بدأت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939، عندما أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا بعد الغزو الألماني لبولندا، وعلى الرغم من أن السبب المباشر لاندلاع الحرب كان بسبب الغزو الألماني لبولندا، إلا أن أسباب نشوب الصراع كانت أكثر تعقيدًا من ذلك.
معاهدة فرساي
لنعد خطوتين أو أكثر للوراء، تحديدًا عام 1919، عندما التقى ممثلو القوى المنتصرة بالحرب العالمية الأولى (إنجلترا- إيطاليا- فرنسا- الولايات المتحدة الأمريكية) في فرساي، لمناقشة كيفية جعل ألمانيا تدفع ثمن الضرر الذي تسببت فيه الحرب العالمية الأولى.
أراد وودرو ويلسون، رئيس الولايات المتحدة معاهدة تستند إلى خطته المكونة من 14 نقطة، والتي يعتقد أنها ستحقق السلام في أوروبا، بينما أراد جورجيس كليمنصو، رئيس وزراء فرنسا، الانتقام والتأكد من أن ألمانيا لن تبدأ حربًا أخرى.
اتفق لويد جورج، رئيس وزراء بريطانيا شخصيًا مع ويلسون لكنه علم أن الجمهور البريطاني يتفق مع كليمنصو، بالتالي حاول إيجاد حل وسط بين ويلسون وكليمنصو.
في هذه الأثناء كانت ألمانيا تتوقع معاهدة تستند إلى 14 نقطة من ويلسون ولم تكن راضية عن شروط معاهدة فرساي. ومع ذلك، لم يكن لديهم خيار سوى التوقيع على الوثيقة. لكن ما هي بنود المعاهدة؟
بنود معاهدة فرساي الرئيسية
- بند ذنب الحرب: يجب على ألمانيا قبول اللوم لبدء الحرب العالمية الأولى.
- جبر الضرر: اضطرت ألمانيا إلى دفع 6600 مليون جنيه إسترليني مقابل الأضرار التي سببتها الحرب.
- نزع السلاح: سُمح لألمانيا فقط بامتلاك جيش صغير و6 سفن حربية، لم يُسمح بدبابات ولا قوات جوية ولا غواصات، وكان من المقرر نزع سلاح منطقة راينلاند.
- البنود الإقليمية: تم انتزاع بعض الأراضي من ألمانيا ومنحت إلى دول أخرى.
بطبيعة الحال، كان الشعب الألماني غير راضٍ بشأن المعاهدة واعتقد أن بنودها قاسية للغاية، حيث لم تكن ألمانيا قادرة على دفع المال، وخلال عشرينيات القرن الماضي كان الناس في ألمانيا يعيشون في فقر مضجع، حيث لم يكن هناك الكثير من الوظائف وكانت أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية مرتفعة.
أدى ذلك إلى حالة سخط على الحكومة، والتصويت لصالح الرجل الذي وعد بتمزيق معاهدة فرساي، بالضبط، هذا الرجُل هو أدولف هتلر.
تحالفات هتلر
في يناير 1933، أصبح أدولف هتلر مستشارًا لألمانيا، وعلى الفور بدأ (بشكل سري) في بناء الجيش الألماني وتسليحه، وفي عام 1934، تضاعف حجم الجيش الألماني، وبدأ في بناء السفن الحربية وإنشاء القوات الجوية الألمانية، كذلك، اتخذ قرارًا بإعلان (إجبارية) الخدمة العسكرية عام 1935.
وعلى الرغم من دراية بريطانيا وفرنسا بتحركات هتلر، إلا أنهما كانا قلقين من صعود الشيوعية واعتقدا أن ألمانيا القوية قد تساعد في منع انتشار الشيوعية إلى الغرب.
في عام 1936 أمر هتلر القوات الألمانية بدخول منطقة راينلاند، وفي هذه المرحلة، لم يكن الجيش الألماني قويًا وكان من الممكن هزيمته، ومع ذلك، لم تكن فرنسا ولا بريطانيا مستعدين لبدء حرب أخرى.
في عام 1936، أقام هتلر تحالفين مهمين؛ الأول كان يسمى حلف محور روما وبرلين، مع إيطاليا موسوليني، والثاني تحت مسمى الميثاق المناهض للكوميترن، مع الإمبراطورية اليابانية.
كانت الخطوة التالية لهتلر هي البدء في استعادة الأرض التي تم أخذها من ألمانيا، وفي مارس 1938، توغلت القوات الألمانية في النمسا، وأجبر الزعيم النمساوي على إجراء تصويت يسأل الناس عما إذا كانوا يريدون أن يكونوا جزءًا من ألمانيا.
