نشر في:
الأربعاء 6 أبريل 2022 – 10:32 م
| آخر تحديث:
الأربعاء 6 أبريل 2022 – 10:32 م
قد يكون هذا مجرد أداء فني آخر من ماسك، الذي أيَّد “بتكوين” واستغلّها بشكل كبير. لقد انتقل أيضاً إلى “تويتر” لإثارة ضجة على العملات البديلة مثل “دوجي كوين” و”شيبا إينو”، فيما يحذر المتابعين في الوقت نفسه قائلاً: “لا تراهنوا بالمزرعة على العملات المشفرة!”.
وحذَّر من أن “القيمة الحقيقية هي بناء المنتجات وتقديم الخدمات لإخوانك من البشر، وليس المال بأي شكل من الأشكال”. قد تكون تلك نصيحة سهلة يقدمها شخص يبلغ صافي ثروته 273 مليار دولار، وشركة السيارات الكهربائية الخاصة به في نمو متزايد، ويمكنه إطلاق صواريخه في الفضاء، بحسب تقرير بلومبرج.
لذلك قد يجب أن ننظر إلى استثمار ماسك في “تويتر” على أنه الأمر نفسه من الرجل الذي فكر في معنى الحياة في أثناء احتساء الويسكي وتدخين الحشيش، خلال “بودكاست”، وادّعى ذات مرة بشكل غامض أنه حصل على “تمويل مضمون” لجعل شركة “تسلا” خاصة، لكني أظن أن شيئاً أكثر جدية يحيط بقرار ماسك للاستثمار في “تويتر”، حتى لو كان يستمتع بالهزل، فربما أراد السيطرة على “تويتر”.
إذا أخذنا بعين الاعتبار الاستطلاع الذي أجراه (على “تويتر” بالطبع) قبل 10 أيام، وكان سؤاله: “حرية التعبير ضرورية لديمقراطية فاعلة. هل تعتقدون أن (تويتر) يلتزم هذا المبدأ بصرامة؟”، وأجاب أكثر من مليوني مستخدم عن هذا السؤال، صوّت منهم 70.4% بـ”لا”.
اختيار “تويتر”
بعد ذلك بيوم واحد، ظهر ماسك، الذي يصنع لنفسه صورة “المطلق لحرية التعبير”، على منصة وسائل التواصل الاجتماعي مرة أخرى، وكتب: “نظراً إلى أن تويتر يعمل كساحة البلدة العامة بحكم الأمر الواقع، فإنّ الفشل في التزام مبادئ حرية التعبير يقوض الديمقراطية بشكل أساسي. ما الذي يجب عمله؟”، لكنه هذه المرة لم يكلف نفسه عناء إجراء استطلاع، وتساءل: “هل هناك حاجة إلى منصة جديدة؟”.
يأتي كل هذا في أعقاب معركة ماسك المستمرة مع لجنة الأوراق المالية والبورصات، التي تراقب منشوراته على “تويتر” لسبب وجيه للغاية، فهي تحرك الأسواق. أكد ماسك في دعوى قضائية أن إشراف لجنة الأوراق المالية والبورصات يبدو “محسوباً لتهدئة ممارسته” لحرية التعبير.
لذلك رغم وجود مساحة واسعة لممارسة خطابه، ومحاولته الشرسة للحد من حرية تعبير بعض منتقديه، فمن الواضح أن ماسك يشعر بالحزن. أما الأمر غير الواضح فهو سبب اختياره لـ”تويتر” هدفاً له.
كانت ردوده الصاخبة على “تويتر” واسعة النطاق وغير مقيدة. نشر ذات مرة تغريدة “ميم”، يقارن فيها رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بهتلر، ثم حذفه. ونشر تغريدات أخرى معادية للمتحولين جنسياً. ولقّب مستكشف كهوف بريطانياً بأنه “رجل بيدو”. هذه حرية تعبير كبيرة، ولم يفعل “تويتر” كثيراً لتقليصها.
يمكن العثور على أحد التفسيرات لحساسية ماسك في ميوله التحررية. أدت الجهود المتأخرة، التي تبذلها منصات وسائل التواصل الاجتماعي لتقييد بعض أكثر أشكال الدعاية السياسية ضراوة، إلى إثارة غضب هذا الحشد (إلى جانب اليمين المتطرف ومؤيدي ترمب). الآن أطلق ماسك على الأقل سهماً عبر قوس “تويتر” من خلال شراء 9.2% من أسهمه، وهذا الأمر أيضاً أقل تكلفة بكثير من فعل الشيء نفسه مع “فيسبوك” (حصة 9.2% في “ميتا” ستكلفه نحو 58 مليار دولار).
تجربة ترمب
هل يريد ماسك الاستحواذ على “تويتر”؟ لا أعتقد ذلك، فالأمور المالية للشركة ليست رائعة، وإدارة شركات وسائل التواصل الاجتماعي صعبة. تُعَدّ التجربة الفاشلة المتمثلة في محاولة الرئيس السابق دونالد ترمب تدشين شبكة “تروث سوشال” (Truth Social) بمثابة قصة تحذيرية لماسك.
اقرأ أيضاً: ماسك أمام القضاء: تغريدة تحويل “تسلا” إلى شركة خاصة كانت صادقة
الآن، هل يريد ماسك تسمية بعض الأشخاص في مجلس إدارة “تويتر”؟ هذا ممكن. سيسمح له ذلك بأن يكون له رأي في شؤونه دون إنفاق كثير من الوقت أو المال.
هذا مثير للقلق، لأنه ليس من المثالي أن يكون لديك شخص يريد استخدام حرية التعبير بشكل مطلق ولا يؤيد مطلقاً حرية التعبير، لكنه على رأس شركة إعلامية، أو بالقرب من هذا المنصب. تلقى ماسك بالفعل ربحاً لطيفاً على حصته في “تويتر”، إذ قفزت الأسهم 26% يوم الاثنين بعد الكشف عن استثماره في عبر الأوراق التنظيمية. سوف يحتفظ ماسك بالأسهم لفترة أطول بالطبع، وقد تزيد التكهنات بأن “تويتر” قد يعمل أفضل من تضخيم مقتنياته.
لكن ماسك على الأرجح لم يفعل ذلك من أجل المال. إنه يشارك فيه ليوضح وجهة نظره. وهو يشارك فيه لتخويف إدارة “تويتر”. قد ينبغي على الشخص الذي اشتكى من تهدئة حرية تعبيره أن يكون حساساً تجاه تلك الفروق الدقيقة، لكن هذا من شأنه أن يفترض أن ماسك فيلسوف وليس متنمراً.