يُعد الوضوء الشرط الأساسي لقبول صلاة المسلم، ويأتي الوضوء ضماناً لطهارة المسلم وسلامة بدنه من أي ما يشوبه، وقد جاءت كيفية الوضوء وخطواته التفصيلية موضحة في القرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة، إلا أن هناك بعض التساؤلات التي قد يطرحها بعض المسلمين للتعرف على أحكام وضوابط الوضوء في الإسلام، ومن بينها هل الفازلين يمنع الوضوء وذلك لكونه قد يمنع وصول الماء إلى البشرة، فذلك ما سنتعرف على رأي علماء الدين وفقهاء الشريعة حوله في السطور التالية من موقع مكساوي، فتابعونا.
هل الفازلين يمنع الوضوء
من السُنة في صحيح الوضوء أن يصل الماء إلى جميع أجزاء أعضاء الوضوء، وذلك ما جاء صحيحاً في حديث النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ عَنْ خَالِدِ بنِ معدان : ” عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلّي وَفِي ظَهْرِ قَدَمِهِ لُمْعَةٌ قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ “
وقد أفتى الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ في شأن هذه الكريمات والأدهان مثل الفازلين في قوله:” هذه الدهونات مثل: الفازلين ـ تحجب الماء عن البشرة إذا كانت جامدة ولها طبقة، أما إذا لم تكن جامدة، فإنها لا تحجب، لكن ينبغي على من كان على يده أو رجله أو شيء من أعضاء وضوئه شيء من هذا أنه إذا غسل هذا العضو أن يمر يده على مكان هذا الدهن، لأنه إذا لم يمر يده فإنه ربما ينزلق الماء عن المكان ولا يصيبه، فهذا هو الذي ينبغي أن يتفطن له، والحاصل أن هذه الدهون إن كانت جامدة بحيث تمنع وصول الماء، لكونها كالقشرة على الجلد، فإنه لا بد من إزالتها قبل الطهارة، وإذا لم تكن جامدة فلا حرج فيها”.
ونستخلص من هذا أن الفازلين إن كان مدهوناً على الجسم أو أحد أعضاء الوضوء فإنه لا يمنع الوضوء في حالة كونه مدهوناً بطبقة خفيفة ولا يمنع وصول الماء للجسم، أما إذا كان في هيئة طبقة ثقيلة تُشبه القشرة فإنه يعوق وضوء المسلم ويجب عليه إزالته قبل الوضوء، وللتيقن من وصول الماء إلى الجسم يكون على المسلم أن يُمرر يده على العضو لضمان وصول الماء إليه وطهارته في الوضوء قبل أداء الصلاة.
هل النيفيا يمنع وصول الماء
إن من فروض الوضوء والغُسل في الإسلام أن يُعمم الماء في الوضوء كافة مواضع الوضوء، وفي الغُسل جميع البدن، وهذا الأمر مُجمع عليه من مختلف علماء وفقهاء الإسلام، فالوضوء هو الشرط ألأساسي لقبول الصلاة حيثُ ورد في السنة النبوية أن “دَخَلَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ علَى ابْنِ عامِرٍ يَعُودُهُ وهو مَرِيضٌ فقالَ: ألا تَدْعُو اللَّهَ لي يا ابْنَ عُمَرَ؟ قالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بغيرِ طُهُورٍ ولا صَدَقَةٌ مِن غُلُولٍ. وَكُنْتَ علَى البَصْرَةِ”.
وعلى هذا الأمر فإن من قام بوضع حائل منع وصول الماء إلى أعضاء الوضوء فإن وضوءه لا يصح، كما أن غُسله كذلك لا يكون صحيحاً في حالة إذا لم يقم بغسل ما يقم غسله، وذلك مثل الأصباغ التي تُعرف هذا اليوم بالبوية، فإن مثل هذه المواد تمنع وصول الماء إلى الجسم، لذا يجب إزالتها.
أما مثل الفازلين وزيت الزيتون وكريم النيفيا وغيرها من المواد التي تمتصها البشرة فإن مثلها لا يمنع وصول الماء، لذا فإن وضعه لا يضر، لذا يجب أن يتم النظر إلى كل ما يظن المرء أنه مانع، فهل يمنع وصول الماء إلى الجسم أمن لا، فإذا تحقق شرط أنه يمنع وصول الماء لفلا يجوز أن يتم وضعه، بينما إذا لم يثبت ولم يتحقق فيجوز أن يوضع ولا حرج به.
