التخطي إلى المحتوى

يمثل الفحص الدوري للمتعاطين السابقين المحكوم عليهم، أو المودعين بأمر من المحكمة في جريمة تعاطي مواد مخدرة، فرصة للعودة إلى الحياة الطبيعية مجدداً والنجاة من فخ الإدمان، لكن بعض المتعاطين يهدرون فرصة التعافي بانتهاك قواعد الفحص الدوري التي أقروا بالالتزام بها.
وبدل الاستفادة من الفرصة الثمينة التي أتيحت لهم، أعيدوا خلف الأسوار مجدداً بإدانتهم بتهمة مخالفة قواعد وإجراءات الفحص الدوري، وعوقب معظمهم بالحبس سنة.
وقال مدير مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، العقيد عبدالله الخياط، إن الفحص الدوري بمثابة فرصة حقيقية للعودة إلى الحياة الطبيعية، لأنه يساعد المتعاطي السابق على قهر العوامل التي ربما تؤدي إلى انتكاسته، بإخضاعه للمتابعة والفحص بصورة دورية ومفاجئة متى استدعت الحاجة لذلك.
وأكد أنه يتم التعامل مع الخاضع للفحص بسرية تامة للحفاظ على خصوصيته، ووضعه الاجتماعي، ومنحه الثقة الكاملة في أن هناك رغبة صادقة لمساعدته على بدء مرحلة جديدة دون معاناة أو خوف من مواجهة النظرة السلبية من قبل بعض المحيطين به، لافتاً إلى أن هناك آباء يتمتعون بالوعي يلجأون إلى الشرطة طواعية لإخضاع أبنائهم للفحص الدوري للاطمئنان عليهم ومساعدتهم على التعافي، أو لضمان عدم انتكاسهم مجدداً.
وتفصيلاً، رصدت «الإمارات اليوم» حالات لمتعاطين سابقين محكوم عليهم خالفوا قواعد الفحص الدوري، مهدرين فرصة الالتزام وفق إجراءات محددة وضمان عدم العودة مجدداً للتعاطي، أحدهم زعم أنه في رحلة صيد، وآخر ادعى بحثه عن مصحة، وفتاة تعافت بعد انتكاسات عدة.
وشملت الحالات شاباً (خليجياً) تخلف عن موعد الفحص الدوري بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، لأنه كان متعاطياً في موعد الفحص، وخشي انكشاف أمره، فتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حياله من قبل الجهات المعنية وضبطه وإحالته إلى النيابة العامة ومنها إلى محكمة الجنايات التي قضت بحبسه سنة، لمخالفته قواعد الفحص الدوري، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم، ليعود إلى محبسه مجدداً.
كما قضت المحكمة بالحكم ذاته على شاب آخر تهرب من موعد الفحص الدوري، وساق مبرراً غريباً هو انشغاله برحلة صيد، وفق أوراق الدعوى التي أكدت أن المتهم كان من المتعاطين للمواد المخدرة، وخاضعاً لنظام الفحص الدوري، للتأكد من عدم عودته للتعاطي مرة أخرى، ووقّع على إقرار بعدم الممانعة من الحصول على عينة منه والالتزام بإجراءات النظام الاعتيادية والمفاجئة، وتسلم جدولاً بمواعيد المراجعات، وأثبت لدى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بياناته التي تشمل عنوان سكنه وأرقام هواتفه، إلا أنه أخل بقواعد وإجراءات الفحص الدوري، ولم يلتزم بالرد على اتصالات إدارة مكافحة المخدرات.
وأشارت التحقيقات إلى أن المسؤولين عن النظام راجعوه في المواعيد المقررة له، لكنه لم يرد أو يتوجه بنفسه لإجراء الفحص المطلوب، بزعم أنه كان في رحلة صيد فتم القبض عليه، وفق الإجراءات القانونية المتبعة، وإحالته إلى القضاء، ولم تقتنع المحكمة بمبرره.
وانتهك شخص ثالث قواعد وإجراءات الفحص الدوري وتم الاتصال به مرات عدة على الهواتف المسجلة لدى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، والتنبيه عليه في إحدى المكالمات بضرورة الحضور والخضوع للفحص، لكنه لم يلتزم فتم القبض عليه، وساق مبرراً لم يقنع المحكمة كذلك، وهو أنه كان في سبيله للعلاج لكن لم يجد أماكن شاغرة في مصحة للتأهيل، وحكم عليه بالحبس عاماً.
وتبرز أهمية الفحص الدوري الذي توفره إدارات مكافحة المخدرات بقرار وزير الداخلية في حالة شابة (خليجية) تعافت من الإدمان بعد ثماني سنوات كاملة دخلت خلالها دوامة عنيفة من الإدمان هزت حياتها المستقرة، وأثرت على علاقتها بأسرتها التي وفرت لها كل سبل الرفاهية،
وبعدما حصلت على فرص عدة، وخضعت للفحص الدوري أكثر من مرة، ومُدت لها أيادي المساعدة، فإنها أصرت على مخالفة قواعد الفحص الدوري حتى صار السجن سبيل صلاحها الأخير، فحكم عليها بالحبس عامين، وهناك تغيرت حياتها، وحفظت القرآن كاملاً فخففت عقوبتها، ثم خضعت للفحص الدوري مجدداً بعد الإفراج عنها، وتلقت المساعدة من مركز حماية الدولي حتى خرجت من هذه الدوامة المدمرة.
من جهته أكد مدير مركز حماية الدولي، بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، العقيد عبدالله الخياط، أن الفحص الدوري يمثل فرصة كبيرة أمام المتعاطين السابقين لمساعدتهم على التعافي.
وقال إنه بموجب المادة 79 من المرسوم بقانون اتحادي رقم (30) لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، فإن المحكوم عليه أو المودع بأمر من المحكمة في جريمة تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية يخضع للفحص الدوري لمدة لا تزيد على سنتين، بعد تنفيذ العقوبة أو انتهاء فترة الإيداع في المصحة العلاجية.
وأضاف أن هذا التدبير يعد فرصة للعودة للحياة الطبيعية بعيداً عن تعاطي المواد المخدرة، إذ يوفر نظاماً للمتابعة والفحص بصورة دورية ومفاجئة متى استدعت الحاجة لذلك، ويتم التعامل مع الخاضع للفحص بسرية تامة للحفاظ على خصوصية وضعه الاجتماعي، ما يساعده على بدء مرحلة جديدة من حياته دون الخوف من مواجهة النظرة السلبية من قبل بعض المحيطين به الذين لا يتمتعون بالإدراك الكافي لسبل التعامل الأمثل مع هذه الحالات.
وأوضح أن هذه المادة القانونية أعطت الحق الكامل لوزير الداخلية لتنظيم عملية الفحص الدوري في أجهزة الشرطة، لافتاً إلى أن وزير الداخلية يصدر قراراً بتحديد قواعد وإجراءات الفحص الدوري وضوابط المنع من السفر وقواعد المراقبة الشرطية الإلكترونية خلال فترة الفحص والفئات المستثناة منها، ويتم تنظيم هذه العملية في دولة الإمارات وفق هذا القرار، وتتولى بموجبه أجهزة الشرطة في مختلف الإمارات تطبيق الفحص الدوري.
وأشار إلى أن المشرع الإماراتي كان واضحاً في ما يتعلق بعقوبة مخالفة نظام الفحص الدوري، إذ يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من خالف قواعد وإجراءات الفحص الدوري الصادر بها قرار من وزير الداخلية، ما يجعل التهرب من الفحص أو الامتناع عن إعطاء العينة المطلوبة جرماً يعاقب عليه القانون.
وقال الخياط إن هناك فئة من الآباء الذين يتمتعون بالوعي اللازم يدركون أهمية الفحص الدوري، إذ لجأ عدد منهم إلى مركز حماية الدولي لإخضاع أبنائهم للفحص الدوري، للاطمئنان عليهم والتأكد من عدم وقوعهم في فخ التعاطي أو عودتهم إلى المخدرات بعد تعافيهم منها.
ولفت إلى أن هناك حكمة من وراء قرار وزير الداخلية بشأن الفحص، والنص عليه بمادة في قانون مكافحة المخدرات، إذ يعكس الحرص على مساعدة المحكوم عليهم، أو المتعاطين الذي لم تقم بحقهم دعاوى جزائية لتجاوز أزمتهم، لذا يتحتم عليهم الالتزام بهذه القواعد لأنها تصب في مصلحتهم، وتساعدهم على تجاوز محنة كبيرة، واستعادة حياتهم الطبيعية مجدداً.
• شاب زعم أنه في رحلة صيد، وآخر ساق مبرراً غير مقنع، وفتاة تعافت بعد دوامة إدمان عنيفة.
• التعامل مع الخاضع للفحص بسرية تامة للحفاظ على خصوصيته، ووضعه الاجتماعي، ومساعدته على بدء مرحلة جديدة.
• القانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من يخالف قواعد وإجراءات الفحص الدوري.

