التخطي إلى المحتوى

الأقمار الصناعية المستخدمة اليوم لتأمين الإنترنت ليست جيدة جداً، ولكن «سبيس إكس» و«أمازون» تأملان بتغيير هذا الوضع. ويتمحور السباق الجديد في الفضاء حول تأمين الاتصال الأفضل بالإنترنت.

مدارات منخفضة

منذ 2019، وضعت شركة «سبيس إكس» التي يملكها إيلون ماسك أكثر من 100 قمر صناعي «ستارلينك» في مدار الأرض المنخفض، في إطار خطة لتأمين إنترنت النطاق العريض للمجتمعات المحرومة حول العالم. وبدورها، أعلنت «أمازون» أخيراً أنها تخطط لإرسال أول نموذج تجريبي من أقمارها «بروجكت كويبر» إلى المدار في نهاية عام 2022، واضعة الهدف نفسه نصب عينيها.

وتسعى الشركتان لخدمة نحو 4 مليارات شخص غير متصلين بالإنترنت، بالإضافة إلى شركاتٍ تعمل في مواقع نائية، كخطوط الطيران والسفن البحرية.ولم يتضح بعد أي واحدة من الخطتين ستنجح في النهاية، ولكن «ستارلينك» موجودة اليوم، وتعمل لخدمة نحو 90 ألف زبون حول العالم. وفي الماضي، حاولت شركات أخرى وفشلت في الوصول إلى ما تسعى «سبيس إكس» و«أمازون» لتحقيقه اليوم، وأبرزها «تيليديسك» التي مولها بيل غيتس جزئياً في منتصف التسعينات، وفشلت بسبب الارتفاع الصاروخي لكلفة مشروعها، بالإضافة إلى شركات «إريديوم» و«غلوبال ستار» و«وان ويب» التي كان مصيرها الإفلاس. ويقول إيلون ماسك إنه يعرف تاريخ هذه التجارب، ويعي أن نجاح «ستارلينك» ليس مضموناً، ولكنه يملك أفضلية إطلاق الأقمار الصناعية على متن صواريخ «فالكون 9» المعاد استخدامها التي تملكها شركته.

وبينما يعمل المشرعون اليوم على إيجاد الطرق القانونية الكفيلة بتوسيع تغطية إنترنت النطاق العريض، لتشمل المناطق الأميركية الأكثر حاجة، فإن الحل قد يكمن في جيلٍ جديدٍ من الأقمار الصناعية يساعد في الحفاظ على اتصال العائلات بالإنترنت، وقدرتها على تعليم أولادها في المناطق النائية، ولكن ليس مجاناً. وقد استعرض بعض خبراء التكنولوجيا الأميركيين، ومنهم كريس فيلازكو، أهم جوانب عمل خدمات الإنترنت هذه.

أقمار بدل الكابلsc

نشأت خدمات إنترنت الأقمار الصناعية منذ وقتٍ طويلٍ، وتشير تقديرات مكتب تعداد الولايات المتحدة لعام 2019 إلى أن نحو 8 ملايين أميركي يستخدمونها للبقاء على اتصال بالعالم. ولكن تجربة هذه الخدمات ليست مرضية تماماً لأن إنترنت الأقمار الصناعية يكون في حالات كثيرة أبطأ مما تقدمه شركات خدمات الكابل، فضلاً عن أن كثيراً من مزودي الخدمات يفرضون على زبائنهم ضوابط صارمة لناحية استهلاك البيانات. إذن، لماذا يستخدم الناس إنترنت الأقمار الصناعية؟ لأنها الخيار الوحيد، لا سيما لأولئك الذين يعيشون في المناطق البعيدة التي يصعب الوصول إليها.

وتقدم شركات كـ«هيوز نت» و«فياسات» خدمات إنترنت الأقمار الصناعية في الولايات المتحدة منذ سنوات بواسطة أقمارٍ صناعيةٍ وضعتها في مدارات مرتفعة ثابتة بالنسبة للأرض؛ على ارتفاع نحو 22 ألف ميل، وربما أكثر. ويساعد هذا الارتفاع على استخدام عددٍ أقل من الأقمار الصناعية، وتغطية مساحات أوسع، ولكنه ليس دون مشكلات، إذ إن الإرسالات التي تذهب من وإلى هذه الأقمار تتحدد بسرعة الضوء، لذا فإن سفرها لهذه المسافات الطويلة ذهاباً وإياباً يعني مزيداً من مشكلات الاستجابة والتأخير التي لا يمكن تجنبها.

