أصبح استخدام أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة والمحمولة أمرًا ضروريًّا لا غنى عنه بالنسبة لبعض الأعمال التجاريّة والممكساويّة وحتّى بعض الاستخدامات المنزليّة، ومع تصاعُد وتيرة أزمات الطاقة العالميّة لجأت بعض الشركات والمؤسّسات إلى انتهاج سياسات ترشيد استهلاك الطاقة. تحتاج أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة إلى الاتّصال بشكلٍ دائم بمصدر هائل للطاقة الكهربائيّة التي تتناسب كفاءتها مع الأداء العالي لهذا النوع من الأجهزة وقوّته التشغيليّة، ممّا يجعلها مؤثّرة بشكلٍ كبير على مُعدّل استهلاك الطاقة الكهربائيّة بالكيلووات ساعة، بل حتّى لو تُركت في وضع Sleep فإنّها ستستهلك طاقة.
كيف تُقاس مُعدلات استهلاك الطاقة الكهربائيّة ؟
يتكوّن العدّاد ببساطة من محوّل قُدرة يعمل على خفض قيمة كُل من الجهد والتيّار الكهربيّ المسحوبان من مصدر الكهرباء إلى قيم صغيرة يُمكن لدائرة القياس تحمّلها. تساوي القُدرة الكهربيّة المسحوبة بالوات حاصل ضرب قيمة الجهد بالفولت في كلّ من قيمة التيّار المسحوب بالأمبير، ومُعامل القُدرة، ومن ثمّ يقوم بحساب قيمة القُدرة المُقاسة لكلّ ساعة، والتي تكون مُتناسبة مع القُدرة الكهربيّة التي يسحبها الكمبيوتر أو اللابتوب من مصدر الكهرباء لكلّ ساعة. يُمكن للجهاز بعد ذلك بحساب مُعدّل استهلاك الكمبيوتر للطاقة على مدار اليوم بالوات ساعة.
أيهما أفضل من حيث الاستهلاك للطاقة وكفاءة استخدامها
يُدرك مصنّعو أجهزة اللابتوب أهمّية ميزة إمكانيّة استخدام هذه الأجهزة دون توصيلها بمقبس التيّار الكهربائيّ لبعض الوقت، وأنّه كلّما ازدادت قُدرة البطّاريّة على تشغيل الجهاز لأطول وقت ممكن قبل الحاجة إلى إعادة شحنها بالكهرباء كُلّما ساعد هذا على رواج المُنتج وازدادت رغبة المُستخدمين في شرائه. ولزيادة وقت تشغيل الجهاز باستخدام البطّاريّة القابلة لإعادة الشحن عادةً ما يلجأ مصمّمو أجهزة الكمبيوتر المحمولة لإحدى طريقتين:
- تصميم بطّاريّة قابلة لإعادة الشحن ذات سعة أكبر، وهذا يجعلها أكبر حجمًا وأثقل وزنًا.
- جعل أجهزة الكمبيوتر المحمولة تستهلك الطاقة بمُعدّلات أقلّ وبكفاءة أعلى.
تستهلك أجهزة اللابتوب بوجه عام الطاقة بمُعدّلات أقلّ بكثير قد تصل في بعض الأحيان إلى 80% أقلّ من مُعدّلات استهلاك أجهزة الكمبيوتر الممكساوية للطاقة. حتّى إنّ أجهزة الكمبيوتر المحمولة عالية الأداء قد تستهلك في الحدود القصوى حوالي 60 وات فقط من الطاقة، بينما تستهلك أجهزة الكمبيوتر الممكساوية شائعة الاستخدام حوالي 175 وات كحدّ أقصى أثناء أداء المهمّات وعمليّات المُعالجة المُشابهة.
والسبب الرئيسيّ الذي يقف وراء هذا الفارق في مُعدّلات استهلاك الكهرباء هو أنّ وحدات إمداد الطاقة (الباور سبلاي) الموجودة في أجهزة الكمبيوتر الممكساوية تستهلك عند العمل بأقصى إمكانيّات لها ما يزيد عن 300 وات ساعة وهو ما يتجاوز حتّى مُتطلّبات نظام التشغيل الرئيسيّة، بينما تحتوي أجهزة الكمبيوتر المحمولة على وحدات باور سبلاي أصغر حجمًا تتراوح قُدرتها الكهربائيّة ما بين 30-90 وات، ويمكن أن تصل كفاءتها في استخدام الطاقة إلى 20% عند تشغيلها من خلال توصيل الشاحن بالكهرباء إلى جانب طاقة البطّاريّة.
