يعرف هواة التصوير والمُتابعون عن كثب لتقنيات التصوير والكاميرات الحديثة مقدار التطوّر الذي طرأ على هذه الآلات خلال العِقد الأخير، وكيف أصبحت أصغر حجمًا بكثير من ذي قبل، وأخف وزنًا، وأوسع انتشارًا فثمّة كاميرا واحدة على الأقل يُمكن أن تجدها بالقرب منك مهما كان موقعك وأينما حللت قد تكون موجودة في هاتف شخص ما، أو على جانب الطريق في الشوارع الرئيسيّة لمُراقبة الحركة المروريّة، أو رُبّما تُحلّق فوق رأسك للتصوير الجويّ، أو تقف أعلى مداخل البنايات أو قي المحال التجاريّة أو المكاتب والمؤسّسات المُختلفة أو ماكينات الصرافة الآليّة للأغراض الأمنيّة.
وعلى الرغم من كل هذا التطور، نُلاحظ أنّ جودة تصوير كاميرات CCTV أو الدوائر التليفزيونيّة المُستخدمة في أنظمة المُراقبة لا تزال مُنخفضة للغاية حتّى الآن مٌقارنة بغيرها بحيث تبدو الصور في مقاطع الفيديو التي تلتقطها مُحبّبة وضبابيّة وأحاديّة اللون كالصور التي كانت تلتقطها كاميرات الهواتف قبل نحو عقدين من الزمن فما السبب وراء ذلك ؟ وخاصّة إذا كان الهدف من استخدام هذه الكاميرات هو هدف أمنيّ بالأساس ومن شأنه المساعدة في التعرّف على المُجرمين والمُخرّبين ممّا يتطلّب مزيدًا من الدقّة. دعنا نعرف السبب وراء ذلك من السطور التالية.
ما هي الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة CCTV ؟
هي أنظمة تُستخدم لأغراض المُراقبة تتكوّن من كاميرات فيديو قد تكون ثابتة أو قابلة للحركة موزّعة بحيث تغطّي منطقة مُحدّدة أو عدّة مناطق لتصوير لقطات الفيديو ونقلها إلى شاشة عرض أو مجموعة من الشاشات المُتّصلة بها في الوقت الفعليّ. تتّصل الكاميرات أيضًا من خلال الأسلاك بمُسجّل فيديو رقميّ لتسجيل لقطات الفيديو المصوّرة والاحتفاظ بها وبلوحة تحكّم يتمّ من خلالها إدارة النظام ككلّ.
بإمكان نظام المُراقبة كذلك إرسال إشعارات للمُستخدم في حال مُلاحظة نشاط غير عاديّ أو حركة غير مألوفة في المنطقة التي يتمّ مراقبتها كأن يخطر صاحب الشركة خلال ساعات الليل وبعد انصراف الموظّفين على سبيل المثال أنّ ثمة أشخاص يتحرّكون في المكان على غير العادة في ذلك الوقت، أو أن أحدهم على وشك اقتحام المُنشأةّ.
ممّ تتكوّن الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة CCTV وكيف تعمل ؟
يتكون نظام الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة CCTV من كاميرا فيديو وعدسة واحدة على الأقلّ، وشاشة عرض، ومسجّل فيديو، ويمكن استخدم المزيد من هذه المكوّنات لتكوين أنظمة مُراقبة أكثر تعقيدًا وفقًا للمنطقة المُراد مُراقبتها. تلتقط الكاميرا الواحدة أو مجموعة الكاميرات الصور بتسلسل ثابت، ثُمّ تُرسلها بعد ذلك لاسلكيًّا أو باستخدام الكابلات حسب نوع النظام المُستخدم) إلى جهاز تسجيل الفيديو، ثُمّ تُرسلها كذلك إلى شاشة العرض أو مجموعة الشاشات التي تُمكّن الفرد من رؤية تسلسل الصور على هيئة لقطات فيديو.
