التخطي إلى المحتوى

حين نتحدث عن فيروسات الكمبيوتر، فإن ما سيأتي على بالك هو برمجية خبيثة تصيب جهازك وتسبب بعض الأضرار مثل فقدان الملفات، بطئ الجهاز، التجسس وسرقة المعلومات وغيرها من الأضرار التقنية التي لا تتعدى حدود جهاز حاسوبك، لكن هل فكرت يوما ما إذا كان باستطاعة فيروسات الكمبيوتر التسبب في أضرار بليغة على أرض الواقع والتأثير على الحياة الواقعية لملايين الناس حول العالم؟ أو حتى التسبب في جائحة عالمية؟ في الحقيقة فيروسات الكمبيوتر تسبب خسائر سنوية بليغة تقدر بمليارات الدولارات، لكن هنالك بعض الأسماء التي طبعت بصمة في تاريخ الكمبيوتر، واستحقّت لقب أسوء فيروسات الكمبيوتر وأكثرها فتكًا على مر التاريخ نظرا للأضرار الهائلة التي تسببت بها على أرض الواقع، سنذكر منها 5 أسماء في هذا المقال.

Mydoom

Mydoom دودة كمبيوتر ظهرت سنة 2004 تقوم بإصابة أجهزة الكمبيوتر التي تشتغل بنظام ويندوز، تنتشر هذه الدودة عبر رسائل البريد الإلكتروني، حيث تظهر كرسالة تحمل عنوان “خطأ في إرسال البريد الإلكتروني” (“Error”, “Mail Delivery System”, “Test”, “Mail Transaction Failed”…) وفي داخل تلك الرسالة يوجد مرفق البريد الإلكتروني المصاب والذي بعد تشغيله، تقوم الدودة بإرسال إيميلات مصابة إلى كل بريد إلكتروني موجود في دفتر عناوين الجهاز المصاب كما تقوم بنشر نفسها داخل الشبكة، وبهذا تصبح Mydoom واحدة من أسرع ديدان البريد الإلكتروني انتشارا.

وإذا كنت تتساءل عما يقوم به الفيروس بالضبط فهو كان يربط الأجهزة المصابة بشبكة من أجهزة الكمبيوتر والتي تقوم بتنفيذ هجمات حجب الخدمة DDOS يكون الهدف منها هو إغلاق موقع أو خادم مستهدفٍ. سبّبَ فيروس Mydoom خسائر مالية تقدر بـ 38 مليار دولار أمريكي على أرض الواقع، ويحتمل أن منشأه روسيا.

ILOVEYOU

ILOVEYOU فيروسٌ آخر (عبارة عن دودة كمبيوتر) استحق لقب أحد أسوء فيروسات الكمبيوتر في التاريخ بسبب الخسائر التي سببها والمقدّرة بـ 10 مليارات دولار أمريكي، ظهر سنة 2000 ومنشأه الفلبين. يصلك الفيروس على البريد الإلكتروني عبر رسالة عادية تحمل عنوان ILOVEYOU، محتواها سطر واحد يحثّك على فتح المِلَفّ المرفق والذي من المفروض أن يحتوي على “رسالة حب” من الشخص المرسل، وطبعا هذا يعتبر فقط طعمًا لجعل المتلقي يفتح المِلَفّ المرفق (الفيروس) والذي هو عبارة عن سكربت.

حسنا مالذي يقوم به الفيروس بعد تشغيله؟ . . . ببساطة يقوم بنسخ نفسه داخل مجلدات النظام ثم الريجستري لكي يشتغل في كل مرة تشغّل فيها النظام، ثم بعدها يقوم بالعبث بمتصفح إنترنت إكسبلورر (تذكّر أننا نتحدث هنا عن سنة 2000) لتحميل تروجان يقوم بسرقة كلمات السر وطبعا يقوم بعدها بالتعديل على الريجستري لجعل التروجان يشتغل في كل مرة يتم فيها تشغيل النظام. بعدها يقوم التروجان بوظيفته وهي سرقة كلمات المحفوظة على جهازك وإرسالها إلى بريد إلكتروني معين يرجع إلى صاحب الفيروس والذي هو طالب جامعي يفتقر للأموال، صنع هذا الفيروس حتى يتمكن من سرقة الحسابات واستعمال خدمات الإنترنت مجانا. بعد ذلك يقوم الفيروس بإرسال نفسه إلى كل القائمة البريدية المحفوظة على الجهاز المصاب، وأخيرا يبدأ الفيروس بالعبث بالملفات الموجودة على الجهاز والكتابة فوقها (إنشاء ملفات جديدة وحذف الملفات الأصلية).

بالإضافة إلى الـ 10 مليار دولار خسائر، يُعتقد أن %10 من حواسيب العالم كانت مصابة بفيروس ILOVEYOU، وإن لم تكن الأرقام كافية لكشف حجم الضرر الذي سببه فيروس ILOVEYOU على أرض الواقع، فإن معرفة أن عددًا من الحكومات والشركات الكبيرة (البرلمان البريطاني، شركة فورد …إلخ) أوقفت تشغيل أنظمة البريد الإلكتروني خاصتها للحماية من الفيروس سيكون كافيًا.

