يُمكن وضعها فوق حوامل خاصّة، والتي يُمكن أن توفّر مزايا إضافيّة أخرى إلى جانب التحكّم في الارتفاع.

عند استخدام جهازين في نفس الوقت، يُفضّل أن يجلس المُستخدم في المنتصف بين شاشتي كلا الجهازين بالضبط بحيث يكون على بُعد يتراوح ما بين 50-70 سنتيمتر من كلّ منهما لكي لا يضطرّ إلى تحريك عنقه لمسافات كبيرة باستمرار. سيسمح له هذا الوضع بالالتفات المُتكرّر بزوايا جانبية بسيطة تُحافظ على سلامة رقبته. أما في حالة استخدام ثلاث أجهزة في نفس الوقت فيُفضّل أن يجلس المُستخدم على بُعد 50-70 سنتيمتر أيضًا من كُلّ واحدة من الشاشات الثلاث على حدى بحيث يكون مواجهًا لإحداها مُباشرة ويتوسّط الشاشتين أو العارضتين الأخريين بالضبط لكي يسهل مُطالعة جميع الشاشات بشكل سلس دون إحداث ألم لعظام الرقبة.

ثمّة حلّ آخر في حالة استخدام أكثر من شاشة كمبيوتر أو عارضة في نفس الوقت، وهو الجلوس على مقعد قابل للتحريك أو الدوران حول محور ثابت بحيث يتحرّك المُستخدم بجسمه كُلّه ليواجه الشاشة المطلوبة عند الحاجة بدلًا من الالتفات المُتكرّر بتحريك العُنق.

يُنصح أيضًا بتجنّب التحديق في شاشة الكمبيوتر، فإذا وجدت عينيك تُحدّقان في شاشة الجهاز، ولا ترمشان بما فيه الكفاية، فحاول تحريك الجفن العلويّ لغلق وفتح عينيك على فترات متقاربة لترطيبهما وحمايتهما من الجفاف. احرص كذلك على إبقاء شاشة الكمبيوتر موضوعة في مستوى مُنخفض قليلًا وليس في مستوى العينين بالضبط ممّا يزيد من مجال الرؤية ويُريح العين ويقلّل الشعور بالحاجة إلى التحديق وفتح العينين على اتّساعهما.

ولكن راعي ألّا تُصبح الشاشة في مستوى مُنخفض للغاية يُجبرك على الانحناء للأمام لكي تستطيع القراءة والرؤية فقد يتسبّب لك ذلك في حدوث آلام بالرقبة، بل يجب أن يكون مستوى السطر الأول من النصّ المعروض على الشاشة في نفس مستوى عينيك تقريبًا.

ثانيًا: في حالة اللابتوب

يختلف الوضع بالنسبة لأجهزة الكمبيوتر المحمولة أو اللابتوب عن الوضع السابق، ففي حالة اللابتوب تكون لوحة المفاتيح مُتّصلة بشاشة الجهاز بحيث يضطرّ المُستخدم أن يبقى على مسافة قريبة من شاشة الجهاز لكي يتمكّن من استخدام لوحة المفاتيح ومؤشّر الجهاز اللمسيّ، ولا يسمح هذا الوضع بالتزام المسافة السابقة، ولكن ثمّة حلّ بديل لكي يستطيع المُستخدم الجلوس على بُعد 50-70 سنتيمتر من الشاشة.

ويتمثّل هذا الحلّ البديل في توصيل لوحة مفاتيح خارجيّة وماوس خارجيّ بجهاز اللابتوب باستخدام كابلات يو إس بي USB والتحكّم في الجهاز من على بُعد مُناسب وهو مسافة الذراع كما سبق مع الاحتفاظ بمسافة آمنة تحمي سلامة عيني المُستخدم دون الحاجة للاقتراب من شاشة الجهاز أكثر من اللازم.

 المُلخّص | يصعب تحديد المسافة المُثلى التي ينبغي أن تفصل المُستخدم عن شاشة جهازه الممكساويّ أو المحمول أو اللوحيّ على وجه الدقّة، حيث تعتمد هذه المسافة على عدّة عوامل مثل قوّة الإبصار والتي تختلف من مُستخدم لآخر، ونوع وحجم شاشة الجهاز بالبوصة، ودقّة وجودة عرض الشاشة بالبكسل، وكذلك نوع النشاط الذي يُمارسه المُستخدم وقت استخدامه للجهاز.

ولكن ان افترضنا شاشة كمبيوتر ممكساويّ قياسيّة تقليديّة يتناسب ارتفاعها إلى عرضها بنسبة 16:9، وليست فائقة الدقّة، وافترضنا مُستخدمًا قياسيًّا تبلغ حدّة إبصاره درجة مثاليّة 6/6، فبإمكاننا في هذه الحالة أن نفترض أنّ المسافة المثاليّة التي يجب أن يبعدها المُستخدم عن الشاشة لكي يُحافظ على سلامة وراحة عينيه هي مسافة الذراع أي ما يتراوح بين 50-70 سنتيمتر، ولا ينطبق هذا بطبيعة الحال على أجهزة الكمبيوتر المحمولة التي لا تكون لوحة المفاتيح فيها مُنفصلة عن شاشة الجهاز.

لذا يُراعى في حالة الحرص على التزام المسافة الآمنة السالف ذكرها توصيل الجهاز بلوحة مفاتيح خارجيّة وماوس خارجيّ من خلال كابلات يو إس بي USB لكي يستطيع المُستخدم التحكّم في الجهاز مع الاحتفاظ بالمسافة الآمنة والمريحة بين عينيّ المُستخدم وشاشة الجهاز.