جاء في “المركزية”:
رغم الأوضاع المعيشية الكارثية التي جعلت اللبنانيين بالكاد قادرين على تأمين لقمة العيش، فرضت المدارس الخاصة دفع ما سميّ بـ “مساهمة بالدولار” في الأقساط المدرسية تتراوح ما بين الـ 250 والـ 1000 $ أو حتى أكثر حسب المدرسة. بعدها، وقبل انطلاق العام الدراسي، تفاجأ ما تبقى من أهالي لديهم القدرة المادية على تعليم أولادهم بأسعار الكتب الخيالية إذ بعضها يفوق ملايين الليرات أما الكتب المستعملة فليست موجودة بكميات كبيرة في المكتبات لأن الاهالي راحوا يتبادلونها مباشرةً في ما بينهم، علهم يخففون عنهم بعضا من الحمل المرهق. كل ذلك ولم يتم بعد التفكير بالقرطاسية الإلزامية للعام من دفاتر وأقلام وغيرها وأسعارها أيضاً باهظة جدّاً، فبعض الدفاتر تتراوح أسعارها مثلاً ما بين الـ 100 والـ 300 ألف ليرة لبنانية.
عن هذا الوضع ومصير القطاع ماذا يقول أمين سر نقابة المكتبات جوزف طعمه؟
في حديث لـ “المركزية” يوضح طعمه أن “التقارير عن الحركة في المكتبات لم تصدر على مستوى البلد لأن الوقت لم يسمح بعد بجمع كلّ المعطيات، إلا أن الانطباع الأولي يوحي بأن الحركة مقبولة قياساً بالسنوات الثلاثة الماضية حيث كان الوضع كارثيا والمبيع منعدماً بسبب كورونا والتعليم عن بعد”.
ويلفت إلى أن القطاع يعمل بنوعين من الكتب: “الرسمية والتي كانت توزّع على المدارس العامة والكتب التي تباع لطلاب المدارس الخاصة. بالنسبة إلى الأولى، تبرعت اليونيسيف بتكاليفها السنة الماضية وتمنينا، عبر إرسال أكثر من كتاب، بأن يتم توزيعها كما جرت العادة عبر المكتبات إلا أن لم نتمكن من الحصول على أي جواب وتم توزيعها مباشرةً فحرمت حينها المكتبات من جزء أساسي من أرباح موسمها. هذه السنة تواصلنا مع المركز التربوي المكلف بتصنيعها فأبلغنا أن اليونيسيف لم تتبرع هذه السنة بالبضائع ولا المركز يملك تمويلاً كافياً يسمح له بالطبع، ما يعني أن طلاب المدارس الرسمية اليوم من دون كتب ولا نعرف مصيرها حتى أن جزءا من المدارس الخاصة يعتمد الكتاب الرسمي لا سيما كتب التربية وغيرها في الصفوف الثانوية”.
أما في ما خصّ أسعار الكتب، فيشرح طعمه أنه “تم الاتفاق ما بين وزارة الاقتصاد ونقابة الناشرين المدرسيين على احتساب سعر الكتب الوطنية بنسبة 76 في المئة من سعر صرف الدولار في السوق السوداء أما الكتاب المستورد والذي يدفع ثمنه بالفريش دولار يباع حسب سعر السوق اليومي”.
ويشير إلى أن ندرة الكتب المستعملة في المكتبات سببها “اتخاذ المدارس قراراً باستخدام الكتب نفسها التي اعتمدت خلال السنوات الفائتة، نظراً للأونلاين والكورونا وفرق الأسعار الناتج عن تراجع قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار ما أدّى بالمكتبات إلى خفض ارباحها ورغم ذلك لا تزال الأسعار تعتبر باهظة بالنسبة إلى الأهل”.
وبالنسبة إلى القرطاسية والمواد الأولية لتصنيعها فيؤكّد أنها “متسوردة بغالبيتها ومن الطبيعي أن تتأثر بسعر صرف الدولار”.
وتعقيباً على جولة المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد ابو حيدر أمس على عدد من المكتبات في سوق صيدا التجارية ومحيطها والتي نتج عنها تسطير محاضر ضبط في حق المخالفين، يقول طعمه: “النقابة لا تغطي أي مكتبة مخالفة وبعد زيارة أبو حيدر تواصلنا معه وأبدى تفهمه بعد أن أوضحنا له أن نقابة الناشرين المدرسيين تُعلم المكتبات بالتسعيرة كل يوم إثنين وفقط إذا تخطاها الدولار ارتفاعاً أو انخفاضاً بنسبة 10% من السعر المعتمد تصدر تسعيرة جديدة. منذ اسبوعين حتى اليوم بقي التسعير ثابتاً على سعر صرف 33000 ليرة، بالتالي تحتسب أسعار الكتب على سعر صرف 25000 ليرة (76% من السعر الفعلي) وخلال أسبوعين لم يتجاوز سعر الصرف الـ 10% صعوداً بل وصل إلى 35000 ليرة، لذلك لم يصدر سعر رسمي جديد. من حق وزارة الاقتصاد تسطير محضر ضبط في حق المكتبة التي تخالف هذا القرار، إلا أن في المقابل وبما أن حركة سعر الصرف سريعة، من شبه المستحيل على المكتبة تغيير سعر الكتب أكثر من مرة في الأسبوع وستحتاج في هذه الحالة إلى فريق يهتم فقط بتبديل الاسعار وهذا إجراء غير عملي، لذا توافقت وزارة الاقتصاد ونقابة الناشرين المدرسيين على أنه مسموح احتساب السعر المسجّل على الصندوق على ألا يزيد عن 76% من نسبة سعر الصرف المعتمد رسمياً وهو 33000 ليرة”.
ويختم: “المكتبات تمر في ظروف خانقة، خصوصاً في المناطق البعيدة. وينتظر القطاع الموسم الدراسي أي 11 شهراً ليبيع خلال شهر واحد فقط في حين أن كتب المدارس الرسمية غير موجودة وكتب المدارس الخاصة تشترى من أقرب مكتبة على مركز سكن الأهل. من دون أي مبالغة، القطاع مهدد بالانهيار بأكمله”.