التخطي إلى المحتوى

السؤال:

الملخص:

رجل تزوَّج من أجنبية، كان على علاقة معها لمدة سنة، وقد أسلمت، لكنه لا يشعر بالارتياح، ولا سيما أن أباه كان رافضًا هذا الأمر، ويسأل: ما النصيحة؟

 

تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

تزوجت امرأة أجنبية، كنت على علاقة لمدة عامٍ معها، ومؤخرًا تعلمتِ الإسلام، وبدأت الصلاة والصيام، فتزوجْتُها دِينًا، وكنت أشعر بالحماس لهذا الفعل، ولكن منذ زواجنا لا أشعر براحة البال وأشعر بشيء في قلبي، وثمة إحساس بالندم على هذه الخطوة، خاصة أني خضت في هذا الأمر رغمًا عن أبي، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فإنه معلوم أن هذه البلاد قلَّما تجد فيها – من غير المسلمات – امرأة عفيفة، فالزنا منتشر بينهم باسم الحرية الجنسية، وكون الفتاة عذراءَ عندهم دليلٌ على أنها منبوذة اجتماعيًّا فلا يقربها رجل، فليست العُذْرِيَّة عندهم دليلًا على الشرف في نظرهم؛ فقد فسدت فطرتهم كما فسدت من قبل فطرة قوم لوط.

 

وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجوز الزواج من الزانية، وإن كان جمهور العلماء على أنه يجوز الزواج منها، إلا أن الخلاف وحده دليل على شدة الإثم وعِظَمِ الأمر.

 

أنت كنت على علاقة معها لمدة عام قبل الزواج، لا توضح رسالتك نوع العلاقة، لكن سوف نفترض أنها مجرد علاقة تواصل ونحسن الظن بك كرجل مسلم، وها هي المرأة دخلت الإسلام وبدأت تصلي وتصوم قبل الزواج منها، وفي هذا خيرٌ كثير، حتى ولو كانت فعلت هذا من أجل الزواج منك، ومعلوم أن الإسلام يجُبُّ ما قبله، فهي يوم أن دخلت الإسلام غفر الله لها ما تقدَّم منها، وهي في هذا اليوم كيوم ولدتها أمها، بلا ذنب، متى تابت من كفرها وذنوبها توبة نصوحًا.

 

بالطبع لا يتخلص الإنسان من ماضيه وثقافته وعادته السابقة دَفعةً واحدة، فسوف يظل معها رواسب من جاهليتها الأولى، وها هو النبي صلى الله عليه ويسلم ينبِّه سيدنا أبا ذر إلى شيء من هذه الجاهلية ما زال معه فقال له: ((إنك امرؤ فيه جاهلية)).

 

عن المعرور بن سويد قال: ((رأيت أبا ذر رضي الله عنه وعليه بُردٌ وعلى غلامه بُرد، فقلت: لو أخذتَ هذا فلبِسْتَه كانت حلَّة، وأعطيته ثوبًا آخر، فقال: كان بيني وبين رجل كلام، وكانت أمه أعجمية فنِلْتُ منها، فذكرني إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: أسابَبْتَ فلاناً؟، قلت: نعم، قال: أفَنِلْتَ من أمِّه؟ قلت: نعم، قال: إنك امرؤ فيك جاهلية، قلت: على حين ساعتي هذه من كِبرِ السن؟ قال: نعم، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليُطعمه مما يأكل، وليُلبسه مما يلبس، ولا يكلِّفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه، فليُعِنْه عليه))؛ [متفق عليه واللفظ للبخاري].

 

فيلزمك أن تعرف هذا، وتنتبه إليه وتصبر عليها، مع العلم أن يجب عليك أن تعَلِّمَها الإسلام، فإن لم تكن أهلًا لهذا، وجب عليك أن تذهب بها لمن يعلمها، والأفضل أن تعلمها امرأة مثلها؛ درءًا للفتنة.

 

فإن ظهر منها الصلاح والرغبة في الالتزام فبها ونعمت، فأمسك عليك زوجتك، وإلا ففكر جيدًا في المستقبل، إن رزقكم الله بالأولاد، فكيف يصير حالهم مع هذه الأم؟ فإن رأيتها تصلح كأمٍّ، وأمِنْتَ على أولادك الفتنة في الدين، فأمسك عليك هذه المرأة، وإن خشيت على أولادك من الفتنة بسبب المجتمع واختلاطهم بأقارب أمِّهم غير المسلمين، أو إن كنت تشك يومًا أنها قد ترد عن الإسلام، وتأخذ الأولاد معها، فيصيروا إلى غير ملة الإسلام، فتوقف وفكِّر، وفارقها إن كان رِدَّتُها أو فسادها أقربَ، وخاصة أن القوانين في أغلب البلاد الأوربية تنتصر للمرأة، فتأخذ الأولاد من الزوج، وتجبره على الإنفاق عليهم.

 

أنت لم تذكر لماذا لا تشعر براحة البال، هل بسبب زواجك من هذه المرأة رغم أنف والدك؟ إن كان هذا، فهذا أمرٌ قد انقضى، فأحسِنْ إليه وتودَّدْ إليه، وإن شاء الله يرضى عنك، متى رأى صلاح هذه المرأة، وعلم أن الإسلام قد استقر في قلبها، وإن كان السبب هو زواجك منها بعد أن كانت بينكما علاقة، فتُبْ منها واستغفر الله، وأكْثِرْ من العبادة، وفِعْلِ الخيرات، واعلم أن لك أجرًا عظيمًا بسبب إسلام هذه المرأة، ونجاتها من النار بإذن الله وتوفيقه.

 

يسر الله لك أمرك، وهدى زوجتك إلى ما يحبه ويرضاه.