التخطي إلى المحتوى

كانت تقنية البلوتوث منذ بداية تطويرها في تسعينيّات القرن العشرين ولا تزال حتّى الآن تقنية ثوريّة في مجال نقل البيانات والاتّصال لاسلكيًّا بالأجهزة المُختلفة. أرادت شركة إريكسون عندما بدأت في العمل على تطوير هذه التقنية في عام 1994 أن تكون أداة لاسلكيّة لنقل البيانات تحلّ محلّ التقنيات اللاسلكيّة التي تستخدم الأشعّة تحت الحمراء لتوحيد جميع الأجهزة الإلكترونيّة من هواتف وحواسب ومُلحقاتها دون استخدام أيّ أسلاك، ومن هنا سُمّيت التقنية على اسم الملك الدنماركيّ «هارالد جورمسون بلوتوث» الذي نجح في توحيد قبائل الدنمارك والنرويج في مملكة واحدة خلال القرن العاشر الميلاديّ.

مرّت التقنية بالعديد من عمليّات التطوير والترقيات، ومع تطوير الجيل الخامس Bluetooth 5 وفّرت التقنية مزيدًا من المزايا لمُستخدميها مثل نقل البيانات بسرعة 2 ميجابايت في الثانية، وزيادة نطاق الاتّصال بمقدار أربعة أضعاف مُقارنة بالإصدارات السابقة، وزيادة النطاق التردّديّ ممّا جعله قادر على دعم اتّصال مجموعات مزدوجة من الأجهزة اللاسلكيّة أثناء النقل.

تلى الإصدار الرئيسيّ – مثلما حدث مع الإصدارات السابقة – طرح نُسخ مُحسّنة بتحديثات محدودة من ذات الإصدار كان آخرها نُسخة بلوتوث 5.3 التي أُعلن عنها لأوّل مرّة في شهر يوليو عام 2021، ولكنّها لم تتوفّر في الأسواق بشكلٍ فعليّ إلّا في الرُبع الثاني من عام 2022 عندما بدأت بعض الشركات في دمجها في المُنتجات الأحدث من إصداراتها من الهواتف الذكيّة وسمّاعات الرأس مثل هاتف Xiaomi Redmi Note 11 Pro وهاتف OPPO Reno 8 Pro وسمّاعات Xiaomi Redmi Buds 4 Pro. فما هي المُميّزات الجديدة التي تُقدّمها هذه النُسخة للمُستخدمين أكثر من سابقتها نُسخة البلوتوث 5.2 ؟ إليك أبرز هذه المُميّزات في السطور التالية.

  لمحّة سريعة عن تقنية البلوتوث ؟

هي تقنية تستخدم موجات راديويّة فائقة التردد (UHF) يتراوح تردّدها ما بين 2.402 جيجاهرتز إلى 2.48 جيجاهرتز لكي تسمح بنقل البيانات عبر مسافات قصيرة قد يصل مداها إلى 10 أمتار كحدّ أقصى، ومُشاركة الملفّات بين هاتف وهاتف آخر، إلى جانب توصيل بعض الأجهزة والمُلحقات ببعضها البعض لاسلكيًّا مثل توصيل لوحة المفاتيح اللاسلكيّة، والطابعات اللاسلكيّة، والسمّاعات اللاسلكيّة بأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكيّة.

كان أوّل جهاز على الإطلاق مزوّد بتقنية البلوتوث هو سمّاعة رأس لاسلكيّة أنتجت في عام 1999، وكان أوّل هاتف مزوّد بتقنية البلوتوث هو هاتف إريكسون T39 الذي طُرح في الأسواق عام 2001، وفي نفس العام قدّمت شركة أي بي إم IBM أوّل كمبيوتر محمول مزوّد بتقنية بلوتوث مُدمجة وهو لابتوب ThinkPad A30، ومُنذ ذلك الوقت بات من المُمكن اتّصال الهواتف بأجهزة الكمبيوتر لاسلكيًّا.

نقل الإصدار الأوّل من بلوتوث البيانات بسرعة 721 كيلوبت في الثانية الواحدة، وفي عام 2005 صدر الإصدار الثاني من بلوتوث Bluetooth 2.0 بمُعدّل نقل بيانات مُحسّن تضاعفت فيه سُرعة نقل البيانات بمقدار ثلاثة أضعاف لتصل إلى 2.1 ميجابت في الثانية، وازداد نطاق الاتّصال ليصل إلى 30 مترًا.

