عادة ما تفوح الأجساد بروائح مختلفة من شخص لآخر، ولكن هناك بعض الروائح التي يجب أخذها بعين الاعتبار عندما ينضح بها الجسد، لأن روائح الجسم تكشف الكثير من الأسرار عن حالة الجسم الصحية، حيث إن النشاط الذي تتبعه خلايا الجهاز المناعي لمكافحة المرض، ينتج عنه روائح تختلف من مرض إلى آخر، ومكان انبعاث الرائحة منها أيضا، وهذا يعني أنها أحد أجهزة الإنذار الذكية للكشف المبكر عن المشاكل الصحية، التي تعاني منها وذلك على النحو التالي.
روائح الجسم المختلفة تنبئ بأمراض متعددة
تتوزع ملايين من الغدد العرقية على الجسد، وتفرز كميات متفاوتة من العرق على مدار اليوم، حيث قد يفقد الشخص البالغ ما يتراوح بين 700 مل إلى 1500 مل، من العرق خلال ساعة متصلة من ممارسة الرياضة، وهنا يجب الإنصات الجيد إلى الإشارات التي قد يرسلها جسدك إليك، وهي كالتالي:
رائحة عرق تشبه رائحة البول
يستمد البول رائحته من مادة الأمونيا، التي يتخلص منها الجسم عن طريق تصفية الدم داخل الكلى، وتنقيته من الأمونيا، والسموم والأملاح، ثم تطرد هذه المواد مع البول، وعندما يكون هناك خلل في هذا الأداء الوظيفي للكلى أو الكبد، يبدأ الجسم بالتخلص من هذه المواد عبر الغدد العرقية، وهو ما يسبب روائح الجسم الكريهة.
رائحة العرق نفاذة تشبه خل الطعام
حقيقة الأمر أن رائحة العرق النفاذة جدًا وغير المعتادة لدى الشخص، قد تنبئ بوجود أكثر من مرض يستدعي الرجوع للطبيب، وذلك للوقوف على التشخيص الدقيق، وهذه الأمراض قد تكون الإصابة بــ «داء المشعرات» وهو عدوى بكتيرية تصيب الشعر بمنطقة الإبط.
أما المرض الثاني فيكون مرتبطا بوظائف الكلى وقدرتها على تكسير مادة اليوريا، وعندما لا تفلح في ذلك فإن الجسم يتخلص منها عن طريق العرق، بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري، تكون هناك رائحة تشبه الخل منبعثة من أجسادهم، وذلك بسبب إطلاق المستقبلات وخاصة الأسيتون عبر الغدد العرقية فتصدر روائح الجسم الآسيتونية.
رائحة خميرة الخبز تظهر عند التعرق
إذا شممت رائحة الخميرة تفوح من الإبطين عند التعرق، فإن ذلك دليل أكيد على إصابتك بعدوى الخميرة، أما إذا شممت هذه الرائحة تنبعث من منطقة الحوض لدى النساء، فلابد من مراجعة الطبيب حيث إنها تعني أنكِ تعانين من عدوى الخميرة المهبلية والتي يجب علاجها بأسرع وقت.
رائحة عرق حامضة
قد يعاني بعض الأشخاص من رائحة تعرق تشبه رائحة الفواكه الحمضية، ومزيلات العرق لا تأتي بنتائج مرضية، بل إنها قد تزيد الأمر سوءا، وذلك يرجع في الغالب إلى أحد المسببات الآتية: إما أن البكتيريا التي تعيش على سطح الجلد تقوم بتحليل العرق، أو أنك تعاني من مشكلة بالعدد العرقية تسمى فرط التعرق.
رائحة عرق حلوة تشبه العسل
أن يفوح الجسد برائحة حلوة هو أمر محبب لدى الجميع، لكن إذا لم يكن الأمر يتعلق بمشكلة صحية، حيث إن هذه الرائحة تنبعث غالبا بسبب ارتفاع عدد الكيتونات بالدم، وارتفاع مستوى السكر بالدم وعدم إخضاعه للسيطرة.
نقص المعادن ورائحة الجسم الكريهة
عندما ينضح الجسم برائحة كريهة لا يجدي معها الاستحمام نفعا، كما أنها تكون أكثر وضوحا عند مناطق الجسم مثل الفم والأنف وفتحة الشرج والسرة، هنا يجب الرجوع إلى الطبيب ليصف بعض تحاليل الدم، التي توضح ما هو المعدن الناقص لديك والذي يسبب هذا الخلل.
حيث إن عنصر الماغنسيوم يساعد في التخلص من هذه الروائح، والاستهلاك المفرط للسكر، والكافيين والأطعمة المصنعة، كلها تسبب نقص هذا العنصر من الجسم، كما يصحبه تنميل بالأطراف وتشنج العضلات.
كذلك فإن وجود روائح الجسم المنفرة هذه، إلى جانب بعض اضطرابات الجهاز الهضمي مثل: التهاب القولون التقرحي ومرض كرون، غالبا ما يكون بسبب نقص مستويات الزنك في الجسم، فهو يساعد في التخلص من السموم وإدارة الفضلات.
رائحة الفم ودلالتها المرضية
روائح الجسم المنفرة خاصة رائحة النفس الكريهة أمر يؤرق الجميع، لكن سُبل التغلب عليها متعددة سواء بالفرشاة والمعجون، وخيط الأسنان أو حتى مضغ العلكة، فإذا لم تستطع القضاء عليها، فقد تكون هذه إشارة من الجسم لتنذر بمشكلة صحية ما، ذلك على النحو التالي.
