أماطت الجلسة الأولى لمجلس النواب اللثام عن تغييرات جوهرية في المشهد العام، وبات الجميع يسلم بقواعد جديدة داخل تركيبة السلطة في كيفية إدارة البلاد وسط تساؤلات عديدة عن كيفية التعاطي مع مرحلة مقبلة شديدة الحساسية ومفصلية بإمتياز.
في المقلب البرلماني ، استطاع حزب الله تأمين رافعة لإعادة انتخاب الرئيس نبيه بري للمرة السابعة على التوالي وهو إنجاز لا يمكن الاستخفاف بتحقيقه في ظل صراعات الحليفين حركة امل و التيار الوطني الحر . في المقابل لم تستطع القوات اللبنانية تامين التفاف نيابي حولها يتيح لها لعب دور العمود الفقري لجبهة معارضة داخل المجلس النيابي.
اما في البعد السياسي ، فإن انتخاب بري بالنصف زائد واحد له مدلولات عديدة ينبغي التوقف عند تبعاتها عشية الدخول في معترك تشكيل الحكومة وعلى عتبة الاستحقاق الرئاسي بما يحوي من معارك سياسية ضارية، فمن البديهي حاجة ائتلاف الثلاثي الحاكم حزب الله و حركة امل والتيار الوطني الحر إلى ابرام تفاهمات مع القوى الأخرى التي تخطت عتبة الاقلية وباتت تنافس على المنخار. هذا فضلا عن صلابة التحالف المذكور،في ظل اصرار النائب جبران باسيل على التمايز عن حلفائه قدر الممكن، بل و التعامل معهم “على القطعة” خارج الثوابت الاستراتيجية المتعلقة بسلاح حزب الله كما كيفية إدارة الحكم في ظل الاجواء الاقليمية المتلبدة ، وهذا ما يعتبر أشد غضاضة سياسيا عن ملاحقة تمدد القوات نيابيا ومن ثم سياسيا.
تفيد مصادر متابعة بأن مشروع الآقليات النيابية هو بمثابة إعادة الاعتبار إلى روح إتفاق الطائف لناحية مبدأ الفصل في السلطات، خصوصا أمام رأي سائد بأن إتفاق الدوحة أرسى أعرافا خصوصا لناحية الميثاقية او ما يسمى الثلث الضامن او المعطل داخل السلطة الاجرائية .وتشير المصادر المذكورة إلى صعوبات بالغة في المرحلة المقبلة خصوصا لناحية تشكيل الحكومة على اسس مختلفة او حتى مقاربة الانتخابات الرئاسية، ما يعني حكما، الدخول في حالة من انعدام الوزن بدأت تلوح مصاعبها بمجرد طرح تسمية لرئيس الحكومة، وهذا ما تلقفه النائب جميل السيد لناحية إعادة الثقة النيابية في الحكومة الحالية وتمرير المرحلة حتى الخريف بأقل الخسائر الممكنة، وهي محاولة محفوفة بالمخاطر وفق بعض الاراء خصوصا في ظل رؤوس حامية تعتبر انها حققت إنجازات في الانتخابات النيابية ترغب بصرفها في الحكومة كما في الرئاسة.