غيّب الموت أمس، رجل الأعمال والدبلوماسي الإماراتي الأسبق، وأول مصرفي في الإمارات، مؤسس «مجموعة عيسى صالح القرق»، عيسى صالح القرق، بعد مسيرة حافلة من العطاء والتفاني في خدمة الوطن، تاركاً من بعده بصمةً لن تُنسى في قطاع الأعمال في الدولة، وذكرى طيبة في نفوس كل من عرفه ومن وصلتهم يده البيضاء، والطلبة الذين استفادوا من المنح الدراسية لمواصلة تعليمهم.
مصرفي ودبلوماسي
ونعى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، القرق، مقدماً سموه تعازيه إلى أسرته ومجتمع دبي ودولة الإمارات.
وقال سموه في تغريدة على موقع التدوين «»: «تعازينا لأسرة عيسى صالح القرق، وتعازينا لمجتمع دبي ومجتمع الإمارات بوفاته.. أول مصرفي إماراتي.. وأحد وجوه الدبلوماسية الإماراتية.. وأحد أهم رجال اقتصادنا الوطني.. وأحد أصحاب الجمعيات الخيرية والإنسانية بالدولة.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.. إنا لله وإنا إليه راجعون».
خيري وإنساني
بدوره، نعى سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رجل الأعمال القرق. وقال سموه في تغريدة على حسابه الشخصي في موقع التدوين «»: «رحم الله عيسى صالح القرق.. رجل الأعمال الخيرية والعمل الإنساني.. شخصية إماراتية بارزة، تركت بصمات واضحة في القطاع المصرفي والعمل الدبلوماسي.. تعازينا لأسرة الفقيد.. رحمه الله وأسكنه فسيح جنّاته».
مسيرة حافلة
وقد أسس رجل الأعمال الراحل «مجموعة عيسى صالح القرق»، كما شغل منصب رئيس مجلس إدارتها في الفترة بين 1960 و2022.
والتحق القرق بالعمل الدبلوماسي الإماراتي، وشغل منصب سفير دولة الإمارات لدى المملكة المتحدة وإيرلندا بين عام 1991 و2009.
وحصل على وسام الامتياز للإمبراطورية البريطانية برتبة قائد عام 1990، فيما كرّمه الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عام 1997، إذ قلّده «وسام زايد الثاني».
بدايات التأسيس
أسس عيسى صالح القرق مجموعته الاقتصادية في عام 1960، وتعد واحدة من أهم وأكبر خمس مجموعات أعمال عائلية في دولة الإمارات، إذ تضم أكثر من 30 شركة تعمل في مجالات اقتصادية ومالية وتجارية متنوعة، ويعمل فيها أكثر من 3000 موظف.
وتمثل محفظة أعمال المجموعة نحو 370 علامة تجارية عالمية، ضمن قطاعات الأعمال المتخصصة، بما فيها ستة مشروعات مشتركة.
وتنمو أعمال المجموعة بمعدل سنوياً يصل إلى نحو 15%، وتنشط في مكساوي قطاعات اقتصادية في خمس دول.
رؤية استراتيجيةانطلقت رحلة القرق قبل أكثر من ستة عقود في قطاع الأعمال، متسلحاً بالخبرة والمعرفة والرؤية الاستراتيجية، وهي القيم التي مهّدت الطريق لتأسيس «مجموعة عيسى صالح القرق»، وأرست دعائم نجاحها ونموها، حتى باتت إحدى أبرز مجموعات الأعمال في قطاعات البيع بالتجزئة، والإنشاءات، والصناعة، والعقارات.
وعلى مدى هذه المسيرة، كان حرص رجل الأعمال عيسى صالح القرق على ضمان التميّز التشغيلي، المحرك الدافع لنجاحات المجموعة وشراكاتها الطموحة التي أثمرت إطلاق: «القرق يونيليفر»، «سيمينز»، «القرق فوسروك»، «القرق سمولان»، «أكزونوبل لدهانات الديكور»، «سيمينز للرعاية الصحية»، و«سيمينز للنقل».
مؤسسة خيريةأطلق الراحل «مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية»، برأسمال كامل من الحساب الشخصي له، إذ إنه ومع تعدد المشروعات والأعمال الخيرية التي اعتاد القيام بها بتمويل كامل من حسابه الشخصي، وحرصاً منه على استمرار هذا العطاء، ظهرت فكرة إنشاء المؤسسة الخيرية. وقد اعتبر القرق أن إنشاء المؤسسة هو أفضل قرار اتخذه.
وبعد الاجتماع والتشاور مع أفراد الأسرة، جاء القرار في بداية عام 2010 بالبدء في إجراءات التأسيس القانونية، ومخاطبة الجهات الرسمية المسؤولة في الدولة.
