في أيامنا هذه وفي ظل الانغماس في كافة الأمور الحياتية والسعي الدائم نحو التوفيق بين العمل والأسرة والالتزامات الأخرى، قد تجد نفسك تحت وطأة عدد من الضغوط اليومية التي تجهدك وتكدرك، لذا لا بد من حلول لتخفيف آثار ضغوط الحياة وإلا قد تتأثر صحتك الجسدية والعقلية، وهذا ما سنتناوله في موضوع اليوم.
حلول لتخفيف آثار ضغوط الحياة
“ألا بذكر الله تطمئن القلوب” آية قصيرة لكن تحمل في طياتها معاني كثيرة تتعلق بموضوعنا، وهي أن التوكل على الله واليقين بأن كل ما يحدث من خير أو شر هو لحكمة لا يعلمها إلا هو، سيساعد في ترك الضغوط النفسية جانبًا والتخلص منها.
جنبًا إلى جنب توجد عدة حلول لتخفيف آثار ضغوط الحياة الجسدية والعقلية التي يمكن اتباعها بحذافيرها، لضمان العيش في طمأنينة وراحة ومواجهة مشكلات الحياة بأريحية والتعامل معها على النحو الصحيح، وهذه الحلول كالتالي:
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
ممارسة التمارين الرياضية لا تعني بالضرورة أن تقوم برفع الأثقال في صالة الألعاب الرياضية أو الركض لمسافات طويلة وكأنك في تدريب على سباق ماراثون، ولكن قد يكون المشي لمسافة قصيرة في محيط عملك أو مجرد الوقوف بين الفينة والأخرى للتمدد خلال استراحة العمل راحة فورية تؤتي ثمارها على المدى الطويل وتجدد حيويتك ونشاطك، لا سيما في المواقف العصيبة.
حقيقةً فإن التمارين الرياضية أحد الحلول الفعالة والمجدية لتخفيف آثار ضغوط الحياة، من دورها إرخاء عضلات جسدك وتعزيز قدراتك العقلية، ولكن يجب أن تفعل ذلك بانتظام حتى تودي حركتك هذه إلى إفراز الإندورفين الذي يحسن من حالتك المزاجية على الفور، ركز على تحديد أهداف اللياقة التي تستطيع تحقيقها، حتى لا تستسلم وتقف في منتصف الطريق.
اتباع نظام غذائي صحي
يجب التيقن بأن النظام الغذائي الخاص بك يؤثر على كل جانب من جوانب حياتك، أثبتت بعض الأبحاث أن هؤلاء الأشخاص الذين يسيرون وفق نمط غذائي مشبع بالوجبات السريعة والمأكولات الغنية بالسكريات التي ترفع من مستويات السكر في الدم قد يكون لها مردود سلبي عليك، فضلًا عن ذلك فإن عدم استهلاك ما يكفي من المأكولات المشبعة بكل عناصر الغذاء قد يزيد من فرص الإصابة بانخفاض في العناصر الضرورية لتنظيم معدلات التوتر وتحسين الحالة المزاجية، كفيتامين ب وعنصر المغنيسيوم.
احرص على إدماج المزيد من الأطعمة المشبعة بالعناصر الغذائية كالمكسرات، البذور، البقوليات، الخضروات، حتى تضمن تقديم التغذية المناسبة للجسم، بجانب تعزيز قدرتك على الصمود ومواجهة ضغوط الحياة المزعجة.
التنفس العميق
يعد التنفس العميق أحد حلول تخفيف آثار ضغوط الحياة التي قد تبدو وكأنها مبتذلة عند كثيرين، ولكنها صحيحة ولها مفعول السحر على الفور في تخفيف الضغط عنك، حقًا ستندهش من تحسنك على الفور، ما عليك سوى اتباع الخطوات الموضحة أدناه التي تتضمن تمرين سهل يستغرق دقائق معدودة، ولكن نتائجه رائعة للغاية:
- اجلس في وضع مريح، أو يمكنك الاستلقاء.
- تخيل للحظات أنك على شاطئ أو أي مكان يمنحك الهدوء.
- قم بالشهيق والزفير ببطء وبشكل عميق، استمر في التنفس لمدة 3 دقائق مثلًا، مع التركيز على الرئتين خلال تمددهما بالكامل في صدرك.
- قم بهذا التمرين أكثر من مرة لتحقيق أقصى فائدة.
يجب التنويه إلى أمر ضروري وهو أن التنفس يجب أن يكون ببطء وبعمق كما ذكرنا، لأنه يعمل على زيادة الأكسجين وتصفية الذهن، أما التنفس السريع قد يتسبب في الإجهاد والإرهاق.
