“ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين”..فرض الله تعالى على عباده المستطيعين حج بيت الله الحرام، وجعل الحج المبرور الذي لا يخالطه فسوق أو فجور أو جدال مكفرا للذنوب والآثام، وعلى كل قاصد لبيت الله الحرام الاقتداء بقائد ركب الحجيج الأول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه وسنته، حيث قال نبينا الكريم “خذوا عني مناسككم”، لذا كان لزاما على كل من يقصد بيت الله الحرام بنية الحج أو العمرة أن يتعلم الهدي النبوي لأداء المناسك، حتى ينال الأجر على حجه من الله تعالى.
ومع اكتمال توافد ضيوف الرحمن من حجاج دولة قطر إلى الأراضي المقدسة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، تتوق نفوس من كتب الله لهم حج بيته الحرام إلى أداء المناسك على وجهها الأكمل حتى ينالوا الأجر العظيم من هذه الفريضة التي تهدم ما قبلها وتعد السبيل لمغفرة الذنوب ودخول الجنة، إذ يعود المسلم من أداء مناسك الحج مغفورا له خاليا من الذنوب كيوم ولدته أمه، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
ولفريضة الحج معان وفضائل يتوجب على الحاج استشعارها قبل الإحرام والشروع في أداء المناسك، أولها الرغبة في مغفرة الذنوب ونيل الجزاء العظيم، وكذلك لأداء الفريضة شروط وأركان وواجبات وسنن يجب الإلمام بها والحرص على الالتزام بها وتأهيل النفس لها، فضلا عن عدد من المحظورات الشرعية التي يجب توخي الحذر من الوقوع فيها.
ومناسك الحج هي التي أراها الله عز وجل لنبيه وخليله إبراهيم عليه السلام، وتنقسم إلى أركان وواجبات، وسنن، أما أركان الحج فهي الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الإفاضة بعد الوقوف والسعي بين الصفا والمروة وإزالة شعر الرأس أو بعضه، بينما تتمثل واجبات الحج في الوقوف بمزدلفة والمبيت بمنى وطواف الوداع ورمي الجمرات، ومن السنن طواف القدوم، والتوجه إلى منى في اليوم الثامن من ذي الحجة لقضاء يوم التروية.
ومن المناسك التي يؤديها الحاج:
الإحرام
وتبدأ مناسك الحج بالإحرام ، حيث يتحلل الحاج إن كان متمتعا، أما إن كان قارنا أو مفردا، فلا يتحلل، ويستحب للحاج أن يغتسل غسل الإحرام ويأتزر بإزار ويرتدي برداء، ويكونا أبيضين، وفي أي شيء أحرم جاز، ثم يصلي ركعتي الإحرام يقرأ فيهما بما شاء، ولا ينوي الدخول في الإحرام حتى يستوي على راحلته، ويقرن النية بالتلبية، وهو ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يزيد على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ينقص منها، وهي /لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك/، ويرفع صوته بالتلبية، ويستحب للحاج تكرارها عند إقبال الليل وإدبار النهار، وعند مزدحم الزقاق، وعند صعود الروابي، وهبوط الأودية.
محظورات الإحرام
إذا أحرم الحاج ، حرم عليه بإحرامه، ستر رأسه مجسده بالمخيط وغيره، وليس له لبس الخف والسميك، وإن فعل شيئا مما ذكر عامدا افتدى، وأثم، فإن كان لعذر حر أو برد أو مرضى افتدى، ولا إثم، فإن كان ساهيا فلا إثم ولا فدية، كما يحرم عليه الطيب ودهن الرأس واللحية، ولا بأس بدهن الجسد، وله أن يسرح شعره ولحيته ما لم يؤد إلى قطع الشعر، وله أن يحك رأسه وجسده بيده وغيرها، ولا يخضب شعره.
ويحرم على الحاج كذلك إزالة شعر الرأس واللحية والجسد بالحلق وتقليم الأظافر، فمن فعل ذلك بعذر فلا إثم عليه، وعليه الفدية، ومن فعله عامدا أثم وعليه الفدية، كما يحرم عليه النكاح، إذ أنه مفسد للحج وموجب للكفارة لمن فعله عامدا،ويحرم عليه أيضا الصيد البري المأكول،والمرأة في هذه المحرمات كالرجل، إلا أنها تلبس القميص والسراويل والقناع والخف وجميع أنواع المخيط، ويلزمها كشف وجهها، ولا يلزم الرجل كشف وجهه، والأفضل أن يكشفه.