التخطي إلى المحتوى

من منا لم يسمع عبارة صنع في الصين مرارًا وتكرارًا، تلك العبارة التي نجدها مكتوبة على معظم المنتجات المتوفرة في منازلنا، وفي الواقع لا تعتبر الهواتف الذكية استثناءً من ذلك حيث تعتبر الصين واحدة من أكبر الدول المصنعة للهواتف الذكية حول العالم حيث أنها تتضمن الكثير من الشركات والعلامات التجارية المعروفة بقوة في هذا المجال بما في ذلك أوبو وشاومي وريلمي والكثير من العلامات التجارية الأخرى، ولكن أهم ما يميز الهواتف الصينية تحديدًا هو أنها تأتي بأسعار رخيصة جدًا وخاصةً عند المقارنة مع الشركات العالمية الأخرى مثل أبل وسامسونج.

وفي الواقع هذا الأمر لم يأتي من فراغ حيث أن الشركات الصينية تبذل قصارى جهدها كما أنها تعمل بذكاء أيضًا من أجل الحفاظ على تكاليف تصنيع الهواتف منخفضة وبالتالي يمكن بيعها للمستخدمين بأسعار تنافسية جدًا، وهذا ما يطلق عليه القيمة مقابل السعر، وفي هذا المقال نتناول معكم هذه الفكرة حيث نوضح لكم في السطور التالية الأسباب الحقيقية وراء انخفاض أسعار الهواتف الصينية وهل هي جديرة بالشراء فعلًا أم لا.

شركة BBK: عملاقة الإلكترونيات الصينية

قد تكون هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها عن امبراطورية BBK Electronics الصينية ولكن إذا كنت مهتمًا بالهواتف الذكية فمن المؤكد أنك سمعت عن بعض العلامات التجارية الشهيرة المتخصصة في تصنيع الهواتف في الصين بما في ذلك OPPO و OnePlus و Vivo و Realme وفي الواقع جميع هذه العلامات التجارية الناشئة هي عبارة عن شركات فرعية تابعة للشركة الأم BBK Electronics الصينية التي يقع مقرها في مدينة دونغ غوان الصينية، وقد أصبح هذا التكتل هو أكبر مصنع للهواتف الذكية في العالم في الربع الأول من العام السابق 2021 متفوقًا حتى على أكثر عمالقة التكنولوجيا شهرة.

لذلك وعلى الرغم من أن اسم BBK Electronics قد لا يكون معروف بشكل كبير بين المستهلكين إلا أن العلامات التجارية الخاصة به تغزو الكثير من الأسواق حول العالم وتحديدًا في آسيا وأفريقيا، كما يتميز هذا التكتل من العلامات التجارية بأنه ينمو بشكل سريع ومتزايد جدًا لدرجة أن هذه العلامات التجارية تنفصل وتصبح شركات مستقلة بذاتها، ومن الأمثلة على ذلك هي Realme التي كانت تمثل علامة تجارية فرعية سابقة لشركة Oppo كما تسعى iQOO أيضًا على نفس النهج لتصبح مستقلة حيث أنها عبارة عن علامة تجارية فرعية من شركة Vivo.

السوق المستهدف للشركات الصينية

تركز الشركات الصينية بشكل كبير على الأسواق النامية وتحديدًا في آسيا وأفريقيا ولذلك فإنها ترغب في تحقيق هدف أساسي من هذه الأسواق ألا وهو بيع أكبر كمية ممكنة من الهواتف الذكية بأسعار منخفضة، ولذلك على الرغم من الطلب الهائل على الهواتف الذكية في دول آسيا وأفريقيا وتحديدًا دولة الهند إلا أن العرض الكبير من قبل الشركات والعلامات التجارية الصينية يجعل الشركات مجبرة على تقبل هامش ربحي منخفض من أجل بيع كميات كبيرة من المنتجات وذلك من أجل تعويض الأرباح المنخفضة.

ونظرًا للهامش الربحي المنخفض للشركات الصينية فهي تعمل على تعويض ذلك من جوانب أخرى بما في ذلك بيع كميات كبيرة كما ذكرنا لكم، هذا بالإضافة إلى الإعلانات المضمنة في واجهات التشغيل الخاصة بالهواتف الذكية وكذلك التطبيقات المثبتة مسبقًا (Bloatware) والتي تتربح الشركات من ورائها أيضًا.

