غير مصنف

من هم الغجر وما أصلهم

من هم الغجر وما أصلهم الذي تفرعوا عنه وانطلقوا منه لينتشروا في الكثير من البلدان حول العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط والبلاد العربية بشكل خاص هو أمر اختلف في أمره كثيرًا وتوارد في شأنه الكثير من الأقاويل، لذلك يهتم موقع المرجع بتوضيح أهم الحقائق حول مجموعات الغجر وحياتهم ومواطنهم وأهم ما يميزهم عن غيرهم من الشعوب والعرقيات حيث أن المعلومات عن الغجر وأصولهم وحياتهم يشبونها بعض الغموض في كثير من الأحيان نتيجة لعدم اندماجهم مع غيرهم من شعوب البلدان الذين عاشوا فيها.

 من هم الغجر

الغجر هم قبائل تنتشر في كثير من بلاد الشرق الأوسط بل وبعض الدول الأوروبية أيضَا على الرغم من عدم انتماء أصولهم لهذه البلدان، ويُطلق عليهم اسم شعب الروما نسبةً إلى الرومن وهم الغجر المقيمين في أوروبا، كما يُطلق عليهم اسم النور والدومر والكاولية وهم المقيمون في الشرق الأوسط، وقد اختلفت الأبحاث والآراء حول أصول أجدادهم الأوائل ووردت أبحاث كثيرة في هذا الشأن سنتناولها فيما بعد عند الحديث عن أصولهم، وتتميز قبائل الغجر بالحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم الأصلية على الرغم من اختلاف أماكن تواجدهم حول العالم وذلك نظرًا لعدم اندماجهم مع أهل البلدان الذين يعيشون فيها وحفاظهم على العيش في مجتمعات مغلقة مقتصرة عليهم، وتشتهر هذه القبائل بالغناء والموسيقى واشتغال نسائها في الغناء والرقص وارتداء الألوان الزاهية، وغالبًا ما يعتمد مصدر دخل هذه القبائل على تجارة وبيع الحمير أو على التسول أو على الرقص وقراءة البخت وبعض الحرف الخفيفة.

الرحبي وش يرجع أصل  عائلة الرحبي من أي قبيلة 

أصل الغجر

اختلفت الآراء حول أصل الغجر فيعتقد البعض أن أصولهم ترجع إلى رومانيا أو المجر، ولكن أثبتت بعض الدراسات والأبحاث أن أصول الغجر ترجع إلى بلاد الهند وتحديدًا من منطقة البنجاب عند حوض السند، وقد هاجر الغجر هجرتهم الأولى في نهاية القرن الرابع الميلادي إلى بلاد فارس (إيران حاليًا) وبالتحديد إلى شمال غرب إيران ثم امتدوا إلى أرمينيا وبقية دول شبه جزيرة البلقان، ثم استطاعوا بعد ذلك الدخول إلى بعض البلدان العربية المجاورة لإيران مثل العراق في أول الأمر ثم إلى فلسطين ومصر وغيرهم من البلاد، وقد لقبهم أهل البلدان الذي دخلوها باسم زنوج الهند نظرًا لبشرتهم المائلة للبشرة السوداء.[1]

استطاع بعض الغجر الاندماج والعيش وسط شعوب هذه البلدان التي هاجروا إليها، ولكن السواد الأعظم منهم رفض هذا الاندماج وآثر العيش في مجتمع مغلق يخصهم وحدهم يمارسون به عاداتهم وتقاليدهم الأصلية، ولم يشهد التاريخ أن هؤلاء الغجر ساهموا في نهضة أي من البلدان التي عاشوا بها بل إنهم كانوا سببًا في بعض الاضطرابات والأزمات داخل هذه البلدان نتيجة لرفضهم الاندماج مع أهلها ونتيجة لاختلاف بعض من عاداتهم مع عادات شعوب هذه البلدان.

