منذ بداية ظهورها وبعد مرور سنوات، لم تكن تلك الهواتف الذكية باهظة الثمن كما هو الحال الآن ولأول مرة أصبحنا نرى في السنوات القليلة الماضية هواتف رائدة تتخطى حاجز الـ 1000 دولار وعلى ما يبدو فإن المنحنى الخاص بأسعار الهواتف الذكية سوف يستمر بالاتجاه الصعودي ولن يتوقف قريبا، وهنا يتبادر سؤال مهم في أذهان الكثير، ما سبب ارتفاع سعر الهواتف الرائدة أو الفلاجشيب، تابع قراءة المقال لتعرف هل الأمر يرجع لطمع الشركات أم هناك أسباب وجيهة.
ميزات كثيرة وقوية
ليس سراً أن الهواتف الذكية تزداد قوة كل عام. وبالنسبة لسوق الهواتف الرائدة، ترتفع توقعات المستخدمين بشكل كبير وحتى تواكب الشركات المصنعة توقعات مستخدميها وتضمن رضاهم، تعمل على تدعيم أجهزتها الرائدة بالميزات المذهلة والتي تشمل شاشات أفضل وتقنية LTPO وكاميرات أكثر وأقوى ورامات أعلى وبالطبع مساحة تخزينية أكبر وبالطبع هذه الميزات لا تأتي دون مقابل، حيث تعمل الشركات العملاقة على الاستثمار في البحث والتطوير للوصول لتلك الميزات وتقوم بتحميل المستهلك تلك التكلفة.
التضخم
على الرغم من أن الميزات القوية التي تتمتع بها هواتف الفلاجشيب قد يبدو سببًا كافيًا لتبرير ارتفاع أسعارها إلا أننا لا يمكن أن ننسى التضخم الذي يلعب دورًا فعّالا في زيادة أسعار الهواتف الذكية ويجب أن تعرف بأن التضخم يؤثر على كافة الصناعات وليس الهواتف الذكية فقط. تنشر الحكومات معدلات التضخم السنوية والتي تقيس بشكل مباشر كيف تغيرت تكلفة السلع خلال العام الماضي.
لنستخدم مثالاً لتوضيح هذه النقطة. جهاز آي-فون 6 تم إطلاقه في 2014 بمبلغ 649 دولارًا. وفقًا لحساب التضخم الأمريكي، فإن هذا السعر يعادل اليوم 793 دولارًا بسبب معدل التضخم التراكمي البالغ 22.1٪.
وفقا للتضخم المصري (المتوسط حوالي 20%)، آي-فون 11 الذي تم إطلاقه في 2019 مقابل 12900 جنيه مصري (699$) يعادل هذا السعر اليوم في 2022 حوالي 15535 جنيه مصري.
هذا ما يفعله التضخم، يقوم بخفض قيمة العملة لتصبح أقل يوما بعد يوم مما يؤدي لارتفاع الأسعار وكلما زاد التضخم، سوف يتعين عليك دفع المزيد لشراء نفس الكمية من السلعة التي كنت قادرًا على شرائها قبل عام أو عامين. وبالتالي، تحتاج شركات الهواتف الذكية لرفع أسعار أجهزتها لمواجهة التضخم وكالعادة يتم تحميل التكلفة على المستهلك.
مكونات الهواتف الذكية
تكلفة مكونات وقطع غيار الهواتف الذكية يزداد أيضا ووفقا لشركة أبحاث السوق Counterpoint Research فإن مكونات آي-فون 12 بلغ تكلفتها 415 دولارا بزيادة قدرها 21% عن مكونات آي-فون 11 بجانب 23 دولارا إضافية لشاشات OLED وحوالي 34 دولارا أخرى بسبب دعم شبكات الجيل الخامس 5G.
حتى إن المكونات التي تقوم أبل بتصميمها بنفسها وتشكّل 16.7% من تكلفة الجهاز الإجمالية ارتفعت هي الأخرى، والأمر ينطبق على باقي شركات تصنيع الهواتف الذكية التي لديها هواتف رائدة يجب أن تقوم بترقيتها من حين لآخر حتى تواكب توقعات المستهلكين وتنافس الشركات الأخرى وبما أن الأجزاء والمكونات تصبح باهظة الثمن، لن تتحمل الشركات تلك التكاليف، شخص ما يجب أن يدفع ثمنها، وهذا الشخص هو أنت.