وفي المقابل، تتبنى مشاريع الشركات الناشئة كـ«ستارلينك» مقاربة مختلفة، فبدل الاعتماد على عددٍ قليلٍ من الأقمار الصناعية في مدارٍ بعيدٍ عن الأرض، تستخدم أقمار صناعية في مدارات منخفضة، بعضها لا يتعدى ارتفاعه 340 ميلاً فوق سطح الأرض. وبفضل موقع هذه الأقمار القريب من كوكبنا، لا تحتاج البيانات إلى وقتٍ طويلٍ لتنتقل من مواقع وجود المستخدم إلى القمر الصناعي، ومن ثم إلى محطة سلكية على الأرض، وبالعكس.

وتشير عبارة «كثير من الأقمار الصناعية» إلى الآلاف، إذ تملك «ستارلينك» حالياً أكثر من 1700 قمر صناعي تحيط بالكوكب، وتعتزم إرسال ألف قمر إضافي. وفي المقابل، تخطط «أمازون» لاعتماد مقاربة مشابهة لمشروعها «بروجكت كويبر»، وتأمل في إيصال 3236 قمراً صناعياً إلى مدار الأرض المنخفض، علماً بأن أياً منها لم يغادر الأرض حتى اليوم.

ولكن لا بد من توضيح الأمور: إن نوع الخدمات الذي تنتمي إليه «ستارلينك» ليس مصمماً للاستخدام في المناطق الكثيفة السكان أو المدن التي تملك عادة اتصالات إنترنت سلكية فعالة. صحيح أن قاطني هذه المناطق والمدن يعانون من بعض المشكلات، ولكنهم لا يواجهون صعوبة في استخدام شبكة الإنترنت. وقد كشفت دراسة حديثة نشرها معهد «إنستيتيوت فور لوكال سيلف – ريلاينس» أن ما يزيد على 80 مليون أميركي محكومون فعلاً بمشكلة التعامل مع مزود واحد فقط لخدمة الإنترنت السريعة. لكن، ومع ذلك، وباختصار، تذهب الفائدة الأكبر من مجموعات الأقمار الصناعية هذه إلى الأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية القليلة السكان.

مشكلات الإنترنت الفضائي

تملك خدمات «ستارلينك» وشبيهاتها قوة هائلة لمساعدة الناس الذين لا يملكون اتصالاً لائقاً بالإنترنت على الوصول إلى كل محتويات الشبكة، ولكن هذا لا يعني أنها خالية من العيوب:

> اختلالات الخدمة. لا تزال هذه الخدمات معرضة لبعض الضوابط الطبيعية التي تواجهها عادة شركات إنترنت الأقمار الصناعية. ففي معظم الأحيان، تتسبب الأمطار الغزيرة أو الرياح ببعض الاختلالات في الخدمة، ما دفع «ستارلينك» إلى توصية زبائنها بإدخال صحون الإرسال (23 بوصة) إلى المنزل عند اشتداد الرياح. كما عبر العلماء -لا سيما علماء الفضاء- عن مخاوفهم من تأثير وضع عشرات آلاف الأقمار الصناعية في المدار على قدرتهم على مراقبة الفضاء.

> أسعار الخدمات. تطلب شركة «هيوز نت»، مزود خدمة إنترنت الأقمار الصناعية الأكبر في الولايات المتحدة، من زبائنها مبلغ 450 دولاراً ثمن المعدات الضرورية، ثم اشتراكاً شهرياً مقابل الحصول على الخدمة. وتبدأ الحزمة الشهرية من 60 دولاراً لـ10 غيغابايت عالية السرعة، وتصل إلى 150 دولاراً لـ50 غيغابايت.

ومن جهتها، تزعم الشركة التابعة لـ«سبيس إكس» أن سرعات التحميل التي تقدمها خدمتها تتراوح بين 100 و200 ميغابت في الثانية عبر حزمتها الوحيدة التي تكلف 99 دولاراً في الشهر، ولكنها تفرض أيضاً على زبائنها شراء محطة مركزية عليهم تركيبها وضبط إعداداتها بنفسهم، بقيمة 499 دولاراً. ولحسن الحظ، يصحب تطبيق «ستارلينك» المرافق للمحطة الناس في مسار التركيب والضبط بسهولة ودون تعقيدات. أما «أمازون»، فلم تكشف بعد ما إذا كانت تنوي فرض خدمة اشتراك على الراغبين بالحصول على الإنترنت من مشروعها «بروجكت كويبر» أو ما إذا كانوا سيتقدمون للحصول عليها مباشرة أو عبر موزع معتمد.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

 

إخلاء مسؤولية إن موقع مكساوي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
“جميع الحقوق محفوظة لأصحابها”