بحكم عملنا، حين نطالع دعاوى بعينها، تتملكنا الحيرة وتلح علينا عشرات من علامات الاستفهام، حول موقف الضحية، وأتحدث تحديداً عن عدد غير قليل من جرائم الاحتيال، التي يتصرف ضحاياها بقدر من السذاجة، أكاد أجزم أنها تبهر المحتالين أنفسهم!
وأذكر هنا بالمناسبة، واقعة لسيدة تلقت مكالمة هاتفية من محتال أوهمها بالفوز بجائزة كبرى، وتلاعب بها نفسياً، لدرجة أعمتها عن اكتشاف الخدعة التي ربما لا تنطلي على طفل صغير.
المجني عليها في هذه الواقعة، غادرت مكتبها أكثر من مرة لتحويل أموال إليه، ممنية النفس بالجائزة الكبرى، إلى أن أدركت في النهاية أنها سقطت في فخ بدائي، بعد أن خسرت نصف راتبها تقريباً!
وفي قضية أخيرة، تلقت امرأة اتصالاً هاتفياً من شخص أوهمها بأنه موظف بنكي، وأن ثمة مشكلة في حسابها وعليها تصفيته ونقله إلى حساب آخر، زودها ببياناته، وكلفت نفسها مشقة الذهاب إلى ماكينة الصراف الآلي وإيداع الأموال في حساب الجاني!
وأذكر، أن محتالاً أوهم رجلاً بقدرته على مضاعفة أمواله، واستولى منه على مبلغ ضخم، وبعد قرابة عام، التقاه بالصدفة في أحد الأسواق فأمسك به، وبدلاً من أن يسلمه للشرطة أقنعه المحتال بمضاعفة أمواله مجدداً وتعويضه عن خسائره القديمة، وتمكن من الاحتيال عليه مرة أخرى.
هناك قاعدة ثابتة، يدركها المتخصصون وغيرهم، أن المحتال يجد ضالته في الطماع، ويتمتع الأول عادة بالقدرة على قراءة نفسية ضحيته، والتلاعب به!
القصص – ومعظمها طريف – كثيرة ولا يمكن أن تستوعبها هذه المساحة، لكن ما يجب الإشارة إليه، أن الأجهزة الأمنية والقضائية بكثير من الدول، خصوصاً المتقدمة لا تلق بالاً لمثل هذه البلاغات، وتعتبر ضحاياها مسؤولين عن خسائرهم، لكن يختلف الوضع كلياً في الإمارات، وربما يعد هذا أحد الأسباب الرئيسة للسمعة الرائعة التي تتمتع بها الدولة، ويجعلها دائماً وجهة جاذبة للمؤسسات الكبرى والأفراد سواء موظفين أو مستثمرين، لأن الأمن الراسخ والقضاء العادل الناجز أساسان للبلدان الأفضل في المعيشة..
ونعرج هنا على القانون الأخير رقم 34 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، إذ يتصدى بشكل رادع لجرائم الاحتيال الإلكتروني الأكثر شيوعاً الآن، فبالإضافة إلى تضمنه مواد تتناول الأساليب المتكررة، يخصص في المادة رقم 40 نصاً واضحاً تحت عنوان الاحتيال الإلكتروني، تنص على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم لكن من استولى لنفسه أو لغيره على مال بالاستعانة بأي طريقة احتيالية، أو اتخاذ اسماً كاذباً أو صفة غير صحيحة عن طريق نظام معلومات أو إحدى وسائل تقنية المعلومات».
في النهاية يجب أن يدرك الجميع أن هناك منظومة أمنية قوية تلاحق، وقوانين رادعة، لكن بالله عليكم، فكروا مرتين قبل التضحية بأموالكم ولا تكونوا فريسة سهلة للمحتالين.
محكم ومستشار قانوني
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
Share
طباعة
فيسبوك
تويتر
لينكدين
Pin Interest
Whats App