تحتوي وحدات إمداد الطاقة أو الباور سبلاي على محوّلات خافضة للجهد ومنظِمات إشارة يتمثّل دورها الرئيسيّ في تحويل الكهرباء الآتيّة من مقبس الكهرباء بجهد مُتردّد كبير تبلغ قيمته حوالي 220 فولت إلى جهد مُستمرّ مُنخفض القيمة يتناسب مع احتياجات جهاز الكمبيوتر من الطاقة وغالبًا ما تكون قيمة هذا الجهد 12 فولت. تحتوي أجهزة اللابتوب أيضًا على معالج مركزي ورسومي ومكوّنات تعمل بأداء أبطأ بصورة كبيرة مُقارنة بأداء الأجزاء المُشابهة والموجودة في أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة لذا تستغرق اللابتوبات وقتًا أطول لإجراء عمليّات المُعالجة المُختلفة للبيانات وفي المقابل تستخدم طاقة أقلّ أي أنّها أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
لاحظ أنّنا أشرنا أكثر من مرّة في الفقرات السابقة إلى مفهوم كفاءة استخدام الطاقة وتحدّثنا عنه باعتباره مفهوم منفصل عن مُعدّل استهلاك الطاقة، ولعلّك تساءلت ماهيّة الفارق بين استهلاك الطاقة وكفاءة استخدامها.
ولكي نفهم هذا الفارق بدقّة دعنا نتّفق أنّ مرور الكهرباء في أيّ موصّل أو دائرة إلكترونيّة دائمًا ما يُصاحبه انبعاث حرارة نشعر بعها عند مُلامسة الأسلاك والقطع الإلكترونيّة ونجدها ساخنة. هذه الحرارة ما هي إلّا طاقة لا تُستحدث من العدم ولكن مصدرها هو مقبس الكهرباء أو البطّاريّة وتُفقد في تسخين الأسلاك والأجزاء الإلكترونيّة دون أن يستفيد منها الجهاز بشكلٍ فعليّ، بل عادةً ما تُضاف بعض الأجزاء للجهاز التخلّص من هذه الحرارة باستخدام المراوح أو طرق التبريد. أي أنّ الطاقة التي يسحبها جهاز الكمبيوتر تستخدم الرقائق الدقيقة ومكوّناته الداخليّة جزءًا منها في نقل المعلومات ومعالجة البيانات وتشغيل مكوّنات الجهاز الأخرى، ويتحوّل جزء منها إلى حرارة غير مرغوب فيها.
في هذه الحالة نستخدم مفهوم كفاءة استخدام الطاقة لكي نشير إلى نسبة الطاقة الفعّالة المُستخدمة في تشغيل مكوّنات الجهاز ونقل المعلومات من الطاقة الكلّية التي يسحبها الجهاز من مصدر الكهرباء أو البطّاريّة.
تختلف الحرارة التي يُنتجها كلّ نوع من الأجهزة الإلكترونيّة، وفقًا لمقدار الطاقة الكلّية التي يسحبها، ونوع العمليّات التي تجريها مكوّنات الجهاز، فتستهلك الهواتف المحمولة على سبيل المثال عند تشغيلها في وضع الاستعداد بضع ميللي واتات فقط في صورة حرارة أي أنّ كفاءة استخدامها للطاقة تكون عالية ويُحافظ ذلك على عُمر البطّاريّة.
هل توصيل الكمبيوتر بالكهرباء دائمًا يعني استمرار استهلاك الطاقة ؟
لا تستهلك أجهزة اللابتوب أيّ كهرباء تقريبًا أثناء تشغيلها في وضع السُبات أو عند إيقاف التشغيل بشكلٍ كامل لأنّ ذلك يُقلّل من عُمر البطّاريّة دون داعِ. وعلى النقيض من ذلك؛ يستهلك الكمبيوتر الممكساويّ عندما يكون في وضع السُبات الحد الأدنى من الطاقة اللازمة لتشغيل البرامج في الخلفيّة.
وحتّى في حالة إيقاف تشغيل الجهاز بشكل كامل مع إبقائه مُتّصلًا بمصدر الكهرباء فإنّ الكمبيوتر يستهلك قدرًا من الطاقة يصل إلى حوالي 1 وات. تُستهلك هذه الطاقة في تشغيل بعض الأجزاء مثل مصابيح الـ LED الموجودة في بعض المكوّنات مثل مدخل كابل الإيثرنت، وإضاءة الماوس وتشغيل لوحة المفاتيح ومداخل الـ USB استعدادًا لأي إدخال يقوم به المُستخدم قبل بدأ التشغيل.
كيفيّة خفض استهلاك أجهزة الكمبيوتر واللابتوب للكهرباء
- تأتي معظم أجهزة الكمبيوتر مزوّدة بمزايا توفير الطاقة التي تُخفّض من استهلاكها للطاقة عندما يكون الكمبيوتر أو اللابتوب في وضع السُبات، أو في حالة الاستخدامات الخفيفة والمهام الأساسية مثل تصفح الويب، ويُمكن التحكّم في مثل هذه المزايا واختيار تفعيلها أو إلغاء تفعيلها من خلال التحكّم في خيارات إعدادات نظام تشغيل الجهاز، كما يُمكن إعداد جدولة إيقاف تشغيل الجهاز بعد مُدّة مُحدّدة إذا لم يقُم المُستخدم بإيقاف تشغيله بنفسه.
