التخطي إلى المحتوى

تُعَدُّ زيوت البذور مكوناً رئيساً في الأطعمة المصنعة وبعض “الأطعمة” الأكثر خطورة التي يمكنك تناولها، ولكنَّ هذا الأمر يُمثِّل مشكلة أكبر اليوم؛ وذلك لأنَّ الكميات الكبيرة من الإجهاد التأكسدي الذي تسببه هذه الزيوت تضر بشكل خطير في وظائف المناعة لديك، وتزيد بشكل خطير من خطر الإصابة بجميع أنواع العدوى، بما في ذلك “كوفيد-19” (COVID-19). يُعتقَد أنَّ التخلُّص من جميع زيوت البذور لا يقل أهمية عن تحسين مستوى فيتامين “د” لتقليل خطر الإصابة بـ “كوفيد-19”.

في “ندوة صحة الأجداد” (Ancestral Health Symposium) التي عُقِدَت في “جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس” (UCLA) في شهر آب/ أغسطس من عام 2020، قدَّم طبيب العيون الدكتور “كريس نوب” (Dr. Chris Knobbe) لمحة ممتازة عن السبب في أنَّ زيوت البذور هي السبب الوحيد وراء الإصابة بالأمراض المزمنة التي تعانيها الشعوب الغربية مثل أمراض القلب والسمنة والسرطان والسكري.

إنَّ طبيب العيون الدكتور “كريس نوب” هو مؤسس ورئيس مؤسسة “كيور أيه إم دي” (Cure AMD)، وهي منظمة غير ربحية مكرسة للوقاية من مرض التنكس البقعي المرتبط بالسن (AMD).

على الرُّغم من أنَّ معظم الناس قد سمعوا عن المخاطر الصحية المترتبة على تناول السكريات المصنعة والكربوهيدرات الصافية والدهون غير المشبعة، إلَّا أنَّ زيوت البذور تتفوق على كل هذه الأضرار التي تلحقها بصحتك.

إذا كنت قد أجريتَ تغييراً واحداً اليوم في نظامك من أجل الحد من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، فإنَّ التخلص من زيوت البذور في نظامك الغذائي سيكون على قمة الأولويات.

معظم الأمريكيين مرضى التمثيل الغذائي:

إنَّ أمرض القلب أصبحت الآن السبب الرئيس للوفاة في الولايات المتحدة، وهذا كان أمراً غير معروف تقريباً في القرن التاسع عشر، وينطبق الشيء نفسه على مرض السرطان، والذي تسبب في 0.5% من الوفيات في عام 1811 و5.8% من الوفيات في عام 1900- وارتفع إلى أكثر من 31% من الوفيات في عام 2010، وقد ظهر نمط مماثل لمرض السكري، والذي كان مرضاً نادراً في القرن التاسع عشر وكان معدل انتشاره بنسبة 0.37% في عام 1935، وبحلول عام 2020 كانت هناك زيادة بمقدار 28 ضعفاً في غضون 85 عاماً، لتصل إلى 10.5%.

إنَّ مرض البدانة أمرٌ مشابه؛ إذ إنَّه مع انتشار نسبة البدانة بمقدار 1.2% فقط في القرن التاسع عشر، زادت نسبة البدانة 33 ضعفاً في غضون 115 عاماً، لتصل إلى 39.8% في عام 2015، وفي الوقت نفسه بحلول عام 1990، شُخِّصَ 24% من البالغين في الولايات المتحدة بمتلازمة التمثيل الغذائي، وهي مزيج من ارتفاع ضغط الدم وعسر شحوم الدم ومقاومة الأنسولين وارتفاع السكر في الدم والدهون الحشوية.

في الأعوام الممتدة من 2009 إلى 2015، لم يستوف 88% من البالغين في الولايات المتحدة المعايير الخمسة للصحة الأيضية، والتي قيسَت بواسطة جلوكوز الدم والدهون الثلاثية وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة وضغط الدم ومحيط الخصر.

تَبِعَ التنكس العيني والتهاب المفاصل زيادات مذهلة مماثلة؛ إذ طرح “نوب” سؤالاً عما كان موجوداً في كل مكان خلال هذا الوقت والذي يمكن أن يكون سبباً لهذه التغييرات؛ إذ إنَّ التاريخ الغذائي يزودنا بالجواب؛ وذلك باستحداث أربعة أغذية مصنعة أولية – السكر وزيوت البذور المنتجة صناعياً والدقيق المكرر والدهون غير المشبعة – التي تُعَدُّ مسؤولة عن ذلك التغيير.

