التخطي إلى المحتوى

أم المسلمين اليوم لصلاة الجمعة في المسجد النبوي فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي الحذيفي واستهل فضيلته خطبته الأولى عن التفكر في الدنيا والآخرة فقال : تفكروا في مدة الدنيا القصيرة ، وزينتها الحقيرة ، وتقلب أحوالها الكثيرة ، تدركوا قدرها، وتعلموا سرها ، فمن وثق بها فهو مغرور، ومن ركن إليها فهو مثبور، فقصر الدنيا بقصر عمر الإنسان فيها وعمر الفرد يبدأ بساعات ويتبع الساعات أيام وبعد الأيام الشهور وبعد الشهور العام وبعد العام أعوام ثم ينقضي عمر الإنسان على التمام ولايدرى ماذا يجري بعد موته من الأمور العظام وهل عمر من بعدك أيها الإنسان عمر لك .

فعمر المخلوق لحظة في عمر الأجيال بل الدنيا متاع ومعنى متاع مايلتذ به ويمتع به في وقته ثم ينتهي ذلك الوقت قال تعالى: {إِنَّمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} وقال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا} وقال سبحانه: {أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون }.

ثم تحدث فضيلته عن غفلة الإنسان في متاع الدنيا فقال : يامن أطغته صحته فعصى ، يامن أفسده فراغه فلها، يامن فتنه ماله فتردى، يامن أتبع هواه فقط وهوى ، يامن غره شبابه ونسي البلى، يامن استعان بنعم الله عليه فتمرد وطغى، ألم تعلم بأن الله لايعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، وأنه شديد العقاب .

أما آن لك أيها الغافل المعرض العاصي أن تتوب إلى ربك وتنيب ، أما آن لك أن تستيقظ من هذه الغفلة المطبقة وتستجيب، ألا تعتبر بالقرون القوية الخالية ومساكنهم الخاوية قال تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ (41) وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الْمُنتَهَىٰ }.

واختتم فضيلته خطبته الأولى بنصح المسلمين بالعمل للدار الآخرة فقال : فاعمل لدار الخلد التي لايفنى نعيمها ولا ينقص بل هو في مزيد ولا يعتري شباب أهلها الهرم ، ولا يخافون السقم ، قال الله فيها : { ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ۖ ذَٰلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34) لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } وقال تعالى : {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ }.

واتقوا النار التي لايفتر عن أهلها العذاب بامتثال أمر الله الأكيد واتقاء غضبه الشديد قال الله تعالى: {فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُم مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ } .

وتحدث فضيلته في خطبته الثانية عن فتح الله أبواب الرحمة فقال : إن الله قد فتح لكم أبواب الرحمة بما شرع لكم من فعل الخيرات وترك المنكرات فلا يغلق أحد على نفسه باب الرحمة بمحاربة الله بالذنوب فقد قال تعالى : {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } واغتنم أيها العبد زمن العافية عَنِ ابنِ عباسٍ – رضي اللهُ عنهما – قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: « نِعمَتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ: الصَّحَّةُ والفَّراغُ».