تولي الأمهات اهتماما مضاعفا بتغذية الأطفال، وخاصة خلال السنوات الأولى من العمر، فهي الوقود الأساسي لنمو جسدي وعقلي سليم، حيث إن التغذية وذكاء الطفل بينهما علاقة وطيدة، وذلك لأن كفاءة وظائف الدماغ تعتمد بشكل كبير، على مدى توافر العناصر الأساسية لتكوينه مثل: الأحماض الدهنية من أوميغا 3 و9، بالإضافة إلى المعادن والفيتامينات التي تزيد من كفاءة النواقل العصبية، مما يعزز التركيز والتعلم ورد الفعل السريع.
مدى تأثير التغذية على مستوى ذكاء الطفل
هناك خلاف في أمر الذكاء منذ زمن بعيد، حيث إن البعض يقول إنه أمر وراثي وهبة ربانية، يولد بها الطفل ولا دخل للبيئة أو التغذية في ذلك، والبعض الآخر يؤكد بأن ثمة نسبة من الذكاء وراثية، يتبعها تأثر بالعوامل البيئية المختلفة، والتي تنمي هذه النسبة وتعمل على زيادتها، أو إنها تدمرها وتقضي عليها «وهو الرأي الأرجح».
جدير بالذكر أن هذه العوامل متعددة، وتشمل طريقة تعامل الأبوين مع الطفل، طبيعة البيئة المحيطة، الأنشطة، الرياضة والتغذية الجيدة، حيث إن وظائف المخ تحتاج إلى إمداد متصل بالجلوكوز أو الچليكوجين العضلي، كي يتطور الأداء المعرفي والإدراكي بشكل مستمر، دون أي قصور أو خلل نتيجة سوء التغذية.
غالبا ما تظهر رغبة الأم في زيادة معدل الذكاء لدى الطفل مع بداية الذهاب للمدرسة، وللوقوف على مدى قوة العلاقة بين التغذية وذكاء الطفل، يمكنك ملاحظة الأداء الإدراكي، والتركيز والانتباه، وأخطاء اختبارات التحصيل، لدى نفس الطفل في يومين مختلفين أحدهما يحصل فيه الطفل على فطور صحي متوازن، والآخر يكون دون فطور، كما أن التصحيح الجيد في نقص العناصر الغذائية، سوف يعطي تحسنا ملموسا في الإدراك والانتباه.
العناصر الغذائية الضرورية لنمو الدماغ وزيادة الذكاء
إن العناصر الغذائية ذات المؤشر الجلايسيمي GI المنخفض تدعم وظائف المخ، كما أن ضبط نسبة السكر في الدم، ترفع مستوى التركيز والاستيعاب الدراسي، حيث إن جميع العناصر الغذائية الأساسية تؤثر بالإيجاب على مستوى الذكاء، إلا أن البعض منها يكون وجوده مؤثرا بشكل ملحوظ، وذلك يتضمن:
- الأحماض الدهنية غير المشبعة، فهي وحدة البناء الأساسية لخلايا الدماغ.
- الحديد، يعمل على زيادة تحميل الدم بالأكسجين، وتوصله للمخ بكفاءة عالية وشكل منتظم.
- النحاس: وهو ينظم الإشارات العصبية ويحفز تكوين مسارات عصبية جديدة، ما يزيد من القدرة على إجراء عمليات تفكير معقدة والخروج بأفكار إبداعية.
- اليود: هذا الملح المعدني أساسي لإفراز هرمونات الغدة الدرقية، والتي تحفز بناء خلايا المخ.
- الزنك: يشارك في بناء الخلايا العصبية بالدماغ، وأداء وظائفه مثل التذكر والتعلم.
- السيلينيوم وهو درع الحماية للخلايا ضد التلف والإجهاد.
- فيتامين B وهو عنصر أساسي في بناء الخلايا العصبية وزيادة كفاءة النواقل العصبية، مما يمنح الفرد سرعة في الاستجابة المؤثرات المختلفة.