قال “نوب”: “أعتقد أنَّ هذه تجربة إنسانية عالمية لم يوافق عليها أحد؛ إذ لم يتوقع أحد حدوث ذلك، وإلَّا ما كانوا ليشتركوا في ذلك”. يستشهد “نوب” أيضاً بعمل طبيب الأسنان “ويستون أ. برايس” (Weston A. Price) الذي كتب الكتاب الكلاسيكي “التغذية وتدهور الحالة البدنية” (Nutrition and Physical Degeneration) في القرن العشرين، أجرى “برايس” أبحاثاً مكثفة حول العلاقة بين صحة الفم والأمراض البدنية.

لقد كان أحد رواد التغذية الرئيسين الذين لا مثيل لهم، وكشفت أبحاثه أنَّ القبائل الأصلية التي كانت لا تزال تتَّبع نظامها الغذائي التقليدي لديها أسنان مثالية تقريباً وكانت خالية من التسوس بنسبة 100%، ولكن عندما بدأ هؤلاء السكان القبليين بتناول السكر المكرر والدقيق الأبيض، تدهورت صحتهم وتدهورت صحة أسنانهم المثالية بسرعة.

قال “نوب”: “ربط “ويستون برايس” هذه الأطعمة بشكل أساسي بالأمراض التنكسية الجسدية في عام 1939، لكن لم يصغِ إليه أحد”، ويبدو أنَّ “نوب” يؤدي مهمة “برايس” في القرن الحادي والعشرين.

لماذا تُعَدُّ زيوت البذور ضارة مثل الزرنيخ بالنسبة للجسم؟

تكمن مشكلة زيوت البذور في أنَّها منتجة صناعياً ومسببة للالتهابات ومسببة للأكسدة في جسدك؛ إذ يحب مسؤولو الصحة أن يذكروا أنَّ زيوت البذور مفيدة لك؛ وذلك لأنَّها تعمل على خفض نسبة الكوليسترول، ولكن كما يقول “نوب” فإنَّ الزرنيخ يفعل ذلك أيضاً، ففي الواقع توجد الكثير من القواسم المشتركة بين السُّمين.

يقول “نوب”: “قد نعتقد أنَّ هذه مزحة، ففي الواقع وبشكل لا يصدق توجد العديد من أوجه التشابه بين الزرنيخ وزيوت البذور، وليس أقلها حقيقة أنَّ الزرنيخ مؤكسد بشكل خيالي ومسبب للأكسدة، وهذه هي بالضبط الطريقة التي تؤثر بها زيوت البذور في صحتنا؛ إذ إنَّ كلاً من الزرنيخ وزيوت البذور يسببان الأكسدة؛ إذ إنَّهما مسببان للأكسدة ومسببان للالتهابات وسامان، ولكن من بين كل هذه العوامل هما مؤكسدان، وهذا هو الأسوأ إلى حد بعيد”.

ستجد زيوت البذور في معظم الأطعمة المصنعة، بما في ذلك الوجبات السريعة وحتى في العديد من المطاعم باهظة الثمن، قال “نوب”: “حتى أفضل المطاعم تستخدم زيوت البذور؛ وذلك لأنَّها تعادل سدس تكلفة الزبدة”.

السبب في أنَّ هذه الزيوت لا تزال مكوناً في المواد الغذائية – على الرغم من سميتها العالية – هو أنَّها ليست سموماً بيولوجية حادة؛ بل سموماً مزمنة؛ إذ إنَّ التسمم المزمن يعني أنَّ الأعراض لا تحدث على الفور وغالباً بعد استهلاكها بشكل متكرر على الأمد الطويل، وتتمثل الاستراتيجية القوية عند تناول الطعام في المطعم في تجنب تناول جميع الصلصات والمرق؛ إذ من المرجَّح أن تكون مليئة بزيوت البذور المصنعة بشكل كبير.

