التخطي إلى المحتوى

كتبت إيفا أبي حيدر في “الجمهورية”: 

أسبوع مَر على اتخاذ المملكة العربية السعودية قراراً بوقف كافة الصادرات اللبنانية اليها، ولم تتخذ الحكومة اللبنانية اي خطوة جدية لمعالجة الأزمة. في هذه الاثناء يتخبّط القطاع الصناعي وحده في مواجهة أزمة لا شأن له بها إنما يدفع ثمن تداعياتها وحده، والتي إذا ما استمرت فإنها ستطاول بشظاياها القطاع الاقتصادي برمّته والعمالة اللبنانية.

بعدما كان مُشغّلاً اساسياً لليد العاملة اللبنانية، أكثر من 150 الف عامل، ها هو القطاع الصناعي ينضم قسراً الى القطاعات التي بدأت بتسريح عمالها نتيجة وابل الأزمات التي لا تنفك تفتك بلبنان، وليس آخرها الأزمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية التي تتصدر قائمة الدول التي يصدّر اليها لبنان، خصوصاً انّ في لبنان مصانع تصنّع حصراً للمملكة والسوق الخليجي. فما سيكون مصير هذه المعامل؟ وهل من السهل اليوم ايجاد اسواق بديلة وسط منافسة قوية من الدول المجاورة وبالجدوى الاقتصادية نفسها؟

يقول نائب رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي لـ»الجمهورية» ان هناك العديد من المصانع اللبنانية المخصصة بالتصنيع للمملكة العربية السعودية ودول الخليج، وقد تلقّوا ضربة قاضية بعد توقف التصدير الى السعودية وأوقفوا التصنيع والانتاج كلياً. ولا تنتهي المشكلة هنا، إذ انّ رب العمل يمكن ان يتوقف عن العمل لفترة معينة ريثما تحل الأزمة او يجد اسواقاً جديدة، لكن المشكلة انه لا يمكنه ان يتحمّل رواتب موظفين من دون انتاجية. لذا، نحن نخشى من موجة صرف عمال ستؤدي الى كارثة اجتماعية.

وتابع: بدل ان يلعب القطاع الصناعي دوره الطبيعي باستيعاب العمالة لا سيما بعد ارتفاع نسبة البطالة في لبنان، نجده اليوم مرغماً على تسريح عمّال. لذا، نناشد الدولة التدخل بأقصى سرعة لمعالجة الأزمة لأنّ وضعنا سيئ للغاية.

كارثة مزدوجة

وردا على سؤال، كشف نصراوي ان قيمة صادرات لبنان السنوية تبلع 3 مليارات دولار، تشكل حصة السعودية منها 10 % ما يظهر مدى الضرر من قرار وقف الواردات الى السعودية. وتابع: بلغ مجموع الصادرات اللبنانية الى دول الخليج في العام 2020 نحو 900 مليون دولار اما حصة المملكة وحدها فتبلع 270 مليون دولار. ولفت الى انّ الصناعات الغذائية والمجوهرات تتصدران قائمة الصادرات اللبنانية الى السعودية يليها الادوات الكهربائية، الالبسة والمعلوماتية ومولدات الكهرباء… هذه القطاعات هي الاكثر تأزماً اليوم نتيجة قطع العلاقات.

اضاف: كذلك نواجه أزمة معاكسة نتيجة وقف الواردات من السعودية، ففي لبنان عدد لا بأس به من المصانع يستورد مواد أولية خام من المملكة خصوصاً البلاستيك ما يزيد المشكلة تعقيداً.

وعن الحلول المقترحة، يقول نصراوي: صحيح ان بعض الدول تصنع المواد الاولية التي يطلبها ويستوردها لبنان انما اليوم فتح اتصالات مع بلدان وشركات جديدة يستغرق وقتا، عدا عن ان كلفة الانتاج والاستيراد ستتغير بسبب فارق كلفة النقل اذا ما استوردت هذه المواد على سبيل المثال من بلدان اوروبية او من اسواق اخرى.

أما عن البحث عن اسواق بديلة، فيقول نصراوي: ليس من السهل ايجاد هذه الاسواق خصوصا ان منافسينا كثر مثل سوريا والاردن ومصر وتركيا، وايجاد اسواق جديدة يتم من خلال المعارض حيث يفسح المجال للمصنّع اللبناني لعرض منتجاته والترويج لها الا ان هذه المهمة تستغرق وقتاً.

اضاف: الصناعي اللبناني متواجد في كل دول العالم وعمله ليس محصورا بدولة واحدة، انما المتضرر الاكبر اليوم هو مَن حَصَر عمله بسوق المملكة ودول الخليج، لأنّ تَوَقّف هذه السوق سيُجبره على البحث عن اسواق بديلة. تابع: في كل دول العالم عندما تحصل مقاطعة بين دولتين تقوم الدولة بالبحث عن اسواق بديلة لصناعييها الا في لبنان، فكل المجهود يقوم بمبادرة فردية من الصناعيين، وللأسف ان دولتنا تقف دائما موقف المتفرج ولا تكف عن وضع العراقيل امام الصناعي اللبناني.

إقفال مصانع

ورداً على سؤال عن حقيقة اقفال عدد كبير من المصانع اللبنانية ابوابها والانتقال الى اسواق اخرى، اكد نصراوي ان كُثراً اقفلوا وانتقلوا الى غير بلدان، فعلى سبيل المثال اقفل احد معامل البلاستيك ابوابه في لبنان وانتقل الى مصر ومثله كثر انتقلوا الى مصر، بعض المصانع انتقل الى الاردن والخليج.

اما بالنسبة الى ما اشيع اخيراً عن نية اقفال معمل قساطلي شتورا والانتقال الى قبرص، قال: ان هذا القرار لا يزال قيد الدرس، انما غالب الظن انه قد يفتتح فرعا ثانيا له في قبرص انما معمله الاساسي سيظل مبدئيا في لبنان وسينقل جزءا من آلياته الى هناك.