ملامح حياة الغجر

احتفظت قبائل الغجر بنفس ملامح حياتهم القديمة حتى بعد هجرتهم إلى بلدان أخرى فما زالوا محافظين على سمات قبائلهم وعاداتهم ومعتقداتها وكل ما يخص طبيعة حياتهم سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الشخصية وكل ما يختص بثقافتهم القديمة التي استطاعت بجدارة لفت انتباه الشعوب وتساؤلهم عن كل ما يخص أحوالهم، ويمكن دراسة هذه الجوانب الحياتية بشكل تفصيلي في الفقرات التالية.[2]

الحياة الاجتماعية

الحياة الاجتماعية للغجر فريدة من نوعها حيث تمثل فيها النساء العائل الأول والأساسي للأسرة ومصدر الدخل الرئيسي وذلك لقدرتها على الاشتغال بالرقص والغناء وقراءة البخت بينما يمثل الرجل مصدر دخل داعم أو إضافي للأسرة إذا كان يشتغل بالتجارة أو بأي حرفة بسيطة، أما بالنسبة للتعليم فإن أطفال الغجر يذهبون إلى المدارس حتى عمر العاشرة أو الحادية عشر من عمرهم فقط ثم ينقطعون عن المدرسة ويتم تعليمهم العادات والثقافات الغجرية في المنزل، ولا يسمح الغجر لغير الغجريين بالاقتراب من أطفالهم أو رعايتهم ويمنعون أطفالهم من تعلم اللغات الأجنبية أو مخالطة غير الغجريين، وذلك ليتمكنوا من تنشئتهم على العادات الغجرية.

ويحرص الغجر على تزويج أبنائهم من داخل القبيلة أيضًا حتى يحافظوا على الدم الغجري الخالص، فيقوم الأب بترتيب زواجات أبنائه من الأكبر للأصغر ويقوم بتزويج كل منهم في دوره عند أواخر سن المراهقة، ويعيش الزوج والزوجة الصغار في منزل والد الزوج ويجتمعون كلهم في المناسبات العائلية أو العرقية ويقومون بالرقص وعزف الموسيقى الغجرية وإقامة المراسم الخاصة بثقافتهم، وبذلك استطاعت القبائل الغجرية حول العالم المحافظة على سمتها وثقافتها.

الدويش وش يرجعون أصل عائلة الدويش من أي قبيلة

الحياة الاقتصادية

تتناسب الحياة الاقتصادية للغجر مع ترحالهم وتنقلهم الدائم فيشتغلون في الأعمال التي لا تتطلب الاستقرار أو الخبرات الكبيرة وتوارثوا الخبرة في صيد الحيوانات للتغذي عليها أو بيعها، فيعملون في تجارة الحمير وتدريت الخيل والاشتغال ببعض الحرف اليدوية الخشبية والمعدنية، كما تناقلوا خبرتهم في طب الأعشاب والتي اكتسبوها نتيجة لترحالهم وعيشهم في أطراف المدن، كما يشتهر الغجر بالعمل بالرقص والغناء والموسيقى ويرجع الفضل إليهم في ابتكار رقصة الفلامنكو في إسبانيا، كما تعمل الكثير من النساء الغجريات في قراءة الطالع والبخت وما إلى ذلك، وقد اشتهر بعض قبائل العرب القدامى في أوروبا ببعض أعمال السرقة والاحتيال مما عرضهم للاضطهاد في كثير من الأماكن والدول.

وتتأثر طبيعة عمل كل مجموعة غجرية عن غيرها وفقًا لتغير أصلهم أو مقر عيشهم القديم لذلك لمعرفة طبيعة العمل الخاصة بكل جماعة غجرية يجب أولًا معرفة أصول المجموعة التي تعيش في هذه المنطقة وما أصول هذه الجماعة تحديدًا، وفي العصر الحالي استطاع بعض الغجريين مواكبة العصر الحديث واشتغلوا بتجارة السيارات أو صياناتها بدلًا من الاشتغال في تجارة الحمير وتدريب الخيل.

الديانة

اختلفت ديانات الغجر بحسب موقع إقامتهم حيث تبع الغجر المقيمين في غرب أوروبا الرومانية الكاثوليكية بينما الغجر المقيمين في صربيا والجبل الأسود فهم من الطائفة الكاثوليكية، كما تحولت بعض مجموعات الغجر إلى الديانة الإسلامية كما هو الحال مع الغجر المقيمين في البوسنة والهرسك وذلك على الرغم من الاعتقاد القديم بأن أجداد الغجر كانوا من محاربي الإسلام في الهند، وعلى الرغم من اختلاف ديانات الجماعة الغجرية حاليًا إلا أنهم ما زالوا محافظين على بعض معتقداتهم وممارستهم الدينية القديمة التي كانوا عليهم قبل هجرتهم الأولى.

