غير مصنف

ما هي شريحة SoC وما هو الفرق بينها وبين المعالج CPU ؟

في حين أنك تستطيع ترقية أو استبدال أي جزء تقريباً في الكمبيوتر الذي يعمل بنظام ويندوز أو لينكس، سواء المعالج أو كارت الشاشة وحتى الرامات، إلا أنك لن تستطيع حتى استبدال أو ترقية جزء بسيط كالرام لو كان الكمبيوتر هو MacBook أو iMac حديث يعتمد على شريحة M1 أو M2 والسبب في ذلك لا يعود إلى عيبٍ تقني أبداً وإنما تطور التقنية المستخدمة في تلك الأجهزة! إذ أن آبل اعتمدت في أجهزتها الحديثة على شريحة من صنعها، كذلك حال جوجل وشريحتها Tensor. وبشكل عام معظم الشركات حاليًا بدأت تتجه إلى تصنيع رقاقات المعالجة بنفسها للحواسيب والأجهزة التي تنتجها وذلك بفضل تقنية SoC.

ربما سمعت أو قرأت من قبل عن SOC – اختصاراً لـ System On a Chip أو النظام على الشريحة – ولكن السؤال هنا ماهي تلك التقنية ؟ وما علاقتها بالمعالج وغيرها من المكونات ؟ بل كيف تطورت! وهل من الممكن استخدامها على أجهزة الديسكتوب الشخصية ؟ أسئلة كثيرة يسرني أن أجيبك عليها فيما يلي.

شريحة SoC | الكل في واحد!

لا بد أنك واستخدمت برامج ضغط الملفات مثل 7Zip أو WinRAR ولو لمرة واحدة لجمع أكثر من ملف ووضعهم ضمن مجلدٍ مضغوطٍ واحد أصغر بالحجم ويحافظ على كافة المعلومات دون المساس بالأداء أو الدقة. تستطيع القول ان شركات التقنية استخدمت نفس المبدأ ولكن على المكونات الرئيسية للكمبيوتر! ليس الضغط وحسب بل دمجهم أيضًا ضمن شريحة واحدة متكاملة وهي ما يطلق عليها اسم SoC.

يتم وضع كل من المعالج المركزي CPU ومعالج الرسوميات GPU والذاكرة العشوائية RAM وحتى المودم الخاص باستقبال إشارة الواي فاي والبلوتوث، جنبًا إلى جنب بعض المعالجات الطرفية مثل معالج الذكاء الصناعي وغيرها من المكونات الأساسية ضمن شريحة صغيرة واحدة متكاملة. أي ان شريحة SoC هي نفسها المعالج ولكن مع باقي الأجزاء الأساسية الأخرى.

هذا على عكس ما هو متعارف عليه في أجهزة الكمبيوتر العادية حيث يكون كل جزء مستقل بذاته وله مكانه الخاص على لوحة الام مثل فتحة المعالج المركزي CPU Socket ومدخل PCIe لكارت الشاشة ومدخل DIMM للرامات، وغيرها، والتي تحتاج لمساحة وطاقة كبيرة ناهيك عن نظام تبريد مستقل لكل جزء تقريبًا.

ستقول حسناً ولكن ماذا عن الأداء ؟ حقيقةً ستتفاجأ بأن الأداء عالٍ جداً مقابل حجم صغير واستهلاك طاقة أقل بكثير خصوصاً مع الشرائح الجديدة المبنية على نفس النظام SoC والتي عرضتها علينا شركة آبل في السنوات الأخيرة مثل سلسلة M1 والتي تحدثنا عنها في الكثير من المقالات أو الجيل الثاني منها M2 والتي سيذهلك أدائها بشكل عام، عداك عن ذلك فإن تقنية SOC هي صاحبة الفضل بكون هواتفنا أذكى، أرق، وأخف وزناً وهي التي ستجعل حتى من الكمبيوترات أقوى، أصغر حجمًا وأقل تكلفة في المستقبل القريب. طبعا هذا التطور لم يأتي عن عبث بل يعود لسنين طويلة..

العالم الرقمي قبل SoC أو النظام على الشريحة

من المؤكد أنك لن تستغرب حجم الحواسيب الضخم في بداية عهدها والذي كان يقارب حجم غرفة أو غرفتين من غرف بيوتنا الحالية، وكما نعلم فأنها أمست أصغر بمرو الوقت، لاسيما بعد اختراع الدائرة المتكاملة أو IC في خمسينيات القرن الماضي والتي ساهمت بجمع الآلاف من المكونات الإلكترونية الدقيقة جدًا، مثل الترانزستورات والمقاومات والمكثفات التي تربط معا لتكون دوائر إلكترونية متكاملة ضمن قطعة واحدة من السيليكون، الأمر الذي أدى إلى استبدال المكونات الضخمة بأخرى أصغر حجماً نسبياً، حتى مطلع سبعينيات القرن الماضي عندما كشفت شركة إنتل الستار عن أول معالج CPU برقاقة واحدة “Intel 4004” الذي يجمع عناصر المعالجة المركزية في دائرة متكاملة واحدة والذي كان قفزة نوعية بمجال التكنولوجيا في ذلك الوقت.
بعد ذلك وتحديداً عام 1974 قامت شركة Texas Instruments بإصدار أول متحكم دقيق Microcontroller أو “شريحة سيليكون قابلة للبرمجة” والتي كانت بمثابة كمبيوتر مصغر! فهي مكونة من معالجات دقيقة إضافة لذاكرة RAM مع أجهزة إدخال وإخراج مدمجة مع المعالج المركزي ضمن شريحة واحدة، عوضاً عن التقنية القديمة والتي كانت تستلزم وجود IC خاص بكل مكون على حدى سواء المعالج والرام وحتى وحدة التحكم وغيرها.

