لا تناقش جلسة لمجلس الوزراء ملف الكهرباء إلا ويضربها التوتر العالي، فكيف في واقع الحال اليوم، حيث لا كهرباء ولا نقطة للبداية في اصلاح هذا القطاع لكثرة التعقيدات.
وجلسة مجلس الوزراء أمس تجاوزت «مطب» الخميس الفائت وتداعياته وطَوت الصفحة نسبياً مع ترك الرادارات مستنفرة لئلا يتكرر ما أقفل عليه في الجلسة السابقة، فعاد وزراء «الثنائي الشيعي» تحت تأثير اجتماعين لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع «الخليلين» رممّ في خلالهما بعض ما انكسر وتُرِك «للصلح مطرح» على أن لا يتكرر ما حصل، علماً ان «تلطيشة» ميقاتي في بداية الجلسة كانت «من خارج النص».
وبحسب ما اتفق عليه اخذت الموازنة طريقها الى مجلس النواب وطوي النقاش فيها من داخل الحكومة ولا تعيينات جديدة حتى ولو كانت من حصة «الثنائي الشيعي». لكن ومن حيث لم يكن في الحسبان، حصل التشنج والتوتر على خط رئيس الحكومة ووزير الطاقة. وفي معلومات «الجمهورية» ان الاخير عرض بإسهاب لخطة الكهرباء التي اعدّها بواسطة slides على شاشة كبيرة استعان بها داخل قاعة مجلس الوزراء باللغة الانكليزية وقد اعترض عدد كبير من الوزراء على عدم تزويدهم هذه الخطة باللغة العربية، فأكد لهم وزير الطاقة ان الترجمة لم تكن امينة مع النص، ولذلك سيعيد ترجمتها وقد يضع عنوانا لخطته هو «خطة النهوض المستدام في قطاع الكهرباء» مقسّمة على اقسام عدة وتتحدث عن ثلاثة مراحل: قصيرة، متوسطة، بعيدة الامد، متحدثاً عن تفاصيل الهدر التقني وغير التقني وسياسة رفع التعرفة ومعامل الانتاج عبر الغاز والفيول والتغويز والمراحل التي سيتم العمل فيها.
وشكر ميقاتي وزير الطاقة على العرض وشدد على تطبيق القانون 462 وخصوصا لجهة انشاء «الهيئة الناظمة»، رابطاً تصحيح التعرفة بزيادة ساعات التغذية، وطالباً الاسراع في التنفيذ. وقال لفياض «ما بقا فينا ننطر الى 2023»، يجب ان نبدأ وخصوصا بالخطوات الاصلاحية والبنك الدولي ينتظر منا اجوبة «بدنا كهرباء، عجّل وشوف شو بدك تعمل».
ودافع وزير الطاقة بشراسة عن خطته واحتدّت نبرته، ما دفع ميقاتي الى الصراخ عليه طالبا منه الصمت قائلاً: «سكوت ولا».
وعلى الاثر رفع رئيس الجمهورية الجلسة وتأجل النقاش في الكهرباء الى جلسة لم يحدد موعدها. وعلمت «الجمهورية» ان ميقاتي وفياض تصالحا بعد الجلسة على باب القاعة. وقد ابدى فياض ودّية تجاه ميقاتي الذي «واخَذَ نفسه على الكلمة». وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان سبب خروج ميقاتي عن طوره هو انه اصبح محرجاً امام البنك الدولي ورئيسه ساروج كومار الذي سيلتقيه قريباً، وكان يريد ان يحمل معه شيئاً بين يديه قبل ان يتوجه الى ميونيخ الخميس المقبل في زيارة ربما يتخللها عرض ألماني لوزارة الطاقة.
وكان مجلس الوزراء قد التأم بعد ظهر امس في جلسته العادية في القصر الجمهوري وبحث في جدول اعمال من 18 بندا ابرزها خطة الكهرباء، وطلب من وزارة الداخلية والبلديات الموافقة على التدابير الواجب اتخاذها لاجراء الانتخابات النيابية العامة للعام 2022 وتأمين الاعتمادات المطلوبة لهذه الغاية، اضافة الى بنود طارئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
ودعا عون، الذي التقى ميقاتي لبعض الوقت قبَيل الجلسة، الى ضرورة اعتماد «الميغاسنتر» في الانتخابات النيابية «لتمكين المواطنين من ممارسة حقهم الانتخابي من دون ان يضطروا الى الانتقال الى بلداتهم البعيدة عن أماكن سكنهم، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة ما يؤثر على نسب المشاركة».
وطلب ميقاتي من وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي اعداد دراسة عن الـ«ميغاسنتر» لدرسها في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء. وأكّد أن «البلاد امام تحديات عدة ودور الحكومة هو ان تحقق الاهداف الانقاذية التي شُكّلت من اجلها، وهذه المهمة الاساسية تبقى اهم من الجدل الذي لا طائل منه». وأضاف: «الشعب اللبناني يتطلع الى ان تحقق له الحكومة ما يريده من اصلاحات وخدمات، ويرفض اي خلافات يمكن ان تحصل». وتابع: «موازنة العام 2022 التي احيلت الى مجلس النواب دُرست على مدى اكثر من ثماني جلسات «على الفاصلة والنقطة»، وهي افضل الممكن في الوقت الحاضر حتى تؤمّن الانتظام المالي العام للدولة، ونحن محكومون بأرقام ووقائع لا يمكن تجاهلها».
وقد أقر المجلس البنود الواردة على جدول اعماله، وقرر فتح اعتماد اضافي استثنائي لتغطية نفقات الانتخابات النيابية المقررة في ايار المقبل بقيمة 320 مليار ليرة، ونقل اعتماد بقيمة 40 مليار ليرة من موازنة 2022 الى موازنة وزارة الداخلية والبلديات وفق القاعدة الاثني عشرية.
وطلب المجلس من وزير الطاقة والمياه وضع خطة لتنفيذ القانون 462 المتصل بتنظيم قطاع الكهرباء ودرس امكانية اعادة النظر بالتعرفة الكهربائية بالتوازي مع زيادة ساعات التغذية، ووضع خطة لبدء تركيب العدادات الذكية لتحسين التحصيل والجباية.