وفي عام 2009 صدرت نُسخة تقنية البلوتوث عالية السرعة Bluetooth 3.0، والتي نقلت البيانات بسرعة 24 ميجابت في الثانية، وبدا أنّ التقنية سوف يتراجع استخدامها وتتوارى مع ظهور شبكات الواي فاي التي وفّرت عمليّات نقل البيانات والاتّصال لاسلكيًّا على مدى أوسع، ولكن في العام التالي أطلق الإصدار الرابع من بلوتوث Bluetooth 4.0 الموفّر للطاقة، والذي كان أكثر كفاءةً في استخدام الطاقة ممّا سمح بتوصيل مُلحقات تعمل باستخدام البطّاريات مثل أجهزة استشعار اللياقة البدنيّة، وأجهزة الرعاية الصحّية، وغيرها من المُلحقات التي يُمكن أن تستمرّ في العمل لسنوات مُعتمدة على بطّارية في حجم العملة المعدنية تتكوّن من خلية واحدة. تميّز هذا الإصدار أيضًا بمدى اتّصال أوسع وصل إلى 100 متر، كما قلّل من زمن الوصول النموذجيّ، وقدّم لأوّل مرّة ميزة الاتّصال مُتعدّد النقاط، والتي سمحت بتوصيل سمّاعات الرأس باستخدام البلوتوث بجهازين في وقت واحد مثل جهاز كمبيوتر وهاتف محمول.

أطلق الإصدار الرئيسيّ الخامس من بلوتوث 5.0 في عام 2016، والذي حسّن بشكل كبير من مدى الاتّصال الأقصى ليصل إلى 240 متر، ولكن جاء ذلك على حساب سُرعة نقل البيانات، غير أنّ سُرعة نقل البيانات في النطاقات القريبة كانت أعلى على أيّ حال وتُعادل أضعاف السرعة في الإصدارات السابقة حيث وصلت إلى 2 ميجابايت في الثانية. صدرت بعد ذلك نُسخًا مُحدّثة من ذات الإصدار بمزايا إضافيّة محدودة كان آخرها نُسخة بلوتوث 5.3.

  أبرز مُميّزات الجيل المُحسّن بلوتوث 5.3

توفّر هذه النُسخة من إصدار بلوتوث الرئيسيّ الخامس تجربة استخدام أفضل بمزايا مُحسّنة على مستوى الأداء، والأمان، وكفاءة استهلاك الطاقة، وستتضّح لنا هذه المزايا بمزيد من التفصيل في النقاط التالية:

الأمان

عادةً ما تستخدم بروتوكولات بلوتوث التشفير لحماية البيانات التي يتمّ إرسالها. ويعتمد مستوى الأمان جزئيًّا على عدد الأحرف التي يتكوّن منها مفتاح التشفير. حسّنت هذه النُسخة إعدادات الأمان من خلال زيادة التحكّم في حجم مُفتاح التشفير، حيث سمحت للمضيف من خلال وحدة التحكّم بتعيين الحدّ الأدنى للحجم الذي يجب أن يكون عليه مفتاح التشفير للاتّصال بجهاز آخر ممّا سيساهم في تقليل الاتّصال ذهابًا وإيابًا بين جهاز الاستقبال وجهاز الإرسال.

وبمعنى آخر، فهذه الخاصّية تعني أنّه إذا كانت الأجهزة التي نرغب في توصيلها لا تُقدّم ضمانات كافية، فلن يسمح البلوتوث 5.3 باتّصال أجهزتنا بها. سيؤدّي هذا إلى توفير الطاقة كذلك لأنّ البلوتوث سوف ينظر فقط إلى الأجهزة التي تتوافق مع هذا الحدّ الأدنى من الامان في نقل البيانات. يُركز هذا التحسين بشكل خاصّ على أجهزة إنترنت الأشياء مثل أدوات التحكّم في الأبواب أو مصابيح البلوتوث في الأماكن العامة أو الأجهزة الطبّية المحمولة.

كفاءة استهلاك الطاقة

عادةً ما ترسل أجهزة البلوتوث نفس البيانات عدّة مرّات بهدف التأكّد من استلامها بنجاح، ولكن في النُسخة الجديدة، سيقوم الجهاز بفحص البيانات المُرسلة مرّة واحدة فقط، وأيّ بيانات مُكرّرة سوف يحذفها على الفور. سوف تُحدّد وحدة التحكم منخفضة الطاقة في حقل معلومات بيانات الإعلان (ADI) حزم البيانات التي تمّ استلامها بنجاح، كما ستُحدّد نُسخ حزم البيانات المتطابقة، والتي ستتجاهلها وحدة التحكّم بعد ذلك بدلًا من إعادة تمريرها إلى المضيف. يُساعد هذا كما هو واضح على توفير الطاقة ويُزيد من كفاءة استهلاك الجهاز للطاقة.