اللغة

ظهرت بعض المنشورات المكتوبة باللغة الأصلية للغجر في الأيام الأولى من عهد الاتحاد السوفيتي، ولكن هذه اللغة الأصلية تغيرت واختلفت مع مرور الزمن نتيجة الترحال الدائم والاختلاط بالشعوب الأخرى فدخل في لغتهم بعضًا من الكلمات الصربية والرومانية وغيرها، وظهر مؤخرًا اتجاه لتدوين لغة الغجر.

الموسيقى

توارث الغجر موسيقاهم شفهيًا عبر الأجيال وغالبًا ما تكون أغانيهم ارتجالية ذات طابع حزين بعض الشيء فلا نستطيع الحديث عن تساؤل حياتهم دون أن نذكر براعتهم في الموسيقى، وقد اشتهروا في العالم أجمع برقصهم في المتنزهات العامة والمناسبات واشتهروا بخبرتهم في ألعاب السيرك أيضًا، واستطاع الغجريون الاحتفاظ بإرث فني كبير مستوحى من موسيقى الشعوب الذين عاشوا بجوارهم ولكنها موسيقى تحمل طابعهم الخاص والمميز فعلى سبيل المثال استطاعوا الانتهال من الموسيقى البدوية ثم تطويرها وساهموا بذلك في الحفاظ عليها، كما أنه يرجع الفضل إلى المجموعات البدوية في أوروبا في إبداع رقصة الفلامنكو المشهورة في أسبانيا وحققت انتشار واسع في العالم أجمع.

من هي اله الرقص

الغجر في الشرق الأوسط

تنقسم قبائل الغجر في العالم إلى مجموعات ويُطلق على كل مجموعة منهم اسم خاص بها ففي حين يُطلق على غجر أوروبا اسم الرّوما فإنه يُطلق على الغجر مجموعة الغجر الكبيرة التي تعيش في الشرق الأوسط اسم الدومر، ويُقدر عدد الدومر الذين يعيشون في الشرق الأوسط ككل بحوالي 2,563,000 نسمة، وتنقسم هذه المجموعات الكبيرة إلى مجموعات أصغر منها وتتوزع في بلدان مختلفة فيعيش بعض هذه المجموعات في فلسطين وبعضها في العراق وبعضها في مصر والبعض الآخر في ليبيا، كما يعيشون أيضًا في كل من تونس والجزائر والمغرب وسوريا ولبنان والأردن وإيران وباكستان وأوزباكستان، وتشتهر من هذه المجموعات الأسماء التالية:[3]

  • النّور.
  • الحلب.
  • الغربتي.
  • الزط.
  • اللولي.
  • الكراتشي.
  • المهتار.
  • اليورك.
  • المزنوق.
  • البراكي.
  • تشوري والي.

الغجر في فلسطين

يُطلق على الغجر الذين يعيشون في فلسطين اسم النّور، ودائمًا ما يرددون أنهم يعيشون على الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من مائة عام ويروون ذلك دائمًا في وسائل الإعلام، كما يؤكدون على إدراكهم حقيقة أن مصيرهم مرتبط بمصير الشعب الفلسطين لذلك فقد حرصوا على الانخراط مع الشعب الفلسطيني وعاداته وتخلى الكثير منهم عن العمل بالموسيقى والرقص وذلك منذ الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 2000.

ويهتم الغجر الذين يقيمون في فلسطين والبلاد المجاورة لها في العصر الحديث على تعليم أبنائهم حتى المراحل الجامعية، ولكن غالبًا ما يحول الفقر بينهم وبين هذه الرغبة، وإذا كنا نعرف جيدًا من هم الغجر فإننا نعرف بالتأكيد أنهم لا ينسخلوا من عاداتهم القديمة لذلك فهم ما زالوا يعلقون ملابس الرقص في بيوتهم وما زالت نسائهن يدخنون في منازلهن، كما ما زال بعضهم يعمل في أعماله الحرفية القديمة وما زال بعض الأطفال يعملون بالتسول في الشوارع.