- وكما ذكرنا من قبل فإن الجزء الأكبر من الطاقة التي تسحبها مكوّنات أجهزة الكمبيوتر واللابتوب عادةً ما تستهلكه شاشة الجهاز، وبالتالي فإن إيقاف تشغيل الشاشة في الأوقات التي لا يكون فيها المُستخدم نشطًا على الجهاز قد يوفّر حوالي 50 وات من الطاقة الكُلّية التي يستهلكها الجهاز. يُساعد أيضًا خفض درجة سطوع الشاشة في تقليل الطاقة التي تستهلكها، فكُلّما ازداد سطوع الشاشة كُلّما ازدادت استهلاكًا للطاقة.
- يُؤدّي وضع جهاز الكمبيوتر أو اللابتوب في وضع السُبات (Hibernate) إلى استهلاك قدر ضئيل جدًّا من الطاقة، ويُمكن الاستفادة من هذه الميزة لتوفير استهلاك الطاقة في حالة الرغبة في التوقّف عن استخدام الجهاز لبعض الوقت لساعة أو ساعتين مثلًا ثُمّ العودة لاستئناف الاستخدام مُجدّدًا دون إعادة تشغيل الجهاز.
- يعمل تشغيل الكمبيوتر أو اللابتوب في وضع الطيران على إيقاف تشغيل شبكة الواي-فاي وإيقاف تشغيل البلوتوث عند الحاجة لذلك ممّا يُساعد بدوره على تقليل استهلاك الجهاز للطاقة.
- يُوصى دائمًا بإغلاق البرامج والتطبيقات غير الضروريّة وكذلك علامات التبويب التي لا تحتاج إليها في المتصفّح أثناء تشغيل الكمبيوتر أو اللابتوب، فالبرامج والتطبيقات والصفحات التي تعمل في الخلفيّة دون داعي تُزيد من استهلاك الكمبيوتر للطاقة التي تستخدمها وحدة المعالجة المركزيّة وذاكرة الرام لإبقاء هذه البرامج والتطبيقات قيد التشغيل. ولكن تجنّب كذلك تكرار إغلاق وإعادة فتح التطبيقات والبرامج التي تستخدمها بالفعل، فهذا يستهلك بدوره قدرًا من الطاقة.
- يُمكنك كذلك استخدام مُتصفّح إنترنت موفّر للطاقة مثل مُتصفّح Microsoft Edge و Opera، وهي مُتصفّحات تُتيح بعض المزايا التي تُقلّل من استهلاك الطاقة مثل وضع بعض علامات التبويب في وضع السُبات عند الرغبة في التوقّف عن استخدامها لبعض الوقت.
- وأخيرًا احرص على فصل جهاز الكمبيوتر عن مقبس الكهرباء في حالة إيقاف تشغيله وأعد توصيله فقط عندما تحتاج إلى تشغيله سيوفّر لك هذا قدرًا من الطاقة المُستهلكة.
المُلخّص | تستهلك أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة أثناء تشغيلها ما بين 170-175 وات ساعة، بينما تستهلك أجهزة اللابتوب أثناء تشغيلها ما يصل إلى 60 وات ساعة أي تستهلك طاقة كهربيّة أقلّ بكثير من أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة أثناء التشغيل كما أنّها تستخدم هذه الطاقة المُستهلكة بكفاءة أكبر، ويرجع الفارق في مُعدّلات الاستهلاك إلى صغر حجم الباور سبلاي المُستخدم في أجهزة اللابتوب مُقارنة بتلك المُستخدمة في أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة، بالإضافة إلى احتواء أجهزة اللابتوب على وحدة مُعالجة مركزيّة ووحدة مُعالجة رسوميّة بطيئة الأداء مُقارنة بمثيلاتها في أجهزة الكمبيوتر الممكساويّة.
يستهلك كارت الشاشة والمعالج في أجهزة الكمبيوتر بوجه عام مُعظم الطاقة الكهربيّة التي يسحبها الجهاز من المصدر. وفي حالة استخدام الجهاز في عمليّات المُعالجة المُعقّدة فإنّه يستهلك الطاقة بمستويات عالية تزيد عن تلك التي يستهلكها عند الاستخدام الخفيف مثل تصفّح الويب مثلًا، والذي يستهلك بدوره طاقة أعلى من تلك التي يستهلكها عند تشغيله في وضع الاستعداد حين لا يُجري الجهاز أيّ عمليّات معالجة وحين لا يكون المُستخدم نشطًا على الجهاز.
وعلى عكس اللابتوب الذي لا يستهلك أيّ كهرباء أثناء التشغيل في وضع السُبات أو عند إيقاف التشغيل بشكلٍ كامل، يسحب الكمبيوتر الممكساويّ أقلّ قدر مُمكن من الطاقة عند تشغيله في وضع السُبات، ويستمر الجهاز في سحب قدر ضئيل من الطاقة الكهربيّة من المصدر حتّى في حالة إيقاف تشغيله بالكامل طالمًا ظلّ مُتّصلًا بمصدر التيّار الكهربائيّ لذا يفضل فصل الجهاز عن مقبس الكهرباء بعد إيقاف تشغيله لتقليل استهلاك الكهرباء وعدم العودة لتوصيله إلّا عند الحاجة إلى الاستخدام.