وبالإضافة إلى ذلك تعمل هذه الشركات على توصيل رسائل معينة للجمهور الخاص بها من أجل الحصول على الولاء الدائم والثقة من هؤلاء العملاء، ومن أهم تلك الرسائل التي تركز عليها الشركات الصينية هي القيمة مقابل السعر والتي تعني أن تلك الشركات تقدم هواتف رخيصة جدًا مقارنةً مع المميزات والمواصفات الخاصة بها، حتى إن بعض الشركات تطلق على هواتفها قاتل الفلاج شيب (Flagship Killer) أي تلك الهواتف الرخيصة التي تتضمن مميزات من الهواتف الرائدة.

التكاليف المنخفضة للشركات الصينية

كما ذكرنا لكم تحرص شركات الهواتف الذكية في الصين على بيع الهواتف بأقل قدر ممكنة من الأرباح وذلك من أجل جذب أكبر عدد من المشترين، ولكن علاوةً على ذلك تركز الشركات الصينية على خفض التكاليف الخاصة بها إلى الحد الأدنى أيضًا حيث تشهر الصين بالعمالة الرخيصة جدًا نتيجة كثرة العرض في سوق الوظائف بسبب العدد الهائل من السكان هذا بالإضافة إلى انخفاض تكاليف المواد الخام والمكونات الأخرى الخاصة بالهواتف الذكية، وكذلك انخفاض رسوم الشحن نظرًا لأن سوقهم الأساسي المستهدف يقع بالقرب من الدول الآسيوية مثل الهند ونيبال وبوتان وإندونيسيا وغيرها.

عبقرية وذكاء الشركات الصينية

لا توجد هناك دولة في العالم تمتلك نفس العدد أو أكثر من العلامات التجارية للهواتف الذكية مقارنةً مع الصين والتي تمتلك علامات تجارية كثيرة مثل أوبو وريلمي وفيفو وغير ذلك وعلى الرغم من أن هذه العلامات التجارية قد تبدو منفصلة من حيث الإدارة والإنتاج إلا أنها تتعاون فيما بينها بشكل صارم جدًا كما أنها تتشارك الخبرات والاستراتيجيات علاوة على المنافسة الشرسة بينها التي تجعلها في مقدمة أكبر الشركات المصنعة للهواتف الذكية دائمًا الأمر الذي بدوره يصب في مصلحة الشركة الأم BBK Electronics مما يجعلها متفوقة على عملاقة الإلكترونيات بما في ذلك أبل وسامسونج وذلك من حيث مبيعات الهواتف الذكية.

وفي حال ألقينا نظرة ثاقبة على سوق الهواتف الذكية في الصين بشكل عام نجد أن شركتي Xiaomi و BBK يتبعان نفس الاستراتيجية بشكل كبير، حيث أن شركة شاومي هي الأخرى تمتلك العديد من العلامات التجارية الأخرى بما في ذلك Mi و POCO و Redmi وعلامتها التجارية المملوكة جزئيًا Black Shark وكلها موجهة نحو خدمة جمهور محدد وتحقيق أغراض محددة، كما أنها تعمل جميعها في صالح الشركة الأم (شاومي) أيضًا.

هل الهواتف الصينية جديرة بالشراء

في الواقع تتميز الهواتف الذكية الصينية بالكثير من المميزات المفيدة وأهمها هي الأسعار المنخفضة مع تقديم مميزات وخصائص قوية تكون متوفرة في هواتف أخرى أعلى سعرًا، ومع ذلك هناك العديد من العيوب في تلك الهواتف أيضًا وأهمها هي الإعلانات المضمنة ضمن الواجهة وكذلك كثرة التطبيقات المثبتة مسبقًا على الهاتف والتي قد تمثل الإزعاج للكثير من المستخدمين، كما أنها سوف تسهلك الرام بشكل كبير مما يؤدي إلى تجربة سوفتوير ضعيفة نوعًا ما.

ومع ذلك إذا كنت ترغب في الحصول على هاتف من الفئة المتوسطة أو الرخيصة فإن الحل الأفضل هو تحديد الاحتياجات الخاصة بك وذلك من حيث الكاميرا أو مساحة التخزين مثلًا، وبعد ذلك يمكنك مقارنة الهواتف الخاصة بالشركات الصينية مع الهواتف الأخرى في الفئة المتوسطة وتحديدًا هواتف سلسلة A من سامسونج والتي تعتبر من أفضل الهواتف الذكية في الفئة الرخيصة والمتوسطة أيضًا.