تكاليف التصنيع
ليست المكونات وحدها من ارتفعت فقط، حتى عملية التصنيع أصبحت مُكلفّة، لكي يتم تصنيع تصميم جديد بحجم معين وميزات مبتكرة وجديدة، الأمر ليس سهلا أو رخيصا، هل تعرف السبب وراء وجود هواتف رائعة بأسعار رخيصة، الشركات المصنعة لتلك الهواتف لا تُقدم أو تبتكر شيئا جديدا، كل ما عليهم فعله هو إعادة استخدام أحد التصاميم القديمة وبما أن عملية التصنيع أصبحت أكثر كفاءة يتم خفض التكاليف وتظهر هواتف بأسعار رخيصة.
أحدث مثال هو آي-فون SE، أحد أسباب قدومه بسعر أقل مقارنة بأجهزة الآي-فون الأخرى، أن أبل أعادت استخدام تصميم آي-فون 8 واستبدلت فقط المعالج وبعض الأجزاء الأخرى وانتهى الأمر.
التكاليف المرتبطة بالمبيعات
الأمر لا يتعلق بالتضخم والمكونات وعملية التصنيع فقط، هناك أيضا الشحن والإعلانات وتكاليف التشغيل والعمليات المرتبطة بالمبيعات ولن ننسى بالطبع الضرائب وكما قلنا منذ قليل، مكونات آي-فون 12 بلغ تكلفتها 415 دولارا ومع الإعلانات والشحن والضرائب وتكاليف التشغيل، يصل سعر آي-فون 12 عند التاجر إلى 699 دولارا وهكذا يكون الجميع سعداء، أبل والبائع وشركة الاتصالات، ليس أنت.
نحتفظ بأجهزتنا لفترة أطول
تتناقص مبيعات الهواتف الذكية هذه حقيقة يعرفها الكثير، وأحد العوامل الرئيسية وراء ذلك أننا أصبحنا نحتفظ بأجهزتنا لفترة أطول من ذي قبل، هذا يعن انخفاض في المبيعات، ولكي تواجه الشركات هذه المشكلة وتحافظ على أرباحها، تزيد من الأسعار، ولهذا تجد أن مبيعات الهواتف في اتجاه هبوطي منذ 2019 إلا أن الإيرادات الخاصة بالشركات كانت ثابتة بشكل عام والسبب هو رفع الأسعار ووفقا لشركة أبحاث السوق Counterpoint Research فإن عائدات الهواتف الذكية نمت لأعلى مستوى لها على الإطلاق عند 448 مليار دولار في 2021 وكان لأبل حصة الأسد بحوالي 44% أي 196 مليار دولار من المبلغ الإجمالي.
سلعة كمالية
إذا كنت بحاجة إلى هاتف ذكي، هناك العديد من الخيارات المتاحة والتي سوف تتناسب مع ميزانيتك أيًا كانت، أما الهواتف الرائدة فيمكن القول بأنها أصبحت سلعة كمالية يمكنك العيش بدونها ولن يحدث شيئا وإذا كنت تبحث عن قيمة حقيقية لمالك، فسوف تجدها في فئة الهواتف المتوسطة أما شراء هاتف رائد يعني أنك تدفع مقابل الرفاهية لأن تلك الأجهزة أصبحت سلع فاخرة.
في النهاية، هذه كانت الأسباب وراء ارتفاع أسعار الهواتف الذكية عامة والرائدة خاصة حيث أصبحت الهواتف الرائدة (الفلاجشيب) قوية كما كانت دائمًا مع الكثير من الميزات الجديدة لدرجة أنها أصبحت من السلع الفاخرة كما يلعب التضخم دورا مهما ومع غلاء المعيشة، يحتفظ الأشخاص بهواتفهم لفترة أطول من السابق مما يجبر الشركات على رفع الأسعار وتحقيق الأرباح وعلى ما يبدو سوف يستمر هذا الاتجاه في المستقبل القريب وأيا كان السبب، فأنت من يدفع الثمن.
في رأيك، ما هو السبب الحقيقي لارتفاع أسعار الهواتف، أخبرنا في التعليقات
المصدر:
makeuseof