تحسين تجربة الاستخدام

تكون أجهزة البلوتوث عادةً مُصمّمة بحيث توفّر نوعين من دورات العمل، وهما دورة الخدمة المُنخفضة، ودورة الخدمة العالية. فعلى سبيل المثال، الشخص الذي يرتدي سمّاعات الرأس سيستخدم البلوتوث في دورة خدمة منخفضة تستهلك قدرًا أقلّ من الطاقة، ولكن ما إن يتلقّى مُكالمة هاتفيّة أو يُشغّل الموسيقى فسوف يتحوّل الجهاز للعمل في دورة الخدمة العالية التي تحتاج إلى العمل في النطاق التردّدي الأعلى. وبوجه عام فكلّما كان الجهاز قادرًا على التحوّل بشكل أسرع من دورة الخدمة المنخفضة إلى دورة الخدمة العالية، كانت تجربة المُستخدم أفضل. توفّر النُسخة الجديدة من إصدار بلوتوث الخامس ميزة جديدة بهذا الشأن. تهدف هذه الميزة الجديدة إلى تحسين تجربة المُستخدم من خلال التبديل السريع بين هاتين الدورتين.

تحسين الأداء

في جميع الإصدارات والنُسخ السابقة من بلوتوث كان الجهاز المركزيّ فقط يمتلك صلاحيّة إعداد قوائم وتصنيفات القنوات المُفضّلة. ولكن مع نُسخة بلوتوث 5.3 ستكون الأجهزة الطرفيّة المُرتبطة مثل سمّاعات الرأس قادرة أيضًا على تقديم قائمة من القنوات المُفضّلة، وسيُساعد هذا على تقليل التداخل وتحسين أداء الأجهزة ومُلحقاتها بشكلٍ عام حيث سيتمكّن بلوتوث من تعريف اتّصال القنوات المُفضّلة لكلا الطرفين بشكل أفضل.

 المُلخّص    تُقدّم النُسخة الجديدة من الإصدار الرئيسيّ الخامس لبلوتوث وهي نُسخة بلوتوث 5.3 عددًا من المُميّزات الجديدة التي تُساهم في تحسين الأداء ومنح تجربة استخدام أفضل لمُستخدمي الأجهزة مع تحسين إعدادات الأمان وزيادة كفاءة استهلاك الطاقة. تحسّن الأداء في بلوتوث 5.3 فأصبح بإمكان الأجهزة الطرفيّة ومُلحقات الأجهزة تعيين قوائم القنوات المُفضّلة بدلًا من أنّ يُصبح الجهاز المركزيّ الذي ترتبط به هذه المُلحقات هو المُتحكّم الوحيد في إعداد قوائم المُفضّلات ممّا سيقلّل من حدوث التداخل بين قنوات الأجهزة ومُلحقاتها.

يُقدّم بلوتوث 5.3 كذلك تجربة استخدام أفضل للمُستخدمين بعد أن قلّل من زمن التبديل من وضع الخدمة المُنخفضة إلى وضع الخدمة العالية الذي يعمل خلاله البلوتوث في نطاق تردّديّ أعلى، كما يوفّر هذا الإصدار للمضيف ميزة التحكّم في حجم الحدّ الأدنى من مفتاح التشفير المُستخدم للاتّصال بالأجهزة المُختلفة ممّا يُضفي مزيدًا من الأمان والموثوقيّة على عمليّة نقل البيانات ويمنع اتّصال الأجهزة بالمُلحقات والأجهزة غير الموثوقة بالقدر المطلوب.

امتدّت التحديثات في بلوتوث 5.3 لتطال عمليّة نقل البيانات ذاتها فأصبحت وحدة التحكّم قادرة على فحص البيانات التي تُرسلها لمرّة واحدة تقوم بعدها بالإعلان عن حزم البيانات المُرسلة بنجاح، وتجاهل إعادة إرسال حزم البيانات المُتطابقة والمُكرّرة إلى المُستقبل مرّة أخرى ومن ثمّ حذفها ممّا يساهم في توفير الطاقة المُستخدمة في عمليّة نقل البيانات ويُزيد من كفاءة استخدام الأجهزة للطاقة. على أي حال، إذا كنت بحاجة لمعرفة تفاصيل أعمق بخصوص Bluetooth 5.3 فيمكنك تنزيل هذا التقرير المُفصل من مجموعة التطوير الخاصة البلوتوث.