رائحة البيض الفاسد
تأتي هذه الرائحة المزعجة نتيجة نشاط أحد أنواع البكتيريا، التي تستقر بالجهاز الهضمي وتعرف باسم H.pylori، قد لا يشعر البعض بأعراض مرضية أخرى في بداية الأمر، إلا أن هذه البكتيريا تسبب العديد من الأمراض مثل: ارتجاع المريء، الاضطرابات الهضمية وقرحة المعدة، وفي نهاية المطاف إهمال هذا النوع من روائح الجسم، قد يصل الأمر إلى الإصابة بسرطان المعدة، وجدير بالذكر أن التشخيص المبكر يقي من كل هذه المضاعفات، حيث إن المضادات الحيوية كافية للقضاء على بكتيريا H.pylori.
رائحة التفاح الحامض
يرتبط هذا الأمر بنسبة كبيرة بمستوى السكر في الدم، حيث عندما ينخفض مستوى الأنسولين، يبدأ الكبد في إنتاج الكيتونات لتعويض هذا النقص، وذلك يرتبط بمرض السكر غير المتوازن القائم على الأنسولين، وهو ما يسبب التعرق ذا الرائحة الحلوة، ورائحة النفس التي تشبه الفاكهة المتعفنة وخاصة التفاح.
نفس الصباح المزعج
إذا كان الشخص حريصا على تنظيف الأسنان قبل النوم، فلا يجب أن يستيقظ كل صباح برائحة نفس كريهة للغاية، وذلك لأن السبب الرئيسي في هذه الرائحة هو جفاف الفم الشديد، بسبب التنفس خلال النوم من الفم وليس الأنف، وهو ما يعرف بـ «توقف التنفس أثناء النوم»، وهو اضطراب نوم خطير يحتاج إلى مراجعة الطبيب، لا سيما إذا كنت تشعر بالإرهاق طوال النهار.
رائحة الفم الكريهة على مدار اليوم
إلى جانب أن الرائحة الكريهة منفرة ومزعجة، فإن الأمر يصبح أسوأ ومقلقا للغاية إذا اقترن بانبعاث رائحة عفن، بيض فاسد أو ثوم، وأنت لم تتناول أيا منها، وهنا يأتي التفسير الطبي ليشير إلى أنه، عندما يحدث خلل بوظائف الكبد أو تليف في بعض خلاياه، فإنه يفقد القدرة على التخلص من كافة السموم بالجسم، ووجودها بنسبة أكبر من المعتاد بالدم يسبب روائح الجسم تلك.
شمع أذن نفاذ
عندما يصاحب إنتاج الأذن من الشمع رائحة قوية، فإن ذلك قد يكون تنبيها بأن هناك مشكلة، مثل الشعر النامي، أو كيس دهني يتمزق ويسبب تهيجا، أو الإصابة بعدوى ما، فلا تهمل الأمر خاصة إذا كان هناك رغبة بالحكة أو تشوش في السمع.
رائحة سمك وإفرازات مهبلية
الإفرازات المهبلية المصحوبة برائحة سمكية أمر مريب للغاية، وهو علامة مصاحبة لأحد أنواع الالتهابات البكتيرية تسببها بكتيريا She-Ology، والتي تعيش بشكل طبيعي في المهبل، إلا أنها تصبح مرضا يستدعي العلاج الفوري عندما يتغير الوسط الحمضي للمهبل، وذلك أثناء الدورة الشهرية، وعدم الحرص على النظافة الشخصية بصورة جيدة أو ممارسة العلاقة الزوجية لفترة طويلة.
جدير بالذكر أنه لا يجب الحصول على أي من الأدوية للقضاء على هذه الرائحة، دون الرجوع إلى أخصائية النساء والتوليد، لأن بعض المضادات الحيوية قد تزيد الأمر سوءا.
رائحة براز أسوأ عن المعتاد
صحيح أن رائحة البراز دائما ما تكون كريهة، إلا أن تطور الأمر ليكون نتنا، أو إسهالا شبه دائم، إسهالا مصحوبا بدم، فإن ذلك يستدعي الخضوع للفحص، حيث إن الأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل اللاكتوز أو أحد أمراض القولون، تكون هذه الإشارة الأولى لديهم، ولكن يجب التأكد من أن تغير الرائحة ليس ناتجا عن تغير المحتوى الغذائي.
رائحة السمك المتعفن
إن متلازمة رائحة السمك Trimethylaminuria، هي مرض وراثي نادر وليس له علاج، فهي من روائح الجسم الكريهة التي تشبه رائحة السمك المتعفن، وذلك بسبب فشل إنزيم (FMO3) في تكسير مادة «ثلاثي ميثيل أمين» هو مركب كيميائي له رائحة كبريتية، حيث يوجد في بعض الأطعمة مثل: الفاصوليا، واللحوم، والبيض والحليب، والحل الوحيد هنا هو التقليل قدر الإمكان من تناول هذه الأطعمة.
وختامًا فإن الجسد بأكمله من الرأس وحتى أخمص القدمين، يصدر إشارات أولية للتنبيه بأن ثمة خطبا ما، وهنا عليك الإصغاء جيدا والاهتمام، حتى تتجنب حدوث أي مضاعفات خطيرة من الممكن حدوثها، وذلك لأن روائح الجسم تكشف طبيعة مرضك، فكن حذرا ولا تتهاون فيما يخص صحتك فهي كنز ثمين.