التخطي إلى المحتوى

كانت سرعة الشحن وطول الكابل من بين المعايير التي تُراعيها الشركات المُصنعة للشواحن السلكيّة المُخصّصة للهواتف، سواء من نوع Lightning أو USB-C أو Micro-USB وذلك لكي تلبّي احتياجات المُستخدمين الذين لا يرغبون بطبيعة الحال في الانتظار لفترات طويلة قبل أن تُصبح بطّاريّات هواتفهم مشحونة بالكامل، كما يحبّون أن تأتي أسلاك شواحن الهواتف بأطوال مناسبة تسمح لهم باستخدام الهاتف أثناء عمليّة الشحن عند الحاجة دون الاضطرار للبقاء قريبين للغاية من مقبس الكهرباء، وبالفعل تأتي الشواحن الآن بأطوال كبيرة تبدأ من المتر الواحد وقد تصل إلى 10 أقدام (أي ما يزيد عن 3 أمتار).

صحيح طول سلك الشاحن لا يُعدّ ميزة في جميع الأحوال، لكنه يسمح باستخدام مُريح للأجهزة أثناء إعادة شحن بطّاريّاتها، ولكنّه يستغرق وقتًا أطول لإعادة شحن هذه البطّاريّات، ومن ثمّ يتعارض تحقيق هذا المطلب مع تحقيق المطلب الآخر المُتمثّل في سُرعة شحن البطّاريّات.

في السنوات الأخيرة قلّت حاجة مُستخدمي الهواتف الذكيّة لاستخدام شواحن ذات أسلاك طويلة مع ظهور الشواحن اللاسلكيّة التي حلّت مُشكلة البقاء على مقربة من مقبس الكهرباء. ظلّت بعض الشركات المُنتجة للهواتف الذكيّة لبعض الوقت رافضة لطرح مثل هذا النوع من الشواحن لهواتفها مُعلّلة ذلك الرفض بكونه نوع غير عمليّ من شواحن الهواتف، مثل شركة أبل التي رضخت للأمر في نهاية المطاف وأصدرت في عام 2017 أيفون X و 8 بلس كأوّل إصدارات هواتفها التي يُمكن إعادة شحن بطّاريّتها من خلال شاحن لاسلكيّ. ولكن هل يؤثّر استخدام هذا النوع من الشواحن بدوره على سُرعة عمليّة الشحن ؟ وبمعنى آخر هل تتمّ عمليّة إعادة شحن بطّاريّة الهاتف من خلال الشواحن السلكيّة بنفس سُرعة إعادة شحنها من خلال الشواحن اللاسلكيّة ؟ دعونا نُجيب عن هذا السؤال في السطور التالية.

  كيف تتمّ عمليّة إعادة شحن بطّاريّة الهاتف ؟

تستخدم مُعظم الهواتف الذكيّة اليوم بطّاريّات قابلة لإعادة الشحن من نوع بطّاريّة أيّون الليثيوم التي توفّر عددًا من المميّزات الرائعة لمُستخدميها مثل صغر حجمها، وسعتها الكبيرة، وإمكانيّة الحصول منها على جهود عالية جدًّا تصل إلى 3.6 فولت، بالإضافة إلى كفاءتها العالية وعُمرها الافتراضيّ الأطول نسبيًّا حيث أنّها لا تعاني من تأثير الذاكرة، وتتمتّع بمُعدّل تفريغ ذاتي مُنخفض مُقارنةً ببعض أنواع البطّاريّات الأخرى. ولكي نتمكّن من إعادة شحن أيّة بطّاريّة بالطريقة السلكيّة التقليدية فلا بُدّ من توافر مصدر للتيّار الكهربائيّ المتردّد كمقبس الكهرباء، وشاحن يتوافق مع نوع تلك البطّاريّة، كما نحتاج إلى توافر مدخل مناسب نستطيع من خلاله توصيل البطّاريّة بالشاحن.