الغجر في بلاد الشام

تتوزع بعض مجموعات الغجر في بلاد الشام أي في سوريا ولبنان والأردن ويُطلق عليهم اسم النّور والقرباط ويُسمون باسم المطاربة في الساحل السوري أي في مناطق حلب وحماة وحمص ودير الزور تحديدًا، وعادةً ما يعيش مجموعات الغجر في هذه البلدان على أطراف المدن حيث يكثر السكان في هذه المدن فيكون مصدر الدخل لهم متاح بشكل أكبر، ويكوّن الغجر في هذه البلدان مجموعات مترابطة ومتحابة فيما بينها يعيشون بداخل المحافظات السورية واللبنانية والأردنية، كما يتواجدون بشكل كبير على الحدود السورية اللبنانية وعلى الحدود مع دولة العراق وتركيا في محافظة الحسكة حيث يعيش قرابة الثلاثة آلاف أو الأربعة آلاف عائلة غجرية.

وتنتشر مجموعات الغجر في سوريا بشكل خاص داخل محافظة حمص وحلب وخاصة في المناطق الصحراوية بهم حيث يصل عدد العائلات الغجرية في كل منهما لأكثر من خمسة آلاف عائلة، كما أن لهم تواجداً قوياً في مدينة تدمر الأثرية، كما ينتشرون في كثيرًا من المحافظات السورية الأخرى ولكن بأعداد أقل، وعلى الرغم من إقامتهم الكبيرة في سوريا وحملهم للجنسية السورية إلا أنهم ما زالوا يفضلون العيش في مجتمعات مغلقة مقتصرة عليهم ومنفصلة عن الشعب السوري، ويُعتقد أن أصول الغجر المقيمين في سوريا ولبنان ترجع إلى الغجر المقيمين في فلسطين ولكنهم هربوا مع ظروف الحرب، أما الغجر الذين يعيشون في الأردن يتنكرون لأصلهم الغجري ويعتقدون بأنهم من أصل عربي خالص ويدعون نسبهم إلى قبيلة بني مرة العربية ويستندون في ذلك الادعاء إلى حرب بسوس وسيرة الزير سالم الذي توعدهم ففروا هاربين.

الغجر في مصر

دخل الغجر مصر في القرن السادس عشر وينقسمون إلى ثلاثة أقسام وهم: الغجر، النّور، الحلب، ويعيشون في مناطق متفرقة من المحافظات المصرية فمثلًا يعيش بعضهم في محافظة الدقهلية بينما يعيش البعض الآخر في محافظة الشرقية، ويحرص الغجر في مصر على ارتداء أزياء قريبة الشبه من الأزياء المصرية التراثية فمثلًا ترتدي النساء العباءات السمراء مع الشال التراثي وهو يتشابه مع أزياء المرأة القديمة في صعيد مصر مع وضع الحلقان بأنوفهن، كما يرتدي الرجال الجلباب التقليدي للرجل المصري البسيط المزارع في المحافظات الريفية.

طهرت الكتابة الهيروغليفية في مصر القديمة وهي عبارة عن رموز بلغ عددها 24 رمز

معتقدات خاصة بالغجر

يحتفظ الغجر ببعض معتقداتهم القديمة التي ورثوها عن أجدادهم حتى وإن كانت تخالف اعتقادهم الديني الحالي فمثلًا يعتقد الغجر بأن الجزء السفلي من الإنسان والذي يشمل الأرجل والجهاز التناسلي نجسًا في العموم بينما يعتبرون الجزء الأعلى من الجسم طاهرًا في العموم، كما أن لديهم نظام تحريم قوي فإذا مارس أحدهم الفاحشة فإنهم ينبذونه ويعتزلونه طوال عام كامل وقد يطردونه من مجتمعهم تمامًا وبخاصة إذا كان متزوج أو في ريعان الشباب، كما أن لهم معتقدات خاصة بفترة الحمل والولادة فيرون هذا الأمر الطبيعي ملوثًا، وتتمثل أشهر اعتقادات الغجر حول أصل البشر بأنهم يعتقدون أن البشرية كلها تندرج تحت ثلاثة أجداد؛ أحد هؤلاء الأجداد أسود البشرة وهو جد الأفارقة، والجد الثاني أبيض البشرة وهو جد الأوروبيين، بينما الجد الثالث هو جدهم ويُطلقون عليه اسم كين ويعتقدون بأنه قتل أخًا من أخوته فعاقبه الله بطرده والحكم عليه بالتشرد في الأرض وأن يجعله هائمًا على وجهه في الأرض ويتبعه في ذلك ذريته كاملة.