لماذا لا تزال جودة تصوير كاميرات المراقبة مُنخفضة للغاية ؟
لعلّك عزيزي القارئ قد شاهدت من قبل مقطع فيديو على شبكة الإنترنت لإحدى حوادث التصادم على الطُرق أو حوادث السرقة في أحد المحلّات التجاريّة أو المُنشآت العامّة وتوقّفت أمام جودة التصوير الرديئة على الرغم من قُدرة هذه المُنشآت على دفع الكثير من الأموال لشراء أفضل التقنيات ونُظم المُراقبة لحماية الأشخاص أو الممتلكات وتساءلت بدهشة لماذا لا تتوفّر جودة التصوير لهؤلاء على الرغم من أنّ الكاميرات عالية الجودة مُتاحة وموجودة بالفعل في الهواتف الذكيّة التي يحملها ملايين البشر حول العالم.
إنّ النُقطة الجوهريّة الحاسمة في الأمر تتمثّل في الغرض الرئيسيّ من استخدام كُل نوع من هذه الكاميرات لكي تُناسب خواصّها استخدامها بالشكل الأمثل. فعلى العكس من كاميرات الهواتف الذكيّة التي يُفضّل أن تكون صغيرة الحجم، وخفيفة الوزن، وتلتقط صورًا ذات ألوان زاهية مُتألّقة، لا يُشترط في كاميرات أنظمة المُراقبة أن تكون صغيرة الحجم للغاية أو تلتقط الألوان بدقّة عالية، ولكن يجب أن تتميّز بقُدرتها على التقاط الصور في ظروف الإضاءة المنخفضة، وفي حالات الألوان عالية التباين كأن يكون الشخص المطلوب رصده مُرتديًا لملابس داكنة أثناء الليل، لهذا تستخدم العديد من كاميرات أنظمة المُراقبة الأشعّة تحت الحمراء التي يُمكنها إضاءة المناطق المُظلمة لكي تتمكّن من التقاط صورًا جيّدة.
بالطبع هُناك أنواع من الكاميرات الرقميّة تفعل ذلك بدرجة مُمتازة أيضًا مثل الكاميرا الرقميّة ذات العدسة الأحاديّة العاكسة DSLR. علينا ألّا ننسى كذلك حاجة أنظمة المُراقبة إلى أن تكون ذات سعات تخزين كبيرة للغاية، فقد تظلّ الكاميرات تعمل لساعات أو أيّام متواصلة دون توقّف، وهو ما لا يحدث مع الأنواع الأخرى من تقنيات التصوير بما في ذلك الكاميرات الرقميّة.
ومن المتوقّع أن تكون حوالي 99.9% من الصور ومقاطع الفيديو التي التقطتها وسجّلتها كاميرات الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة طيلة هذه الساعات والأيام عديمة الأهمّية لا تُشير سوى إلى وضع عاديّ وظروف مُستقرة أمنيًّا ما لم يحدث شيء غير مألوف، لذلك يلجأ الكثير من الأشخاص إلى شراء كاميرات المُراقبة الأقلّ جودة لخفض تكلفة نظامهم الأمنيّ ونفقات صيانته.
هناك نٌقطة هامّة أيضًا يجدُر الإشارة إليها وهي أنّ الهدف من استخدام كاميرات أنظمة المُراقبة قد لا يقتصر فقط على تصوير ومُراقبة الشارع أو مُحيط العمل أو المنزل بجودة عالية طيلة الوقت، ولكن قد يكون لوجودها في حدّ ذاته هدف أمنيّ أبعد كأداة لردع المُجرمين وإثنائهم عن ارتكاب جرائمهم، فقد يعدُل اللصّ على سبيل المثال عن سرقة مكان يعرف أنّه مُراقب طيلة الوقت باستخدام الكاميرات.
لهذا السبب قد يقوم أصحاب بعض الأعمال بإيقاف كاميرات المُراقبة لبعض الوقت مُكتفين بفكرة وجودها في حدّ ذاتها كرادع للسرقات حتّى وإن كانت متوقّفة عن العمل طالما أنّ المُجرمين المُحتملين لا يعرفون ذلك. وفي بعض الحالات الأخرى حين يكون أولئك المُجرمين على علم بوجود الكاميرات في مكان ما فإنّهم يجتهدون في إخفاء معالمهم ممّا يجعل الصور المُلتقطة باستخدام كاميرات المُراقبة ليست ذات فائدة في الكشف عن هويّة المُجرمين مهما كانت جودتها، وتكون أقصى استفادة مُمكنة منها في هذه الحالة هي تحديد الوقت الدقيق لحدوث الجريمة.
