قال الباحث والمؤرخ خالد الحميدي ، إن السياحة التاريخية وزيارة المواقع الأثرية والاستمتاع بما تحويه من إرث ثقافي يعبّر عن ثقافة إنسان ذلك المكان، ويجسد الموروث والمخزون الثقافي والاجتماعي للمناطق من أهم الروافد التي تشكل دعمًا للسياحة الوطنية معًا. وبيّن “الحميدي” أنه “لذلك نجد أن كثيرًا من المهتمين بالسياحة والقائمين على برامجها يحرصون على وجود فقرات تاريخية ضمن البرنامج السياحي كزيارة المساجد ودور العبادة القديمة والقصور والمشاهد وما إلى ذلك، وقد يعتقد بعضهم أن مثل هذا النوع من السياحة يستهوي فقط شريحة كبار السن أو متعاطي الثقافة والمعرفة، لكن مع الانفتاح الحاصل في وسائل التواصل الاجتماعي نلاحظ بشكل جلي الاهتمام الكبير والمتزايد الذي يوليه الشباب والفئات السنية الأصغر بهذه السياحة، بل إنهم انتقلوا من دور المتلقي للمعلومات التاريخية إلى صياغتها وصنعها باحترافية عالية، خصوصًا أن ذلك يدور في ملعبهم الذي يجيدون اللعب فيه بإتقان وهو الوسائل الإلكترونية الحديثة للتواصل الاجتماعي”.
وأضاف أن هذا التوجه في الحقيقة من الأمور الصحية التي تُحمد في شبابنا إذا تعلق ذلك بإبراز موروثنا الوطني السعودي والتركيز على المواقع التاريخية والأثرية المنتشرة في ربوع الوطن، وصناعة محتوى يواكب تطلعات هذه الفئة بما يلبي شغفهم، مستقبلين ذلك من صناع لذلك المحتوى من فئتهم العمرية نفسها. وأضاف “الحميدي” أنه لعل تسجيل عددٍ من المواقع في المملكة العربية السعودية (كموقع حمى بنجران) كمواقع تراث عالمي يشجع كثيرًا منهم على ذلك، لكن مع كل هذا نجد من هؤلاء الشباب، ولاسيما مشاهير السناب، ما إن يبدأ موسم السياحة والسفر إلا وقد حزم أمتعته، وتفنن في تصوير مناطق تاريخية حول العالم قد لا تهم في بعض الأحيان المتابع العربي فضلاً عن السعودي، مع وجود كنز تاريخي وتراثي في كل مناطق المملكة كفيل بأن يثري المحتوى الذي يقدمونه، بالإضافة إلى خدمة تراثهم الوطني والمحلي وإبرازه، ولا نزال نشاهد بين الفينة والأخرى كثيرًا من الأجانب الذين يعبرون عن دهشتهم لوجود هذا الزخم التاريخي والتراثي البِكر في مختلف مناطقنا.
وأشار إلى أنه “عند مقابلة هؤلاء “السنابيين” -إن صح التعبير- وسؤالهم: لماذا هذا العزوف؟ يكون الجواب الجاهز بأن الجهات المعنية لم تُهيئ تلك المواقع التاريخية والتراثية لتكون مزارًا يجذب السائح، سواءً بالتعريف بها وتوفير المعلومات عنها، أو تسهيل الوصول إليها”. واختتم “الحميدي” قائلاً إنه “بالرد على مثل هذا القول، حتى وإن كان فيه شيء من الصحة بأن الاجتهاد والتطوع مع الجهات المعنية بالسياحة الداخلية والبحث عن المعلومات لنصبح نحن مصدرها، سوف يكون أقل من الجهد وتكبد المشاق في الخارج كحواجز اللغة والطبيعة والثقافة، وهذا العمل سيعزز انتماءنا لبلدنا وينقل موروثنا وتاريخنا للأجيال المقبلة بنسق يناسب نمط حياتهم في المستقبل، بما يخدم أيضًا رؤية المملكة ٢٠٣٠ لجعل السعودية محط أنظار العالم وإحدى الوجهات المميزة، وهذا هو المطلوب وأقل ما يقدمه مشاهير السناب لوطنهم ومجتمعهم”.
المصدر: سبق.