إرخاء عضلات الجسم
الإجهاد جزء لا مفر منه في الحياة، ولا يعني ذلك تجاهله، لأنه في حال عدم معالجته والتقليل منه، فقد تنجم عنه مشكلات صحية جسدية وعقلية خطيرة، في حال انتابك شعور بالتوتر والقلق من إثر ضغوط الحياة المتزايدة سواء كانت عائلية أو ضغطًا في مكان العمل، فقد يكمن الحل في إرخاء عضلات جسمك وإنعاشها من خلال بعض الإستراتيجيات المفيدة، بما في ذلك ما يلي:
- أخذ حمام دافئ ويمكن إضفاء بعض الزيوت العطرية التي تنعش الجسد وتخفف من حدة التوتر.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم.
- تدليك الجسد.
تخلص من أي مشتتات
حاول أن تعرف الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع تحت وطأة عدد كبير من الضغوط أو الشعور بالتوتر والاضطراب دومًا، لتتمكن من تطبيق حلول لتخفيف آثار ضغوط الحياة التي طالما تعانيها في معظم جوانب حياتك، أسأل نفسك: هل وظيفتك هي السبب، أم تنقلاتك، أم شخص ما قريب منك، أم واجباتك المدرسية، إذا تمكنت من تحديد السبب، فتحدث مع ذاتك وما إذا كنت قادرًا على استبعادها من حياتك أو حتى التقليل منها.
في حال فشلت في تحديد السبب الرئيسي وراء توترك أو اضطرابك، فيمكنك اللجوء إلى الاحتفاظ بمدونة لتدوين الوقت الذي تصبح فيه أكثر توترًا، ومن ثم معرفة ما إذا كنت تستطيع تحديد طريقة ما للتغلب على هذا الشعور.
خصص وقتًا للأنشطة الترفيهية
بين الفينة والأخرى يحتاج الإنسان إلى تخصيص وقت للاستمتاع بالأشياء التي تفضلها، حاول بشكل يومي أن تفعل شيئًا بشكل يومي يشعرك بالسعادة والرضا النفسي، ناهيك عن التخلص من الضغوط اليومية ونوبات التوتر التي تنتابك، ليس بالأمر الحتمي أن تقضي الكثير من الوقت للقيام بذلك، 15 أو 20 دقيقة قد تفي بالغرض المطلوب، ومن ضمن الهوايات التي تغير حالتك المزاجية ما يلي:
- قراءة كتاب مفضل لديك.
- الخياطة أو القيام بمشروع فني، إذا فقدت التواصل مع ولعك الفني فلم يفت الأوان لاستعادته، إذ قد يكون وسيلة رائعة للتخلص من التوتر وضغوط الحياة.
- مشاهدة فيديوهات هادفة.
- حل الألغاز.
- لعب الجولف.
تحدث مع الآخرين
إذا كان لديك الكثير من المشكلات في مكان عملك أو في محيط أسرتك، فإن البوح بها لأشخاص إيجابيين ومحبين للحياة أو أحد أصدقائك قد تسهم في تقليل حدة التوتر، أو يمكن اللجوء إلى التحدث مع الذات ومعظمنا يفعل ذلك عند الشعور بأن التواصل مع صديق أو أحد المقربين ليس خيارًا جيدًا في الوقت الحالي، ولكن ينبغي أن يأخذ الحوار منظور إيجابي وليس سلبي.
لذا من الأولى بك أن تولي اهتمامًا لما تقوله أو تفكر فيه عند شعور بالضغط أو الاضطراب، إذا كنت تقول لنفسك رسالة سلبية، فحولها إلى أخرى إيجابية، حتى يؤتي الحديث ثماره، فمثلًا: لا تقل لنفسك “لا أستطيع القيام بذلك” استبدلها بعبارة تحفيزية أخرى وقل: أستطيع فعل هذا أو سأبذل قصارى جهدي للقيام بذلك”.
ختامًا… وبعد التعرف على حلول لتخفيف آثار ضغوط الحياة يجب أن تعلم أنه لا يوجد مقياس واحد يلائم جميع الأشخاص، ما يصلح لك قد لا يصلح لغيرك، لذا من الضروري أن تقوم بحلول متنوعة ومتعددة عندما تشعر بالضغط أو التوتر الشديد، أنت الوحيد الذي يمكنه اختيار الإستراتيجية المناسبة لظروفك الحالية، ومن الأفضل أن تتخذ خطوات جدية وتفعل ما ذكرناه أعلاه من حلول، حتى لا تصبح فريسة لضغوط الحياة التي تطغى على صحتك النفسية، العقلية والجسدية.