- فيتامين C وهو عامل مهم لا يمكن التغافل عنه في عملية الأكسدة والاختزال بالجهاز العصبي المركزي، حيث إنه أحد أهم مضادات الأكسدة التي تدعم صحة الدماغ.
- فيتامين D هذا الفيتامين يؤثر على نسبة ذكاء الطفل، منذ بداية تكوينه في رحم الأم.
- فيتامين A يعزز صحة الدماغ والجهاز العصبي، كما يحارب الإجهاد التأكسدي.
- البروتين يوفر الجليكوجين العضلي اللازم لتغذية خلايا المخ.
- الكربوهيدرات هي بمثابة الوقود الأساسي للجسم والدماغ، حيث إن الجلوكوز ينتج عن تحللها.
أطعمة تنمي ذكاء الرضيع
تنمو أدمغة الأطفال مع نموهم وتتطور بشكل مستمر، وخاصة أثناء فترة الطفولة وحتى سن المراهقة، ومثلما يتطور الدماغ كذلك يتطور ذكاء الطفل، حيث يتحكم الدماغ في جميع الوظائف التي يقوم بها الجسم مثل: المشي والتحدث وهضم الطعام، والحفاظ على نبضات القلب، وخلق الذكريات التي تساعد على التعلم الناجح، والدماغ عضو من أعضاء الجسم يحتاج إلى تغذية مناسبة للقيام بوظيفته كاملة بشكل صحيح.
وجدير بالذكر أن ما يتم تناوله ليس هو المؤثر الوحيد على التعلم، ولكن طريقة تناول الطعام أيضًا، حيث إن تناول الوجبات في جو عائلي بشكل منتظم مع الأطفال، يساعد بشكل كبير في تحسين الأداء الأكاديمي للأطفال ويصبحون أكثر مرونة، ويزيد لديهم الترابط الاجتماعي، وتتحسن المهارات اللغوية والصحة العقلية.
كذلك لا يوجد طعام واحد سحري يزيد من مستوى الذكاء، وإنما يعتمد الأمر على نمط حياة متكامل يبدأ بالتوازن النفسي والعاطفي، مرورًا بالأنشطة والتغذية الجيدة، والتي يجب أن تتضمن الآتي:
الأسماك الدهنية
تأتي منتجات البحر بصفة عامة في مقدمة كافة الأطعمة التي تنمي الذكاء، وتعمل على تطوير القدرات العقلية المختلفة، حيث إنها غنية بعنصر اليود بصورة طبيعية، كذلك تحتوي على أحماض الأوميجا الغنية عن التعريف والتي يرتبط نقصها بعلاقة وثيقة بنوع التغذية وذكاء الطفل وضعف التعلم والذاكرة، لذا فإنها خيار مثالي لصحة الدماغ، وتتضمن الأسماك الدهنية قائمة طويلة من الأسماء مثل السلمون والتونة والرنجة والسردين.
الخضروات ذات الأوراق الداكنة
تحمل هذه الخضروات قيمة غذائية سحرية، حيث تحتوي على نسبة عالية من الحديد بالإضافة إلى الزنك والنحاس والفيتامينات الضرورية للحفاظ على صحة الوظائف العقلية المتنوعة، وزيادة كفاءة النواقل العصبية بجانب تحسين أداء الجهاز العصبي المركزي بشكل عام، كما أن مضادات الأكسدة بها ليست بالقدر البسيط، وتضم الخضروات ذات الأوراق الداكنة، حيث السبانخ في المقدمة ثم يأتي البقدونس، والجرجير والبروكلي، وهي ذات علاقة قوية بنوعية التغذية وذكاء الطفل والتركيز.
المكسرات
لا أحد يغفل القيمة الغذائية المرتفعة للمكسرات بجميع أنواعها، حيث إنها مصدر ثري بأحماض الأوميغا، بالإضافة إلى فيتامين ب، وهو ما يعزز بنية خلايا المخ والجهاز العصبي المركزي، بحيث تتم العمليات الإدراكية المعقدة بسهولة ويسر.