وبمُجرّد توصيل الهاتف بمصدر التيّار الكهربائيّ من خلال الشاحن تبدأ عمليّة الشحن فتسري الكهرباء إلى داخل البطّاريّة وتقوم بعكس التفاعلات الكيميائيّة التي حدثت داخل البطّاريّة أثناء استخدامها وتفريغها من الطاقة. في حالة بطّاريّة أيّون الليثيوم تفرغ البطّاريّة ما بها من طاقة أثناء الاستخدام من خلال انتقال أيّونات الليثيوم من الطرف السالب للبطّاريّة إلى الطرف الموجب للبطّاريّة، وبالتالي؛ فينبغي لإعادة شحن البطّاريّة إعادة مُراكمة أيّونات الليثيوم مرّة أخرى عند الطرف السالب للبطّاريّة. تُمرّر الشواحن الجيّدة عادةً مقدارًا ضئيلًا من التيّار إلي داخل البطّاريّة يتراوح ما بين 3-5% من قيمة أقصى تيّار يمكن للبطّاريّة تحمّله ممّا يحافظ على سلامتها لأطول فترة ممكنة.

تتكوّن الشواحن السلكيّة من محوّل كهربيّ خافض للجهد، وكابل يحتوي بداخله على عدد من الأسلاك المتساوية في مساحة المقطع والتي تصنع في أغلب الأحوال من موادّ نحاسيّة. ويعمل محوّل الشاحن وفقًا لما يُعرف بقانون فاراداي للحثّ الكهرومغناطيسيّ، والذي يصف تأثير الحثّ المتبادل بين ملفّين.

إذ أنّه عند توصيل طرفيّ الملفّ الابتدائيّ للمحول بمصدر تيّار متردّد، يكون مرور التيّار المتغيّر داخل الملف مصحوبًا بمجال كهرومغناطيسيّ متغيّر، يولّد هذا المجال الكهرومغناطيسيّ بالحث الكهرومغناطيسيّ حين يقطعه الملفّ الثانويّ جهدًا متغيّرًا على طرفيّ الملفّ الثانويّ للمحوّل ممّا يؤدّي بدوره إلى مرور تيّار كهربيّ مُستحثّ في الملفّ الثانويّ بحيث يتناسب هذا التيّار المُستحثّ مع التيّار الأصليّ المار في الملفّ الابتدائيّ للمحول. ويخرج هذا التيّار في النهاية من محوّل الشاحن مارًّا عبر الكابل ليشحن البطّاريّة.

لا تختلف فكرة عمل الشواحن اللاسلكيّة كثيرًا عن مثيلاتها السلكيّة سوى في أنّها تستخدم الهواء كبديل لكابل الشاحن ذو الأسلاك النحاسيّة في نقل الكهرباء لاسلكيًّا إلى الأجهزة من خلال ملفّين إضافيّين، بحيث يعمل أحدهما كهوائيّ، وهو الملفّ الإرسال الموجود في لوحة الشحن التي يُثبّت عليها الهاتف. يُرسل هذا الملف عن طريق اقتران الرنين الحثيّ مجالًا كهرومغناطيسيًّا ليستقبله ملفّ آخر أصغر موجود في الهاتف من الداخل عند تردّد الرنين، ومن ثمّ تحوّل دائرة هذا الملفّ الأصغر المجال الكهرومغناطيسيّ الذي التقطته إلى تيّار كهربيّ مُستحثّ يعمل على شحن البطّاريّة.

  طُرق تسريع شحن بطّاريّة الهاتف من خلال الشواحن السلكيّة

حرصت الشركات المصنّعة لشواحن بطّاريّات الهواتف على تطوير تقنيات الشحن السريع بحيث تستغرق وقتًا أقصر قدر الإمكان لكي تؤدّي عملها في شحن البطّاريّات بالكامل ممّا يُزيد من رغبة المُستخدمين في شراء المنتج، ويكون ذلك إمّا من خلال زيادة التيّار الداخل إلى البطّاريّة، أو زيادة الجهد فكلاهما يعمل على زيادة كمّية الطاقة الكهربيّة التي تختزنها البطّاريّة. وتنطوي معظم تقنيات الشحن السريع في الوقت الحالي على زيادة قيمة الجهد وليس زيادة قيمة التيّار.