وبناءً على ذلك، صدر المرسوم رقم 21 لسنة 2010، من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بإنشاء «مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية»، برأسمال ممول بالكامل من الحساب الشخصي للمؤسس، إضافة إلى «وقف» مجموعة من العقارات لأغراض المشروعات الخيرية التي تتبناها المؤسسة.
وطبقاً لرغبة المؤسس، فقد تم النص في النظام الأساسي على عدم قبول أي تبرعات أو أموال من أية أطراف أخرى خارج مجموعة شركات عيسى صالح القرق التجارية.
مشروعات متعددة
وتبنى الراحل مشروعات خيرية وإنسانية وثقافية، وأية أنشطة ذات نفعٍ عام، إذ عمل على تقديم كل أوجه الرعاية المادية والمعنوية للفقراء والمحتاجين والمعوزين، ومن في حكمهم. وكانت رسالة الراحل في جمعيته الخيرية: تقديم مساعدات في مجالات متنوعة، منها التعليمية والطبية، ومشروعات الإسكان الخيرية، وكفالة الأيتام، والمسنين، وبناء المساجد، ودعم الوعي بالتراث الإسلامي والحضارة الإسلامية، وغيرها من مجالات العمل الخيري والاجتماعي المختلفة.
كما عمل على استهداف فئات بعينها بالرعاية والمساعدة، من جمعيات ومؤسسات خيرية، وجامعات، ومستشفيات، ومراكز طبية، ومراكز بحث علمي، ومؤسسات مجتمعية، وأسر متعففة، وأفراد فقراء ومحتاجين، وأصحاب همم، ومسلمين جدد، وغيرها من الفئات.
حقائب مدرسية
كما عمل القرق من خلال المؤسسة الخيرية خلال العام الماضي على توزيع الحقائب المدرسية على 2500 طالب وطالبة بالمرحلة الابتدائية، كأحد أهم مشروعاتها الموسمية «مشروع الحقيبة المدرسية ومستلزمات القرطاسية»، لتوزيعها على طلبة المدارس للأسر محدودة الدخل.
وتم تجهيز 2500 حقيبة مدرسية شاملة الأدوات المدرسية الأساسية التي يحتاجها الطالب، لتوزيعها على الحالات المسجلة لدى «القرق الخيرية» من مختلف إمارات الدولة.
دعم «الجليلة»
وقدّم مبلغ 10 ملايين درهم لـ«مؤسسة الجليلة للأبحاث الطبية»، لدعم مشروع إنشاء مستشفى حمدان بن راشد الخيري، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إحياءً لذكرى المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، لتقديم الرعاية الطبية والعلاجية بالمجان لمرضى السرطان من غير القادرين في دولة الإمارات.
نصف مليون وجبة
وتبرع من خلال مؤسسة القرق الخيرية بنصف مليون وجبة لحملة «100 مليون وجبة»، التي نظّمتها مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، لإطعام الطعام في شهر رمضان في 30 دولة في العالم العربي، وإفريقيا، وأوروبا، وأميركا الجنوبية، وآسيا.
• مجموعة القرق الاقتصادية تضم أكثر من 30 شركة، ويعمل فيها أكثر من 3000 موظف.
حمدان بن محمد:
• «عيسى صالح القرق.. شخصية إماراتية بارزة تركت بصمات واضحة في القطاع المصرفي والعمل الدبلوماسي».
13 مليون درهم لدعم تدابير مكافحة «كورونا»
خصص الراحل عيسى صالح القرق مبلغ 13 مليون درهم لدعم التدابير الوقائية المتخذة في إمارة دبي، لدعم الاستعدادات الصحية، إضافة إلى مبادرة التعليم عن بُعد، الرامية للحفاظ على صحة وسلامة مئات الآلاف من الطلبة والطالبات، وأطقم التدريس والإدارة.
وجاء إسهام القرق في إطار رد الجميل للوطن، والنهوض إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتق جميع أفراد المجتمع ومؤسساته، مع تحمّل مجتمع الأعمال الجانب الأكبر من هذه المسؤولية الوطنية، التي لا يمكن التغاضي عنها أو التردد في تحملها كاملة.
الاهتمام بأصحاب الهمم
قدمت «مؤسسة عيسى صالح القرق الخيرية»، خلال العام الماضي، تبرعاً لـ«جمعية الإمارات لمتلازمة داون»، لدعم «الكونغرس العالمي لمتلازمة داون»، الذي أقيم افتراضياً في دبي في الفترة بين 18 و20 نوفمبر 2021، برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي.
ودائماً ما تولي مؤسسة القرق الخيرية اهتماماً خاصاً بأصحاب الهمم، إيماناً بضرورة دعم هذه الفئة، ودمجها مع المجتمع، وتفعيل قدراتها، ومعاونتها على التعامل مع الأشخاص والمجتمع بشكل أكثر راحة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news