هذا الاختراع ساعد في ظهور الحاسبات الصغيرة وأجهزة الألعاب الرقمية، وغيرها من الأجهزة التي تحتاج عمليات معالجة بسيطة. لكن ومع ذلك، لم تستخدم الـ Microcontroller في أجهزة الكمبيوتر، وذلك لمحدودية امكانياتها مقارنة بالمعالج المركزي وذواكر الوصول العشوائية المنفصلة وحتى معالج الرسومات والتي مازالت تقدم أداء مناسب. 

ظل الحال هكذا حتى بعد ظهور الهواتف التقليدية حيث كان المعالج والرام وغيرها من المكونات تعمل بشكل منفصل على نفس اللوحة الام، إلى ان ظهرت الهواتف الذكية وغيرت كل شيء! فبدلًا من الاعتماد على شرائح Microcontroller أو حتى Microprocessors ظهر اختراع SoC الذي يعتمد نفس مبدأ المتحكمات الدقيقة لكن مع تطوير القدرة الاستيعابية للشريحة لتضمين مكونات أخرى. لذلك صارت الهواتف الذكية مثل كمبيوتر محمول بالجيب، فقط بفضل هذا الاختراع الذي جمع كل المكونات الأساسية وعلى رأسها المعالج ضمن شريحة سيليكون واحدة حجمها أصغر من عملة معدنية.

أهم استخدامات النظام على الشريحة

بالتأكيد العبرة وراء هذا الاختراع هو وضع أكبر كم ممكن من المكونات التي يحتاجها الكمبيوتر للعمل داخل قطعة واحدة وذلك لتحقيق عدة أهداف مثل تقليل استهلاك الطاقة وتقليل تكلفة التصنيع وتحسين مستوى الأداء وتقليل الحجم الفعلي للجهاز ككل. كل ذلك يساعد بشكل كبير في تصميم هواتف ذكية وأجهزة لوحية وأجهزة لابتوب أكثر قوة من أي وقت مضى مع عمر بطارية أكبر وشكل انسيابي وانيق.

لذلك لا يخلو هاتف ذكي من تقنية النظام على الشريحة والتي تقدمها رقائق مثل سناب دراجون أو وحتى ميدياتك وسامسونج اكسينو، وكيرين من هواوي ناهيك عن الشرائح التي تستخدمها آبل في منتجاتها على مدار الـ 14 عامًا الماضية بداية من شرائح SoC المبنية على معمارية ARM والمصنعة من شركات أخرى، ثم في 2010 قدمت آبل أول شريحة SoC من صنعها وهي A4 لتعمل بها أجهزة آيفون وآيباد.

ظلت شرائح SoC منتشرة بين الاجهزة اللوحية والهواتف الذكية، حتى عام 2020 عندما ظهرت شريحة Apple M1 لتكون أول SoC يمكن استخدامها في أجهزة الكمبيوتر سواء الممكساوية أو المحمولة مثل ماك بوك و آي ماك. وبغض النظر عمّ سبق فمن المتوقع أن تغزو تقنية شرائح SoC عالمنا المستقبلي بكل تطبيقاته.

هل سنرى تقنية SoC في مزيد من أجهزة الكمبيوتر المستقبلية ؟

مع أن الـ SoC تقنية رائعة إلا أن استخداماتها الحالية محصورة بالهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة آبل بما فيها أجهزة الكمبيوتر الممكساوية iMac إلى جانب أجهزة الكمبيوتر المصغرة مثل Raspberry Pi نظرًا لأنها توفر استهلاك الطاقة وتمنح أداء اعلى وحجم صغير، ومع ذلك فربما لن نراها على أجهزة الكمبيوتر الممكساوية العاملة بنظام ويندوز والتي تحتاج لتبريد نوعي في الوقت الحالي عداك عن ذلك فإن تقنية الـ SoC لن تمنحك القدرة على ترقية المكونات مثل المعالج أو كارت الشاشة وحتى ذواكر الرام، ولكن وبالرغم من كل ما سبق فنحن لا نعلم ما لذي يخبئه المستقبل لنا، وربما سنرى كمبيوترات فائقة تستخدم الـSoC أو النظام على الشريحة في المستقبل القريب.