WannaCry

كل الفيروسات السابقة ربما لم تسمع عنها لأنها قديمة بعض الشيء، لكن فيروس الفدية WannaCry حتما قد سمعت عنه في السنوات الأخيرة وبالتحديد من سنة 2017، حيث كان يشبه الوباء العالمي. WannaCry عبارة عن برمجية خبيثة تستعمل للابتزاز مقابل المال، حيث يستولي على الكمبيوتر العامل بنظام ويندوز، بكل الملفات الموجودة داخله ويقوم بتشفيرها أو حجزها كرهينة إن صحّ التعبير، مقابل فدية مالية تقدّر بـ 300 دولار من عملة بيتكوين (لاحقا أصبحت 600 دولار) يُطالبُ الضحية بدفعها لفك تشفير ملفاته واستعادتها. في حالة لم يدفع الضحية الفدية المُطالب بها في غضون 3 أيام، سيتم حذف ملفّاته بشكل دائم.

انتشر فيروس الفدية WannaCry في حوالي 150 بلدًا مصيبا عددًا هائلا من أجهزة الكمبيوتر (حوالي 230 ألف جهاز) ومسببا شللا في العديد من الشركات، المستشفيات، والمنظمات الحكومية، كما تسبّبَ في خسائر فادحة تقدر بـ 4 مليارات دولار أمريكي حول العالم.

CryptoLocker

قبل WannaCry وتحديدا سنة 2013 ظهر فيروس فدية شرسٌ عُرف بِاسم CryptoLocker وكان من أخطر أنواع فيروسات الفدية. CryptoLocker هو حصان طروادة “تروجان” يستهدف الأجهزة العاملة بنظام ويندوز وينتشر عبر رسائل البريد الإلكتروني (ملف مرفق مُصاب). حين يصيب جهازك فإنه يقوم بتشفير ملفاتك ويطلب منك دفع فدية مالية معينة عبر عملة بيتكوين ($400) في مقابل فك تشفير ملفاتك وإعادتها لك مجددا، وطبعا لديك مهلة محددة وموعد نهائي يجب عليك الدفع قبل وصوله، وفي حال انتهت المهلة ولم تدفع فإنك ستخسر ملفاتك للأبد.

بعد القبض على زعيم المجموعة التي صنعت هذا الفيروس، تم إصدار مفاتيح فك التشفير وإتاحتها للعامة بحيث أن الـ 500 ألف ضحية صار باستطاعتهم فك تشفير ملفاتها مجانا، أما بالنسبة للخسائر فلا يوجد رقم محدد، ولكن أقرب شيء هو ما قام به موقع ZDNet الشهير بتتبع 4 عناوين بيتكوين منشورة من قبل مستخدمين أُصيبوا بفيروس الفدية CryptoLocker، وكانت النتائج 27 مليون دولار أمريكي حوّلت لتلك العناوين (بعض المصادر ذكرت أرقام مضاعفة استنادا على متوسط تكلفة الخسائر التي تسببها هجمات فيروسات الفدية للشركات والأعمال التجارية).

Sasser

Sasser عبارة عن دودة كمبيوتر ظهرت سنة 2004، تصيب الأجهزة العاملة بنظام ويندوز، صنعها طالب علوم كمبيوتر ألماني يبلغ من العمر 17 عاما آنذاك يدعى Sven Jaschan، وقد قُدّرت تكلفة الضرر الذي سببه فيروس Sasser بـ 18 مليار دولار. حين يصيب فيروس Sasser جهاز الكمبيوتر فإنه يبطئهُ ويتسبب في انهياره، كما يجعل إيقاف تشغيله صعبًا جدا بدون قطع الطاقة عن الجهاز. قد يبدو لك هذا شيئا بسيطا ولن يكون له ذاك التأثير البليغ على أرض الواقع، لكن الواقع كان عكس ذلك تماما، فمع إصابة أكثر من مليون جهاز كمبيوتر بهذا الفيروس، كان له تأثير بليغ على خطوط طيران، وسائل نقل عامة، وكالات أخبار، شركات، مستشفيات، بنوك…وغيرها، كل هذا كانت له آثار تخريبية على الحياة الواقعية للناس.

على عكس ديدان الكمبيوتر الأخرى، فإن Sasser لم تكن تنتشر عبر البريد الإلكتروني، بل عن طريقة ثغرة أمنية موجودة على نظام ويندوز آنذاك، فحين يصيب الفيروس جهازك، فإنه يبحث عن أنظمة أخرى ضعيفة أو غير محصنة من الثغرة الأمنية، ثم يتصل بها ويصيبها بالفيروس.

ختاما، كما ترى فإن فيروسات الحاسوب قد يكون لها أضرار تدميرية على أرض الواقع، وقد تنتقل لجهازك بسهولة تامة، لهذا من الأفضل أخذ احتياطاتك أولا، فكما تعلم “الوقاية خير من العلاج”، وعليه أنصحك بقراءة الموضوع البالغ الأهمية خمس خطوات لحماية جهازك من فيروسات الكمبيوتر. وأخيرا أودّ أن أخبرك أن القائمة عشوائية وليست مرتبة على أي أساس، وطبعا هنالك عديد الفيروسات الأخرى التي استحقت لقب أسوء فيروسات الكمبيوتر ولكن لم أذكرها، واكتفيت فقط بما أراه مثيرًا للاهتمام.