تحدثنا معكم الشهر الماضي عن 5 أزمات ستسبب لا محالة في زيادة أسعار الأجهزة الإلكترونية أو أي سلعة أخرى في الأسواق. قد لاحظتم بالتأكيد زيادة أسعار بعض السلع في دولتكم مهما كانت ولكن للأسف هذه الزيادة لن تكون الأخيرة, فبخلاف الأزمات الخمس التي ذكرناها هناك أزمة جديدة تلوح في الأفق وهي أزمة الشحن والإمداد!
فماذا يحدث؟ ولماذا اندلعت هذه الأزمة؟
ماذا يحدث؟
يعاني العالم حالياً من أزمة في شحن البضائع ليس فقط من الصين إلى الدول الأخرى ولكن من كافة الدول إلى بعضها البعض. الأزمة تتركز تحديداً في قطاع النقل البحري المسؤول عن شحن 80% من حركة التجارة العالمية.
يواجه العالم حالياً عجز في عدد ناقلات الحاويات فالناقلات المتاحة حالياً غير كافية لنقل الكميات الضخمة من البضاعة التي يطلبها المستوردون في كل دولة وهو ما أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الشحن ومن ثم بالتأكيد زيادة أسعار المنتجات.
كيف اندلعت هذه الأزمة؟
يعود الأمر وككافة الأزمات التي يمر بها عالمنا حالياً بفيروس كورونا. قبل انتشار كوفيد-19 كانت حركة الشحن مستقرة. تقوم الناقلات البحرية بشحن الحاويات من الصين أو أي دولة مصدرة إلى وجهتها ثم تقوم بتحميل البضائع وتعود من حيث أتت.
عندما بدأ الفيروس في الانتشار كانت الصين أولى الدول التي أعلنت عملية الإغلاق التام. تلك العملية بدأت تدريجياً بداية من مدينة ووهان التي تتواجد في داخل الأراضي الصينية وليس على وسواحلها, أي إن شحن البضائع استمر للمزيد من الوقت في الصين حتى بعد بداية الإغلاق.
أبحرت الناقلات البحرية إلى وجهتها في رحلة قد تستغرق من 7 أيام إلى 40 يوماً. عندما انتهت الناقلات البحرية من توصيل شحناتها بدأت الأزمة في الاندلاع!
الناقلات قد أفرغت حمولتها وجاهزة لاستقبال حمولة أخرى للعودة من حيث أتت ولكن في هذا الوقت كانت باقي دول العالم قد بدأت في تنفيذ الإغلاق التام. لا يوجد بضائع كافية حتى تتحرك السفن, المصانع مغلقة, حركة الشحن الداخلي متوقفة تماماً بسبب حظر التجوال في بعض الدول.
الناقلات الآن عالقة في المواني تحتاج إلى بضاعة حتى تعود من حيث أتت وتكرر عملية الشحن التي تجريها منذ عشرات السنوات.
احتياجات المستخدمين الجديدة
نتذكر جميعاً أنه ومع فرض الإغلاق التام والانتقال إلى العمل والدراسة عن بُعد ظهر لدى عامة الناس احتياجات شرائية جديدة. اتجه الملايين حول العالم لشراء أجهزة الكومبيوتر, اللابتوب والأجهزة اللوحية للدراسة أو العمل من المنزل. ازداد الطلب كذلك على الأثاث المكتبي, لن يحضر الطلاب حصصهم أو العاملون اجتمعاتهم من السرير. يحتاجون على الأقل طاولة جديدة وبعض الكراسي لتستوعب كل أفراد الأسرة الذين باتوا مطالبين بالعمل تحت نفس الظروف في نفس الوقت.
ازداد كذلك الطلب على أجهزة الترفيه المنزلي من أجهزة تلفاز ذكى, منصات ألعاب الفيديو إلخ… بسبب قضاء وقت أكثر داخل المنزل وضرورة زيادة طرق الترفيه لتواكب البقاء في المنزل لـ 24 ساعة.
خطوات سريعة نحو انفجار الوضع
الآن الوضع كالآتي, الناقلات البحرية تنتظر أن يتم تحميلها بالبضائع حتى تعود من حيث أتت في وقت أغلب مصانع العالم مغلقة. هناك طلب جنوني على الكثير من السلع بسبب احتياجات الحياة الجديدة. الصين بدأت في فتح مصانعها مرة أخرى لتعود عملية الصناعة تدريجياً.
في غضون أسابيع باتت المنتجات المطلوبة متاحة ولكن الناقلات البحرية لم تعود بعد في انتظار أن يتم شحنها بالبضائع.
مع حلول منتصف عام 2020 تحسن الوضع حيث بدأت الدول في تخفيف القيود المفروضة وعادت حركة التجارة مع وجود تأخر في عملية الشحن ولكن الأمر لم يكن يمثل أزمة حينها.
المصائب لا تأتي فرادى
قد تظن أن أزمة الشحن التي تحدثنا عنها حتى منتصف أو نهاية عام 2020 تبدوا بسيطة -قد كانت كذلك- ولكن لأن المصائب لا تأتي فرادى فإن الأمر ازداد سوء بشدة في 2021 ليصل إلى الوضع الذي نحن عليه الآن.
مع انطلاق عام 2021 ازداد الطلب على كافة السلع الذي كان يقف وراءه محاولات إعادة اقتصادات الدول إلى طبيعتها بعد إغلاق استمر ولو جزئياً لفترة طويلة. في الوقت نفسه هناك أزمة شحن من عام 2020 لم يتم حلها. أضف إلى ذلك أزمة الطاقة التي اندلعت في الصين وأوروبا وأثرت بشكل مباشر على سعر مشتقات البترول والكهرباء في وقت قررت فيه الدول المصدرة للذهب الأسود أن تقلل من إنتاجها حتى تتجنب ما حدث في أبريل 2020.
ساهمت كل تلك العوامل في وجود عجز في ناقلات الشحن وهو ما أدى لارتفاع تكلفة الخدمة بالإضافة لزيادة سعر الطاقة وهو ما أدى أيضاً لزيادة سعر الخدمة في نفس الوقت.
هل يتحسن الوضع قريباً؟
للأسف لن يتحسن الوضع بل يتوقع أن تصل الأزمة إلى ذروتها خلال هذا الشهر. ينتظر الملايين حول العالم موسم إجازات أعياد الميلاد حيث يزداد الطلب على كافة السلع في وقت يعتبر أكبر موسم العطلات في العديد من الدول أي إن عمل المواني على الأقل في الجزء الغربي من الكوكب ستتوقف قليلاً.
يتوقع خبراء أن يتحسن الوضع خلال عام 2022. هذا التحسن لن يعيد الأمر إلى ما كان إليه قبل اندلاع الأزمة فأسعار الشحن التي ارتفعت بسبب عوامل كثيرة لن تعود كما هي قريباً وسيقتصر التحسن على تقليل أوقات تأخر الشحنات.
إخلاء مسؤولية إن موقع مكساوي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
“جميع الحقوق محفوظة لأصحابها”