العوامل التي قد تحدّ من جودة تصوير كاميرات المُراقبة
هُناك العديد من العوامل التي قد تكون مسؤولة عن الجودة المُنخفضة لكاميرات أنظمة المُراقبة مثل تكلفة نظام المُراقبة المُستخدم ككلّ، وتكلفة الصيانة الدوريّة له وإصلاحه في حالة الأعطال، وجودة العدسات المُستخدمة، والضغط الداخليّ وإعدادات تسجيل لقطات الفيديو، وغيرها من الأسباب التي نُفصّلها فيما يلي:
تكلفة تركيب نظام المُراقبة
عندما يرغب شخص ما في تركيب نظام مُراقبة في منزله أو مكان عمله او شركته فسوف يجد مئات الإعدادات والخيارات للكاميرات المُتاحة في الأسواق، وبالطبع تتوقّف الإمكانيّات والمزايا التي يُمكن أن يحصل عليها المرء من نظامه الأمنيّ على الميزانيّة التي سوف يُخصّصها لهذا الغرض، فتتراوح تكلفة نظام المُراقبة الأساسيّ على سبيل المثال، والمكوّن من 4 كاميرات وجهاز استقبال ما بين 300-400 دولار أمريكيّ، ويتطلّب الحصول على أنظمة مُراقبة تُغطّي مساحات أوسع أو تكون ذات إمكانيّات أعلى من حيث جودة المستشعر، والضغط، والاستقرار الهيكلي، ومقاومة الظروف المناخيّة دفع تكاليف إضافيّة قد تصل إلى آلاف الدولارات الأمريكيّة مثل أنظمة المُراقبة التي تستخدمها الشركات الكُبرى.
الضغط الداخليّ وإعدادات تسجيل الفيديو
كما ذكرنا من قبل؛ فإن كاميرات الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة عادةً ما يُشترط فيها القُدرة على العمل وتسجيل الفيديو دون توقّف على مدى فترات زمنيّة طويلة قد تتراوح ما بين 24 ساعة وحتّى عدّة شهور قبل أن تتمّ أرشفة المقاطع التي التقطتها أو حذفها. لذا تقوم هذه الأنظمة في بعض الأحيان بضغط حجم الفيديو الذي يجري تصويره داخليًّا قبل تسجيله لكي يشغل مساحة أقلّ من سعة النظام التخزينيّة، ويؤثّر ذلك بالطبع على جودة ودقّة لقطات الفيديو.
وقد تكون هذه المرحلة في بعض الأحيان مُجرّد خطوة أولى في سلسلة من عمليّات الضغط التي يُجريها النظام للقطات الفيديو لكي يتمكّن من تخزين ساعات وأيّام وأسابيع كاملة من التصوير والاحتفاظ بها على القرص الصلب. إنّ تصوير فيديو واحد على مدار يوم كامل باستخدام كاميرا تليفزيونيّة واحدة فقط قد يحتاج وحده لشغل مساحة تخزينيّة تصل إلى تيرابايت كاملة من البيانات، فماذا عن نظام مُراقبة يتكوّن من عشرات الكاميرات التي تعمل على مدى عدّة أيّام أو أسابيع؟! تحتفظ بعض الشركات بلقطات الفيديو المُسجّلة لمُدّة يومين على الأقلّ قبل أن يتمّ حذفها، ولكن بعض الشركات والمؤسّسات الكُبرى لا تقوم بحذف اللقطات المُسجّلة قبل مُضيّ شهر ممّا يتطلّب سعات تخزين عالية للغاية وضغط حجم ملفّات الفيديو إلى أقصى مدى مُمكن.
الصيانة الدوريّة لكاميرات المُراقبة
مُعظم كاميرات المُراقبة مُصمّمة للتصوير الخارجيّ بحيث تُثبّت في الشوارع ومداخل المباني والمحلّات التُجاريّة لذا يُفترض فيها أن تتحمّل ظروفًا جوّية متنوّعة، ولأنّها مكوّنة من دوائر وقطع إلكترونيّة تظلّ على الرغم من ذلك أكثر عرضة للأعطال والتلف والتآكل بفعل الظروف البيئيّة والجوّية القاسية مثل هطول الأمطار والعواصف التُرابيّة والتي تُؤثّر أيضًا على جودة ووضوح الصور التي تلتقطها، لذلك تحتاج بعض الكاميرات من حين لآخر إلى تنظيف عدساتها أو استبدالها بشكل كامل، ويُعتبر عدم إجراء عمليّات الصيانة الدوريّة هذه واحدًا من أسباب جودة التصوير المُنخفضة للغاية لبعض كاميرات المُراقبة.
