هذا جزء مما تبشر به تقنية البطاقة الإلكترونية المضمنة “eSIM”، التقنية التي بدأت عدد من الشركات المصنعة للهواتف وشركات الاتصالات بدعمها، لكن مع اختلاف أنك مع هذه التقنية لن تحتاج إلى امتلاك أي بطاقة اتصال إضافية، حيث بدأت بعض الشركات في إنتاج هواتف تحتوي على (SIM) مدمجة ومضمنة بداخلها كقطعة أساسية من قطع الهاتف، أطلق عليها البطاقة الإلكترونية “eSIM”.
تم تحديث المقال بتاريـخ: 16 / 9 / 2022
نظرة عامة على آلية عمل الشريحة الإلكترونية (eSIM)
البطاقة أو شريحة SIM التي نستخدمها على الهاتف الآن وتتبع لإحدى شركات الاتصالات المحلية، ليست في الحقيقة سوى دائرة إلكترونية متكاملة مصنوعة من السيلكون، تتقبل إعادة الكتابة أو البرمجة. لذلك حينما نفقدها نحن لا نفقد الرقم والبيانات الخاصة بنا، فالبيانات محفوظة في خوادم وسجلات شركات الاتصالات ومقدمي الخدمة، والشريحة الفيزيائية ليست إلا وسيط حامل لهذه البيانات. وقد بدأ تصنيع واستخدام بطاقات SIM في العام 1991، وبدأت بأحجام كبيرة نسبيًا وبذاكرة كانت 32 كيلوبايت، لكن مع الأيام بدأ حجم البطاقة بالتقلص لنصل اليوم لما بات يعرف بـ Nano SIM بإمكانية كتابة بيانات عليها تبلغ حتى 256 كليوبايت.
ليس من مهام البطاقة الوصول للشبكة كما هو متخيل، بل مهمتها ربط هويتك وبياناتك، كرقم الهاتف ورصيد المكالمات وباقات الإنترنت مع الشبكة اللاسلكية، حيث مهمة الاتصال بالشبكة تعود لأجزاء مصممة ضمناً مع الهاتف. لذلك، نحن دائمًا نستطيع الاتصال على خدمات الطوارئ حتى في حال عدم وجود بطاقة اتصالات داخل الهاتف.
الآن بدلًا من ترك الدائرة الإلكترونية تلك مرتبطة بشريحة فزيائية قامت الشركات المصنعة للهواتف بتضمين دائرة إلكترونية (قابلة لإعادة البرمجة من قبل شركات الاتصالات) في هواتفها وأطلقت عليها اسم الشريحة الإلكترونية (eSIM) أي انها عبارة عن شريحة SIM من حيث المبدأ لكن رقمية بحيث تتيح لك تفعيل باقة بيانات خلوية من شركة الاتصالات دون الحاجة إلى استخدام شريحة SIM فعلية.
أهم الخصائص والاختلافات التي تأتي مع الـ eSIM
بالتأكيد ستجلب التقنية الجديدة العديد من المزايا، ابتداءً من عدم الحاجة إلى منفذ البطاقة في الهاتف في حال أردت استخدام بطاقة أو رقم هاتف آخر، إضافة إلى سهولة التنقل بين مشغل وآخر، وستبدو هذه الميزة مفيدة للأشخاص الذين قد ينتقلون إلى أماكن لا توجد بها تغطية جيدة لإحدى الشبكات، ففي حال توفر مشغل آخر فسيكون الانتقال أكثر سلاسة، وأقل تعقيدًا.
تتيح التقنية أيضًا استخدام أكثر من رقم على نفس البطاقة، أي بإمكانك تخصيص أكثر من رقم على البطاقة وتفعيل أي واحد منهم متى شئت، إضافة إلى أنه من الممكن تخصيص أرقام من مشغلين مختلفين في ذات البطاقة، وحتى الآن لا يمكن عمل ذلك في نفس الوقت، أي أنه في حال أردت تشغيل رقم آخر على ذات البطاقة التي على هاتفك، عليك الاستغناء عن الرقم الآخر، لكن يمكنك العودة له متى ما شئت.
أيضًا تبشر التقنية بدخول عدد كبير من الأجهزة الأخرى، كالشاشات الذكية، والسيارات، والروبوتات، بل حتى الأجهزة المنزلية كالثلاجة بدخول عالم إنترنت الأشياء بمميزات أفضل، عبر الاستفادة من خاصية eSIM حيث فعليًا بدأت عدد من الشركات المنتجة للأجهزة الذكية بتضمين بطاقات eSIM داخل أجهزتها.
