التخطي إلى المحتوى

صدر اليوم بيان مشترك لزيارة فخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، إلى السعودية، فيما يأتي نصه:

انطلاقًا من أواصر الصداقة والتعاون الوثيق التي تربط المملكة العربية السعودية وجمهورية فرنسا قام فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون بزيارة إلى المملكة العربية السعودية يوم السبت 29 / 4 / 1443هـ الموافق 4 / 12 / 2021م.

واستقبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، فخامة رئيس الجمهورية الفرنسية في قصر السلام في محافظة جدة، حيث عقدا جلسة مباحثات رسمية، استعرضا خلالها العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية في جميع المجالات، وأكدا أهمية تعزيز العمل المشترك، والدفع بالعلاقات الثنائية إلى مزيد من التعاون الوثيق والبنَّاء المبني على الثقة والمصالح المشتركة، بما يأخذ بالشراكة الاستراتيجية بين البلدَيْن إلى آفاق جديدة واعدة.

وأشاد الجانبان بما تحقق منذ زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع للجمهورية الفرنسية عام 2018م من نتائج إيجابية ومثمرة، أسهمت في توسيع نطاق التعاون بين البلدين في شتى المجالات.

وفي الشأن الاقتصادي أشاد الجانبان بمتانة العلاقات الاقتصادية بين البلدَيْن، واتفقا على أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، وتبادل الخبرات، وتطوير القدرات البشرية، واستغلال الفرص النابعة من رؤية السعودية 2030، والخطة الاقتصادية لفرنسا 2030، في العديد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك.

وأكد الجانبان أهمية متابعة تنفيذ الشراكة الاقتصادية المتوازنة من خلال الاستثمارات المتبادلة بين القطاع الخاص في البلدين. ورحبت المملكة العربية السعودية بزيادة تعاون الشركات الفرنسية في القطاعات في إطار رؤية السعودية 2030، بما فيها الطاقة، وإدارة المياه والنفايات، والمدن المستدامة، والنقل، والطيران المدني، وحلول التنقل، والاقتصاد الرقمي، والصحة. كما ترغب فرنسا باستقطاب الاستثمارات السعودية في القطاعَيْن العام والخاص، ولاسيما قطاعات التقنيات الجديدة، والشركات الناشئة، وصناعة المستقبل. وتتطلع المملكة العربية السعودية لتعزيز استثمارات القطاع الخاص السعودي في السوق الفرنسي.

وأشاد الجانبان بتوقيع العديد من العقود والاتفاقيات في جميع المجالات الاقتصادية، وذلك خلال اللقاءات التي تمت على هامش الزيارة بين رجال الأعمال في البلدَيْن، مجددَيْن بذلك شراكة القطاع الخاص العميقة في البلدين.

وأكد الجانبان التزامهما بالحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي. وعبَّر فخامة الرئيس الفرنسي عن تثمينه وتقديره لمبادرات السعودية وجهودها في مجال البيئة والتغير المناخي.

وفيما يتعلق بقطاع الطاقة ومجالاته المختلفة أكد الجانبان متانة العلاقات التي تجمع البلدين في مجالات الطاقة، التي تتمثل في العديد من المشروعات في مجالات تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات، وقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، خاصة في مجالات تطوير المشاريع، وأمن المحطات والشبكات الكهربائية، وموثوقية الخدمة، وتبادل الخبرات في الربط الكهربائي.

واتفق الطرفان على تعزيز تعاونهما فيما يتعلق بإنتاج الطاقة النووية في إطار سلمي وآمن، وإدارة النفايات الإشعاعية ومجال التطبيقات النووية، والرقابة النووية، وتطوير القدرات البشرية في إطار الاتفاق الحكومي الموقَّع في عام 2011م.

وفيما يخص قضايا التغيُّر المناخي أكد الجانبان أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي واتفاقية باريس، وضرورة تطوير وتنفيذ الاتفاقيات المناخية بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر، من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون كإطار متكامل وشامل لمعالجة انبعاث الاحتباس الحراري. وأشاد فخامة رئيس جمهورية فرنسا بمبادرتَيْ السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر. وأكد الطرفان أهمية التعاون لتحقيق هذه المبادرات.

وأكد الطرفان أهمية التعاون بين البلدين لدراسة فرص تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف في السعودية، إضافة إلى استخداماته المختلفة للمشاركة في تحويل الاقتصادات إلى اقتصادات خالية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفي التحول في مجال الطاقة على المستوى العالمي.

واستعرض الجانبان جهودهما المبذولة لمكافحة جائحة (كوفيد –19)، والنجاح الذي حققه البلدان في التصدي لهذه الجائحة. كما عبَّرا عن مواصلة جهودهما لدعم الدول الأقل نموًّا والدول النامية، في الوقت الذي تواجه فيه هذه الدول تداعيات اقتصادية وصحية واجتماعية من جراء جائحة (كوفيد-19).

وفي مجال الثقافة أشار الجانبان إلى العلاقات الثقافية التاريخية بين البلدين التي شهدت على مدى العقود الستة الماضية تعاونًا مستمرًّا بينهما في مختلف المجالات، وأكدا أهمية تعزيز التعاون في هذه المجالات، ولاسيما تطوير المتاحف، والصناعة السينمائية، والتراث.

ورحب الجانبان بالتعاون المثمر القائم للتطوير المستدام لمنطقة العلا، في إطار الاتفاق الحكومي الموقَّع في إبريل 2018. وأشادا بتوقيع اتفاقيات جديدة، تساهم من خلالها فرنسا بدعم التطوير الثقافي والسياحي لهذه المنطقة الزاخرة بالإمكانيات.