يقول “نوب”: “استُقدِمَت هذه الزيوت ببطء بداية من ستينيات القرن التاسع عشر، واستُخدِمَت لأول مرة في الغش والزبدة، ثم تدريجياً استُخدِمَت لتحل محل الزبدة ولحم البقر، وهذه هي الطريقة التي أفلتوا بها من فعلتهم، وهكذا ازداد وزننا وإصابتنا تدريجياً، وقد احتفظوا بهذه الزيوت في المواد الغذائية بهذه الطريقة”.

بالإضافة إلى كونها مسببة للالتهابات، يشير نوب إلى أنَّ هذه السموم الناتجة عن زيت البذور هي أيضاً:

  • سامة للخلايا.
  • سامة للجينات.
  • مسببة للطفرات.
  • مادة مسرطنة.
  • مسببة للتخثر.
  • مسببة لتصلُّب الشرايين.
  • مسببة للبدانة.

شاهد بالفديو: 7 نصائح لتغذية صحية سليمة

 

ثلث السعرات الحرارية في الولايات المتحدة عبارة عن زيوت بذور:

تُظهِر بيانات “نوب” المنشورة أنَّ زيوت البذور التي أُدخِلَت في النظام الغذائي للولايات المتحدة في عام 1866، شكلت 32% من النظام الغذائي الأمريكي بحلول عام 2010؛ أي ما يعادل 80 غراماً للشخص الواحد يومياً، وفي المقابل؛ في عام 1865 كان معظم الناس يحصلون فقط على حوالي 2 إلى 3% فقط من السعرات الحرارية التي يتناولونها من حمض اللينوليك أوميغا 6 الموجود في زيوت البذور، والتي كانت تأتي بشكل أساسي من الزبدة ولحم البقر.

كانت الحيوانات التي رُبِّيَت آنفاً تحتوي على نسبة منخفضة جداً من أوميغا 6؛ ولكنَّ هذا يتغير عندما تُربَّى الحيوانات في “عمليات تغذية الحيوانات المركزة” (CAFO) كما هي اليوم، وقد يحتوي لحم الخنزير الذي يعتمد على تغذية مركزة على نسبة 20% من دهون أوميغا 6.

يسلط “نوب” الضوء على العديد من السكان الأصليين الذين لديهم معدلات منخفضة جداً من الأمراض المزمنة واستهلاك منخفض نسبياً لحمض اللينوليك، مثل “قبيلة الماساي” (Massai Tribe) في “كينيا” (Kenya) و”تنزانيا” (Tanzania).

تأكل هذه القبائل الحليب واللحوم والدم بشكل أساسي؛ وهو نظام غذائي يحتوي على 66% من الدهون الحيوانية المشبعة – 33% إلى 45% من الدهون الحيوانية المشبعة – و17% من الكربوهيدرات و1.7% فقط من حمض اللينوليك أوميغا 6 (LA)؛ ومع أنَّهم لا يعانون من أمراض القلب، تُواصِل “جمعية القلب الأمريكية” (American Heart Association) إخبار الأمريكيين بالحد من الدهون المشبعة بما لا يزيد عن 5 إلى 6% من السعرات الحرارية اليومية.

يحصل الأمريكيون الذين يعتمدون على 24 إلى 32% من السعرات الحرارية اليومية من زيوت البذور على 8 إلى 12% أو أكثر من السعرات الحرارية اليومية من حمض اللينوليك وحده، وفي مثال آخر؛ شعب “التوكيلاوينز” (Tokelauans) الذي يعيش في منطقة بالقرب من “نيوزيلندا” (New Zealand)، يتبع نظاماً غذائياً مختلفاً تماماً بنسبة 54 إلى 62% من السعرات الحرارية من جوز الهند، والتي تصل نسبة الدهون فيها إلى 53%، و48% منها دهون مشبعة.

نحو 1% فقط من نظامهم الغذائي أو أقل هو دهون أوميغا 6، كما أنَّهم لا يعانون من أمراض القلب ولا يعانون من مرض البدانة أو السكري؛ إذ قال “نوب”: “إذا نظرنا إلى هؤلاء السكان، ففي إمكانك أن تنظر إليهم جميعاً؛ أي أسلافهم الذين عاشوا قبلهم، ما لا يملكونه هو السكر المكرر والقمح المكرر، وبالطبع ليست لديهم زيوت نباتية”.

