التخطي إلى المحتوى

في أبريل 2018، وقبل انطلاق ديربي مانشستر، هذا اللقاء الذي كان من المتوقع أن يتوج بعده طرف المدينة الأزرق بلقب البريمييرليج، ظهر بول بوجبا، نجم مانشيستر يونايتد، بقصة شعر جديدة، تضاف إلى قائمة لا تنتهي من قصات الشعر التي ساعده أحمد الصناوي، أحد أشهر حلاقي إنجلترا، في الظهور بها.

وبما أن الشياطين الحمر لم يكونوا قد حظوا بموسم جيد وقتئذ، وبما أن بول هو نجم الفريق الأول، لم يجد جاري نيفيل، ظهير اليونايتد الأسبق، حرجًا في توبيخ أغلى صفقات النادي آنذاك، مطالبًا إياه بإظهار المزيد من الاحترام لكرة القدم.

وبغض النظر عن النية التي أخفاها نيفيل خلف انتقاده لبوجبا، يتشارك الدولي الإنجليزي مع كثيرين في رفضهم لمظاهر الترف ‑إن صح التعبير- المتمثلة في حصول نجوم كرة القدم الحاليين على قصات شعر غريبة، والتي تعتقد شريحة عريضة من نجوم كرة القدم السابقين أنّها دليل دامغ على عدم الاكتراث بأمر كرة القدم، فهل هذا صحيح؟

بيكهام وآخرون

قصات شعر

في وثائقي “نيمار: الفوضى المثالية” من إنتاج منصة نتفليكس، ظهر قائد المنتخب البرازيلي في أكثر من مشهد مهتمًا بحالة شعره ومظهره، لكن المشهد الأبرز يعود لعام 2014، وتحديدًا أثناء استعداد منتخب السامبا لاستضافة كأس العالم، والتي استعد لها نجم برشلونة وقتئذ بصبغ شعره باللون الأصفر. هكذا تحديدًا كان شكل اهتمامه بالبطولة، أو هكذا أراد أن يُظهر للمتابعين.

في الواقع، تغيّرت أنماط تعامُل لاعبي كرة القدم مع متابعيهم منذ فترة ليست بالقليلة، حيث لم يعد التفاعل بين اللاعب وجمهوره على منصات التواصل الاجتماعي مقتصرًا بأي شكل من الأشكال على عرضه صورا حصرية من التدريبات أو المباريات التي يخوضها، بل أصبح التفاعل قائمًا على عرض اللاعب أدق تفاصيل حياته على الجمهور، بغرض حصد أكبر قدرٍ من الإعجابات، والتي تترجم تلقائيًا لأموال تدخل في حساب اللاعب، الذي تحوّل لشيء أشبه بالمؤسسات، التي تهدف لجني أكبر قدر من العوائد.

بالتأكيد، كان الإنجليزي ديفيد بيكهام أحد روّاد هذه الصيحة بمطلع الألفية الثالثة، أو قبل ذلك بقليل، حيث أثار منذ إطلالته الأولى الجدل حول حياته الخاصة، وجذب الانتباه داخل ملاعب إنجلترا وخارجها بقصات الشعر المختلفة التي لطالما اشتهر بها، والتي ضمنت له بشكل ما أن يبقى متصدرًا عناوين الصحف، بغض النظر عن مردوده داخل الملعب.

الشيء المشترك ما بين بوجبا، بيكهام ونيمار، كان إصرار معظم متابعيهم من النقاد على إيجاد رابط ما بين اهتمامهم المبالغ به بمظهرهم، وفشلهم في الوصول للمتوقع منهم طبقًا لإمكانياتهم، وهي وجهة نظر قد يتفق معها الكثيرون، لكنها تغفل الجانب الخفي من القصة، الجانب الإنساني.

قصات شعر جديدة = لاعب أفضل

قصات شعر

طبقًا لكارل أنكا، محرر ذي أثليتيك، ربما أساء جاري نيفيل فهم السبب خلف تغيير بوجبا قصة شعره ولونه عدة مرّات خلال الفترة السالف ذكرها، مفترضًا أن الأمر لا علاقة له بكونه فتىً مدللا، بل لأن بول كان يُدرك بقرارة نفسه أنه وفريقه يمرّون بفترة سيئة، ولم يكن تغييره لون شعره سوى طريقة للتعبير عن رفضه البقاء بعيدًا عن مستواه، حيث أراد أن يتوسّط بقعة الضوء مجددًا.