تنسيق ملفّات الفيديو
تلعب المنصّة التي ستعرض لقطات الفيديو المُسجّلة باستخدام الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة أيضًا دورًا فاعلًا في التأثير على جودة هذه اللقطات، فقد تخضع في بعض الأحيان لمزيد من عمليّات الضغط لكي يُوافق تنسيقها العرض على هذه المنصّات. فعلى سبيل المثال، تقوم مواقع مثل اليوتيوب بضغط مقاطع الفيديو قبل نشرها على الموقع في بعض الأحيان ممّا يؤثّر على دقّتها بشكلٍ ملحوظ.
القصّ والتكبير
تقوم كاميرات الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة المُستخدمة في أنظمة المُراقبة عادةً بتصوير كادرات مُمتدّة بزوايا واسعة لا تُركّز فيها على حيّزًا بعينه في نطاق الكادر. ولكن عند التقاط حدث غير مألوف مثل حادث سطو أو سرقة على سبيل المثال، فغالبًا ما يرغب الأشخاص في العثور على تفصيلة مُحدّدة مُفيدة من وسط تفاصيل الصورة الكاملة تُرشدهم إلى الجُناة مثل لوحة سيّارة مثلًا، فيلجؤون إلى التركيز على الجزء الذي تظهر فيه اللوحة بالتحديد وقصّه وتكبيره ليملأ الحجم الكُلّيّ للشاشة، ويؤدّي هذا التوسّع في حجم وحدات البكسل في النهاية إلى دقّة أقل وجودة مُنخفضة للصورة المعروضة في النهاية.
المُلخّص قد تبدو مسألة الجودة المُنخفضة لصور ولقطات الفيديو المُلتقطة باستخدام كاميرات الدوائر التليفزيونيّة المُغلقة المُستخدمة في أنظمة المُراقبة مسألة مُحيّرة على الرغم من تطوّر تقنيات التصوير مؤخّرًا بشكلٍ كبير، إلّا أنّ السبب وراء ذلك قد يعود لمجموعة من العوامل.
إلى جانب كون الغرض الرئيسيّ من استخدام هذه النوعيّة من الكاميرات هو تصوير كادرات عالية لنطاقات مُمتدّة بزوايا واسعة من الشوارع أو الأبنيّة في ظروف الإضاءة المُنخفضة والمستويات العالية من تباين الألوان وتسجيلها على مدى فترات زمنيّة طويلة للغاية، تقف وراء انخفاض جودة الصور التي نُشاهدها على شبكات الإنترنت للقطات فيديو صُوّرت باستخدام كاميرات المُراقبة معايير مثل اختيار أنظمة مُراقبة ذات إعدادات وإمكانيّات تُناسب تكلفتها الإجماليّة الميزانيّة المُخصّصة لأغراض التأمين والحماية.
بالإضافة لتخاذل البعض أحيانًا في إجراء عمليّات الصيانة الدوريّة الضروريّة للكاميرات لكي يستمر نظام المُراقبة في العمل بنفس الكفاءة، وقيام هذا النظام بإجراء سلسلة من عمليّات الضغط لملفّات الفيديو المُسجّلة لكي يتمكّن من تسجيلها والاحتفاظ بها على القرص الصلب على مدى أيّام وشهور دون أن تُفقد أو تكون بحاجة للحذف، وقيام بعض المنصّات والمواقع الإلكترونيّة الأخرى بالمزيد من ضغط وتنسيق ملفّات الفيديو قبل عرضها، ما لم يقم الشخص نفسه بقصّها وتكبيرها كذلك للتركيز على تفصيلة أو نقطة مُحدّدة في الصورة الكاملة ممّا يؤثّر بدوره على جودة ودقّة الصور المُلتقطة.