وأكد الجانبان أهمية رفع وتيرة التعاون في المجال السياحي، والعمل على إطلاق مبادرات لتنمية الحركة السياحية، واستكشاف ما يزخر به كل بلد من مقومات سياحية، وتعزيز التواصل بين مواطني البلدين، وتقديم التسهيلات لتحقيق ذلك.

وفي مجال التعليم رحَّب الجانبان بتوسيع نطاق التعاون بين الجامعات والكليات التقنية ومراكز الفكر والأبحاث في البلدين، وتكثيف التعاون بينهما في مجالات البحوث العلمية، والتطوير والابتكار من خلال إجراءات ملموسة ومشاريع هيكلية للتخصصات العلمية المواكبة لتطلعات المستقبل.

وفي هذا السياق رحَّب الجانبان بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في عدد من المجالات (الثقافية، والسياحية، والتقنية الرقمية، والفضاء)، إضافة إلى اتفاقية إنشاء المركز الثقافي الفرنسي (فيلا الحجر) في العلا.

وفي الشأن الدفاعي والأمني أكد الجانبان أهمية وضرورة التقييم المستمر للتهديدات المشتركة لمصالح البلدين، ولأمن واستقرار المنطقة. وأشادا بشراكة الدفاع التاريخي التي تجمعهما، واتفقا على تعزيز الحوار لتعميق التقارب الاستراتيجي بينهما.

وفيما يتصل بالقضايا الإقليمية والدولية أكد الجانبان تعزيز وترسيخ التعاون بين البلدين، وتنسيق مواقفهما في القضايا ذات الاهتمام المشترك لتحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط بشكل خاص، والعالم بشكل عام، والتصدي للسياسات والتدخلات المزعزعة للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي. وأشادا بأهمية قمة بغداد التي عُقدت في شهر أغسطس 2021 لتعزيز الاستقرار في العراق، وتشجيع الحوار الإقليمي.

كما شدد الجانبان على تصميمهما لبذل المزيد من الجهود الحثيثة المشتركة للوقوف في وجه الإرهاب والتطرف بمختلف أشكاله وصوره محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، ومكافحة تمويلهما. واتفقا على تعزيز التعاون التقني والعملياتي في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.

وأكد الجانبان دعمهما لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأهمية التوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي وفقًا لحل الدولتين، والقرارات الشرعية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، بما يكفل حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية. وفي هذا السياق دعا الجانبان إلى وضع حد لسياسة الاستيطان الإسرائيلي التي تهدد حل الدولتين.

وعبَّر الطرفان عن قلقهما الشديد أمام تطوير البرنامج النووي الإيراني، وعدم التعاون والشفافية تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكدت فرنسا تصميمها على ألا تتمكن إيران من تطوير أو الاستحواذ على سلاح نووي. واتفقا على ضرورة التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للأمن في المنطقة، بما فيها استعمال ونقل الطائرات المسيَّرة والصواريخ الباليستية التي أدت إلى اعتداءات على المملكة العربية السعودية.

وفي الشأن اليمني أكد الجانبان أهمية دعم الجهود المبذولة، بما في ذلك جهود المبعوث الأممي الخاص باليمن؛ للوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية استنادًا إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما فيها القرار (2216). وأكدت فرنسا دعمها الكامل لمبادرة السلام السعودية التي تم تقديمها في 22 مارس 2021، كما دانت الاعتداءات بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة التي ترتكبها ميليشيا الحوثي، وأكدت التزامها التاريخي بالحفاظ على أمن السعودية.

وفي الشأن اللبناني شدَّد الجانبان على ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات شاملة، ولاسيما الالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان، وأن تشمل الإصلاحات قطاعات المالية والطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود. واتفق الطرفان على العمل مع لبنان لضمان تطبيق هذه التدابير، وأكدا ضرورة حصر السلاح على مؤسسات الدولة الشرعية، وألا يكون لبنان منطلقًا لأي أعمال إرهابية تزعزع أمن واستقرار المنطقة، ومصدرًا لتجارة المخدرات. كما شددا على أهمية تعزيز دور الجيش اللبناني في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان، واتفقا على استمرار التشاور بين البلدين في تلك القضايا كافة، كما اتفقا على إنشاء آلية سعودية-فرنسية للمساعدة الإنسانية في إطار يكفل الشفافية التامة، وعزمهما على إيجاد الآليات المناسبة بالتعاون مع الدول الصديقة والحليفة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني. كما أكدا أهمية الحفاظ على استقرار لبنان، واحترام سيادته ووحدته بما يتوافق مع قرارات مجلس الأمن (1559) و(1701) و(1680) والقرارات الدولية ذات الصلة.

وفي الشأن العراقي أبدى الجانبان دعمهما لجهود الحكومة العراقية للقضاء على الإرهاب، والجهود الرامية للحفاظ على أمن واستقرار العراق ووحدة وسلامة أراضيه، وأهمية وقف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي العراقي. وعبَّرا عن أملهما بتشكيل حكومة جديدة في وقت سريع، كما أشادا بانعقاد الانتخابات في 10 أكتوبر 2021م.

وفي الشأن السوري أكد الجانبان أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة في سوريا وفقًا لإعلان جنيف (1)، وقرار مجلس الأمن رقم (2254) لإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب السوري، والحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، ودعم جهود المبعوث الأممي الخاص بسوريا.

وفي الشأن الليبي أكدا أهمية الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية وفق قرارات الشرعية الدولية، بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.

ورحب الجانب الفرنسي بدعوة السعودية لعقد اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة الوضع الإنساني في أفغانستان، والإسهام في تقديم الاستجابة الإنسانية المناسبة.

وفي ختام الزيارة أعرب فخامة الرئيس الفرنسي عن بالغ شكره وتقديره لحكومة ولشعب السعودية على ما لقيه والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة.