حالة من الجدل والاختلاف الكبير في الآراء أثيرت بسبب شكوى نشرتها «الإمارات اليوم»، من سائقين أفادوا بأنهم يواجهون تنمراً من بعض نظرائهم، ممن يلتصقون بمركباتهم بشكل عدواني، ويتعمدون مضايقتهم إذا لم يفسحوا لهم الطريق بسرعة.
وقالت الفئة الكبرى من السائقين المشاركين عبر حساب الصحيفة على شبكة «إنستغرام» إن السائقين الذين اعتادوا القيادة ببطء هم السبب الرئيس في المشكلة.
فيما أكد آخرون أن الإشكالية تكمن في سلوك «السائقين العدوانيين»، الذين يعتبرون المسارات السريعة حكراً عليهم، فيتعمدون الالتصاق بالمركبات الأخرى من الخلف، ويثيرون ذعر السائقين الملتزمين، لإجبارهم على الإفساح بسرعة، ما يؤدي إلى ارتباكهم، وربما التسبب في تبعات أكثر خطورة، مثل الحوادث.
بدورها، أكدت شرطة دبي أن عدم ترك مسافة كافية بين المركبات يمثل مخالفة خطرة، إذ أسفر خلال النصف الأول من العام الجاري عن 350 حادثاً مرورياً، نتج عنها وفاة تسعة أشخاص، وإصابة 248 شخصاً بإصابات متفاوتة.
وأوضحت أن القيادة ببطء، خصوصاً على المسارات السريعة، تعكس – في المقابل – ضعفاً في الثقافة المرورية لدى بعض السائقين، وربما تثير بعض الإشكاليات على الطريق.
وتفصيلاً، اعتبر سائقون أن السائق الأمامي، الذي يصر على القيادة ببطء، يتحمل المسؤولية عن وقوع الحوادث المرورية. وقال أحدهم إن المخالفات يجب أن تحرر ضد السائق الأمامي الذي لا يفسح الطريق، لافتاً إلى أنه خولف أكثر من مرة بسبب تعمد الشخص الذي يقود أمامه كبح الفرامل أكثر من مرة على المسار السريع. وطالب آخر بضرورة اتخاذ موقف حازم مع الأشخاص الذين يقودون سياراتهم بأقل من السرعة القصوى للطريق على المسار السريع.
وأشار ثالث إلى أن هناك سائقين يتعمدون السير على المسارين السريعين من اليسار بأقل من السرعة القصوى، ما يدفع غيرهم إلى التجاوز من جهة اليمين، والقيادة بسرعة أكبر على المسارات اليمنى، التي يفترض أنها مخصصة للسائقين الذين يريدون القيادة بسرعة متوسطة، ما يكون سبباً في وقوع الحوادث، لتفاوت السرعات.
وأكد رابع أن السائقين الذين يصرون على القيادة ببطء هم المتنمرون الحقيقيون، لأنهم يتعنتون تجاه غيرهم، فيما قال خامس «تجد أحدهم يسير بسرعة 70 كيلومتراً على شارع سرعته 140 كيلومتراً في الساعة، ويرفض الإفساح للقادم من الخلف، دون مراعاة لظروفه، إن كان مرتبطاً بموعد عمل أو حالة طارئة تستلزم الوصول إلى المستشفى».
وأضاف سادس: «يسيرون ببطء ولا يفسحون، كأنهم ملتصقون بالطريق، ويصفون غيرهم بالمتنمرين»، وأردف سابع: «يجب أن يُحاسب (سلاحف الطريق)، إذ يسير أحدهم على سرعة 80 كيلومتراً في الساعة على طريق سريع، ويرفض الإفساح».
وذكر ثامن: «سرعة الشارع 120 كيلومتراً ويقود أحدهم على سرعة 70 كيلومتراً على أقصى اليسار، ويدوس فرامل كل 100 متر، وإذا اقترب من الرادار ينزل بالسرعة إلى 50 كيلومتراً في الساعة، ويقولون (تنمر)!». وقال تاسع: «عفواً، هؤلاء الذين يشتكون هم سبب المشكلة، ويجب أن تتم مخالفتهم، لأنهم يعطلون الطريق، ولا يفسحون المجال لغيرهم، طبيعي أن يثيروا عصبية السائقين الآخرين، ويكونوا عرضة للتنمر».
وطالب عاشر بتكثيف الدوريات، وتغليظ الغرامات حيال كل من لا يفسح المجال، ويقود سيارته بسرعة أقل من تلك المقررة للمسارات السريعة.
وذكرت سائقة أخرى أن الفئة التي تقود ببطء هي المخطئة، وأضاف آخر: «لماذا يصر أحدهم على القيادة على المسار السريع، طالما أنه ليس في عجلة من أمره؟».
في الجهة المقابلة، كشف سائقون تعرضوا للتنمر عن مواقف معقدة، تعرضوا لها بسبب سلوك آخرين عدوانيين، وقالت سائقة: «منذ أيام عدة، التصقت مركبة بسيارتي من الخلف بعدوانية، ولم يكن هناك مجال لإفساح الطريق لسائقها، في ظل وجود سيارة أخرى على يميني، ثم أفسحت لها المسار فور وجود فرصة لذلك، وفوجئت بسائقها يتصرف بعدوانية، ويشغل مساحات المياه دون مبرر، حتى ينشر الرذاذ في وجهي، ما آثار ارتباكي، وكادت تحدث مشكلة».
وأضاف آخر: «كنت أقود سيارتي على المسار السريع أقصى اليسار على سرعة 140 كيلومتراً في الساعة، وهناك مركبة على يميني، وأخرى أمامي، بينما يصر سائق المركبة الخلفية على الالتصاق بسيارتي، فهل أطير مثلاً؟!».
وأكد ثالث أن الشكوى واقعية 100%، ويؤدي العناد إلى حوادث، فمن الضروري احترام الآخرين على الطريق، حتى يعاملوك بالمثل، بدلاً من الندم إذا تسببت في وفاة أو إصابة أحدهم.
وطالب رابع بالتشدد حيال السائقين العدوانيين، الذين يلتصقون بالمركبات من الخلف، وأكد آخر أن هذه التصرفات تثير الارتباك، وتتسبب في الحوادث، وأشارت أخرى إلى أنها تقود سيارتها بأقصى السرعة المقررة للطريق، وتجد من يلتصق بها من الخلف، ويثير ارتباكها، لافتة إلى ضرورة اتخاذ موقف حازم حيالهم.
من جهته، قال مساعد القائد العام لشرطة دبي لشؤون العمليات بالوكالة، مدير الإدارة العامة للمرور، اللواء سيف مهير المزروعي، إن عدم ترك مسافة كافية بين المركبات سلوك عدواني، ومخالفة خطرة، أسفرت خلال النصف الأول من العام الجاري عن 350 حادثاً مرورياً، نتج عنها وفاة تسعة أشخاص، وإصابة 248 آخرين بإصابات متفاوتة، مقابل 203 حوادث خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، نتج عنها وفاة 10 أشخاص، وإصابة 160 آخرين.
وأوضح أن القيادة ببطء، خصوصاً على المسارات السريعة، تعكس – في المقابل – ضعفاً في الثقافة المرورية لدى بعض السائقين، وربما تثير بعض الإشكاليات على الطريق، خصوصاً إذا كانت أقل من الحد الأدنى المقرر لسرعة الطريق، مستدركاً أنه حتى في هذه الحالة لا يفترض أن يكون رد الفعل عدوانياً من قبل غيرهم من السائقين، خصوصاً في ظل وجود قنوات توفرها الأجهزة المعنية، مثل خدمتي «كلنا شرطة» و«عين الشرطة»، اللتين تتيحهما شرطة دبي لتلقي الشكاوى من أفراد المجتمع، وتوثيقها بالصور أو الفيديو.
وأكد أن من الضروري الوعي بجوانب مهمة في هذه المسألة، أبرزها ضرورة الإفساح للقادم من الخلف على المسار الأيسر السريع، ولو كان متجاوزاً للسرعة المقررة، لأنه مسؤول في النهاية عن سلوكه، وهناك أجهزة ضبط (رادار) ترصد متجاوزي السرعة، لذا لا يفترض التعنت وعدم الإفساح للقادم من الخلف، بدعوى الالتزام بالسرعة المقررة، لأن السائق الأمامي لا يدرك ظروف غيره، فربما هناك حالة طوارئ تجبر القادم من الخلف على الإسراع، وتظل الشرطة معنية في هذه الحالة باتخاذ اللازم معه.
وأشار إلى أن إصرار السائق الأمامي على عدم الإفساح، ربما يكون سبباً لوقوع حادث، حين يضطر السائق القادم من الخلف إلى التجاوز من جهة اليمين بسرعة كبيرة، فيجد أمامه مركبة أخرى تسير ببطء، فيصطدم بها من الخلف.
وأكد المزروعي أن على الجميع إدراك أن الطريق ليس ملكاً لأحد، وهناك قانون واضح يجب الالتزام به، وقيم وأخلاق يفترض أن يتحلى بها الجميع، أهمها التسامح، وعدم اعتبار السائقين الآخرين خصوماً، لذا يجب الالتزام بالمسافة الآمنة مع المركبات الأمامية من قبل القادمين من الخلف، كما يتحتم الإفساح إذا تطلب الأمر ذلك.
وتابع أن «الدولة وفّرت طرقاً هي الأفضل من نوعها في العالم، تتضمن مسارات عدة، ومزودة بأحدث تقنيات الضبط المروري، وعلى الجميع الاستمتاع بالقيادة عليها في أمان وانضباط، بدلاً من التصرف بعدوانية، وتعريض الحياة للخطر».
ولفت إلى أن الإدارة العامة للمرور بشرطة دبي سجلت خلال النصف الأول من العام الجاري 14 ألفاً و84 مخالفة عدم ترك مسافة كافية بين المركبات، وهذا يعكس فعالية أجهزة الضبط، والدور المهم الذي يقوم به رجال المرور في ردع أي متجاوز.
الالتزام بالمسافة الآمنة
عبّر عدد قليل من السائقين المشاركين في الحوار عن موقف معتدل، فذكر أحدهم أنه يحرص على الالتزام بالمسافة الآمنة، حفاظاً على سلامته وحياة غيره، وينبه السائق الأمامي بإضاءة متقطعة بسيطة للإفساح، فربما لم ينتبه إليه، ويعطيه المجال للتجاوز الآمن ثم يعبر.
وقال آخر: «إن هناك إصراراً على تبادل الاتهامات، وتحميل كل طرف المسؤولية للآخر، رغم أن الطريق يتحمل الجميع، وهناك ما يكفي من المسارات لتحمل الذين يفضلون القيادة المعتدلة، والذين يفضلون السرعة».