العادات والتقاليد الخاصة

توارث الغجر عدد من العادات والتقاليد الخاصة بهم من أجدادهم وآبائهم عبر القرون، وتختص هذه العادات والتقاليد بأغلب أمور الحياة مثل الزواج والولاد والوفاة والمناسبات وغيرها من الأمور المتوارثة، وتعتبر بعض هذه العادات امتداد لبعض المعتقدات الخاصة بهم المتوارثة من قبل الأديان والتي استمروا في تنفيذها حتى وإن كانت مخالفة لمعتقدهم الديني الحالي، وهذه العادات تمثل اهتمامًا خاصًا لكل من يهتم بعادات الشعوب القديمة ومعرفة أحوالهم، ويمكن توضيح شرح مفصل لأغرب هذه العادات في الفقرات التالية:[4]

من سمات الاتجاه التقليدي المحافظ

عادات الغجر في الزواج

تختص القبائل الغجرية ببعض مراسم الزواج الخاصة بهم المتوارثة عبر الأجيال فما زال الغجر يحرصون على تزويج أبنائهم وبناتهم في سن مبكر قد يصل إلى سن الطفولة وأغلب المجموعات الغجرية لا تتزوج إلا من الغجر فلا يفضلون النسب بينهم وبين أي شخص غير غجري، وتتمثل أول خطوة في الزواج في أن يقوم الشاب بإعطاء لفافة عنقه إلى الفتاة التي يرغب في الزواج منها فإذا أخذت الفتاة اللفافة يعني ذلك قبولها للزواج وإن لم تأخذها لن يتم الزواج.

وهناك طقس هام جدًا في حفل الزفاف الغجري وهو أن يتصافح الزوجان ثم يُقدم لهم قطعة خبز ويتم تقسيمها لنصفين ليأخذ كل منهم نصف ثم يقوم الزوجان بجرح أصبعهم جرح صغير وإنزال بعض قطرات الدم على النصف الذي يحمله ثم يعطي كل منهم قطعة الخبز المحملة بدمه للطرف الآخر فيأكل من منهم قطعة الخبر التي تحمل دماء شريكه ليجري دم كل منهما بالآخر ثم يتم تقطيع الخبز المتبقي على رؤوسهما وبعدها يغادران الحفل ولا يعودان إلى في اليوم التالي ليشاركوا الأهل الرقص والغناء وبهذا يتم الزواج، ولا يحدث طلاق في المجتمع الغجري إلا نادرًا جدًا.

عادات الغجر في الولادة

يمارس بعض الغجر عاداتهم القديمة في الولادة على غرابتها فهم ما زالوا يعتبرون أن المرأة الحامل امرأة ملوثة يجب عزلها في مكان يختص بها وحدها، فتقيم المرأة الحامل في خيمة منفصلة طوال فترة حملها وحين يأتي موعد الولادة تذهب المرأة الحامل إلى شجرة بعيدة لتضع مولودها وحدها أو تنتقل إلى خيمة أخرى لتضع مولودها بمفردها أيضًا ثم تستمر فترة العزل لتمتد إلى أسبوعين أو شهر كامل بعد الولادة ثم تخرج وتعود إلى المجموعة، والجدير بالذكر أيضًا أنه لا يحق للأب لمس طفله قبل تعميده إذا كانوا من طائفة مسيحية، ولكن بدأ الوضع يتغير قليلًا حاليًا حيث أصبحت بعض الغجريات يذهبن للولادة في المستشفى.

عادات الغجر في الوفاة

استمر الغجر في ممارسة نفس طقوس الوفاة حتى عام 1915، فكان الغجر عندما يموت أحدهم يقومون بإحراق عربته (العربة التي تجرها الحمير) وإذا كان لا يمتلك عربة فإنهم يقومون بنصب خيمة ثم هدمها، ويقومون بإلباس المتوفي أفضل الثياب التي يملكها ثم يضعونه في كفن واسع ليضعوا معه كافة ممتلكاته وإذا كانت المتوفاة امرأة فإنهم يلبسونها أفضل حلتها ويضعون معها ممتلكاتها الثمينة ولكن إذا كان لها بنات من دم غجري خالص فإنهن يرثن هذه المقتنيات، ويثوم ثلاثة من الغجر بحراسة جثة المتوفى من الأرواح الشريرة، كما أنه من أهم مظاهر الحزن على المتوفى عند العجر أنهم لا يأكلون ولا يشربون حتى يتم دفن المتوفى.