 
عقوبة مخالفة قواعد الفحص الدوري

أفاد مدير مركز حماية الدولي بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، العقيد عبدالله الخياط، بأن المادة 79 من المرسوم بقانون اتحادي رقم (30) لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية تنص على أنه «يخضع المحكوم عليه أو المودع بأمر من المحكمة في جريمة تعاطي المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية أو جريمة الامتناع عن إعطاء عينة الفحص دون مبرر، للفحص الدوري أثناء تنفيذ العقوبة أو خلال فترة الإيداع، ويستمر الخضوع للفحص الدوري لمدة لا تزيد على سنتين بعد تنفيذ العقوبة أو انتهاء فترة الإيداع».
ويسري التدبير على المتعاطي الصادر بحقه أمر جزائي أو الذي لم تقم بحقه الدعوى الجزائية أو المحال إلى الوحدة بأمر من النائب العام لمدة سنتين من تاريخ الأمر الجزائي أو الخروج من الوحدة.
ويجوز للنائب العام إخضاع المحكوم عليه في إحدى الجرائم المعاقب عليها في المادتين (57)، (58) من هذا المرسوم بقانون للفحص الدوري عقب انتهاء تنفيذ العقوبة لمدة لا تجاوز سنة، إذا دعت الضرورة إلى ذلك بناءً على تقرير جهة التحري أو رئيس النيابة المختصة.
ويصدر وزير الداخلية قراراً بتحديد قواعد وإجراءات الفحص الدوري وضوابط المنع من السفر وقواعد المراقبة الشرطية الإلكترونية خلال فترة الفحص والفئات المستثناة منها.
ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من خالف قواعد وإجراءات الفحص الدوري الصادر بها قرار من وزير الداخلية.