هُناك العديد من الطُرق الأخرى التي يُمكنها أن تُساعد مُستخدمي الهواتف الذكيّة على شحن هواتفهم باستخدام الشواحن السلكيّة بأقصى سُرعة مُمكنة ومن بينها استبدال الشواحن العاديّة التي تأتي مع مُلحقات الهاتف عند الشراء بإصدارات أحدث من الشواحن المتوافقة مع الجهاز؛ فعلى سبيل المثال يُمكن استبدال شاحن الآيفون 8 الأساسي ذو قدرة شحن 5 وات بشاحن 20W USB-C الذي توفره آبل والمتوافق أيضًا مع طراز الهاتف، وعلى هذا النحو يوفر الشاحن الجديد قدرًا أكبر بكثير من الطاقة ممّا يؤدّي إلى اكتمال إعادة شحن البطّاريّة بسرعة أكبر قد تصل إلى ضعفين ونصف الضعف أو ثلاث أضعاف سرعة شحنها باستخدام الشاحن الأصلي الذي يأتي مع مُلحقات الجهاز.

  هل سُرعة الشواحن اللاسلكية تختلف عن الشواحن السلكيّة ؟

تعتمد سُرعة شحن بطّاريّات الهواتف والأجهزة الأخرى على العديد من العوامل؛ مثل نوع الجهاز أو نوع الهاتف، ونوع البطّاريّة المُستخدمة، وسعة هذه البطّاريّة، وقوّة محوّل الشاحن، إلى جانب بعض العوامل الأخرى مثل جودة كابل الشاحن، وسمك الأسلاك الموجودة بداخل الكابل في حالة الشواحن السلكيّة، أو المسافة التي تفصل ملفّ الإرسال في لوحة الشحن عن ملفّ الاستقبال الموجود في الهاتف بالنسبة للشواحن اللاسلكيّة، فكلّما ابتعدت المسافة ما بين ملفّ الإرسال والهاتف وجدت خطوط المجال الكهرومغناطيسيّ صعوبة في الوصول إلى ملفّ الاستقبال وكانت عمليّة الشحن أبطأ، وبالتالي تصل سُرعة شحن الهاتف لاسلكيًّا إلى حدودها القصوى عند وضع ملفّ استقبال الهاتف مُلاصقًا لملفّ الإرسال على لوحة الشحن.

من المُمكن بالطبع التغلّب على هذه العقبة بتصميم ملفّات إرسال أكبر حجمًا، ولكن هذه الطريقة تظلّ محدودة بقيود التصميم، إذ إنّ استخدام ملفّ إرسال أكبر في لوحة الشحن سيحتاج إلى وضع ملفّ استقبال أكبر حجمًا في الهاتف أيضًا، وهو أمر غير مُستحبّ في تصميم الهواتف ويؤدّي إلى زيادة الحجم النهائيّ للهاتف.

وبوجه عام، فإن سُرعة شحن بطّاريّات الهواتف الذكيّة من خلال الشواحن اللاسلكيّة تُعتبر أبطأ بكثير مُقارنةً بالشواحن السلكيّة التقليديّة بحيث يُمكن أن تصل إلى نصف سُرعتها تقريبًا، فقد استغرقت إعادة شحن بطّاريّة هاتف أيفون إكس آر iPhone XR على سبيل المثال بالطاقة إلى 50% من سعتها الكُليّة بعد تفريغها بالكامل من الطاقة نصف ساعة عند شحنها باستخدام شاحن سلكيّ قياسيّ، بينما استغرقت نفس العمليّة ساعة كاملة عند شحنها باستخدام شاحن لاسلكيّ قياسيّ متوافق مع البطّاريّة.