رسوم دفن الميت في السعودية

اضطهاد الغجر

عانى الغجر من الاضطهاد عبر العصور فقد شهد التاريخ على العديد من الممارسات العدوانية ضدهم من أهالي البلدان التي استوطنوها وخاصةً البلدان الأوروبية، فقد تم طردهم وتهجيرهم قسريًا من العديد من هذه البلدان الأوروبية وتم اتهامهم بالقيام بأعمال السرقة والنهب، وأما البلدان الأوروبية التي لم تقم بتهجيرهم وسمحوا لهم بالعيش على أرضهم منعوهم من حمل جنسية هذه البلاد ولم يعترفوا بهم كمواطنين رسميين، ويتجلى أشهر مثال لاضطهاد الغجر في المرسوم الملكي الذي أصدره ملك روسيا في عام 1725 والذي ينص على قتل كل غجري تعدى عمره الثمانية عشر عاماً.[5]

اعتبرت النظرية النازية أن الغجر في مرتبة عرقية متدنية ونص قانون نورمبيرج الذي صدر في عام 1935 على أنهم ليسوا من أصل آري وبذلك يمنعون من الزواج من ألمانيات، وقام هتلر باضطهادهم ومساوتهم باليهود في المعسكرات النازية وتم ترحيل الكثير منهم إلى معسكر أوشفيتز ويُقال إنه تم قتل حوالي 15 ألف غجري من أصل 20 ألف غجري كانوا يعيشون على الأراضي الألمانية آنذاك، كما صدر قانون 1929 يلزم كافة الغجر الذين ليس لديهم مهنة ثابتة بأن يعملوا بالسخرة، كما صدر قانون آخر في عام 1973 يصنفهم بأنهم مجموعات منغلقة على نفسها وبذلك تتم معاقبتهم دون ممارسة أي جريمة وفقًا للقانون الألماني الذي يمنع هذه الانغلاق، ولم يكتف هتلر بهذا الحد بل إنه أنشأ مكتب مركزي لمكافحة خطر الغجرين وكانت وظيفته فرز الغجر الأصليين عن المختلطين، لذلك فإن الغجر ضحايا واحدة من أكبر عمليات الإبادة العرقية في التاريخ.

اليوم العالمي للغجر

حددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي يوم الثامن من أبريل من كل عام كيوم عالمي للغجر، وذلك لتذكير العالم بما تعرضت له هذه القبائل من معاناة واضطهاد وإبادة، وأصبح الشعب الغجري يحتفل بهذا اليوم كل عام في كل البلدان التي يعيش بها ويفتخرون بنجاتهم من هذه الإبادة وينشدون عن معاناتهم في الحياة.

الغجر في الأدب العالمي

أصبحت حياة الغجر ومعاناتهم مادة خصبة لإلهام الكثير من الأدباء والمفكرين حول العالم، فقد تحدث الكاتب غابرييل غارسيا عن الشخصية الغجرية ميلكيادس في روايته الشهيرة “مائة عام من العزلة”، كما قام فيكتور هوجو بابتكار بطلي روايته الشهيرة “أحدب نوتردام” بعد تعمقه في حياة الغَجر، وكتب الأديب الجزائري عمارة لغوص رواية عظيمة بعنوان “مزحة العذراء الصغيرة” المستوحاة من حياتهم، وقرأ عن معاناتهم من العنصرية في البلدان الأوروبية التي يقيمون فيها، وقد كتب عنهم الفيلسوف والأديب المصري أنيس منصور كتابه الشهير “نحن أولاد الغَجر”.

ملخص رواية مائة عام من العزلة

وبهذا تكون تمت إجابة التساؤل الشهير من هم الغجر وما أصلهم بعدما تم ذكر جميع المعلومات الخاصة بالغجر وأصولهم وهجرتهم الأولى، كما تم تقديم شرح كامل ومفصل حول أماكن عيش الغجر حاليًا وأبرز عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم، كما أولينا ذكر خاص للاضطهاد العالمي الذي تعرضوا له مع ذكر أهم الأعمال الأدبية التي تحدث عنهم.