أشياء لا تمنع وصول الماء إلى البشرة في الوضوء
إن المواد التي لا تمنع وصول الماء إلى البشرة في الوضوء وبالتالي يكون وضوء المسلم صحيحاً وليس باطلاً، هي المواد التي لا تشكل طبقة على الجسم، وإنما بمجرد وضعها أو وقوعها على الجسم فإنه تفقد تماسكها وتنحل وتبدأ البشرة في امتصاصها، ولا يبقى لها أثراً متماسكاً قائماً بذاته وإنما قد يبقى أثراً خفيفاً عنها مثل اللون، وهذا الأمر يتحقق في غالبية الكريمات والزيوت والكحل والحناء وما مثلها، فإن مثل هذه المواد لا يُبطل الوضوء، لكن إن كانت المادة الموضوعة زيتية أو دهين بقدر كبير فعلى المتطهر تدليك بشرته جيداً بها ليضمن وصول الماء إلى جسمه خلال الوضوء.
مُبطلات الوضوء
يُعد الوضوء شرط لصحة الصلاة في الإسلام وذلك لقوله تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا، إلا أن هناك بعض المور التي أجمع علماء الإسلام على كونها تمثل مبطلات للوضوء، والتي عند حدوثها يبطل وضوء المسلم ويكون عليه الوضوء مرة أخرى لإتمام الصلاة، وتتمثل مبطلات الوضوء في تسعة أمور هم:
- خروج شيء ما من أحد السبيلين (الدبر ـ القبل) كثيراً كان أو قليلاً طاهراً أو نجساً، وذلك لقوله الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا)، كما جاء قول النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ “لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا”.
- سيلان الدم الكثير من الجسم أو القيء الكثير أو الصديد أو القيح وذلك وفقاً لما يراه الحنابلة والحنفية، وذلك لما رواه الإمام أحمد والترمذي أن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ “مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ، أَوْ قَلْسٌ، أَوْ مَذْيٌ فلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ، ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلاَتِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لاَ يَتَكَلَّمُ”.
- زوال عقل الشخص بالجنون أو السُكر أو الإغماء أو النوم الكثير، وذلك لما جاء عن النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ “العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ”، “ما لم يكن النوم يسيرًا عرفًا من جالس أو قائم فلا ينقض حينئذ”.
- مسّ القبل أو الدبر باليد دون حائل، ويُقصد بذلك لمس أحد مواضع العورة دون حائل على اليد، وذلك لقول النبي محمد “من مس فرجه فليتوضأ”.
- ويكون من نواقض الوضوء أيضاً غُسل الميت، فقد كان ابن عمر وابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ يأمران غاسل الميت بالوضوء وذلك ثابت في السُنة النبوية الشريفة.
- الردّة، فالردة أو الخروج عن الإسلام من نواقض الوضوء وذلك لقوله تعالى:” لَئِنْ أَشْرَكْت لَيَحْبَطَنَّ عَمَلك”.
- أكل لحم الإبل يُعد من نواقض الوضوء للمسلم أيضاً، وذلك للحديث الوارد عن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَأَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَتَوَضَّأْ، وَإِنْ شِئْتَ فَلاَ تَوَضَّأْ»، قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإِبِل”.
- مسّ الرجل لزوجته بشهوة رغبة في مجامعتها من نواقض الوضوء، وذلك لقول الله تعالى :”وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا”
- ويكون الأمر التاسع من نواقض الوضوء خروج البول أو الغائط أو الريح أو المذي من الجسم، ويُعد المذي هو ماء أبيض خاثر غالباً ما يخرج من الجسم عقب البول، والذي يُبطل وضوء المسلم ويكون عليه إعادة الوضوء مرة أخرى.
وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد وصلنا بكم إلى ختام مقالنا الذي تعرفنا خلاله على حقيقة هل الفازلين يمنع الوضوء ، وللمزيد من الأسئلة والأحكام الدينية تابعونا في موقع مكساوي.
المراجع
1