يقول “نوب”: “إذاً، ماذا عن أوميغا 6 لينوليك في جسد هؤلاء السكان التقليديين؟ إنَّ نسبتها هي 0.6 إلى نحو 1.7%، وأعتقد أنَّ نسبتها بشكل إجمالي أقل من 2%، على حد علمي، إلَّا أنَّ نسبة حمض أوميغا 6 لينوليك وحده في جسد السكان الغربيين من 7 إلى 12%؛ والسبب في ذلك يعود مرة أخرى إلى الوجبات الرئيسة، إذاً ماذا يحدث لأوميغا 6 داخل الجسد؟ إنَّها تتجمع في دهون أجسامنا”.

ابتُليَ الشعب الياباني بزيت البذور:

في حين أنَّ السكان الأسلاف قد حُمِيَت صحتهم من خلال عدم استهلاك زيوت البذور، إلَّا أنَّ السكان الآخرين – مثل سكان اليابان – قد شهدت صحتهم تدهوراً يتوافق مع زيادة استهلاك هذه الزيوت السامة؛ فمنذ عام 1960 شهدت اليابان زيادات ملحوظة في معدلات البدانة وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري من النوع الثاني ومتلازمة التمثيل الغذائي والسرطانات المتعددة والتنكس البقعي المرتبط بالسن.

في غضون ذلك في عام 1950، كان اليابانيون يستهلكون 3 جرامات فقط يومياً من زيوت البذور، والتي ارتفعت إلى 39 جراماً يومياً بحلول عام 2004؛ كنسبة مئوية من إجمالي السعرات الحرارية، وزادت أوميغا 6 إلى 6.2% في عام 2004 من 1.55% في عام 1950.

قال “نوب”: “هذه هي المشكلة الرئيسة هنا، ومن ثم فإنَّ تدهور الصحة في اليابان يرجع على الأرجح إلى زيادة بلغت 13 ضعفاً و1200% في زيوت البذور شديدة التأكسد والالتهابات والسمية والتي تفتقر إلى المغذيات”.

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة (CDC)، فإنَّ ستة من كل 10 أمريكيين يعانون من مرض مزمن وزيادة في أمراض القلب والربو والسرطان والسكري بنسبة 700% منذ إجراء المسح الصحي الوطني في عام 1935.

كما أشار “جيف نوبز” (Jeff Nobbs) رائد الأعمال التكنولوجي، في تحليل إحصائي، إلى أنَّ الأمريكيين خلال هذا الوقت كانوا يدخنون ويشربون أقل، وهما من العوامل الرئيسة المسببة للأمراض المزمنة، ويعتقد “نوبز” أيضاً أنَّ الزيت النباتي هو الحلقة المفقودة التي تفسر سبب استمرار مرض الأمريكيين.

يقول “نوبز”: “إذا كان الزيت النباتي هو السبب الخفي وراء تفشي وباء الأمراض المزمنة اليوم، فهو حل سهل لشرح أسباب استمرار ارتفاع الأمراض المزمنة والبدانة، حتى مع التزامنا بنصائح الصحة العامة، وأنا مقتنع بأنَّ حروبنا ضد اللحوم الحمراء والدهون المشبعة والكوليسترول والصوديوم قد تكون مضللة؛ إذ إنَّ خوض تلك المعارك قد يكون مثل التركيز في الأسباب الثانوية بينما السبب الرئيس ما يزال موجوداً، فقد حان الوقت لتسليط الضوء على هذا السبب الرئيس، وعدونا المحتمل رقم 1 في مجال الصحة العامة هو “الزيت النباتي”.

تحضير طعامك في المنزل:

من الضروري أن تقلل قدر الإمكان من استهلاك زيوت البذور المنتجة صناعياً، وهذا يعني التخلص من الزيوت التالية:

  • الصويا.
  • حبوب ذرة.
  • زيت الكانولا.
  • العُصْفُر.
  • دوار الشمس.
  • الفول السوداني.
  • بذور العنب.
  • نخالة الأرز.

للقيام بذلك، يجب أن تتجنب جميع الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة والعديد من أطعمة المطاعم؛ وهذا هو السبب في أنَّه من الهام جداً تحضير أكبر قدر ممكن من طعامك في منزلك حتى تعرف ما تأكله – وفي حالة زيوت البذور- وما لا تأكله.

المصدر