حقيقةً، لا نمتلك أدلة واضحة حول وجود علاقة طردية ما بين قصة شعر لاعب كرة القدم وأدائه في الملعب، لكن عوضًا عن ذلك، يخبرنا سيمون كوبر في كتابه “Soc­cer­nomics” أنّ لاعبي كرة القدم الناشئين عادةً ما يلجؤون لمثل هذه الحيلة لجذب انتباه الكشافة أثناء المباريات التجريبية.

بنفس الصدد، يرى الصناوي، أن شعر لاعب كرة القدم، كأي شيء آخر، يمكن أن يعد وسيلة اللاعب للتعبير عن ذاته، وهو ما يمكن اختصاره في عبارة نُسبت سابقًا لأسطورة الـ NFL، ديون ساندرز.

“تبدو بمظهر جيد، تشعر بالرضا عن نفسك، تلعب جيدًا، تسعد الجماهير، بالتالي تتقاضى المزيد من الأموال”، الأمر بهذه البساطة.

 السلطة الأبوية

قصات شعر

ومع ذلك، وعلى الرغم من سهولة تفهُّم وجهات نظر لاعبي كرة القدم من الأجيال الحالية، يرفض النجوم السابقون هذه الأطروحات، والسبب بسيط جدًا؛ وهو الرغبة في التمسُّك بالعادات والتقاليد، التي أنهت مسيرات مهنية، لم تكن تقل بأي شكل من الأشكال عن مسيرة بوجبا وغيره من النجوم الحاليين.

بأكتوبر 2020، أجرت مجلة “فور فور تو” العالمية حوارًا مع الدولي البرتغالي أبيل إكزافيير، نجم ليفربول السابق، للحديث حول مسيرته التي امتدت لنحو 15 عامًا، كانت معظمها بمطلع الألفية الثالثة.

وعند الحديث عن قصة شعره الفريدة، سرد لاعب إيفرتون السابق قصة طريفة حول صبغه شعره باللون الأصفر قائلًا:

“قبل انطلاق يورو 2000، ذهبت إلى مصفف شعر وقلت أريد تجربة مظهر مختلف، أعطاني الفكرة، لم أكن أتخيل تأثير التغيير، كان هناك الكثير من الاهتمام بي”.

لكن للقصة جانب سيئ، مظهر أبيل “الغريب” أثّر على مسيرته سلبًا، فحسبما ذكر، عند جلوسه على طاولة المفاوضات، طالبه بعص المدراء الرياضيين بتغيير تسريحة شعره ولونه، إن أراد أن يحصل على عقد، وهو ما رفضه دون تردد.

قصة إكزافيير ليست الأسوأ، بعد كأس العالم 1994، أعلن الاتحاد الأرجنتيني عن تولي دانييل باساريلا المسؤولية الفنية لمنتخب التانجو، وكان أول قراراته الانضباطية بجانب الاستعداد لخوض غمار تصفيات كأس العالم 1998 هي حظر الشعر الطويل وارتداء الحلقان.

كان هذا يعني إجبار الثنائي جابرييل باتيستوتا وفيرناندو ريدوندو على تغيير تسريحة شعرهما، وهو ما فعله جابي جول مرغمًا، بينما رفضه ريدوندو، الذي آثر اعتزال اللعب دوليًا على أن يتخلى عن شعره المتدلي.

في حديثه في ذلك الوقت، قال ريدوندو: “ربما في غضون 5 أو 10 سنوات سأندم على ذلك القرار، لكن بعض الأشياء لن أتنازل عنها”.

نهايةً، ربما تمثّل قصات شعر النجوم الكثير بالنسبة لهم، وقد تمثّل ما يتخطى كونهم مجموعةً من البلهاء الذين يمتلكون ملايين الدولارات، فأحيانًا، تكون قصة الشعر للاعب الكرة بمثابة انطلاقة جديدة، تمامًا مثلما كانت بالنسبة لليونيل ميسي في 2016 أو رونالدو الظاهرة في 2002.