التخطي إلى المحتوى

السؤال:

الملخص:

شاب أحبَّ فتاة، يرفضها أهله، لكن به رغبة ملحة في الزواج؛ لذا فهو يسأل: هل يصح أن يتزوج من أرادها أهله، ثم يتزوج الفتاة التي يحبها؟

 

تفاصيل السؤال:

فكرت في الزواج من فتاة، لكن الأهل رفضوها، لا لمشكلة بدينها وخلقها، وإنما بسب اختلاف العادات والتقاليد، وأنها ليست من معارفنا، وأخبروني أنهم سيبحثون لي عن زوجة مناسبة، فهل يصح التفكير في الزواج بمن يختارها أهلي، وبعدها أتزوج من المرأة التي أرغب في الزواج منها، وأسأل الله أن يوفقني ويسهل لي الأمر؛ لأن لدي رغبة شديدة في الزواج منها، وحتى بعد صلاة الاستخارة مرات عديدة، كي أتقدم لها دون علم الأهل، والدعاء في الصلوات المفروضات، وفي النوافل، وجدت راحة ورغبة في الزواج منها، أو أن تبييت أمر التعدد لا يصح؟ لأني أشاهد المعددين للزوجات في الغالب فكروا في التعدد بعد الزواج، ولم يبيتوا النية بالتعدد قبل الزواج، أرجو منكم النصح، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص رسالتك هو:

١- رغبت في الزواج من فتاة معينة، لكن أهلك رفضوها؛ لاختلاف العادات، ولأنها ليست من معارفهم.

 

٢- وعدك أهلك بالبحث لك عن زوجة مناسبة.

 

٣- ومن الواضح جدًّا أنك متعلق جدًّا بالفتاة التي رفضها أهلك.

 

٤- وتسأل: هل يصلح أن تتزوج الفتاة التي يختارها أهلك، ثم بعد ذلك تتزوج التي تعلقت بها، ولو سرًّا دون علم أهلك؟

 

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: تعلقك بتلك الفتاة حتى بعد الاستخارة لا يعني بالضبط أن الخير محصور في الزواج منها فقط؛ لأني أخشى أن يكون تعلقك تعلقًا عاطفيًّا فقط، وأخشى أيضًا أنك لم تستخر استخارة متجردة من الهوى، بل الأقرب أنك تستخير وقلبك معلق بها، وما هكذا تكون الاستخارة؛ فالاستخارة الحقيقية هي تعليق القلب بالله سبحانه، والتوكل عليه، وتفويض الأمور له عز وجل بعيدًا تمامًا عن هوى النفس؛ لأنه سبحانه علام الغيوب.

 

ثانيًا: تفكيرك من الآن في الزواج منها سرًّا غير محمود، وعواقبه ستكون في الغالب سيئة جدًّا جدًّا عليك، وعلى زوجتك الأولى، وعلى الثانية، وعلى أهلك؛ لأن هذا التفكير سيشتت ذهنك وعواطفك، وسيمنعك من الاستمتاع بحياة زوجية هنيئة مع زوجتك الأولى، وسيدخلك في خلافات ومشاكل لا تُطاق مع أهلك وزوجتيك.

 

ثالثًا: ولِما سبق، فإني أنصحك، ثم أنصحك، ثم أنصحك باستبعاد هذه الأفكار العقيمة؛ لأنك لن تحتمل هذه المشاكل، وقد تُطلقهما معًا، فينطبق عليك المثل الذي يقول: لا في العير، ولا في النفير، والذي يقول: (رجع بخفي حنين).

 

رابعًا: التعلق بالفتاة حتى بعد الاستخارة ليس دلالة خير مطلقًا؛ لأن المُستخير بصدق سيكون بإحدى النتائج التالية:

١- إما أن يستخير في الأمر، ويرتاح له، ثم يتيسر له، وهذه في الغالب علامة خير.

 

٢- وإما أن يستخير ولا يرتاح وينصرف، وهذه أيضًا خير له.

 

٣- وإما أن يستخير ويرتاح تمامًا للأمر، بل وقد يتعلق قلبه به تعلقًا شديدًا، ولكن الله سبحانه يصرفه عنه بأي صارف آخر، ويتضايق المُستخير جدًّا، بل وقد يتضجر ويتسخط، وهو لا يعلم بأن ارتياحه ابتلاء وامتحان، وأن صرف الأمر عنه هو الخير العظيم له؛ ويدل لذلك قوله عز وجل: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

 

خامسًا: زواجك من بنت رفضها أهلك سيكون في الغالب مؤذيًا لك بغضب والديك عليك وللفتاة ولأبنائك منها؛ لعدم التقبل لهم، ومقاطعتهم لهم، وقد عُرضت عليَّ مشاكل حصل فيها ذلك كله.

 

سادسًا: لأنك عَزَبٌ حاليًّا، ولم تخبُر الحياة الزوجية ومشاكلها، فإنك تنظر للتعدد على أنه شيء بسيط، ونزهة خلوية بريئة، بينما الوضع غير ذلك، ويحتاج لقوة شخصية، وللتقوى والعدل، والصبر والحلم.

 

وهذه الأمور في الغالب أنها غير متوفرة مجتمعة كلها فيك.

 

حفظك الله، ودلك على أرشد أمرك.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.