بالنسبة للشركات المنتجة والمصممة للهواتف هناك بعض المزايا أيضًا حيث ستتمكن عدد من شركات الاتصال من الاستفادة من المساحات الملغية التي كانت تستخدمها لمكان البطاقة في شكلها القديم، مما يمكن من إنتاج هواتف أكثر إحكاماً في الإغلاق وعدم وجود منافذ ومساحات خالية، وهذا يتطابق مع سعي وجهود الشركات لتقليل الفتحات الموجودة في الهاتف بقدر الإمكان، وقد كانت الفتحات المخصصة للبطاقات هي أكبر ما يشغل ضمن الهيكل الداخلي للهاتف والتي يمكن الاستغناء عنها، فوجود بطاقة مدمجة يتيح لمطوري النظام والتطبيقات وحتى مشغلي خدمات شبكات الاتصال من ربط النظام برقم محدد وتعقبه أو حتى إمكانية حظر استخدام أي رقم آخر عليه، مما يحد من إمكانية إعادة استخدام الأجهزة المسروقة، بالإضافة إلى أنها تبشر بتقليل استهلاك الطاقة لعمر بطارية أطول.
كيف سيتم تخصيص الأرقام على البطاقة الإلكترونية ؟
وجود البطاقة مدمجة ومضمنة ضمن عتاد الهاتف، ومعرفة داخل برنامجه، فإن ذلك يتيح أكثر من طريقة لوصول شركات الاتصال لها وإعادة برمجتها، إما أن يكون ذلك باستخدام تطبيق شركة الاتصالات الذي توفره لهاتفك أو الطريقة الشائعة الآن في معظم الدول وهي عبر رموز الوصول السريع “QR”، حيث يقوم مشغل الخدمة بمنح رمز وصول سريع خاص، وبمجرد مسحه عبر الهاتف يتم برمجة البطاقة الإلكترونية الموجودة بداخله مع البيانات الخاصة بالرقم ومعرف الخدمة.
هل تقنية eSIM تعني وداعًا لشركات الاتصالات ؟
تصوُّر أن تصبح الهواتف مستقلة تماماً عن شركات الاتصالات المزودة للخدمة هو أمر مستبعد تمامًا وذلك للأسباب التي شرحناها في البداية حول طبيعة عمل البطاقة الإلكترونية، فهي ليست مزود للخدمة بل وسيط فقط، إضافة إلى ذلك فإن القوانين الدولية والمحلية التي تحكم وتنظم الاستفادة من شبكات الاتصال هي قوانين صارمة وملزمة.
ماهي أشهر الهواتف التي تدعم هذه التقنية ؟
هناك أيضًا جوجل التي قامت بتضمين البطاقة الإلكترونية بشكل محدود مع هاتفها بيكسل 2 ثم استمرت على هذا المنوال مع جميع أجهزة بيكسل الأخرى. العملاقة سامسونج دعمت هذه التقنية كذلك منذُ طرحها سلسلة هواتف جالاكسي S20، ثم توالى دعمها في كل الإصدارات، وحتى شركة هواوي الصينية التي خرجت من سوق الاندرويد هي أيضًا لم تتوانى في دعم التقنية حيث دعمتها ابتداءً من سلسة P4O في العام 2020.
ولكن حتى الآن لا يوجد إلا شركة آبل التي تطرح خيار “eSIM” كالخيار الوحيد لمستخدميها “في الولايات المتحدة”، فجميعها تأتي مزودة بفتحة “SIM” تقليدية، لكن مع اتجاه شركات الهواتف بصورة عامة لتقليل الفتحات والملحقات يبدو خيار إطلاق هواتف ببطاقة أو بطاقتين من جيل “eSIM” خياراً استراتيجيًا، بالذات لشركة أبل، ومع ما راج حول عزمها مستقبلاً إطلاق هاتف حتى من دون منفذ للشاحن ما يجعله الخيار الأكثر ملاءمة معها.
هل ستختفي بطاقات “SIM” بشكلها القديم ؟
حتى الآن يبدو ذلك بعيدًا، لكنه ليس مستحيل. فمع تقدم التقنية شهدنا اختفاء تقنيات لم يكن في البال أنها ستختفي، كاختفاء الهواتف الثابتة لتحل الهواتف المحمولة محلها، لكن يبدو اختفاء البطاقات التقليدية خلال سنوات من الآن احتمال بعيد نسبيًا لأن عدد كبير من الهواتف التي من الممكن أن تعمل حتى أكثر من 5 أعوام على أقل تقدير ما زالت لا تحتوي على هذه الخاصية.
إضافة إلى ذلك فإن كل الشركات الأخرى خلاف الشركات الكبرى، كسامسونج وأبل لم تصدر أحدث أجهزتها بهذه التقنية. أيضًا يبدو أن التكيّفات التي يجب أن تنفذها شركات مزودي خدمة الاتصال إحدى العوائق التي من الممكن أن تبطئ من عملية الانتقال الكامل إلى عصر “eSIM”.