البيض
يحتوي البيض على قدر جيد من البروتين، والبيضة الواحدة تحتوي على 13 جراما منه، كما أنه غني بمادة الكولين وهي ضرورية لنمو الذاكرة وتعزيز وظائف المخ، بالإضافة إلى فيتامين ب6 اللازم لتقوية الأعصاب ونواقل الإشارات العصبية وتعزيز وظيفتها، لذا فهو ضمن القائمة الخاصة التي تتعلق بأنظمة التغذية وذكاء الطفل التي يجب الاختيار منها ما يناسب كل طفل.
الحليب كامل الدسم
على غرار فوائد الحليب الجمة فيما يخص الصحة العامة وصحة العظام والأسنان، فإنه واحد من أكثر الأطعمة التي تخلق علاقة وطيدة بين التغذية وذكاء الطفل، حيث إنه يحتوي على حمض التيروسين الأميني الذي يقوي الذاكرة، بالإضافة إلى العديد من الفيتامينات والمعادن، والأحماض الدهنية غير المشبعة.
زبدة الفول السوداني
هي واحدة من الأطعمة المحببة لدى الأطفال بدرجة كبيرة، ما يجعل تضمينها في نظامهم الغذائي أمرا يسيرا، فالفول السوداني غني بالأحماض الدهنية غير المشبعة مثل الأوميجا 3، 9، بالإضافة إلى فيتامين E، ومجموعة متنوعة من مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا المخ من عوامل التلوث البيئي، وتقدم لها تغذية مضاعفة.
اللحوم
سواء كانت لحوما حمراء أو بيضاء فكلاهما ذو علاقة وثيقة بأنظمة التغذية وذكاء الطفل الذي يتأثر بها، حيث إنها تتضمن قدرا عاليا من البروتينات اللازمة لبناء الخلايا وتجدد الأنسجة، كما توفر الجليكوجين العضلي، بالإضافة إلى توافر مجموعة متنوعة من المعادن والفيتامينات الضرورية لنمو جسدي وعقلي سليم.
الفواكه التي تزيد ذكاء الطفل
تعد الفواكه خيارًا رائعًا لأنها غنية بالعناصر الغذائية المتنوعة، بالإضافة إلى مضادات الأكسدة التي تحمي كافة أعضاء الجسم من الإجهاد التأكسدي، وعلى غرار ذلك تناولها طازجة يحسن الحالة المزاجية، ويعزز من وظائف الدماغ، وذلك على النحو التالي:
الأفوكادو
غني بفيتامين B، وفيتامين A بالإضافة إلى حمض الفوليك والكوليسترول المفيد، وهو ما يعزز من صحة الدماغ، ويحفز المخ على خلق أفكار إبداعية.
الموالح
تضم الموالح قائمة عريضة من الفواكه التي ينصح بها ضمن أنظمة التغذية وذكاء الطفل التي يقوم بتحديدها الطبيب المختص، ومنها: البرتقال، الليمون، الفراولة، اليوسفي، التوت والمانجو وغيرها، وهي بمثابة منجم من الفيتامينات ولا سيما فيتامين سي، حيث فوائده للمناعة فإنه يدعم صحة الدماغ، ويزيد مستويات الذكاء بفضل تنشيط عمليات الأكسدة والاختزال بالمخ.
الموز
يحتوي الموز على أملاح معدنية ضرورية لصحة العقل مثل البوتاسيوم، حيث إن 100 جرام من الموز تحتوي على 358 مليجراما من البوتاسيوم.
وختامًا فإن التغذية وذكاء الطفل وجهان لعملة واحدة، حيث تتأثر بنية الدماغ وكفاءة وظائفه بالغذاء الذي يتناوله الطفل، لا سيما خلال السنوات الأولى من عمره، حيث فيهما يكتمل نمو العقل، إلا أن التغذية الجيدة وحدها لا تعطي نتائج سحرية، إنما يتطلب الأمر بذل مزيد من الجهد من الأبوين، وخاصة إذا تعلق الأمر بقصور في التحصيل الدراسي.