ملامح بداية الحرب العالمية الثانية
كان هذا التحرُّك الألماني مؤشرًا لاقتراب نشوب الحرب العالمية الثانية، لأن ضم النمسا يعني بداهة ازدياد حجم ألمانيا اقتصاديًا وعسكريًا، خاصةً بعد أن أظهرت نتائج الاستفتاء الشعبي أن 99% من النمساويين يفضلون الانضمام لألمانيا.
بنفس السياق، وبعد مطالبة زعيم النمسا المساعدة من بريطانيا، ألمانيا وفرنسا، وعد هتلر أن ضم النمسا كان نهاية لأهدافه التوسعية، وأنّه لا يرغب في المخاطرة بإشعال حرب.
بالطبع، لم يفِ هتلر بكلمته وبعد 6 أشهر طالب بتسليم منطقة سوديتنلاند في تشيكوسلوفاكيا إلى ألمانيا، وخلال المفاوضات، التقى الزعيم الألماني بنيفيل تشامبرلين، رئيس وزراء بريطانيا، 3 مرات خلال سبتمبر 1938 في محاولة للتوصل إلى اتفاق يمنع الحرب العالمية الثانية، فيما يعرف بمفاوضات ميونخ.
في النهاية، نصت اتفاقية ميونخ على أن هتلر يمكن أن يكون لديه منطقة سوديتنلاند في تشيكوسلوفاكيا، بشرط أن يعد بعدم غزو بقية تشيكوسلوفاكيا.
مرة أخرى، لم يكن هتلر رجلاً يلتزم بكلمته، وفي مارس 1939 غزا بقية تشيكوسلوفاكيا، وعلى الرغم من دعوات المساعدة من الحكومة التشيكوسلوفاكية، لم تكن بريطانيا ولا فرنسا مستعدين للقيام بعمل عسكري ضد هتلر.
كان الهدف التالي لهتلر هو غزو بولندا، إلا أن فرنسا وبريطانيا كانتا على اقتناع تام بأنّه لن يجازف، خاصةً مع إعلان الدولتين تدخلهما حال قررت ألمانيا غزو بولندا، لكن حدث ما لم يكن متوقعًا، في سبتمبر 1939، غزت القوات الألمانية بولندا، واشتعل بذلك فتيل الحرب العالمية الثانية.
الأسباب السياسية للحرب العالمية الثانية
ليس بمعزل عن الأحداث وتطوراتها، يرتبط تعقيد الأسباب التي أدّت إلى قيام الحرب العالمية الثانية بشكل وثيق بالسياسة، وفيما يلي نستعرض أبرز الأسباب السياسية للحرب العالمية الثانية.
فشل عصبة الأمم
تعد عصبة الأمم منظمة دولية تأسست عام 1919 للمساعدة في الحفاظ على السلام العالمي، كان المقصود أن تكون جميع الدول أعضاء في العصبة، وأنه إذا كانت هناك نزاعات بين الدول فيمكن تسويتها عن طريق المفاوضات وليس بالقوة.
وإذا فشل هذا، فستتوقف الدول الأعضاء عن التجارة مع الدولة العدوانية، وإذا فشل ذلك، تستخدم الدول الأعضاء جيوشها في قتال الطرف المعتدي، بالفعل، كانت نظرية عصبة الأمم جيدة، لكنها لم تحقق النجاح المرجو.
مثلًا؛ لم تنجح العصبة في حماية مانشوريا من الغزو الياباني عام 1931، كما لم تنجح في الرد على غزو إيطاليا للحبشة، وكما ذكرنا، لم تستطع القوى الأوروبية في ردع ألمانيا النازية وتطلعاتها التوسعية.
أسباب فشل عصبة الأمم
يعتقد المختصون أن فشل عصبة الأمم كان عاملًا رئيسيًا لاندلاع الحرب العالمية الثانية بين دول الحلفاء والمحور، وفيما يلي نستعرض أبرز أسباب فشلها.
- عدم انضمام جميع الدول للعصبة.
- بلا تأثير حقيقي: كان السلاح الرئيسي للعصبة هو مطالبة الدول الأعضاء بالتوقف عن التجارة مع دولة عدوانية، ومع ذلك، لم ينجح هذا لأن البلدان لا يزال بإمكانها التجارة مع الدول غير الأعضاء.
- لم يكن لدى العصبة جيش.
- التأخر في اتخاذ القرارات: اجتمع مجلس عصبة الأمم 4 مرات فقط في السنة، وكان لا بد من موافقة جميع الدول على القرارات لتمريرها.
ختامًا، كان ذلك استعراضًا للأسباب التي أدت لاندلاع الحرب العالمية الثانية، التي كبدّت البشرية خسارة أرواح يقدّر عددها بنحو 70 مليون إنسان.