لا يزال الشحن السريع باستخدام الشواحن السلكيّة خاصّة تلك التي تستخدم كابلات USB-C هي أسرع الوسائل المعروفة حتّى الآن لشحن بطّاريّات الهواتف الذكيّة التي تتوافق معها. وعلى الرغم من ذلك فمع تطوّر التقنية، وكما هو الحال بالنسبة لوسائل الشحن السريع التي توفّرت للشواحن السلكيّة، أصبحت هُناك وسائل سريعة لشحن بطّاريّات الهواتف لاسلكيًّا، وإن كانت وسائل الشحن اللاسلكيّ السريع المُكافئة لوسائل الشحن السريع باستخدام الشواحن السلكيّة لا تزال غير مُتاحة لجميع الهواتف حتّى الآن، ولكن المُستقبل القريب يعد بالكثير فيما يتعلّق بتقنيات الشحن السريع اللاسلكيّة.

وفي النهاية، قد يتساءل القارئ ما هو الأفضل ؟ هل يستخدم الشواحن اللاسلكيّة أو الشواحن السلكيّة ؟

  ما هو الأفضل ؟ شواحن سلكيّة أم لاسلكيّة ؟

يوفّر كلا النوعين من الشواحن بعض المزايا التي قد يُفضّلها المُستخدم في بعض الأوقات، ومن ثمّ عليه وحده أن يُفاضل بينهما وفقًا لمُتطلّباته. فبينما يُمثّل الشحن السريع باستخدام شواحن سلكيّة خيارًا مثاليًّا حين ترغب في إعادة ملء بطّاريّة هاتفك بالطاقة بعد يوم عمل طويل، وفي وقت قصير قبل أن تتأهّب لمُغادرة المنزل مُجدّدًا، قد تجد على الجانب الآخر أن الشواحن اللاسلكيّة تتمتّع بسهولة الاستخدام، وتُضفي شعورًا بالراحة، فالأمر لا يتطلّب منك سوى أن تضع هاتفك على لوحة الشحن لكي يبدأ في إعادة شحن البطّاريّة دون الحاجة إلى الغرق وسط فوضى من الكابلات أو القلق من انقطاع الأسلاك نتيجة الشدّ، أو الاضطرار إلى البقاء بالقرب من مقبس الكهرباء.

تستطيع باستخدام الشواحن اللاسلكيّة أن تُبقي هاتفك في متناول يدك على طاولة الطعام وأنت تتناول عشاءك، أو على مكتبك أثناء العمل بينما تجري إعادة ملء بطّاريّته بالطاقة. يُعدّ الخيار الأمثل والموصى به هو المُبادلة بين استخدام كلا النوعين، والاستفادة من المزايا التي يُقدّمها كلّ منهما، ولكن في حالة تعذُّر ذلك فلا مناصّ من الشحن باستخدام الشواحن السلكيّة فهي صغيرة الحجم وعمليّة وخفيفة الوزن يُمكن حملها معك بسهولة إلى أيّ مكان أثناء السفر بالإضافة إلى ميزة سُرعة الشحن، ولكن لاحظ عزيزي القارئ أنّه لا يُمكنك توصيل كلا النوعين من الشواحن بالهاتف في نفس الوقت ظنًّا منك أنّ هذا سيساعد على زيادة سُرعة شحن البطّاريّة، لن تنجح هذه الطريقة معك على أيّة حال 😏

 المُلخّص | تختلف سُرعة شحن الهواتف في حالة الشحن باستخدام الشواحن السلكيّة التقليديّة عنها في حالة استخدام الشواحن اللاسلكيّة فتكون أبطأ بمقدار النصف تقريبًا في حالة الشواحن اللاسلكيّة التي تعتمد فيها سُرعة شحن البطّاريّة على المسافة التي تقطعها خطوط المجالات الكهرومغناطيسيّة الخارجة من ملفّ الإرسال الموجود داخل لوحة الشحن مُتّجهة إلى ملفّ الاستقبال في الهاتف المُراد شحن بطّاريّته بالطاقة، والذي يلتقط هذه الطاقة الكهرومغناطيسيّة وتحوّلها دائرته إلى التيّار الكهربائيّ اللازم لشحن البطّاريّة. ولكن يُمكن أن تزداد سُرعة شحن البطّاريّات لاسلكيًّا في بعض الهواتف الحديثة التي تستخدم وسائل الشحن اللاسلكيّ السريع بيد أنّ هذه التقنيات لا تزال غير مُتاحة لجميع أنواع الهواتف الذكيّة.